يشهد اقتصاد جيبوتي تباطؤاً في عام 2025 بعد نمو قوي في 2024، لكنه يظل قادراً على الصمود. فقد تراجعت إنتاجية الموانئ بنسبة 10.5٪ في النصف الأول من 2025 نتيجة انخفاض أحجام الشحن العابر بسبب ضعف التجارة العالمية، المرتبط بحالة عدم اليقين حول الرسوم الجمركية الأميركية والتوترات بين إسرائيل وإيران. ورغم ذلك، ارتفعت الصادرات بنسبة 12٪ بينما تراجعت الواردات بنسبة 1٪ فقط، مما يعكس استمرار الطلب الإثيوبي. وبالرغم من هذه المعطيات السلبية، رُوجِع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 6٪ بفضل قوة قطاعات الإنشاءات والاتصالات ومصائد الأسماك، إلى جانب مكاسب متواضعة في السياحة واستثمارات متزايدة في ممرات الخدمات اللوجستية والطاقة الداعمة للتنوع التدريجي.
تشهد المالية العامة تحسناً مدعوماً بضبط الإنفاق وارتفاع إيرادات عقود الإيجار العسكرية، رغم أن هذه الإيرادات قد تكون مؤقتة ما لم تُعزَّز بإصلاحات إضافية. وبعد عجز بلغ 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، يُتوقع تحقيق فائض طفيف نسبته 0.1٪ على المدى المتوسط. لكن الحفاظ على هذا المسار يستلزم تعزيز تعبئة الإيرادات، وتحسين حوكمة المؤسسات المملوكة للدولة، وتجنب تراكم المتأخرات.
ورغم التحسن الأخير، تظل الديون مصدر قلق رئيسي. فقد ارتفع الدين العام الخارجي والمضمون حكومياً من 34.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2013 إلى 69.6٪ في 2024، مدفوعاً بقروض غير ميسرة لتمويل الموانئ والسكك الحديدية وخطوط أنابيب المياه. ومع انتهاء مبادرات تخفيف الديون المرتبطة بكوفيد وارتفاع تكاليف الاقتراض العالمية، تصاعدت ضغوط خدمة الدين، مما دفع الحكومة إلى تعليق بعض المدفوعات، لتصل المتأخرات إلى 2.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي في مارس/آذار 2025.
وخلص تقييم القدرة على تحمل الدين المشترك بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي (سبتمبر/أيلول 2025) إلى أن جيبوتي تواجه ضائقة ديون، مع وجود متأخرات وانتهاكات متكررة لمؤشرات الدين كنسبة الدين إلى الناتج المحلي وخدمة الدين إلى الإيرادات. ويُظهر التحليل أيضاً تعرض البلاد الشديد لتقلبات الصادرات، وتغيرات أسعار الصرف، واختلالات المالية العامة، مما يستدعي إصلاحات لتعزيز الإيرادات المحلية، وتحسين حوكمة المؤسسات العامة، ووضع خطة موثوقة لتسوية المتأخرات بهدف خلق حيز مالي للاستثمار الاجتماعي ورأس المال البشري.
وعلى الصعيد الخارجي، يؤثر تراجع عائدات الموانئ على الحساب الجاري في ظل استمرار الاعتماد الكبير على الواردات. ومن المتوقع أن يظل التضخم معتدلاً عند 1.6٪، مدعوماً بانخفاض أسعار النفط وربط الفرنك الجيبوتي بالدولار الأميركي.
وتبدو الآفاق المتوسطة المدى إيجابية بحذر. فمن المتوقع استقرار القدرة الإنتاجية، بينما قد تحافظ الاستثمارات العامة في ممرات النقل والطاقة على زخم النمو. لكن دون خفض تكاليف الكهرباء وتسريع دمج مصادر الطاقة المتجددة، قد تتراجع تنافسية القطاع الخاص. ويُرجَّح أن يتحول فائض المالية العامة البالغ 0.8٪ في 2025 إلى عجز طفيف في 2026 قبل أن يتحسن مجدداً في 2027، فيما ستواصل خدمة الدين الخارجي الضغط على الموازنة. ورغم ارتباط العملة الذي يُبقي التضخم منخفضاً، تظل جيبوتي معرضة لصدمات أسعار الغذاء والوقود العالمية. وتشمل المخاطر الإضافية التوترات في البحر الأحمر، وعدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأميركية، وموجات الجفاف. لكن في حال انتعاش التجارة وتسريع الإصلاحات لخفض تكاليف الطاقة وتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ، يمكن لجيبوتي جذب المزيد من الاستثمار وخلق الوظائف وخفض الفقر. وفي غياب هذه الإصلاحات، سيظل النمو ثابتاً لكنه هش أمام التقلبات العالمية.