ووصلت إستونيا منذ استقلالها عن الإتحاد السوفيتي عام 1991 إلى تعميم التأمين الصحي تقريبا حيث يشترك 95 في المائة من السكان بنظام التأمين الصحي الاجتماعي الذي يدعمه الصندوق الإستوني للتأمين الصحي.
وفي إطار هذا النظام يجب على جميع المواطنين في إستونيا أن يقيدوا في التأمين الصحي الاجتماعي وترتبط مساهمتهم فيه بأجورهم. ويدعم العاملون بأجر المشاركين في هذا التأمين ممن لا يسددون اشتراكات مثل الأطفال وأصحاب المعاشات. وتغطي آلية السداد المتطورة التكلفة للرعاية المتخصصة والعقاقير. ويحق لجميع المواطنين في إستونيا مزايا موحدة. ويوضح استبيان أن المواطنين في إستونيا راضون للغاية عن نظام الرعاية الصحية. لكن قبل عقدين اثنين فقط كان نظامهم الصحي يبدو مختلفا تماما فقد كان مركزيا وتموله الحكومة. فما الدروس المستفادة المتاحة للبحرينيين من تجربة إصلاح نظام الرعاية الصحية في إستونيا؟
1. الالتزام السياسي القوي والقيادة السياسية ليست مجرد شعارات. في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، بدأت إستونيا – حيث قامت "ثورة الغناء" - تنفتح على تغيرات اقتصادية اجتماعية وتتحول إلى اقتصاد السوق. وسنّ برلمانها أول قانون للتأمين الصحي حتى قبل الاستقلال. وساندت المنظمات المهنية بقوة هذه الإصلاحات التي كانت حيوية في المراحل الأولى من عملية الإصلاح. وفي أوائل العقد الأول من الألفية، كان الأطباء الإستونيين يشاركون في "مجموعات التشخيص" لتصنيف تكلفة الإقامة في مختلف المستشفيات. واليوم، تلعب وزارة الشؤون الاجتماعية دورا قياديا مهما في قطاع الصحة، حيث جمعت أصحاب المصلحة لإعداد السياسة الخاصة بالقطاع.
2. الإصلاحات الكبيرة والسريعة يجب أن تعقبها تعديلات تدريجية إضافية. في التسعينات، شرعت إستونيا في إصلاحات شاملة لإعادة تنظيم أسلوب تمويل الرعاية الصحية وتقديمها وتنظيمها والتخطيط لها. وكان التأمين الصحي الاجتماعي أساسيا في إنشاء قاعدة سليمة للإيرادات لقطاع الصحة. فقد أنشأ 22 صندوقا إقليميا للمرض وفرض نسبة 13 في المائة اشتراكا من الأجور الموظفين ومن يعملون عملا حرا. وواصل واضعو السياسات في إستونيا دراسة الإصلاحات وتعديلها لتحسين الأداء. ففي عام 1994 على سبيل المثال، تم تجميع صناديق المرض المنفصلة في صندوق مركزي يجمع الإيرادات ويعيد تخصيصها. وتتضمن الإصلاحات الحديثة زيادة استقلالية مقدمي الخدمات (2002) وتعديل اللوائح الخاصة بالمستحضرات الدوائية (2004) وإنشاء نظام معلومات للصحة (2008) والجوانب المركزية لتنظيم الرعاية الأولية (2012).
3. إقران إصلاح التأمين الصحي بتغييرات في نظم إيصال الخدمات. استكمال إصلاح التأمين الصحي بتغييرات في الخدمات يمكن أن يفيد. خفضت إستونيا عدد المستشفيات من 120 إلى 19. وبدأت إصلاح الرعاية الأولية في مطلع عام 1991. ومن أجل زيادة عدد أطباء الأسرة، تم استحداث تخصص طب الأسرة في أوائل التسعينات. واليوم فإن جميع المواطنين ملزمين بالتسجيل لدى طبيب أسرة في إستونيا. وإضافة إلى هذه الإصلاحات، تم تحديث قطاع المستحضرات الدوائية بإعداد قائمة العقاقير الأساسية (1992) وتحديث الإرشادات التوجيهية بانتظام فيما يتعلق باستخدام الأدوية واستعادة تكلفتها.
4. تكريسزيادة دور تكنولوجيا المعلومات يؤتي ثماره. يرتبط جميع مقدمي الخدمات والمرضى وصندوق التأمين الصحي إلكترونيا (على سبيل المثال، يتلقى الصندوق جميع الفواتير إلكترونيا). ويسمح نظام يعمل على مستوى البلد لمقدمي الخدمات بإنشاء سجل موحد لكل مريض. ويتضمن هذا النظام بيانات طبية مختلفة من بينها فصيلة دم المريض ونتائج التحاليل والعقاقير التي كتبت له. وبفضل ابتكار آخر وهو الوصفة الطبية الإلكترونية أصبحت جميع الوصفات الطبية تتداول إلكترونيا.
لم يمكث الوفد في إستونيا طويلا لكن المعارف التي حصل عليها ستفيد في توجيه عملية الإصلاح في البحرين. ولخص مسؤول بحريني الزيارة قائلا "الدروس المستفادة من إستونيا ستكون ذات قيمة كبيرة ونحن نطور نظامنا للتأمين الصحي وسياسات تكنولوجيا المعلومات."