قبل بضعة أعوام، كان سكان قرية بيتسونغو الواقعة في إقليم جنوب سولاويسي في إندونيسيا يحصلون على احتياجاتهم اليومية من المياه بأية وسيلة تتيسر لهم: ففي موسم الأمطار، استخدموا مياه الأمطار، وعندما امتنعت السماء عن المطر، كانوا يضطرون لاستخراج المياه المالحة من الآبار المحفورة والآبار الضحلة. وكانوا، كلما تيسرت أحوالهم المادية، يشترون المياه من إحدى شاحنات المياه الصهريجية المحلية، لكنهم استمروا في استخدام المياه المالحة لغسل آواني المطبخ.
إن توافر مصادر المياه يتجاوز كونه مسألة الراحة؛ فهو يمكن أن يمثل الفرق بين الحياة والموت.
ومن بين أهم أربع أسباب لوفيات الأطفال دون الخامسة في إندونيسيا، يرتبط اثنان -وهما الإسهال والتيفود اللذان ينتقلان عن طريق الغائط - بعدم كفاية إمدادات مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، بما في ذلك التغوط في العراء، وقلة دورات المياه، وسوء ممارسات النظافة العامة.
وتعد مياه الشرب النظيفة مسألة اقتصادية لكل أسرة: فالأسر الفقيرة تضطر في أحيان كثيرة إلى إضاعة الوقت في جلب المياه النظيفة، بدلا من قضائه في التعليم أو العمل.
بيد أن كفالة توفر إمدادات مياه الشرب النظيفة في جميع أنحاء إندونيسيا ليس عملا سهلا. إذ تضم إندونيسيا، وهي أكبر بلد أرخبيلي في العالم، أكثر من 500 حكومة محلية تمتد على نحو 13 ألف جزيرة موزعة على أكثر من 5 آلاف كيلومتر من الشرق إلى الغرب.
وعلى مدى 12 عاما ابتداء من عام 2006، عمل البنك الدولي مع حكومة إندونيسيا لتحسين منشآت إمدادات المياه والصرف الصحي للمجتمعات المحلية النائية في ربوع البلاد. وتمكن خبراء المياه، بفضل اعتماد بقيمة 137.5 مليون دولار من المؤسسة الدولية للتنمية، وهي صندوق البنك لمساعدة البلدان الأكثر فقراً، وقرض بقيمة 400 مليون دولار من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، وأكثر من 500 مليون دولار من الحكومة المركزية، من إيصال الخدمة إلى 23 ألف قرية في 376 مقاطعة في 33 إقليما.
وبحلول عام 2018، كان أكثر من 17 مليون شخص قد تمكنوا من الحصول على خدمات المياه المحسنة، وهو أكثر بواقع مليون شخص عما كان مقرراً أصلاً في إطار المشروع. وحصل أكثر من 15 مليون شخص على خدمات الصرف الصحي المحسنة، وبات لدى أكثر من مليوني أسرة وصلات مباشرة بمياه الشرب النظيفة.
ولكن كيف يمكن تعزيز استمرارية مثل هذا المشروع الكبير، والدفع باتجاه حصول الجميع على المياه وخدمات الصرف الصحي؟ قدمت الحكومة المركزية في إندونيسيا الدعم لجميع القرى للمساعدة على وضع خطط عمل مجتمعية للاستفادة من مختلف مصادر التمويل العام والخاص والمركزي والمحلي. وأعد حوالي 29 ألف قرية خطط عمل مجتمعية تشمل الجمعيات المجتمعية لتشغيل منشآت المياه والصرف الصحي وإدارتها، والتأكد من أن بالإمكان عمل هذه الشبكات على المدى الطويل.
بالنسبة لسكان قرية بيتسونغو، فإن هذا خبر مفرِح. قال أحد سكان القرية: "بعد أن قام [المشروع] بتركيب خطوط الأنابيب وعدادات المياه في قريتي، فإنني أشعر بارتياح بالغ، وأجد أن من السهولة الحصول على المياه النظيفة لأي غرض". ومع تطبيق الخطط المناسبة، بات بوسع الإندونيسيين عبر آلاف الجزر أن يقولوا الشيء نفسه في السنوات والعقود المقبلة.
