موضوع رئيسي

الاستثمار في الشباب التونسي توجه صائب وذكي

04/11/2013


Image
World Bank 2013

نقاط رئيسية
  • مع استمرار ارتفاع معدلات البطالة، خاصة في المناطق الريفية، يظل الحصول على فرص العمل الهم الأول للتونسيين
  • فرصة الالتحاق بالقوى العاملة واكتساب مهارات وخبرات مهمة يمكن أن يؤدي إلى تحسن كبير في آفاق توظيف الشباب
  • مشروع للبنك الدولي يوفر التدريب على المهارات والوظائف لنحو 3 آلاف شاب عاطل في المناطق الريفية بتونس

تقول مونيا غضبان، ابنة الاثنين والعشرين ربيعا، وهي من قرية أبو عبد الله الواقعة في منطقة سيليانا بشمال غرب تونس، "أريد أن أعمل، أرغب في التعلم وفي العمل بجد كي أحيا حياة كريمة. نحن في أمسّ الحاجة إلى أي فرصة للعمل."

ومونيا، التي تعيش مع ثمانية آخرين من أفراد أسرتها، هي واحدة من الكثير من الشباب التونسيين الحاصلين على مؤهلات دراسية أقل من الثانوية العامة، لكنهم يبحثون عن فرص للعمل وانتشال أنفسهم من براثن الفقر.

كان الإحباط الاقتصادي وتفشي البطالة من بين القوى المحركة للثورات الشعبية التي ألهمت موجة الإصلاح في المنطقة العربية. ووفقا لتقارير المعهد القومي للإحصاء، بلغت معدلات البطالة في تونس 16.7 في المائة في الربع الأخير من عام 2012 . وحسب الأرقام نفسها، فقد كانت معدلات البطالة أعلى بين النساء حيث بلغت 28.2 في المائة بالمقارنة بنحو 15.4 في المائة بين الذكور- بينما تزيد أعداد العاطلين عن ذلك بكثير في المناطق الريفية.

ويمثل ولوج الشباب العاطل إلى سوق العمل واكتساب الخبرات القيمة بما يؤهله للفرص المستقبلية خطوة أولى مهمة. ويؤتي أي دعم يقدم من أجل تجاوز هذا الحد الأولي ثمارا هائلة. ومن شأن تشجيع الفرص لتشغيل الشباب في المناطق الريفية المحرومة بالبلاد من أجل اكتساب المهارات، ومعها الحصول على الدخل، أن يحسن إلى حد كبير من فرص حصولهم على وظائف في المستقبل، ومن ثم الحد من الفقر. ويرمي برنامج تجريبي للبنك الدولي في تونس إلى تقديم المساعدة على هذين الصعيدين.

وقد بدأ برنامج "منح الطوارئ لمساندة الشباب التونسي"، الذي وافق عليه البنك الدولي عام 2011، في تحقيق نتائج إيجابية. كما تحمل هذه النتائج احتمالات قوية لمحاكاة المشروع في مناطق أخرى من البلاد، لاسيما في المناطق غير المتطورة حيث ترتفع بشدة معدلات البطالة بين الشباب.

ويشجع البرنامج الممول كله بمنحة من الصندوق الياباني للتنمية الاجتماعية على دخول الشباب إلى سوق العمل من خلال تقديم المساندة المالية والتشغيل الطارئ لنحو 3 آلاف شاب وشابة. وهو يستهدف الشباب في الفئة العمرية 18 - 34 عاما من العاطلين عن العمل والمتسربين من التعليم في المجتمعات الريفية بولاياتي القصرين وسيليانا.

ويرمي المشروع إلى إشراك الشباب في المشاريع الفرعية التنموية وفي الخدمات مقابل المال وأيضا إلى الحصول على التدريب والتعليم وتوفير فرص العمل الحر للشباب الريفي في المناطق المحرومة بتونس. وسيتم تنفيذه على مدى ثلاث سنوات بدأت بالفعل عام 2012 بدعم من المرصد الوطني للشباب التونسي التابع لوزارة الشباب والرياضة.

ويهدف المشروع المقسم إلى ثلاثة مكونات إلى تعزيز دور المجتمع المدني من خلال منح المساندة المالية، وتقديم دورات ومنح تدريبية لنحو 600 شاب لتحسين مهاراتهم وتيسير اندماجهم في سوق العمل، وفي النهاية تدريب حوالي 400 شاب من أصحاب العمل الحر، أو من لديهم أفكار لمشاريع جديدة، على إدارة المشاريع. ويشمل برنامج التدريب إدارة الشؤون المالية، والموارد البشرية، ومتابعة وتقييم المشاريع. وسيصبح المدربون مؤهلين للحصول على منح مالية بآلاف الدولارات لمساعدتهم على مواصلة أنشطتهم الحالية أو على إطلاق أنشطة جديدة.

وحتى فبراير/شباط، سجل عشرة مشاريع فرعية تقودها منظمات شبابية غير حكومية محلية بالفعل 451 شابا. والأهم، أن التركيز على المشاركة المباشرة للشباب في تقديم هذه المنظمات لكافة أنشطتها يوفر أساسا جيدا لتوسيع المشاريع والوصول مع مرور الوقت إلى عدد أكبر من الشباب التونسي.

وتتعلم مونيا، ومعها 40 سيدة أخرى، كيفية تصنيع المرقوم (وهو نوع من السجاد الشعبي التونسي) وكيفية تسويق المنتج النهائي وبيعه. وهؤلاء السيدات يعملن تحت إشراف الاتحاد التونسي للتنمية الاجتماعية (وهو منظمة غير حكومية محلية للتنمية) بدعم من المشروع.

ورغم أن الغموض الذي يكتنف العملية السياسية في تونس ما يزال يشكل مصدر قلق بالغ، فإن الحصول على فرص العمل يظل هو الهم الأكبر الذي يشغل معظم التونسيين، وفقا لآخر استطلاعات للرأي. ويمثل تعلم أنواع المهارات التي يمكن أن تؤدي إلى التوظيف في المستقبل أحد المجالات التي تبعث على التفاؤل.

تقول رجاء بن عثمان البالغة من العمر 26 عاما، "مازلت في غاية التفاؤل بالمستقبل. هذه فرصة عظيمة لنا وأنا أعلم أن المزيد آت."

وتظل البطالة هي التحدي الأبرز لتونس وهي تمضي في عملية التحول الديمقراطي. والشباب في المناطق الريفية والمحرومة في تونس هم أكثر الفئات تضررا، فيما تظل المطالبة بالتغيير قوية. ويعتمد مستقبل تونس على هذا التغيير. ومن هنا، فإن الاستثمار في الشباب ليس هو الشيء الصائب الذي ينبغي عمله فحسب، بل إنه الشيء الذكي أيضا.



Api
Api

أهلا بك