موضوع رئيسي

المساءلة والجدارة بالثّقة

07/12/2010


تعزيز الحوكمة الديمقراطية لقطاع المؤسسات الأهلية الفلسطينية

أدّى قطاع المنظمات الأهلية الفلسطينية ويؤدي دَوراً حيوياً في المجتمع الفلسطيني. فقد كان هذا القطاع، منذ إنشائه وما يزال، جُزءاً لا يتجزّأ من الحركة الوطنية الفلسطينية من حيثُ طموحه إلى إنشاء دولة فلسطينية حُرة تَنعمُ بالسِّيادة. فحَيويّةُ هذا القطاع وحِراكُه (ديناميته) ينبعثان أصلاً من عملية تطوّر المجتمع الفلسطيني.

وبأخذ ذلك بعين الاعتبار، فقد كان هدف مركز تطوير المؤسسات الأهلية الفلسطينية وما يزال يرمي إلى تطوير مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني وتمكينها. وقد اشتمل ذلك، بطريقة منهجية، تعزيز الحوكمة (أو "الحاكمية") الرشيدة ضمن قطاع المؤسسات الأهلية الفلسطينية.

وحيث أنّ مركز تطوير المؤسسات الأهلية الفلسطينية يعمل بصفة السكرتارية (الأمانة العامة) لائتلاف مُشكَّلٍ من أربع شبكات (مظليّة) للمؤسسات الأهلية الفلسطينية - وهي: شبكة المؤسسات الأهلية الفلسطينية (PNGO)، والمؤسسة الوطنية الفلسطينية للمنظمات الأهلية (PNIN)، والاتحاد العام الفلسطيني للجمعيات الخيرية (PGUCS)، والاتحاد العام الفلسطيني للمنظمات الأهلية – غزة - فقد عمل المركز على إعداد وتطوير مُدوّنة سلوك المؤسسات الأهلية الفلسطينية، من خلال عملية تشاورية واسعة النّطاق. وباعتبار مُدوّنة سلوك المؤسسات الأهلية الفلسطينية الأولى من نوعها في العالم العربي، فإنّ تلك المدونة تضعُ الأولويات والتعليمات التشغيلية للمنظمات الأهلية (غير الحكومية) المحلية لكي تكسب الثقة بها وتُعِدُّ وتُطوِّرُ ممارسات الحوكمة الرشيدة الملائمة. وتتألّف المُدوّنة من اثني عشر مبدأً وتُحدّد القواعد الإجرائية (أو "قواعد العمل") التي ينبغي مراعاتها من قبل مجالس إدارة المنظمات / المؤسسات الأهلية، وهيئاتها الإدارية، وكوادرها (موظفيها) أثناء أدائهم مهماتهم.

وتُبيّن هذه المُدوّنة كذلك المعايير الدولية للحوكمة الرشيدة، التي تشمل مبدأ الشّفافيّة والمساءلة. ومع أنّ الالتزام بالمدونة يعتبر التزاماً طوعياً، إلا أنّ أكثر من 530 منظمة أهلية، تُشكّل نسبة 30 في المئة من المنظمات الأهلية العاملة في فلسطين، قد وقّعت على مُدوّنة السلوك هذه كمعيار تشغيلي سوف تعمل على دعمه ومساندته.

وثمّة مبادرة أخرى أطلقها مركز تطوير المؤسسات الأهلية الفلسطينية، تستكمل ما ورد في مدونة السلوك، وتُسمّى حقيبةَ مصادر المؤسسات الأهلية الفلسطينية. وتتألّف الحقيبةُ من مجموعة من مصادر التّعلم ومن الأدوات التي تتعلّق بإدارة المعلومات، وهي مُصمَّمةٌ لتوسيع نطاق الاستفادة من ممارسة الحوكمة الرشيدة، والتقييم الذاتي، والمتابعة والتقويم، والتخطيط الاستراتيجي. وتحتوي الحقيبة أدلَّةً، ومبادئ توجيهية، وأدوات تقييمية تُستخدم كمرجعية للالتزام بمبادئ مدونة السلوك. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أطلق المركز برنامجاً للتدريب والمساعدة الفنية لمساعدة المنظمات الأهلية على رفع كفاءة أنظمتها (أجهزتها)، وإجراءاتها وممارساتها لكي تُصبح أفضل التزاماً بمبادئ مدونة السلوك. وقد استفادت من هذا البرنامج 65 منظمةً في المرحلة التجريبية منه: حيث تم تفصيل المساعدات الفنية وفق حاجة ومتطلبات كل منظمة أهلية منها استناداً إلى تقييم تمّ إجراؤه باستخدام الأداة التي وضعتها المدونة لتقييم القدرات التنظيمية لتلك المنظمات. 

وتفيد مؤشرات نجاح البرنامج أنّ 74 في المئة من المؤسسات الأهلية (المنظمات غير الحكومية)، مقارنةً بنسبة 14 في المئة قبل إطلاق البرنامج، قد أعلنت وما تزال تعلن على الملأ تقاريرها المالية، إما باستخدام البوابات الإلكترونية لتلك المؤسسات / المنظمات أو من خلال مواقعها الإلكترونية على شبكة الإنترنت.

 ومن الجدير ذكره أنّ مبادرة المجتمع المدني لجامعة الدول العربية قد أقرّت مدونة سلوك المؤسسات الأهلية الفلسطينية، التي أعدّها وطوّرها مركز تطوير المؤسسات الأهلية الفلسطينية، باعتبار هذه المدوّنة المثال الذي يُحتذى به للمنظمات غير الحكومية في العالم العربي. ويظل دورُ هذا المركزُ دوراً أساسياً في الجهود المحلية والدولية الجماعية، التي ترنو إلى بناء مجتمع قويّ ونشيط للمؤسسات الأهلية في فلسطين. وتسير هذه الجهود باتّساق (بتوافق وتناغم) مع الهدف الوطني الرامي إلى تعزيز الحوكمة الرشيدة وثقافةٍ للتّشاركية في مجتمع يقف في الوقت الحاضر على مفترق طرق في مسيرته نحو إقامة دولته.

 أعدَّ هذه المقالة مشكوراً غسّان كسابره، مدير مركز تطوير المؤسسات الأهلية الفلسطينية.


Api
Api

أهلا بك