Skip to Main Navigation
عرض مختصر2022/04/28

مواجهة التحديات المعقدة لمساندة اليمنيين في أوقات الأزمات المتفاقمة وتجديد الأمل

تانيا ميير، مديرة مكتب اليمن بالبنك الدولي، تناقش الجوانب الرئيسية لمذكرة المشاركة الوطنية الجديدة الخاصة باليمن

لقد ألحقت سبع سنوات من الصراع المسلح في اليمن أضراراً بالغة ببنيته التحتية، وأدت إلى أزمة إنسانية جعلت معظم سكانه البالغ عددهم 30 مليون نسمة بحاجة إلى المساعدات الإنسانية. كما أسفرت الصدمات المتعددة على مدى العامين الماضيين عن تفاقم أوجه الضعف والاحتياج القائمة من قبل بين العديد من الأسر اليمنية. وتسهم المؤسسات السياسية والاقتصادية الموازية – وازدواجية سعر الصرف – في وجود اختلافات في العوامل التي تدفع إلى استمرار الأزمة الإنسانية في مناطق منفصلة من البلاد، وتزيد من تعقيد عمليات التنمية.

ما هي استجابة البنك الدولي للأزمة في اليمن على مدى السنوات السبع الماضية؟

تانيا ميير: كثف البنك الدولي دعمه لليمن طوال فترة الصراع. ولقد سعينا للتحلي بالمرونة والاستباقية بطرق عديدة. فبدلاً من انتظار انتهاء القتال، دعمنا الشعب اليمني من خلال برنامج كبير قائم على المنح على مستوى البلاد والذي استكمل الجهود الإنسانية، وساعد في الحفاظ على سبل العيش، وتقديم الخدمات الأساسية، ومساندة المؤسسات. وبين عامي 2017 و2021، صرف البنك الدولي ما مجموعه 2.1 مليار دولار، بزيادة قدرها خمسة أضعاف مقارنة بفترة السنوات الخمس السابقة. كما عملت فرق البنك المختلفة على وضع الأساس التحليلي للسياسات التي يمكن أن تدفع عجلة التعافي وإعادة الإعمار في البلاد. فعلى سبيل المثال، ومن خلال سلسلة التقييم الديناميكي للاحتياجات، خلصت تقديراتنا إلى أنه في بعض القطاعات، مثل الإسكان والصحة، تضرر ما يصل إلى 40% من البنية التحتية للبلاد أو تم تدميره.

ما هي أولويات البنك الدولي للسنتين القادمتين؟

تانيا ميير: اليمن يقف عند مفترق طرق، ونحن نقف إلى جانب اليمنيين عبر سيناريوهات محتملة متعددة. ويمكن أن تثبت التطورات السياسية التي شهدها اليمن مؤخراً أنها نقطة تحول في الصراع وأن تمهد الطريق نحو السلام، وفي هذه الحالة سنكون مستعدين للتحول نحو التعافي وإعادة الإعمار.

ويتمثل الهدف الشامل لمجموعة البنك الدولي في مساندة الشعب اليمني والحفاظ على المؤسسات التي تخدمه، مع التركيز على ما يلي: (1) تقديم الخدمات الأساسية وتحسين رأس المال البشري؛ و(2) الأمن الغذائي، والقدرة على الصمود، وفرص كسب العيش. أما في صميم العلاقة بين العمل الإنساني والتنمية، فسيظل الحفاظ على المؤسسات هدفاً أساسياً لبرنامج المؤسسة الدولية للتنمية عبر المسارين.

ويساورنا القلق بشكل خاص إزاء تأثير الحرب في أوكرانيا في وقت كانت فيه حالة انعدام الأمن الغذائي تتدهور سريعاً بالفعل، وكنا نستكشف خيارات تعجيل الدعم وزيادته. فمع تفاقم أزمة الغذاء، وانتشار سوء التغذية في اليمن، لا يمكن للإجراءات التدخلية قصيرة الأجل وحدها أن توفر حلولاً مستدامة. وللمساعدة في كسر حلقة الاعتماد على المعونات، سيقوم البنك الدولي بتجربة نهج مبتكر قائم على "استمرارية المساندة" بحيث يجمع بين الإجراءات التدخلية قصيرة ومتوسطة الأجل في المناطق التي يكون فيها انعدام الأمن الغذائي هو الأعلى على القائمة.

وسيتم إرساء برنامجنا في اليمن على أسس قابلة للتطوير من خلال تصميم مشروع يتسم بالمرونة، والاستجابة للصدمات، والقابلية للتكيف. وسيتم تعديل هذه الأسس استناداً إلى ما يستجد من التطورات على أرض الواقع، وتوسيع نطاقها كلما توفرت موارد إضافية. وستُعطى الأولوية للنُهج المتكاملة متعددة القطاعات، وحزم الإجراءات التدخلية ذات الأهداف الجغرافية لتحقيق أقصى قدر من التأثير.

يُعتبر العمل في اليمن محفوفاً بالمخاطر. أليس من الأفضل الانتظار حتى تنتهي الحرب؟

تانيا ميير: بالنظر إلى التحديات العديدة التي تواجهها فرقنا وشركاؤنا في بيئة تشغيلية متقلبة كهذه، فإن أسهل طريقة لتجنب المخاطر هي الانصراف بعيداً. ولكن من وجهة نظرنا، فإن مبررات وجود برنامج واسع النطاق في اليمن - وهي مشاركة عالية المخاطر وعالية الأثر - لم تكن أكثر إقناعاً في أي وقت مضى مما هي عليه الآن.  فقد قمنا بتعزيز الشراكات مع وكالات الأمم المتحدة، والمؤسسات اليمنية الرئيسية، لمساندة اليمنيين في جميع أنحاء البلاد لتحقيق نتائج على نطاق واسع. فعلى سبيل المثال، تمت إعادة تأهيل المنشآت الصحية المتعطلة لتزويد السكان بأكثر من 28 مليون خدمة صحية وتغذوية، وتطعيم 7.7 ملايين طفل، وتقديم 1.6 مليون علاج للكوليرا، بالإضافة إلى حصول 2.5 مليون يمني على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، وتلقي أكثر من 9 ملايين من اليمنيين الأولى بالرعاية والأشد احتياجاً تحويلات نقدية، واستفادة مليونين آخرين من فرص العمل، فضلاً عن دعم أكثر من 50 ألف منشأة صغيرة ومتوسطة.

أعلم أن البنك الدولي ليس له مكتب في اليمن. فكيف يمكنكم إذن متابعة مشروعاتكم هناك؟

تانيا ميير: لقد تطلبت الحالة الأمنية في اليمن أن نتحلى بالمرونة القصوى، ونحن نعمل مع شركاء موثوق بهم على أرض الواقع لتقديم المساعدات التي تشتد الحاجة إليها. ونستخدم جميع الأدوات المتاحة لنا لضمان توجيه المساعدات الإنمائية القيِّمة إلى المستفيدين المستهدفين. ولدينا ضوابط داخلية، وإجراءات مراجعة قوية، ونتعاون مع وكالات الأمم المتحدة ومؤسسات محلية لديها القدرة على تحقيق الأهداف. ونتتبع مساعداتنا من خلال آليات المتابعة من جانب الغير، وآليات معالجة المظالم والشكاوى، ووسائل التواصل الاجتماعي، ونستخدم تقنيات أخرى للسماح بالمتابعة الآنية عن بعد. وفي خضم استمرار القيود الأمنية وقيود الحصول على الخدمات، ستظل المشاركة في اليمن تتطلب درجة عالية من المرونة وحُسن إدارة المخاطر. كما أننا نستكشف الخيارات المتاحة لإعادة تأسيس تواجد محلي للبنك الدولي في اليمن في العام المقبل.

هل تأخذ إستراتيجية البنك الجديدة القطاع الخاص في الاعتبار؟

تانيا ميير: بالتأكيد؛ فالقطاع الخاص يلعب دوراً حاسماً في آفاق القدرة على الصمود والنمو والتعافي في اليمن. وفي الواقع، أظهر القطاع الخاص اليمني قدرة ملحوظة على الصمود في السنوات الأخيرة، على الرغم من مواجهة تحديات كبيرة ناجمة عن الصراع. وتقوم مجموعة البنك الدولي ككل بزيادة مشاركتها مع القطاع الخاص في اليمن، حيث شاركت في إعداد إستراتيجيتنا الجديدة المؤسساتُ الثلاثة للمجموعة، وهي البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار. وسنضاعف جهودنا لتحديد الحلول التي يعتمدها القطاع الخاص بغرض سد الفجوات القائمة في خدمات البنية التحتية، فضلاً عن مساندة خلق فرص العمل، وإرساء الأساس السليم للتعافي.

ما هي رسائلكم إلى اليمنيين وأصحاب المصلحة الآخرين؟

تانيا ميير: لقد كان البنك الدولي شريكاً نشطاً في تنمية اليمن لعقود من الزمن في السراء والضراء، وسيبقى كذلك.

ويعكس برنامجنا الذي تبلغ قيمته 2.8 مليار دولار استثمار البنك الدولي في الحفاظ على أصول التنمية في اليمن، ويجدد آمالنا في مستقبل أفضل لجيل من الشباب اليمني ممن نشأوا في ظل الحرب لكنهم سيلعبون دورا رئيسياً في التعافي. ومن خلال زيادة دعمنا في هذا المنعطف الحرج، فإننا نؤكد التزامنا الثابت تجاه الشعب اليمني والمؤسسات التي تخدمه.

كما أثرت مشاركة البنك الدولي في اليمن على السياسة المتعلقة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف، وتواصل إثراء مشاركة البنك في بيئات أخرى تعاني أوضاع الهشاشة والصراع والعنف. في هذا الوقت الذي تزداد فيه الهشاشة في أجزاء مختلفة من العالم، توفر تجربة البنك الدولي في اليمن العديد من الأفكار لبيئات البلدان المعقدة الأخرى، مما يدل على أنه لا يزال من الممكن الحفاظ على المؤسسات، وتحقيق النتائج على نطاق واسع على طول العلاقة القائمة بين العمل الإنساني والتنمية.