تمر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً بفترة تحول جذري بسبب اتجاهات عالمية قوية هي: زيادة أعمار السكان، وتغير المناخ، والتطورات التكنولوجية. وتُعيد هذه القوى تشكيل الاقتصادات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم، لكن تأثيرها يتكشف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسط تحديات هيكلية كبيرة، تشمل ضعف النمو الاقتصادي، ومستويات المديونية الحرجة، والهشاشة، وتزايد التفاوت في مستويات الدخل.
تعتبر بلدان المنطقة نفسها دولاً فتية، لكنها ستشهد تحولاً ديموغرافياً أسرع من أي منطقة أخرى خلال العقود الثلاثة القادمة، بسبب ارتفاع متوسط العمر المتوقع وانخفاض معدلات الخصوبة. وفي الوقت نفسه، تُعد المنطقة واحدة من أكثر مناطق العالم قابلية للتأثر بالمخاطر المناخية، حيث تواجه ارتفاع درجات الحرارة، وشح المياه، وارتفاع منسوب سطح البحر، ومخاطر الكوارث. وأخيراً، لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن أثر التغيرات التكنولوجية، وخاصة الذكاء الاصطناعي، على إرباك وتحويل أسواق العمل، وأنظمة التعليم، والعقد الاجتماعي بين المواطن والدولة وتغيير كل ذلك، أو تجاوز البلدان ذات الجاهزية الرقمية المحدودة.
يتناول تقرير رئيسي للبنك الدولي صدر بعنوان "تبني التغيير وتحديد ملامحة: التنمية البشرية من أجل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مرحلة انتقالية” هذه الاتجاهات الكبرى. التقرير لا يعتبر أثار هذه الاتجاهات قدراً محتوماً بل يمكن أن تُرسم ملامحها من خلال خيارات ذكية وشاملة وجاهزة للمستقبل على مستوى السياسات، بما في ذلك في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.
من منظور تعزيز الحياة الصحية والمنتجة والآمنة، يقدم التقرير إطاراً للسياسات بشأن كيفية استعداد الحكومات لمواجهة الاتجاهات الكبرى، من خلال برامج تستشرف آفاق المستقبل، فضلاً عن زيادة تغطية خدمات التنمية البشرية الأساسية، والإصلاحات المؤسسية، وتحسين تمويل قطاعات التنمية البشرية.
الإصلاحات على مستوى أنشطة التنمية البشرية ــ تناولت حزمة المعرفة 1 هذه الإصلاحات على نحو وافٍ. هذه الإصلاحات ستعمل على:
تحديد ملامح أثر زيادة أعمار السكان من خلال تحسين إدارة الأمراض غير السارية، ودعم التعلم مدى الحياة، وإصلاح أنظمة المعاشات التقاعدية، والإدارة الجيدة لأنشطة الهجرة.
تيسير وتيرة التغير الديموغرافي مع خلق فرص عمل، من خلال تنمية الطفولة المبكرة، والرعاية طويلة الأجل، والتمكين الاقتصادي للمرأة، والخدمات السكانية.
التخفيف من آثار الصدمات المناخية والتكيّف معها من خلال أنشطة الحماية الاجتماعية التكيفية والبنية التحتية الذكية، مع الاستفادة من الفرص التي يتيحها التحول الأخضر من خلال تنمية المهارات الخضراء واعتماد التكنولوجيا؛ و
الاستفادة من مزايا الرقمنة والذكاء الاصطناعي، بما في ذلك من خلال العمل عبر المنصات الرقمية والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات، وذلك من خلال الاستثمار في المهارات الرقمية، ووضع اللوائح التنظيمية المناسبة لسوق العمل، والجاهزية الرقمية.
لتحقيق هذه الرؤية، يتعين على مؤسسات التنمية البشرية تعزيز قدراتها، وتأصيل آليات المساءلة لديها، ودعم قدرتها على الصمود. وتستكشف حزمة المعرفة 2 بشكل على نحو وافٍ الفجوات الحالية على مستوى الحوكمة وتقترح عدداً من الإصلاحات الإضافية لتحقيق التغطية الفعالة.
في نهاية المطاف، ينبغي لبلدان المنطقة الخروج من دائرة جمود وتراجع تمويل قطاعات التنمية البشرية في معظم أنحاء المنطقة. وبناءً عليه، يقترح التقرير عدة حلول عملية لتحسين كفاءة الإنفاق، وتنسيق مصادر التمويل، وزيادة تحصيل الإيرادات التي يمكن إعادة استثمارها لتعزيز القدرات البشرية وتجنب ارتفاع التكاليف المستقبلية. وتتناول حزمة المعرفة 3 هذه الجوانب على نحو وافٍ ومفصل.
إن هذه الخطوات معاً ترسم خارطة طريق على مستوى السياسات لدعم التنمية المستدامة والشاملة للجميع في منطقة تتلاقى فيها الاتجاهات العالمية مع التعقيدات المحلية. ومن خلال توقع ما يمكن حدوثه والاستعداد له، يمكن لبلدان المنطقة تحويل مخاطر اليوم إلى فرص في الغد.
تتخلف تنمية رأس المال البشري في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن نظيراتها في المناطق الأخرى ذات مستويات الدخل المماثلة، مما يتسبب في تباطؤ النمو الاقتصادي.
تواجه المنطقة ثلاثة تحولات رئيسية -الشيخوخة بوتيرة سريعة، وتغير المناخ، والتقدم التكنولوجي. هذه التحولات تشكل مخاطر على رأس المال البشري وقدرة الاقتصاد على الصمود في المستقبل.
تساهم شيخوخة السكان، وانخفاض سن التقاعد، وتراجع صحة كبار السن في زيادة الضغوط على أنظمة المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية، مما يتطلب إصلاحات لدعم حياة عملية أطول وأكثر صحة.
بلدان المنطقة شديدة التأثر بتغير المناخ وآثار هذا التغير تهدد رأس المال البشري من خلال الظواهر الجوية بالغة الشدة، وشح المياه، وتآكل السواحل، لكن التحول الأخضر يتيح فرصاً إذا طورت القوى العاملة المهارات المناسبة لمواجهة هذه المخاطر.
أسواق العمل أقل تأثراً بالأتمتة والذكاء الاصطناعي نظراً لزيادة النشاط غير الرسمي وعدم تقنين الأوضاع والتفاوت في الجاهزية الرقمية. كل هذا يهدد بعدم تحقيق الزيادة المرجوة في الإنتاجية، وفقدان الوظائف بالنسبة لأصحاب المهارات المحدودة.
تهدد هذه الاتجاهات الكبرى بتفاقم التحديات التي تواجهها البلدان التي تعاني من صراعات طويلة الأمد ومشاكل في المالية العامة، ما لم يتم اعتماد سياسات للتنمية البشرية تلائم المستقبل.
يعد الاستثمار في الطفولة المبكرة، واقتصادات الرعاية، والمهارات الخضراء والرقمية أمراً ضرورياً لزيادة فرص العمل للشباب والنساء والتكيف مع أسواق العمل الآخذة في التطور.
كما يوضح التقرير، يمكن لحكومات المنطقة اتخاذ المزيد من الإجراءات لإصلاح أنظمة المالية العامة، وإعطاء الأولوية لاستثمارات التنمية البشرية الإنتاجية، وإعادة تصميم أنظمة الضرائب والإعانات الاجتماعية لمعالجة تزايد عدم المساواة ودعم التقدم على المدى الطويل.
علاوة على ذلك، يعد التنسيق الفعال للمعونات، وتوسيع نطاق السجلات الاجتماعية، والشراكات الشاملة للجميع مع القطاع الخاص والقطاع غير الحكومي غاية في الأهمية لتقديم خدمات تتسم بالمرونة والقدرة على مواجهة التحديات، لا سيما في السياقات الهشة.
بالنظر إلى الطبيعة غير المتجانسة لبلدان المنطقة، يخلص التقرير إلى ضرورة تحديد الأولويات، مع تصميم الإصلاحات على نحو يراعي احتياجات كل بلد على حدة، فعلى سبيل المثال، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي التركيز على مشكلات الشيخوخة وزيادة أعمار السكان، والرقمنة، في حين قد ترغب البلدان متوسطة الدخل في إعطاء الأولوية لإدارة المالية العامة والاستثمارات المبكرة. وبالنسبة للبلدان منخفضة الدخل أو البلدان التي تواجه صراعات أو حالات هشاشة، يجب إعطاء الأولوية للحفاظ على رأس المال البشري والقدرات المؤسسية.
قم بتنزيل التقرير الرئيسي:
تبني التغيير وتحديد ملامحه– التنمية البشرية من أجل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مرحلة انتقالية [إنجليزي]
الأشكال الواردة في التقرير [ملف إكسيل Excel]
- الملخص التنفيذي (باللغة الإنجليزية)
التقارير الفرعية المرتبطة بالتقرير الرئيسي
حزمة المعرفة 1:"الاتجاهات العالمية الكبرى والتنمية البشرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: الاستعداد للتغيرات الديموغرافية، والمناخية، والتكنولوجية".[الأشكال الواردة في التقرير في ملف إكسل]
حزمة المعرفة 2:"مؤسسات التنمية البشرية القادرة على الصمود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: الإصلاح من أجل التغطية الفعّالة" [الأشكال الواردة في التقرير في ملف إكسل]
حزمة المعرفة 3:"الاستثمار في البشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إعادة النظر في خيارات المالية العامة لتمويل التنمية البشرية".[الأشكال الواردة في التقرير في ملف إكسل]
دراسات وافية وتفصيلية: “العرض والطلب على المهارات الرقمية والخضراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"