موضوع رئيسي

إشكالية المرور في القاهرة أكبر كثيرا من مجرد الضوضاء

08/21/2012


Image


تضع الحكومة الجديدة نصب عينيها مشكلة التكدس المروري، ويقف البنك الدولي على أهبة الاستعداد لمد يد العون في معالجتها.

هناك قضية يتفق عليها كل سكان القاهرة: وهي أنه يجب العمل لمعالجة مشكلة الازدحام المروري. وتشتهر العاصمة المصرية بزحامها وهو سبب عام للاستياء يؤثر على الجميع في شتى فئات المجتمع.

غير أن اختناقات المرور أكبر كثيرا من مجرد سبب للتبرم والاستياء، حيث أن لها آثارا حقيقية مهمة على الاقتصاد والبيئة والصحة العامة.

وتذهب دراسة للبنك الدولي في الآونة الأخيرة عنوانها دراسة الازدحام المروري في القاهرة إلى تقدير التكاليف السنوية للتكدس المروري في القاهرة بما يصل إلى 50 مليار جنيه أو ما يعادل 8 مليارات دولار. ويُشكِّل هذا ما يصل إلى أربعة في المائة من إجمالي الناتج المحلي لمصر أو أربعة أمثال التقدير المعتاد بواقع واحد في المائة من إجمالي الناتج المحلي لتكلفة التكدس في المدن الكبرى المماثلة.

وتشتمل التكاليف المباشرة على نقص الإنتاجية بسبب قضاء أوقات طويلة في المرور والانتقال بدلا من العمل، وزيادة استهلاك الوقود من جراء طول فترات السفر والآثار البيئية الناجمة عن زيادة الانبعاثات من المركبات. وهناك أيضا تكاليف غير مباشرة مثل آثار التدهور البيئي على الصحة العامة.

وللمرور أيضا قتلى وضحايا.

فما لا يقل عن ألف من سكان القاهرة يموتون كل عام في حوادث متصلة بالمرور، أكثر من نصفهم من المارة، بينما يتعرض ما يزيد على 4000 آخرين لإصابات. وهذه المعدلات أعلى كثيرا من تلك التي تم تسجيلها في معظم المدن الكبرى الأخرى في العالم.

سيارات كثيرة ولكن القطارات والحافلات غير كافية

بُذلت جهود لمعالجة المشكلة من خلال توسيع شبكة النقل العام وتحسين إدارة السيولة المرورية، لكنها لم تُساير نمو المدينة.

في القاهرة شبكة مترو صغيرة جدا بالنسبة لكبر حجم المدينة والأعداد المتزايدة لسكانها. وهي أصغر كثيرا من الشبكات المماثلة في المدن الكبرى الأخرى ولكنها أشد اكتظاظا وازدحاما. ومع أنها تبلغ نصف حجم شبكة مترو واشنطن العاصمة، فإنها تنقل أعدادا من الركاب في الكيلومتر الواحد بما يزيد بمعدل أربعة أمثال.

وهناك نقص مماثل في الحافلات مقارنة بحجم السكان.

ومن ناحية أخرى، فإن السيارات تخنق كل شبر من مساحات الطرق المتاحة. وقد تكون المعدلات الفعلية لملكية السيارات منخفضة، لكنه نسبة السيارات إلى الكيلومتر الواحد من الطرق من أعلى النسب في العالم.

التزام متجدد

حدد الرئيس المصري الجديد محمد مرسي التكدس المروري في عاصمة البلاد بأنه من شواغله وهمومه الرئيسية. وهو يتصدي بذلك للتحدي الضروري والجسيم الذي سيتطلب بين طائفة من الأمور استثمارات في النقل العام وزيادة قدرات إدارة سيولة المرور وخلق مناطق آمنة للمارة وإصلاح النظام الذي ينطوي على حساسية سياسية والخاص بدعم الوقود فهو لا يشجع إلا على استخدام السيارات الخاصة.

ومع ذلك، فإن التحدي الحقيقي سيتمثل في تحديد الأهداف ذات الأولوية وأين ينبغي استثمار الأموال العامة الثمينة لتحقيق أكبر أثر ممكن. كما سيتطلب أيضا إرادة سياسية. ومع أن الجميع قد يتفقون على ضرورة معالجة مشكلة المرور، فإنه ستكون هناك حتما اختلافات بشأن سبيل العلاج. إنها ستتطلب خطة واضحة مُهيْكلة بصورة جيدة وتدعمها شواهد قوية.

وتملك مجموعة البنك الدولي خبرة عالمية واسعة في مساعدة مدن كبرى أخرى على تطوير خططها لمعالجة مشكلات مماثلة. وقد وُضعِت هذه المعارف والخبرات المتراكمة تحت تصرف السلطات المصرية، ولا سيما لمساندة إنشاء الهيئة العامة للنقل الحضري في القاهرة الكبرى.

والتحدي الذي تواجهه العاصمة المصرية تعرفه مجموعة البنك الدولي معرفة جيدة. ويتيح التحليل الموسع الذي أجري في الدراسة الأخيرة، من خلال تحديده التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الجارية للتكدس، أساسا قويا يبرر القيام باستثمارات عامة كبيرة في حل للمشكلة. وهو يضع أيضا ثمنا لا يقبل الجدال للتقاعس عن إيجاد حل. دراسة تكميلية: القاهرة الكبرى: إستراتيجية مقترحة للنقل الحضري تقدم توصيات بشأن الحلول المحتملة وتشرح الوسائل الملموسة لتحقيقها.

ليس لزاما أن يكون التكدس المروري جزءا من واقع الحياة. ويمكن للقاهرة أن تكون مدينة أكثر حيوية من خلال توفير وسائل كافية للنقل العام الذي يعتمد عليه كثيرون وشوارع أكثر أمنا وأقل ازدحاما للجميع. وكما هو الحال في أي مشكلة تبدو مستعصية، فإن الالتزام بالعمل والتحرك هو الخطوة الأولى الضرورية، وهي خطوة تقف مجموعة البنك الدولي على أهبة الاستعداد لمساندتها بكل ما لديها من موارد وإمكانيات.


Api
Api

أهلا بك