موضوع رئيسي

رؤساء بلديات بأمريكا اللاتينية يختبرون "حلولا مبتكرة" لعلاج العنف

02/16/2015


Image

أطفال في مركز للشباب في مدينة كالي في كولومبيا. 

ايزابيل شايفر

بعض بلديات أمريكا اللاتينية التي تعاني ارتفاعا في معدلات جرائم القتل تطبق بنجاح وصفات علاجية لتفادي اللجوء إلى إجراءات "قمعية".

تمتلئ وسائل الإعلام والحملات السياسية في البلدان الأشد تضررا من استشراء الجرائم والجنوح بمناقشات وحوارات تحاول جاهدة الإجابة عن السؤال التالي: هل نحن بحاجة لتطبيق تدابير "قمعية" لمواجهة الجرائم أو حتى دراسة إمكانية تطبيق عقوبة الاعدام على الجرائم الأكثر خطورة؟ 

تظهر بعض الحكومات المحلية في أمريكا اللاتينية أن استعمال العنف للحد من العنف ليس دائما البديل الأفضل. فقد وجدت هذه الحكومات أن هناك سبلا بسيطة وعملية ومنخفضة التكلفة للحد من العنف. 

في زيارة إلى مقر مجموعة البنك الدولي في واشنطن العاصمة، عرض ثلاثة من رؤساء بلديات تُعد من بين الأكثر عنفا في المنطقة إستراتيجياتهم المبتكرة لمعالجة مشكلة تؤثر في بلدان كثيرة في الشباب على وجه الخصوص، (e) وتمثل السبب الرئيسي للقلق والخوف بين المواطنين. 

وترى مجموعة البنك الدولي منذ أمد بعيد أن انعدام أمن المواطن يُعتبر تحديا رئيسيا أمام التنمية. (e) ولمعالجة هذه المشكلة، تعمل المجموعة مع حكومات المنطقة على كافة المستويات الاتحادية والولائية والبلدية لمساندة مختلف النهج والحلول العملية والمبتكرة للتصدي لمظاهر العنف. 

علم أمراض العنف

من بين تلك الجهود ما قام به رودريغو غيريرو، رئيس بلدية كالي بكولومبيا، الذي طبق على مدى فترتين قضاهما في منصبه (1992 – 1994، و 2012 – 2015) المعارف والأساليب التي اكتسبها كأخصائي في مجال الوبائيات لمعالجة ارتفاع معدلات جرائم القتل في مدينته كما لو كان سيعالج مرضا غير معروف المصدر. 

وعن ذلك، قال غيريرو، "أنا أطلق على هذه الطريقة "علم أمراض العنف" ويجري تطبيقها حاليا في العديد من البلديات بكولومبيا وغيرها". 

لقد مكن التحليل العلمي لأوضاع العنف المسؤولين المحليين من تطبيق تدابير متنوعة في مختلف المناطق. ففي بعض الأماكن، قاموا بتحسين إنارة الطرق أثناء الليل، بينما قاموا في أماكن أخرى بحظر بيع الخمور بعد وقت معين، وفي أخرى زادوا من تواجد رجال الشرطة. 

وعندما طبق غيريرو هذه الطريقة لأول مرة قبل أكثر من 20 عاما، كان عليه أن يثبت أن من الممكن استئصال العنف بمعالجته كمرض وبائي. 

ويضيف غيريرو، "عندما انضممت إلى الحكومة لأول مرة عام 1983، بلغ معدل جرائم القتل في مدينة كالي 126 لكل 100 ألف مواطن؛ والآن، فإن هذا المعدل قد انخفض إلى 62. غير أننا مازلنا نعتبره مرتفعا، وسنواصل العمل على تقليصه لأننا نعرف الآن أفضل السبل لمواجهة هذه المشكلة". 

ويشير غيريرو إلى أن أكبر النجاحات التي حققها لم تكن في كالي، ولكن في مدينة بوغاتا، ويرجع السبب في ذلك إلى أن رؤساء البلديات الذين جاءوا بعده في كالي لم يستخدموا طرقه وأساليبه، بيد أن ثمة ثلاث حكومات محلية في العاصمة الكولومبية طبقت توصياته. وقد أسفر ذلك عن: تراجع معدل جرائم القتل في بوغاتا من 80 إلى 18 لكل 100 ألف مواطن. 

الوقاية وتوفير فرص العمل

واجه الكسندر لوبيز، رئيس بلدية البروغريسو بشمال هندوراس، التي تقع بالقرب من الحدود مع غواتيمالا، تحدياً مماثلاً. فهذه المنطقة تقع على طريق تهريب الكوكايين إلى الولايات المتحدة، وهي تحت سيطرة مهربي المخدرات في أحد أكثر البلدان عنفا في العالم. 

ويعتبر الكثيرون أن قيام المدينة بتطبيق ما يُعرف بخطة "80 – 20" كان خطوة جريئة، وتتضمن هذه الخطة 20 في المائة من التدابير القسرية (استخدام رجال الشرطة، وفرض العقوبات، إلخ..) و 80 في المائة من التدابير الوقائية. 

وقال لوبيز مستشهدا ببعض الأمثلة على التدابير الوقائية بهذه الخطة، "لقد استعدنا 350 ساحة عامة، وعملنا على تحسين إنارة الشوارع أثناء الليل. وقمنا أيضا بإنشاء 5 آلاف مشروع متناهي الصغر، وخفضنا ساعات العمل ليلا في أماكن مثل الملاهي الليلية". 

وأضاف قوله "لقد ساعدنا تقليل أوقات العمل حتى الساعة الثانية صباحا بهذه الأماكن ببساطة على الحد من انتشار العنف". 

ووافقه الرأي زميله، "تيتو" أسفورا، رئيس بلدية تيغوسيغالبا، الذي أكد بدوره على أن انعدام الأمن يمثل النتيجة النهائية لمجموعة متنوعة من المشاكل مثل نقص سبل الحصول على المياه والصرف الصحي ورعاية الأطفال والرعاية الصحية وغيرها. وقال، "هذه مجالات يمكننا من خلالها تحسين حياة الناس في نهاية المطاف؛ إنها حصيلة أمور كثيرة". 

وأضاف أسفورا، "إن مشكلة انعدام الأمن تتعلق قبل كل شيء بنقص فرص العمل". وفي العام الماضي وحده، استثمرت حكومته مبلغ 24 مليون دولار لتدريب أكثر من 1500 من أصحاب مشاريع الأعمال الصغرى، وتنفيذ تدابير أخرى مشجعة لخلق فرص العمل. 

وأصبحت العلاقة بين توفير الوظائف والحد من العنف أيضا واضحة في السلفادور خلال تنفيذ برنامج لتشغيل الشباب في عام 2008. وعن ذلك، قال همبرتو لوبيز مدير إدارة أمريكا الوسطى بالبنك الدولي، "بالرغم من أن الحد من العنف لم يكن الهدف الذي يرمي إليه البرنامج، فقد لاحظنا تراجعا في أعمال العنف في المناطق التي نُفذ فيها". 

ويرى لوبيز أن مكافحة الجرائم والعنف يتطلب زيادة الجهود حيثما تتقاطع المتغيرات والبيانات المتصلة بالتشغيل والاحتياجات الاجتماعية وإحصاءات الجرائم. ومن شأن ذلك أن يمكن المسؤولين "من متابعة أعداد جرائم القتل حيثما تقع، ومقارنة هذه المعلومات مع المتغيرات الأخرى بغرض تحسين فهم أسباب العنف". 

ومع أخذ ذلك بعين الاعتبار، يساند البنك الدولي هندوراس حاليا على إنشاء مرصد لمتابعة أعمال العنف، وذلك بالتعاون مع الجامعات والحكومة. 

 




Api
Api

أهلا بك