Skip to Main Navigation
المطبوعات2025/09/15

تبني التغيير وتشكيله: التنمية البشرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مرحلة التطور

تمر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً بفترة تحول جذري بسبب اتجاهات عالمية قوية هي: التغير الديموغرافي والمناخي والتكنولوجي. وتتكشف آثار هذا التغير بصورة سريعة وعلى نحو غير متوازن للغاية على مستوى المنطقة، وفي العديد من البلدان في ظل أوضاع الهشاشة والصراع. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكن للحكومات والمجتمعات الاستعداد لمواجهة ذلك؟ يستعرض هذا التقرير الرئيسي والتقارير الفرعية المرتبطة به أثر الاتجاهات الكبرى على سكان المنطقة، مع اقتراح أجندة استجابة ثلاثية المحاور على مستوى السياسات. أولاً، على البلدان وضع سياسات جديدة "ملائمة للمستقبل" على مستوى قطاعات التنمية البشرية لإدارة المخاطر، والاستفادة من الفرص، ورسم ملامح هذه الاتجاهات الكبرى إن أمكن ذلك. ثانياً، يمكن أن تساهم الإصلاحات المؤسسية وإصلاحات الحوكمة في زيادة تفعيل دور مؤسسات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية كي تكون أكثر استجابة للتغيير. وأخيراً، يمكن للحكومات اتباع العديد من الأساليب لإيجاد حيز في المالية العامة للاستثمارات اللازمة من أجل مستقبل أكثر ازدهاراً وتفادي تكاليف التقاعس عن العمل.

تمر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً بفترة تحول جذري بسبب اتجاهات عالمية قوية هي: زيادة أعمار السكان، وتغير المناخ، والتطورات التكنولوجية. وتُعيد هذه القوى تشكيل الاقتصادات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم، لكن تأثيرها يتكشف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسط تحديات هيكلية كبيرة، تشمل ضعف النمو الاقتصادي، ومستويات المديونية الحرجة، والهشاشة، وتزايد التفاوت في مستويات الدخل. 

تعتبر بلدان المنطقة نفسها دولاً فتية، لكنها ستشهد تحولاً ديموغرافياً أسرع من أي منطقة أخرى خلال العقود الثلاثة القادمة، بسبب ارتفاع متوسط العمر المتوقع وانخفاض معدلات الخصوبة. وفي الوقت نفسه، تُعد المنطقة واحدة من أكثر مناطق العالم قابلية للتأثر بالمخاطر المناخية، حيث تواجه ارتفاع درجات الحرارة، وشح المياه، وارتفاع منسوب سطح البحر، ومخاطر الكوارث. وأخيراً، لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن أثر التغيرات التكنولوجية، وخاصة الذكاء الاصطناعي، على إرباك وتحويل أسواق العمل، وأنظمة التعليم، والعقد الاجتماعي بين المواطن والدولة وتغيير كل ذلك، أو تجاوز البلدان ذات الجاهزية الرقمية المحدودة.

يتناول تقرير رئيسي للبنك الدولي صدر بعنوان "تبني التغيير وتحديد ملامحة: التنمية البشرية من أجل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مرحلة انتقالية” هذه الاتجاهات الكبرى. التقرير لا يعتبر أثار هذه الاتجاهات قدراً محتوماً بل يمكن أن تُرسم ملامحها من خلال خيارات ذكية وشاملة وجاهزة للمستقبل على مستوى السياسات، بما في ذلك في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. 

من منظور تعزيز الحياة الصحية والمنتجة والآمنة، يقدم التقرير إطاراً للسياسات بشأن كيفية استعداد الحكومات لمواجهة الاتجاهات الكبرى، من خلال برامج تستشرف آفاق المستقبل، فضلاً عن زيادة تغطية خدمات التنمية البشرية الأساسية، والإصلاحات المؤسسية، وتحسين تمويل قطاعات التنمية البشرية.

The World Bank

الإصلاحات على مستوى أنشطة التنمية البشرية ــ تناولت حزمة المعرفة 1 هذه الإصلاحات على نحو وافٍ. هذه الإصلاحات ستعمل على: 

  • تحديد ملامح أثر زيادة أعمار السكان من خلال تحسين إدارة الأمراض غير السارية، ودعم التعلم مدى الحياة، وإصلاح أنظمة المعاشات التقاعدية، والإدارة الجيدة لأنشطة الهجرة. 

  • تيسير وتيرة التغير الديموغرافي مع خلق فرص عمل، من خلال تنمية الطفولة المبكرة، والرعاية طويلة الأجل، والتمكين الاقتصادي للمرأة، والخدمات السكانية. 

  • التخفيف من آثار الصدمات المناخية والتكيّف معها من خلال أنشطة الحماية الاجتماعية التكيفية والبنية التحتية الذكية، مع الاستفادة من الفرص التي يتيحها التحول الأخضر من خلال تنمية المهارات الخضراء واعتماد التكنولوجيا؛ و

  • الاستفادة من مزايا الرقمنة والذكاء الاصطناعي، بما في ذلك من خلال العمل عبر المنصات الرقمية والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات، وذلك من خلال الاستثمار في المهارات الرقمية، ووضع اللوائح التنظيمية المناسبة لسوق العمل، والجاهزية الرقمية.

لتحقيق هذه الرؤية، يتعين على مؤسسات التنمية البشرية تعزيز قدراتها، وتأصيل آليات المساءلة لديها، ودعم قدرتها على الصمود. وتستكشف حزمة المعرفة 2 بشكل على نحو وافٍ الفجوات الحالية على مستوى الحوكمة وتقترح عدداً من الإصلاحات الإضافية لتحقيق التغطية الفعالة. 

The World Bank

في نهاية المطاف، ينبغي لبلدان المنطقة الخروج من دائرة جمود وتراجع تمويل قطاعات التنمية البشرية في معظم أنحاء المنطقة. وبناءً عليه، يقترح التقرير عدة حلول عملية لتحسين كفاءة الإنفاق، وتنسيق مصادر التمويل، وزيادة تحصيل الإيرادات التي يمكن إعادة استثمارها لتعزيز القدرات البشرية وتجنب ارتفاع التكاليف المستقبلية. وتتناول حزمة المعرفة 3 هذه الجوانب على نحو وافٍ ومفصل.

The World Bank

إن هذه الخطوات معاً ترسم خارطة طريق على مستوى السياسات لدعم التنمية المستدامة والشاملة للجميع في منطقة تتلاقى فيها الاتجاهات العالمية مع التعقيدات المحلية. ومن خلال توقع ما يمكن حدوثه والاستعداد له، يمكن لبلدان المنطقة تحويل مخاطر اليوم إلى فرص في الغد.