خطب ونصوص

كلمة الدكتور مروان معشر حول تقرير البنك الدولي المعني بالتعليم

02/04/2008


الدكتور مروان معشر النائب الأول لرئيس البنك الدولى للشؤون الخارجية الأردن

بالصيغة المعدة للإلقاء

ترحيب ومقدمة
أصحاب الدولة
أصحاب المعالى والسيادة
السيدات والسادة

يسعدنى أن أكون بينكم اليوم ممثلا لمجموعة البنك الدولى كما يشرفنى فى سياق هذا اللقاء  الإقليمى رفيع المستوى أن أتقدم لصاحبة الجلالة الملكة رانيا العبد الله بجزيل التقدير وعظيم الامتنان لرعايتها الكريمة وأتقدم بالشكر كذلك لحكومة المملكة الأردنية الهاشمية ولمعالى وزيرة التخطيط والتعاون الدولى ومعالى وزير التربية والتعليم لما تم بذله من جهد وتعاون نحو الإعداد لهذا اللقاء الإقليمى. وأخيرا وليس آخرا أرحب بالسادة الوزراء ورؤساء الوفود المشاركة وممثلى القطاع الخاص والمجتمع المدني والإعلام وشركائنا من الهيئات الدولية.

السيدات والسادة
يمثل التعليم أساسا للمستقبل فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعلى مستوى المنطقة فإن هناك إدراك تام من قبل الحكومات لأولوية المنظومة التعليمية، الأمر الذي يعبر عنه إجمالى الاستثمارات فى القطاع  وما يحظى عليه من اهتمام.   فالتعليم يلعب دورا محوريا في مكافحة الفقر والنمو الاقتصادى على مستوى الأسرة والمجتمع.  كما يعبر التعليم عن طموحات المجتمعات للاندماج فى الاقتصاد العالمى فى عالم دائم التغير.
 
 ومن ناحية أخرى يمثل التعليم أولوية استراتيجية لعمل البنك الدولى فى المنطقة حيث يعتبر ضمن العناصر الرئيسية لدفع التنافسية الاقتصادية والتنمية المستدامة القائمة على مبادئ التضمين والحكم الرشيد.

 وفى هذا الإطار تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديات جديدة ذات تأثير مباشر على قطاع التعليم.  ويأتى على رأس تلك التحديات إجمالى نسبة الشباب بالمنطقة حيث تعتبر  أعلى نسبة من مجموع السكان الكلى على مستوى العالم ويصاحب هذه النسبة طلب غير مسبوق على فرص تعليمية جديدة وآمال حول نتائج أفضل. أما التحدي الثانى فيتمثل فى الطلب المتزايد على المهارات والقدرات المتنوعة الذى تفرضه العولمة والانفتاح المتنامى لاقتصاديات المنطقة، الأمر الذى يؤثر على مضمون وطبيعة ما تقدمه الأنظمة التعليمية.

 واليوم أود أن أنتهز فرصة هذا اللقاء لأعرض عليكم طموحاتنا كمجموعة دولية فى توثيق الشراكة مع العالم العربى وهو المحور الاستراتيجى الذي عبر عنه السيد روبرت زوليك رئيس مجموعة البنك الدولى ضمن ستة محاور استراتيجية تهدف إلى دعم الدور التنموى الذى نقوم به وقدرتنا المؤسسية للاستجابة بصورة أكثر فعالية للمتطلبات والأولويات التى تفرزها العولمة على الصعيدين الدولى والإقليمى.

 وفى إطار هذا التوجه الاستراتيجى الخاص بتوثيق الارتباط مع العالم العربى فإننا نعبر عن أهمية الدور المحورى الذى يلعبه العالم العربى على ساحة التنمية الدولية وإدراكنا بأن العالم العربى في حاجة لتخطى ما تبقى من حواجز تفصل بينه وبين باقى العالم بهدف تفعيل هذا الدور المحورى على نطاق أوسع.

 وقد تتفقون معى أن الفجوة التعليمية يمكن إدراجها ضمن أولويات تلك الحواجز. فبالرغم من التحسن الملحوظ على مدار الثلاث عقود الماضية لازالت الفجوة المرتبطة بنوعية التعليم تباعد بين العالم العربى وباقى العالم.  وإذا كنا نتحدث عن فجوات أخرى تساهم فى هذا التباعد مثل خلق فرص العمل، تمكين المرأة والشباب، الاندماج التجارى، الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية وبصورة خاصة مواجهة فقر المياه بالمنطقة-  فقد تتفقون معى مرة أخرى أنه لا يمكن إزالة تلك الحواجز بدون النظر إلي التعليم كأولوية.

السيدات والسادة
 إن مشاركة هذه الأطراف المتنوعة اليوم تعبر عن أولوية التعليم في العالم العربى كأساس للبنية الاجتماعية والاقتصادية بصورة أكبر من أي وقت مضى وإننى لأنتهز الفرصة اليوم لتوجيه التهنئة لكل أقطار المنطقة لما حققوه من تقدم ملحوظ على صعيد الالتحاق بالتعليم، والتحصيل الدراسى وسد الفجوة فى نسب التحاق الذكور والإناث وكذلك ما تم اتخاذه من خطوات نحو إصلاح قطاع التعليم.  

 لقد قطعت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا  شوطا كبيرا فى مجال التعليم إلا أن ما تم تحقيقه من نتائج لم يعد كافيا. إن نوعية التعليم فى المنطقة لا تصبو لمتطلبات النمو الاقتصادى من قدرات ومهارات بشرية مؤهلة حيث تواجه العملية التعليمية معوقات تحد من تنمية قدرة الطالب والطالبة على المهارات التحليلية والقدرة على حل المشاكل، والتفكير النقدى، والإبداع.  لقد حان الوقت لأن نولى تلك المهارات درجة كافية من الاهتمام توازى بل تفوق تلك التى أولتها المنطقة لمحو الأمية والالتحاق بالمدارس.

 وأود أن أؤكد فى هذا الإطار أن تغيير نوعية التعليم بصورة جذرية ممكن بل إن هناك العديد من المؤشرات الدالة على أن عملية التغيير قد بدأت بالفعل بالمنطقة حيث يؤكد التقرير الإقليمى أن فرص النجاح من خلال تبني الإصلاح الجذرى لنوعية التعليم أعلى بكثير من تلك التى يتيحها استمرار الإصلاح الجزئى،  وهو الأمر الذى يؤيده  واقع التجارب والخبرات على المستوى الإقليمى والوطنى في أنحاء العالم.

 وتأتى هنا أهمية رصد التجارب الناجحة على مستوى المنطقة حيث العديد من الخبرات والدروس المستفادة وعلى سبيل المثال ما حققته تونس ومصر  لزيادة فرص الالتحاق بالتعليم والتقدم الذى أحرزته الكويت فى مجال محو الأمية والنسبة العالية لإتمام المراحل الدراسية التى أفرزتها العملية التعليمية بالضفة الغربية وغزة وتجربة الأردن فى تحديث المناهج وما حققته لبنان في مجال إدماج المساءلة العامة فى نظامها التعليمى يالإضافة إلي المزيد من التجارب والخبرات التى يمكن الاستفادة منها على مستوى المنطقة.

 وخلاصة القول أن هناك حاجة ملحة على مستوى المنطقة إلى إعادة توجيه منهجية التعليم فى كافة مراحله وكل أشكاله نحو تعليم الطالب "كيف يفكر" لا "ماذا يفكر".

السيدات والسادة
  لا أتصور أن ما يتضمنه التقرير الإقليمى من نتائج يحمل أى مفاجآت للمفكرين العرب والخبراء فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية و التنمية البشرية والسادة الحضور حيث تحظى فكرة الإصلاح الجذرى فى قطاع التعليم بصورة خاصة على تأييد صانعى القرار فى العالم العربى وذلك فى سياق التركيز على تنمية رأس المال البشرى والمساءلة العامة لا البنية التحتية فحسب.

 ومن جانبنا، فإننا حريصون على دعم الجهود والمبادرات الخاصة بإصلاح التعليم بالمنطقة من خلال المزيد من الحوار والقنوات لتبادل الخبرات الإقليمية من مناطق أخرى نجحت في تخطي تلك التحديات وذلك تلبية للطلب المتزايد على برامج الدعم الفني من قبل شركائنا في المنطقة. 

 وأخيرا فإننا نتطلع إلي أن تكون الشراكة الحالية في مجال الإصلاح التعليمى ضمن الركائز الرئيسية لتوثيق الارتباط بين مجموعة البنك الدولي والعالم العربى. ونأمل كذلك أن نضيف إلى رصيدنا من حوار مثمر مع صناع القرار، قنوات اتصال جديدة مع قادة الفكر وفئات المجتمع المدني والقطاع الخاص التى أثبتت التزامها نحو إزالة الفجوة المرتبطة بنوعية التعليم.

 وأخيرا فإننا بصدد الإعداد لمشاورات مكثفة فى المنطقة بهدف تحديد البرامج ذات الأولوية أخذين فى الاعتبار وجهات النظر والخبرات العربية وكذلك ما لدينا من خبرات على المستوي الدولى.   ويأتى هذا فى إطار حرصنا على المساهمة فى تلك المرحلة التاريخية التى تعيشها الشعوب العربية.

 أعود مرة أخرى إلى " الطريق غير المسلوك" الذى يشير إليه التقرير الإقليمى عن التعليم  حيث أود أن أختتم حديثى بالتعبير عن التزامنا مواصلة سلوك الرحلة مع شركائنا في العالم العربي.  وشكرا.

 

Api
Api

أهلا بك