موضوع رئيسي

"الثورة الرمادية" تمتد إلى البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل

01/18/2011


نقاط رئيسية
  • البلدان النامية والمتوسطة الدخل يجب أن توفر الرعاية لأعداد متنامية من كبار السن، لكنها تفتقر في الغالب إلى ما يكفي من موارد مالية وخبرات
  • ارتفاع متوسط الأعمار في البلدان الأقل نموا 26 سنة في الستين عاماً الأخيرة
  • تقريران للبنك الدولي يبحثان الآثار الاقتصادية لزيادة المسنين في العالم ويقدمان إرشادات بشأن إصلاح السياسات

8 يناير/كانون الثاني 2011 – منذ بداية الخمسينات، ارتفع عدد كبار السن في معظم بلدان العالم نتيجة لانخفاض عدد أفراد الأسر وارتفاع العمر المتوقع للإنسان، وهو تحول أطلق عليه بعض الخبراء اسم "الثورة الرمادية".

وأوضح بحث جديد للبنك الدولي حمل عنوان " بعض آثار زيادة المسنين في العالم  أن "الثورة الرمادية" – التي كانت تعتبر ظاهرة مرتبطة بالبلدان الغنية حيث ترجع إلى ارتفاع الدخل القومي وتحسّن مستوى صحة الأفراد - وصلت الآن إلى البلدان النامية والبلدان المتوسطة الدخل، التي تشهد نموا لم يصاحبه توافر ما يلزم من موارد اقتصادية لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن التغيرات العميقة في تركيبتها السكانية.

وفي هذا الصدد يقول دانيل كوتلير، وهو أحد مؤلفي التقرير وكبير الخبراء الاقتصاديين في شبكة تنمية الموارد البشرية بالبنك الدولي، إن "زيادة أعداد المسنين أصبحت قضية عالمية تؤثر على العديد من المجتمعات؛ ومن المتوقع أن يشمل تأثيرها قريبا كل بلدان العالم، في حين تتناقص الموارد اللازمة لدعم الأسر وغير ذلك من أشكال شبكات الأمان التقليدية."

ويضيف كوتلير "أن ما يحدث الآن في كثير من البلدان النامية هو أن السكان يصلون إلى سن متقدمة قبل أن يصلوا إلى الرفاهية؛ وهى ظاهرة تسير في الاتجاه المعاكس لتجربة بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. وهذا مما يدعو إلى القلق."

ويشير كبير الخبراء الاقتصاديين في شبكة تنمية الموارد البشرية بالبنك الدولي إلى أن رصد التراجع في معدلات المواليد والوفيات أمر ضروري لقياس الآثار الاقتصادية الناتجة عن زيادة أعداد المسنين. ومن المتوقع أن يقوم بإصدار تقرير آخر عن ارتفاع متوسط الأعمار في أمريكا اللاتينية في أوائل عام 2011.

ويؤكد كوتلير على حدوث تغيرات جذرية في متوسط الأعمار المتوقعة ومعدلات الخصوبة على مدار الأعوام الستين الماضية، ويتوقع مزيدا من التغيرات في هذا الاتجاه.

فقد ارتفع متوسط الأعمار المتوقعة في البلدان الأكثر تقدما 11 سنة خلال الفترة من 1950-1955 إلى 2005-2010، غير أن الارتفاع كان أكبر كثيرا في البلدان الأقل منها نموا (مع استبعاد أقل البلدان نموا) إذ وصل إلى 26 سنة، وفي أقل البلدان نموا وصل إلى 19.5 سنة. ومن المتوقع حدوث مزيد من الارتفاع في العقود القادمة.

ارتفاع متوسط الأعمار ليس قنبلة زمنية

يعارض كوتلير، وكذلك شريكاه في وضع التقرير أندرو ماسون ورونالد لى، مفهوم "القنبلة الزمنية" المتعلق بزيادة أعداد المسنين. ويؤكد أنه بوسع الحكومات أن تلبي الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها من المسنين عن طريق تطبيق سياسات رشيدة في مجال سوق العمل والضمان الاجتماعي والرعاية الطويلة الأجل والصحة العامة.

وتتضح هذه القضية في تقرير آخر جديد من شبكة البنك الدولي لتنمية الموارد البشرية بعنوان "سياسات الرعاية الطويلة الأجل للمسنين في البلدان الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوربي وكرواتيا: الفرص والتحديات". ويبرز ذلك التقرير التحدي الذي يواجهه الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي وكرواتيا، وهو تحد تواجهه العديد من البلدان الغربية منذ سنوات طويلة، إذ تؤدي الزيادة في أعداد المسنين إلى زيادة الطلب على خدمات الرعاية الطويلة الأجل.

وتفرض هذه القضية نوعا من التحدي المزدوج: إذ تتناقص أعداد مقدمي الرعاية لكبار السن ممن يعتمدون على غيرهم؛ كما تتناقص أيضا شريحة السكان العاملين الذين يحتم عليهم تمويل الزيادة في الإنفاق العام اللازم لتقديم خدمات الرعاية الطويلة الأجل لكبار السن.

ويقول جوهانيس كوتيل، وهو أحد المشاركين في إعداد التقرير الجديد والخبير الاقتصادي في إدارة التنمية البشرية في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى بالبنك الدولي: "بدراسة كيفية تعامل البلدان الأخرى مع هذه المشكلة، يتضح عدم وجود حل واحد يناسب الجميع."

ويضيف كوتيل "بدءا من شبكات الأمان الاجتماعي الممولة من دافعي الضرائب في الولايات المتحدة، إلى الاستحقاقات الشاملة الممولة إما من دافعي الضرائب كما هو الحال في النمسا أو من اشتراكات الضمان الاجتماعي كما هو الحال في ألمانيا واليابان، يتضح أنه يجب توفير نوع من تجميع المخاطر العامة."

ويتابع قائلا "استنادا إلى دراستنا، نقترح أن تبحث البلدان الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي وكرواتيا نظاما شاملا لتوفير الحماية الأساسية لكل من يحتاجون إلى خدمات رعاية طويلة الأجل."

اتجاهات لإصلاح سياسات التعامل مع "الثورة الرمادية"

يفيد التقرير بأن تجارب بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي توضح بعض الاتجاهات العامة لإصلاح السياسات الخاصة بالتعامل مع "الثورة الرمادية":

الخدمات الصحية والاجتماعية: يلجأ كثير من المعالين وأسرهم إلى قطاع الصحة، وخاصة المستشفيات، عند الحاجة إلى رعاية اجتماعية فعالة. وقد لا يتوفر ما يكفي من الرعاية الطويلة الأجل التي يقدمها نظام الخدمات الصحية.

خدمات في المجتمعات المحلية: في معظم البلدان، لا تتوفر خدمات الرعاية في المجتمعات المحلية مثل رعاية اليوم الواحد والرعاية الدائمة والرعاية المنزلية. وغالبا ما يفضل المرضى أن يحصلوا على الرعاية اللازمة في منازلهم، وهو ما يعتبر حلا فعالا وميسور التكلفة.

مزيد من التنسيق: هناك حاجة للتنسيق بشكل خاص بين كل من الخدمات الصحية والاجتماعية، حيث يؤدى عدم وجود التنسيق بين القطاعين إلى التأثير السلبي على المريض. فالتنسيق بين هذين القطاعين ولاسيما في مجال التقييم المشترك للاحتياجات هو عنصر رئيسي.

التحول من تقديم الخدمات إلى شرائها: نظرا للزيادة المحتملة في الأعباء الاقتصادية الناجمة عن توفير الرعاية اللازمة لكبار السن في السنوات القادمة، يرى التقرير أن القطاع العام لا يمكنه أن يتحمل هذه المسؤولية بمفرده. ومن هنا يجب على القطاع العام تحديد الأولويات للخدمات الأساسية، وأن يشتري خدمات الرعاية الطويلة الأجل من القطاع الخاص بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمجموعات المحلية.

من المزايا العينية إلى الإعانات النقدية والقسائم: تتيح الإعانات النقدية للمرضى الحصول على ما يحتاجونه من خدمات الرعاية، ويمكن أن تلعب أيضا دورا مهما في دعم خدمات الرعاية غير الرسمية علاوة على تحفيز القطاع الخاص.

وتقول ساربانى تشاكرابورتى، وهي من كبار خبراء الصحة بالبنك الدولي وأحد المشاركين في وضع التقرير "من السهل أن نفترض أن التحدي الناتج عن تراجع عدد السكان وزيادة شريحة كبار السن سيخلق ضغوطا على الدولة والأسر... ومن شأن التحرك الفوري ودراسة السياسات المختلفة وبدء تنفيذها أن يتيح الفرص لتخفيف هذه الضغوط على المدى البعيد."


Api
Api

أهلا بك