موضوع رئيسي

ارتفاع الأسعار يزيد المخاوف بشأن الأمن الغذائي

04/01/2011


نقاط رئيسية
  • برنامج البنك الدولي للتصدي لأزمة الغذاء العالمية يساعد 44 بلدا على مواجهة الأزمة من خلال الاستثمار في الزراعة وبرامج التغذية.
  • ثمانية بلدان تحصل على مساندة من البرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي؛ و17 بلدا آخر يطلب المساعدة.
  • وفاة حوالي 3.5 مليون طفل دون الخامسة في البلدان النامية سنويا لأسباب تتعلق بنقص التغذية.

1 أبريل/نيسان، 2011 ـ ألحقت أزمة الغذاء التي اجتاحت العالم عام 2008 أضرارا شديدة بالفقراء في توغو، ومع ذلك استطاع هذا البلد الأفريقي أن يتغلب على هذه الأزمة بفضل أحد البرامج الجديدة.

كانت الفيضانات قد أغرقت المحاصيل وارتفعت أسعار الذرة بنسبة 42 في المائة خلال عام واحد، وبات السكان يأكلون البذور واضطروا إلى بيع ماشيتهم للتغلب على مصاعب الحياة. وفي أشد المناطق تضررا بهذا البلد الصغير الواقع في غرب أفريقيا، كان 50 ألف طفل دون الخامسة يعانون سوء التغذية.

وقام البنك الدولي، في إطار الجهود الدولية لمواجهة الأزمة، بصرف مبلغ 5.2 مليون دولار من البرنامج العالمي للتصدي لأزمة الغذاء لتمويل وجبات مدرسية معدّة محليا لنحو 21 ألف طفل بالمناطق الفقيرة المعرضة للفيضانات. وساعد ذلك على زيادة الإقبال على القيد بالمدارس بنسبة 13 في المائة خلال سنتين. وحقق البرنامج نجاحا ملحوظا؛ إذ توسع ليشمل 40 ألف طفل خلال الأعوام الدراسية 2010 -2012 .

مازالت توغو تعانى نقص الغذاء، على الرغم من تحسن الحصاد في البلاد في الوقت الحالي. وكما هو الحال في العديد من البلدان الأفريقية، تعانى توغو نقص الأمن الغذائي نتيجة ضعف الاستثمار في الزراعة على مدار عقود عديدة، وتدهور التربة، وتقلب المناخ، بالإضافة إلى الأخطار الطبيعية.

بلدان تبحث عن المساعدة لضمان أمنها الغذائي

توغو واحدة من ثلاثة بلدان أفريقية، وثمانية بلدان على مستوى العالم، تحصل في الوقت الحالي على مساندة من البرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي، وهو صندوق أنشئ عام 2010 بناءً على طلب من مجموعة العشرين لتعزيز الأمن الغذائي.

ويسعى 17 بلدا آخر للحصول على مساعدة من البرنامج، الذي يسانده حاليا سبعة مانحين تعهدوا بتقديم 925 مليون دولار: كندا والولايات المتحدة وكوريا وأستراليا ومؤسسة بيل وبيلندا غيتس وأيرلندا.

وترجع نشأة البرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي إلى اجتماع مجموعة الثمانية الموسعة في لاكيلا بإيطاليا في شهر يوليو/تموز، 2009، حين تعهد قادة هذه البلدان بدفع أكثر من 20 مليار دولار لتعزيز الأمن الغذائي والزراعة. وطلبت مجموعة العشرين إنشاء البرنامج خلال اجتماعها فى بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا في شهر سبتمبر/أيلول، 2009. وتشمل أهداف البرنامج زيادة غلة المحاصيل والدخل الزراعي في البلدان النامية، حيث يعيش 75 في المائة من الفقراء، والحد من المخاطر الناجمة عن تقلبات الدخل والمناخ.

وصار توسيع نطاق هذه الجهود أكثر إلحاحا مع عودة الزيادة السريعة في الأسعار العالمية للسلع الأولية في الوقت الراهن.

وفي شهر فبراير/شباط، حث رئيس البنك الدولي روبرت زوليك مجموعة العشرين على "إعطاء الأولوية لتوفير الغذاء" بعد أن اقتربت أسعار المواد الغذائية من مستوياتها القصوى التي شهدها عام 2008، وانزلاق 44 مليون شخص إلى دائرة الفقر.

وأضاف زوليك: "الأمن الغذائي بات الآن يمس صميم الأمن العالمي... إننا بحاجة إلى تحرك عالمي لضمان القيام بعمل أفضل بتوفير الطعام للجوعى، قبل أن نواجه تحدي المستقبل وهو تلبية الاحتياجات الغذائية لسكان العالم المتوقع أن يصل عددهم إلى تسعة مليارات نسمة عام 2050".

التكلفة المرتفعة للجوع

تعكس الإحصائيات الخاصة بالجوع حقائق مخيبة للآمال؛ ففي كل عام، يموت 3.5 مليون طفل دون الخامسة لأسباب ترجع إلى نقص التغذية. وحتى أولئك الذين يعيشون فلن يستطيعوا الاستفادة من كامل إمكانياتهم إذا بقي طعامهم خاليا من العناصر الغذائية اللازمة، وإذا لم يتمكنوا من الحصول على الرعاية الصحية والمياه النظيفة والصرف الصحي. ويؤكد خبراء التغذية أن 1000 يوم فقط من ما قبل الميلاد وحتى عمر سنتين هي التي تؤثر في مسار حياة الطفل. وتقول ميرا شيكار، أخصائية الصحة والتغذية بالبنك الدولي، في إحدى مدونات البنك: "إذا فقدنا هذه الفرصة، فإننا نفقد جيلا كاملا، لأن الضرر الذي يتعرض له الطفل في هذه الشهور الأولى لا يمكن إصلاحه".

وتقول تامار مانويليان آتينك، نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون شبكة التنمية البشرية، إن الخسائر الاقتصادية في البلدان النامية، التي يظهر بها الأثر الأكبر لسوء التغذية بين الأمهات وفي الطفولة المبكرة، تُقدر بما بين 2 و3 في المائة من إجمالي الناتج المحلى. وتضيف أن ذلك ينتج عنه "حلقة مفرغة يؤدي فيها الفقر إلى سوء التغذية التي تؤدي بدورها إلى استمرار الفقر".

وتضيف آتينك أن الحلول لا تقتصر على إجراءات محددة للتغذية، مثل: مشتقات فيتامين أ، والتخلص من الديدان، والرضاعة الطبيعية، بل إن الأمر يتطلب ضخ استثمارات لتحسين الأمن الغذائي والزراعة، والحماية الاجتماعية، والصحة، والتعليم، ومياه الشرب والصرف الصحي.

ويقول تامر سامح ربيع، خبير الرعاية الصحية بالبنك: "يجب أن ندرس الصلة بين أزمة الغذاء والفقر والتغذية؛ فالأكثر تأثراً هم الفقراء، وهم بدورهم الأكثر تعرضا لسوء التغذية. ومن الضروري التركيز على الأطفال لأنهم يمثلون المستقبل، وسيتولون المسؤولية عن معظم الإنتاجية في مجال التنمية".

وكان أكثر من مليار شخص ينامون جوعى بسبب أزمة الغذاء التي نشبت عام 2008. وقد وصل عدد الجوعى في الوقت الحالي إلى 925 مليون شخص، وهو رقم يزيد عما كان عليه قبل أزمة الغذاء. وتقدر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أن ثلثي هذا العدد يعيشون في سبعة بلدان فقط هي: بنغلادش والصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأثيوبيا والهند وإندونيسيا وباكستان. ويعيش ما يزيد على 40 في المائة من أولئك في الصين والهند وحدهما. ويعاني حوالي 30 في المائة من سكان أفريقيا من نقص التغذية.

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم بسبب قيود التجارة

وذكر زوليك أنه يمكن تحسين حالة الأمن الغذائي من خلال مساعدة صغار المزارعين، الذين يوفرون الغالبية العظمى من المحاصيل الغذائية الرئيسية بالمناطق الفقيرة، ومن خلال توفير احتياطيات إنسانية من الأغذية في المناطق المعرضة للكوارث.

وكتب زوليك فى مقال رأي نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز فى يناير/كانون الثاني، 2011، أنه بوسع مجموعة العشرين أن توافق على استثناء المساعدات الغذائية الإنسانية من الحظر على التصدير، ومنح البلدان المعنية مساعدات سريعة كي تتمكن من تجنب السياسات التجارية التي "تلحق الضرر بمزارعيها وجيرانها" .

وأضاف زوليك: "الهدف الرئيسي يجب أن يكون ضمان عدم حرمان أشد السكان والبلدان ضعفا من الأطعمة عالية القيمة الغذائية".

يقول ويل مارتن، الخبير الاقتصادي بالبنك الدولي، وكيم أندرسون، الخبير الاقتصادي بجامعة آديليد الأسترالية، إن السياسات التجارية الحمائية "أسهمت إسهاما ملموسا للغاية في رفع الأسعار العالمية للمحاصيل الغذائية الأساسية" في أزمة الغذاء عام 2008، كما حدث في أزمة الغذاء عام 1974. ويقدر الخبيران أن سياسات العزل، مثل حظر التصدير، أدت إلى زيادة الأسعار العالمية للأرز بنسبة 45 في المائة وللقمح بنسبة 30 في المائة خلال أزمة الغذاء عام 2008.

يقول برنارد هوكمان، مدير إدارة التجارة بمكتب نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الحد من الفقر والإدارة الاقتصادية، إنه عندما تتزايد الأسعار العالمية مع توافر المحاصيل المحلية، كما حدث في الكثير من البلدان الأفريقية خلال العام الماضي، يستهلك السكان الأغذية المحلية الرخيصة بدلا من السلع المستوردة الغالية الثمن. وعندما يضعف الحصاد، فإن فوائض المحاصيل حتى في البلدان المجاورة لاتصل إلى الجوعى، إذا كانت السياسات التجارية تقيد من تدفق السلع.

ويضيف قائلا: "نريد أن نرى زيادة الترابط بين كل هذه الأسواق... وإذا استطعنا معا الاتفاق على عدم وضع القيود على تجارة الأغذية، فسيكون هذا حافزا لزيادة الاستثمار في إنتاج الغذاء. وسيؤدى ذلك إلى زيادة حجم التجارة العالمية في السلع الغذائية، مما سيؤدي إلى تراجع التقلبات عما شهدناه على مدار السنوات الأربع أو الخمس الماضية".

تزايد الطلب وتقلب الأسعار

يؤكد كريس ديلجادو، مستشار السياسة والإستراتيجية بإدارة الزراعة والتنمية الريفية التابعة للبنك الدولي، أنه من المنتظر أن تبقى أسعار السلع الغذائية على تقلبها في المستقبل القريب، وأن أحد محركات السوق – وهي زيادة الطلب على الحبوب - لن تتراجع كثيرا حتى مع ارتفاع الأسعار.

ويضيف قائلا: "الأمر المثير للقلق هو تزايد استهلاكنا من الحبوب سنويا بنسبة 1.5 في المائة؛ فلابد من تغطية هذه الزيادة بمزيج من الإجراءات التي تشمل زيادة الإنتاج والسحب من مخزون الأغذية، أو خفض استهلاك الفقراء الذين لم يعد بمقدورهم شراء الحد الأدنى من احتياجاتهم من الغذاء. ومن الواضح أننا نفضل إشباع هذه الاحتياجات بزيادة الإنتاج".

ويذكر ديلجادو أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة تقدر أنه يجب زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 70 في المائة لتلبية الاحتياجات المستقبلية. وفى الوقت نفسه، ستزداد القيود على الأرجح على الموارد من المياه والأرض، ولن يكون من السهل زيادة الإنتاج الزراعي كما كان الحال أثناء الثورة الخضراء في الستينيات والسبعينيات.

وفى أفريقيا، التي يمكن اعتبارها المكان المحتمل المقبل للثورة الخضراء، انخفض الإنفاق الزراعي إلى 3 أو 4 في المائة من الموازنات الوطنية قبل أزمة عام 2008. وفى الوقت ذاته، انخفضت المعونة الدولية للتنمية الزراعية بالمعدل نفسه تقريبا.

وقام البرنامج العالمي للتصدي لأزمة الغذاء بتقديم معونات طارئة لتحقيق الأمن الغذائي خلال الأزمة، بما في ذلك المستلزمات الزراعية كالبذور والأسمدة، والمساندة المالية لشبكات الأمان الاجتماعي. ووصلت المساندة من هذا البرنامج إلى 44 بلدا في أنحاء العالم و20 بلدا في أفريقيا.

وعملت مجموعة البنك الدولي أيضا مع البلدان المختلفة لزيادة التمويل لقطاع الزراعة من 4 مليارات دولار إلى ما بين 6.2 و8.3 مليار دولار بين عامي 2010 و 2012، بما في ذلك المساندة اللازمة لمضاعفة إنتاج الأرز في أفريقيا بين عامي 2008 و2018.

التغيير التحوُّلي

يهدف البرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي إلى إحداث تغيير تحوّلي على المدى البعيد.

ويقول ديلجادو إن البرنامج يستهدف بصفة خاصة مساندة الأمن الغذائي في البلدان التي تمكنت من بذل جهود معقولة لابتكار خطط شاملة ومدروسة للاستثمار الزراعي وتمويلها.

وسوف يساعد هذا البرنامج الأفراد في المناطق الريفية من خلال تمويل التكنولوجيا الزراعية العالية الإنتاجية، وربط المزارعين بالأسواق، والحد من المخاطر ومن التعرض لتقلبات الدخل والمناخ، وتحسين موارد الرزق غير الزراعية في المناطق الريفية، وتوفير الدعم الفني لمساعدة الحكومات على التعامل مع نقص الأمن الغذائي.

وسوف يُستخدم التمويل الذي حصلت عليه توغو وحجمه 39 مليون دولار في زيادة غلة المحاصيل بالمزارع الصغيرة لإنتاج السلع الغذائية الأساسية كالأرز والذرة والكسافا، بالإضافة إلى محاصيل التصدير الرئيسية كالقطن والبن والكاكاو، وكذلك تنمية مزارع أسماك المياه العذبة. وسيحصل المزارعون في إطار هذا التمويل أيضا على المعدات اللازمة، وعلى مساعدات تسويقية.

وفى رواندا، سيساعد التمويل البالغ حجمه 50 مليون دولار على الحد من تآكل التربة، وزيادة الإنتاجية الزراعية على سفوح التلال. وسيخصص نحو ربع التمويل لإدارة الموارد المائية، ويذهب النصف تقريبا لتحسين حقوق الملكية واستخدامات الأراضي. ويُستخدم باقي التمويل في مساعدة المزارعين على الحصول على التمويل والنفاذ إلى الأسواق.

ويقول ديلجادو إن الحكومات في أفريقيا ملتزمة، على نحو متزايد، بإنفاق 10 في المائة من ميزانياتها في قطاع الزراعة. ويضيف: "هذا تغير كبير... فقد أدركت هذه البلدان بالفعل أنها تواجه مخاطر، وأنه عليها أن تفعل شيئا".


Api
Api

أهلا بك