موضوع رئيسي

بناء مستقبل التعليم في السودان

03/18/2013



نقاط رئيسية
  • من خلال مشروع التعليم الأساسي الذي يموله صندوق دعم المانحين القومي، جرى استهداف 4 ولايات سودانية بغرض تطوير البنية التحتية لمدارسها، والتوسع في تدريب معلميها، وإنشاء معهدين لتدريب المعلمين
  • من المقرر أن ينتهي تمويل الصندوق المتاح لمشروع التعليم الأساسي في 31 مايو 2013، وذلك بعد الاستثمار لعدة سنوات في إعادة البناء والإعمار في السودان
  • استفادة القائمين على وضع الاستراتيجية الجديدة للتعليم الأساسي مما ورد في دراسة شاملة نُشرت في عام 2012 تحت عنوان "وضع التعليم في السودان"

مشروع التعليم الأساسي هو واحد من بين 15 مشروعاً يقوم على تمويلها صندوق دعم المانحين القومي. ومن خلال الصندوق، ساهمت تسعة بلدان والبنك الدولي بمبلغ 15 مليون دولار أمريكي في تشييد أبنية المدارس في عدة ولايات، وتوفير كافة الأثاث والتجهيزات اللازمة مثل طاولات الدراسة والمقاعد والمواد التعليمية والسبورات، فضلاً عن توفير المياه في بعض المجتمعات المحلية. وعلاوة على ذلك، وفر المشروع الموارد المالية اللازمة لتدريب 42 في المائة من المعلمين بالولايات الأربع على تدريس اللغتين العربية والإنكليزية والرياضيات والمنهج الأساسي. وأُعيد تأهيل أو تشييد معهدين لتدريب المعلمين في ولايتي شمال كردفان والبحر الأحمر. وينتهي التمويل المتاح من خلال هذا الصندوق لمشروع التعليم الأساسي في 31 مايو 2013.

قرية أم دريسة، بولاية شمال كردفان، في 18 مارس 2013 – لم تزل ازدهار محمد، ابنة الاثني عشر ربيعا، تذكر ذلك اليوم الذي سقط فيه سقف المدرسة الابتدائية عليها.

كان ذلك في أغسطس 2010، وكانت هي آنذاك في الصف الثالث الابتدائي. كانت ازدهار وزميلاتها قد انتهين لتوهن من تناول طعام الغداء التقليدي المكون من هريسة الذرة الرفيعة (السرغوم)، وكن يجلسن لتعلم العربية عندما اشتد هطول الأمطار الغزيرة على السقف المعدني المموَج الذي كان يقيهن المطر. وسرعان ما بدأ هذا السقف في الانهيار، وما هي إلا ثوان معدودة حتى كانت هي وزميلاتها أسفل السقف الذي سقط عليهن بكل ما كان يحمله من مياه.

وتذكر ازدهار ذلك اليوم وتقول: "سمعت ضوضاء عالية، وشعرت بالخوف. ولا زلت أشعر بالخوف كلما هطل المطر".

واستطاعت التلميذات أن يزحفن من تحت السقف إلى بر الأمان بالخارج، وكثيرات منهن مصابات بجروح وسحجات. وكانت إصابات البعض الآخر خطيرة، لكنهن جميعاً، وعددهن 37 تلميذة، نجون بحياتهن. وأغلقت المدرسة أبوابها لمدة أسبوع لإجراء الإصلاحات، وإتاحة الوقت أمام التلميذات للتعافي مما أصابهن، لكن الآثار النفسية استمرت وقتاً أطول بكثير. ولم تعد ازدهار إلى المدرسة لمدة أسبوعين، في حين لم تعد إليها 22 تلميذة أخرى حتى الآن، خوفاً من عدم قدرة بناء المدرسة، الذي شيد من القش وأغصان الأشجار، على تحمل موسم الأمطار الغزيرة في السودان.

ولكن بحلول أول يوليو/تموز 2013، وهو موعد بدء السنة الدراسية الجديدة، ستلتحق ازدهار وزميلاتها بالمدرسة الأساسية الجديدة في أم دريسة، وهي المدرسة المشيدة بالإسمنت المسلح وتضم ثمانية فصول، ومكاتب، وعنبراً لنوم المعلمات. وستكون هذه واحدة فقط من بين 10 مدارس جديدة شُيدت في قرى نائية بولاية شمال كردفان في إطار مشروع التعليم الأساسي، وهو برنامج يحظى بمساندة البنك الدولي، الغرض منه تحسين القدرة على الالتحاق بالتعليم الأساسي في أربع من الولايات السودانية.

وقد أسهم المشروع بولاية شمال كردفان كذلك في بث الشعور بالأمان بين الأطفال الذين اضطربت حياتهم بتأثير النزاعات المسلحة، والآثار النفسية التي خلفها انهيار المدرسة. ومنذ بدأ المشروع في تشييد المدرسة الأساسية الجديدة بقرية أم دريسة قبل نحو شهر، أبدت التلميذات اللائي كن يشعرن بالخوف استعدادهن للعودة إلى المدرسة.

 وتعليقا على ذلك، قال الرحيمي أحمد، ناظر المدرسة "كل التلاميذ هنا كانوا خائفين، ولكن معظمهم بدأوا في العودة إلى المدرسة فور أن بدأ تشييد المبنى الجديد. كان الآباء أنفسهم يشعرون بالخوف على أطفالهم، لكنهم الآن يشعرون بالأمان بعدما بدأ بناء المدرسة الجديدة."

ووافقه القول إسماعيل مكي مدير عام التعليم في شمال كردفان الذي أضاف أن المدرسة مكان ينبغي أن يشعر فيه الأطفال بالحماية، وإن الأوضاع المدرسية تأتي على قمة سلم أولويات الولاية.

وقال إن هناك أسبابا كثيرة تجعل الأطفال يشعرون بالخوف من المجيء إلى المدرسة، من بينها الحروب، وعدم توفر مقاعد، وسقوط المدارس عليهم أثناء موسم الأمطار، وكل هذه الأمور تؤثر في إجمالي عدد أيام حضور التلاميذ.

وقال إن "التعليم أداة لمكافحة الفقر. ولهذا السبب، فإننا نقبل جميع فئات التلاميذ، لأن المدارس توفر ملاذاً آمناً لأولئك التلاميذ."

وأضاف مكي أن المدارس التي تُقام في إطار مشروع التعليم الأساسي تسهم أيضاً في تخفيض معدلات التسرب وفي زيادة معدلات استمرار الأطفال في الدراسة وتحسين درجاتهم في الامتحانات، علاوة على كونها تضرب المثل لكافة المدارس التي يجري بناؤها في الولاية.

وأضاف قوله إن "مدارس المشروع تلبي طموحات أهالي شمال كردفان. فهي تلبي احتياجات التلاميذ، والمجتمعات المحلية، والمدرسين. كما أن المجتمعات المحلية حريصة هي الأخرى على التعليم، لدرجة أنها تدفع حوافز للمدرسين."

وكذلك ساند مشروع التعليم الأساسي الجهود الرامية إلى تطوير نوعية المدرسين بتمويله دورات تدريبية، وإعادة تأهيل معهد تدريب المدرسين في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، وإنشاء معهد جديد لتدريب المدرسين في ولاية البحر الأحمر. وفي ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق والبحر الأحمر، تلقى أكثر من 7500 مدرس تدريباً على مهارات تدريس اللغة العربية، والرياضيات، واللغة الإنكليزية.

وفي شمال كردفان وحدها، تم تدريب ما يقارب 3800 معلم ومعلمة، وعندما تُفتتح مدرسة أم دريسة الأساسية الجديدة سيكون هناك 10 مدرسين مدرَبين يعملون بالمدرسة، من بينهم أُم سيل إبراهيم حسن التي قد تلقت في عام 2011 تدريباً لأول مرة في تاريخ عملها بالتدريس الممتد لأكثر من 19 عاماً.

وهي تقول في هذا الصدد "هناك فارق كبير وتحسن في أدائي بعد التدريب. لقد اكتسبت بعض الخبرات الجيدة جداً التي انعكست على عملي وعلى أداء التلميذات." فخلال العام الماضي، دخل جميع تلاميذ الصف الثامن البالغ عددهم 80 تلميذا امتحان إتمام شهادة التعليم الأساسي بالولاية ونجحوا فيه.

وقالت الاستاذة سعاد عبد الرازق وزير التربية والتعليم في السودان إن مساندة صندوق دعم المانحين القومي لها أهمية بالغة في وقت تنخفض فيه إيرادات الحكومة في انخفاض، مع وتتزايد فيه أعدادزيادة عدد السكان.

وقالت "بالنسبة لي، إنه باب صغير أو نافذة صغيرة استطيع فتحها في وقت حرج للغاية. وهذه أول مرة يبدي فيها المجتمع الدولي رغبته في مساعدتي في إعادة بناء النظام التعليمي كإحدى الخطوات الأساسية نحو الارتقاء بمستوى معيشة الناس."

وعلى الرغم من انتهاء تمويل الصندوق لمشروع التعليم الأساسي في 31 مايو 2013، فإن تأثير المشروع على النظام التعليمي في السودان سيظل يشعر به الجميع لسنوات طويلة قادمة. وباستخدام بيانات المشروع، تم وضع تقرير شامل بعنوان "وضع قطاع التعليم في السودان"، متضمنا أول تشخيص شامل لكافة جوانب العملية التعليمية، من التمويل إلى معدلات الالتحاق، إلى توزيع المدرسين والاستفادة منهم. ويُعد التقرير الذي تم إعداده بالاشتراك مع وزارة التربية والتعليم بمثابة الأساس لاستراتيجية جديدة للتعليم الأساسي تحظى بتأييد 17 شريكا دولياً، من بينهم البنك الدولي. وأدى إعداد الاستراتيجية التعليمية الجديدة وإقرارها إلى تعبئة 76.5 مليون دولار أمريكي من خلال الشراكة العالمية من أجل التعليم لمساندة النظام المدرسي خلال السنوات الأربع المقبلة.

 من جانبها، قالت إليزابيث نينان، كبيرة الأخصائيين التعليميين بالبنك الدولي "لقد مهد صندوق دعم المانحين القومي الساحة للعمل في قطاع التعليم بشكل استراتيجي." وأضافت قولها إنه إلى جانب الشركاء الدوليين، فقد شاركت معالي الوزيرة سعاد عبد الرازق بقوة وكانت من أشد دعاة السياسة الجديدة لإصلاح التعليم.

علاوة على ذلك، فقد زاد استثمار المجتمعات المحلية في التعليم. وعن ذلك، قال الدياب صالح، عضو جمعية الآباء والمعلمين، إنه يشعر بالامتنان لمشروع التعليم الأساسي لأنه وغيره من رجال القرية لم يعودوا مضطرين لإعادة بناء المدرسة كل عام عقب موسم الأمطار، وهي عملية كانت تستنزف الكثير من الوقت والمال. كما أنه سعيد أيضاً لأنه صار باستطاعته أن يمنح أطفاله ما لم يتلقه من تعليم.

وقال "فاتتنا فرصة تعليم أنفسنا، والآن أصبحت هذه الفرصة متاحة لأطفالنا. سوف نبذل أقصى جهدنا لتحسين البيئة المدرسية وجعلها أفضل وأفضل."


Api
Api

أهلا بك