موضوع رئيسي

استدامة الإنجازات الفلسطينية في بناء المؤسسات والنمو الاقتصادي

09/10/2011


يُصادف موعد انعقاد اجتماع لجنة الارتباط الخاصة، المُقرّر في شهر أيلول / سبتمبر 2011، موعد الانتهاء من تنفيذ برنامج السلطة الفلسطينية الطّموح تحت عنوان "فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة"، الذي امتد لسنتين، والذي جرى طرحه للتنفيذ بتاريخ 25 آب / أغسطس 2009. لقد تَحقّقَ تقدّمٌ جوهريٌّ على صعيد تنفيذ أهداف هذا البرنامج وسياساته، التي تركّزت كلّها حول هدف بناء مؤسسات دولة قوية. غَيْرَ أنّ بدايةَ أزَمَة حادّة على صعيد المالية العامة الفلسطينية، مصحوبةً بنموٍّ اقتصاديٍّ آخذٍ في التّراجع، ربّما يُقوّضان الأملَ الموعود من إنجازات هذا البناء المؤسّسي.

 في المجالات التي يكون فيها الأداء الحكومي أكثر أهميةً من غيره – وهي: الأمن والعدالة، وإدارة الإيرادات والنّفقات، والتنمية الاقتصادية، وتقديم الخدمات إلى المواطنين، فإنّ المؤسسات العامة الفلسطينية تتفوّق في مستوى الأداء على قريناتها في الدول الأخرى داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها. فقد أدّت المؤسسات الفلسطينية دوراً حاسماً في التمكين من تحقيق النّموّ الاقتصادي الإيجابي في كلٍّ من الضفة الغربية وقطاع غزة في السنوات الأخيرة.

بالرّغم من أهمية هذا النّموّ، إلا أنّه كان وما يزال نموّاً غير مستدام؛ إذ تقوده معونات المانحين بدلاً من أن يقوده القطاع الخاص الآخذ في الانتعاش والنّهوض بعد فترة من التّعثّر، والذي يبقى مُكبّلاً بالقيود الإسرائيلية المفروضة على حرية النّفاذ إلى المصادر الطبيعية والأسواق. وفي ظلّ هذه الظروف، فإنّ تدفقات المعونات، التي جاءت أقل من المستوى المتوقّع لها في النصف الأول من عام 2011، كان لها أَثَرٌ مباشر على الاقتصاد الفلسطيني. أمّا النمو الحقيقيّ للناتج المحلي الإجمالي، الذي كان يزداد بنسب مطّردة خلال المدة 2009 – 2010، والذي كان يُتوقّع له سابقاً أن يصل إلى نسبة %9 في المئة في عام 2011، فمن المتوقّع له الآن أن يصلَ إلى تحقيق نمو حقيقي بنسبة %7. كذلك فقد ساهم القُصور في الدّعم المالي الخارجي في النصف الأول من عام 2011 في حدوث الأزّمة الحالية التي تشهدها المالية العامة للسلطة الفلسطينية.

إنّ هذا الوضع يُشدّد على الاعتماد المتبادل لكلٍّ من بناء المؤسسات والنمو الاقتصادي المستدام على بعضهما بعضاً في إرساء الأسس الاقتصادية لدولة فلسطينية في المستقبل. لقد استمرت السلطة الفلسطينية حتى الآن في تنفيذ أجندتها الإصلاحية، ولكنّ الأزمة التي طال أمدُها تُعرّض للخطر المُكتسبات التي تحقّقت على صعيد بناء المؤسسات على مدى السنوات الماضية، بطريقة اتّسمت بالاجتهاد والمثابرة.

وفي نهاية المطاف، ولكي يتسنّى للسلطة الفلسطينية الإبقاء على استمرار الزّخم في عملية الإصلاح، واستدامة ما تحقّق من إنجازات في مجال بناء المؤسسات لديها، فإنّه لا بُدَّ من رفع ما تبقّى من القيود التي تفرضها إسرائيل على حرية النّفاذ إلى المصادر الطبيعية والأسواق. إذ يُتَوقّعُ لانتعاش القطاع الخاص، الذي يَنتُجُ عن رفع تلك القيود، أنْ يعمل على زيادة حجم الوعاء الضريبي لدى السلطة الفلسطينية، وأن يُقلّل بصورة تدريجية من الاعتماد على المساعدات الخارجية. ومع ذلك، فإنّ الضفة الغربية وقطاع غزة سوف يبقيان، حتى ذلك الحين، عُرْضةً لانخفاضات عديدة في مستوى تدفق المعونات، وسوف تحتاج هذه الانخفاضات إلى أنْ تُدار بعناية.

Api
Api

أهلا بك