Skip to Main Navigation

إيران نظرة عامة

يتميز الاقتصاد الإيراني بقطاعات الهيدروكربونات والزراعة والخدمات، فضلاً عن حضور ملحوظ للدولة في قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات المالية. وتحتل إيران المرتبة الثانية عالمياً في احتياطيات الغاز الطبيعي والمرتبة الرابعة في احتياطيات النفط الخام المؤكدة. وفي حين أن قاعدتها الاقتصادية متنوعة نسبياً بصفتها بلداً مُصدراً للنفط، إلا أن النشاط الاقتصادي والإيرادات الحكومية يعتمدان على عائدات النفط، وبالتالي يتسمان بالتقلب. ويجري حالياً إعداد خطة إنمائية جديدة مدتها خمس سنوات. وكانت الخطة السابقة عن الفترة 2016/2017 - 2021/2022 تتألف من ثلاث ركائز، هي تطوير اقتصاد قادر على  الصمود، وإحراز التقدم في العلوم والتكنولوجيا، وتعزيز التفوّق الثقافي والحضاري. كما وضعت على رأس أولوياتها إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة والقطاعين المالي والمصرفي، وتخصيص عائدات النفط وحُسن إدارتها. وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن الخطة توقعت نمواً اقتصادياً سنوياً بنسبة 8%.

وتسببت الصدمات الخارجية، بما في ذلك العقوبات وتقلب أسعار السلع الأولية، في ركود دام عشر سنوات انتهى في 2019/2020. وقد شكل الانكماش الكبير في صادرات النفط ضغوطاً كبيرة على المالية الحكومية ودفع التضخم إلى أكثر من 40% لأربع سنوات متتالية. وأدى استمرار ارتفاع التضخم إلى انخفاض كبير في القوة الشرائية للأسر الإيرانية. وفي الوقت نفسه، لم يكن خلق فرص العمل كافياً لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب والمتعلمين الملتحقين بسوق العمل.

وعلى مدى العامين الماضيين، بدأ الاقتصاد الإيراني في الانتعاش، مدعوماً بتعافي الخدمات بعد الجائحة، وزيادة نشاط قطاع النفط، واتخاذ إجراءات على صعيد السياسات. كما تكيف النشاط الاقتصادي مع العقوبات، بما في ذلك من خلال انخفاض سعر الصرف الذي ساعد السلع القابلة للتداول المنتجة محلياً على أن تصبح تنافسية على الصعيد الدولي. وأدى انخفاض صادرات النفط إلى زيادة تجهيز النفط الخام والهيدروكربونات التي تم تصديرها بعد ذلك كالبتروكيماويات. وفي ظل العقوبات، زاد  توجه التجارة نحو البلدان المجاورة والصين، كما يتزايد استخدام تبادل العملات الثنائية والمقايضة وقنوات الدفع غير المباشرة الأخرى لتسوية المعاملات الدولية حيث أصبح يتعذر الوصول إلى معظم الأصول في الخارج بسبب العقوبات. ووسعت الحكومة نطاق التحويلات النقدية والدعم للتخفيف من تأثير ارتفاع التضخم على مستويات المعيشة، لكن ذلك أضاف أيضاً ضغوطاً على المالية العامة لأن معظم الإجراءات التدخلية لم تكن موجهة بشكل كاف.

وتواجه إيران تحديات حادة تتعلق بتغير المناخ، بما في ذلك موجات الجفاف الشديدة التي تحد من الإنتاج الزراعي في وقت ترتفع فيه أسعار الغذاء العالمية وانعدام الأمن الغذائي. وعلى الرغم من أن ارتفاع أسعار النفط، بسبب انتعاش الطلب العالمي والحرب في أوكرانيا، قد أدى إلى زيادة عائدات تصدير النفط، فإن ارتفاع أسعار السلع الأولية الأخرى، بما في ذلك المواد الغذائية، أدى إلى زيادة كبيرة في فاتورة الواردات. وتفرض هذه الزيادة ضغوطاً إضافية على الماليات الحكومية حيث بلغ الدعم المباشر لأسعار المواد الغذائية 5% من إجمالي الناتج المحلي حتى قبل الارتفاع الأخير في الأسعار.

وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن يكون نمو إجمالي الناتج المحلي متواضعاً إذا ظلت العقوبات الاقتصادية سارية. ومن المتوقع أن يؤدي ضعف الطلب العالمي والمنافسة الجديدة من صادرات النفط الروسية المُخفّضة إلى الصين إلى تهدئة توسع إيران في قطاع النفط. وسيتأثر الطلب المحلي أيضاً بالتأثير السلبي لارتفاع التضخم على الاستهلاك والاستثمار. ومن المتوقع أن يستمر الفائض في رصيد الحساب الجاري خلال فترة التوقعات، مدعوماً بارتفاع أسعار النفط والصادرات غير النفطية؛ ومع ذلك، فإن فاتورة الواردات الأكثر تكلفة بسبب ارتفاع أسعار الواردات ستحد من هذا الفائض. ومن المتوقع أن يستفيد رصيد المالية العامة من الاتجاه التصاعدي التدريجي في صادرات النفط، لكن من المتوقع أن يظل عجز الموازنة أعلى من مستوياته المسجلة فيما قبل العقوبات. ومن المتوقع أن تحافظ التوقعات التضخمية، وضغوط النقد الأجنبي، وتسييل العجز على ارتفاع التضخم، وإن كان يتراجع تدريجياً خلال فترة الآفاق المستقبلية.

وتظل آفاق المستقبل الاقتصادي لإيران عرضةً لمخاطر جمّة. ويمكن لتحديات تغير المناخ التي تزداد حدة، مثل زيادة تواتر الفيضانات وموجات الجفاف والعواصف الترابية، ونقص الطاقة، أن يكون لها تأثير كبير على الآفاق الاقتصادية. ويمكن أن تؤدي هذه التحديات، مقترنة بالضغوط التضخمية الأخيرة، إلى زيادة الضغوط على الفئات الأكثر احتياجاً، وتشكل مخاطر محتملة للتوترات الاجتماعية، لاسيما أنه من المتوقع أن يؤدي النمو المتواضع إلى خلق فرص عمل محدودة. وترتبط مخاطر التطورات السلبية الأخرى بتجدد تفشي جائحة كورونا، وزيادة بطء الطلب العالمي، وزيادة التوترات الجيوسياسية إذا فشلت محادثات فيينا الشاملة المشتركة. وعلى الجانب الإيجابي، يمكن أن تكون آفاق النمو المتوقعة أقوى كثيراً إذا ما تم رفع العقوبات الاقتصادية. ويمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط أيضاً إلى التحسن الإضافي في أرصدة المالية العامة وأرصدة المعاملات الخارجية.