Skip to Main Navigation
موضوع رئيسي12/11/2023

الهجرة العالمية في القرن الحادي والعشرين: تصفح تأثير تغير المناخ والصراع والتحولات الديموغرافية

نقاط رئيسية

  • يلخص "تقرير عن التنمية في العالم 2023: المهاجرون واللاجئون والمجتمعات" عقدين من البحوث حول الهجرة، ويعرض رؤى متبصرة من البنك الدولي وخبراء آخرين.
  • يعرض التقرير مصفوفة التوافق والدوافع، وهي أداة تجمع بين اقتصاديات العمل وبين القانون الدولي لتعزيز فعالية سياسة الهجرة، بتحديد أربعة أنواع متميزة من التحركات عبر الحدود.
  • يشدد التقرير على الحاجة الملحة لإجراء بحوث جديدة بشأن الهجرة، مع تسليط الضوء على الدور المهم لعوامل عالمية مثل تغير المناخ والصراع والتغيرات الديموغرافية في تشكيل اتجاهات الهجرة في المستقبل.

يعيش نحو 184 مليون شخص، أو 3% من سكان العالم، خارج بلد الجنسية. ويسلط هذا الأمر الضوء على التعقيد المتزايد لتنقل البشر، الذي ستدفعه بشكل متزايد عوامل مثل تغير المناخ، والصراعات، والاتجاهات الديموغرافية المتباينة، وعدم المساواة في الدخل. ولا تدفع هذه القوى المزيد من الناس إلى الانتقال بحثا عن فرص أفضل فحسب، بل تطرح أيضا تحديات وفرصا متزايدة لسياسات الهجرة عبر مختلف مستويات التنمية في العقود القادمة.

وغالبا ما يكون النقاش حول سياسة الهجرة مستقطبا ومثيرا للجدل. ففي حين تظهر الدراسات التجريبية آثارا إيجابية للهجرة على أسواق العمل، وأداء الشركات، والنواتج الصحية في البلدان المضيفة، فإن الرأي العام غالبا ما ينظر إلى الهجرة بتخوف وخوف.  

وفي الوقت الذي تواجه فيه بلدان المقصد مفاضلات تتمثل في استضافة المهاجرين، تواجه البلدان الأصلية تحديات مثل نزيف العقول وتكاليف النظام التعليمي. ومع توقع زيادة الهجرة، فإن وضع السياسات الفعالة أمر بالغ الأهمية في كل من بلدان المنشأة وبلدان المقصد.

تقرير عن التنمية في العالم 2023 ومصفوفة التوافق والدوافع

في حديث أجري مؤخرا حول بحوث السياسات، تناول الخبيران الاقتصاديان بالبنك الدولي كوي-توان دو وشوغلار أوزدن موضوع الهجرة، حيث سلطا الضوء على النتائج الرئيسية لتقرير عن التنمية في العالم 2023: المهاجرون واللاجئون والمجتمعات. شارك مهاجرون والباحثان المخضرمان في هذا الموضوع، دو وأوزدن، في إعداد التقرير (جنبا إلى جنب مع خافيير ديفيكتور)، والذي يبدأ بالاعتراف بأن الانتقال عبر الحدود ينطوي بطبيعته على مفاضلات معقدة على صعيد السياسات. في الوقت نفسه، فإنه يميز بين مختلف العوامل الدافعة للهجرة من أجل تصميم استجابات أفضل على صعيد السياسات تتلاءم مع أنواع مختلفة من التنقلات.

ولتسليط الضوء على عملية اتخاذ القرار والمفاضلات بين السياسات، عرض دو وأوزدن الإطار الرئيسي الوارد في التقرير - مصفوفة التوافق والدوافع المبتكرة (الشكل 1). وتتيح هذه المصفوفة لواضعي السياسات أداة قوية من خلال دمج العديد من القضايا الرئيسية المتعلقة بالهجرة في رسم بياني واحد. وتركز المصفوفة على عاملين اثنين، هما مواءمة مهارات المهاجرين وخصائصهم مع احتياجات بلدان المقصد، والدوافع التي تحرك انتقالهم. وأوضح دو قائلا: "في الأساس، يسمح لنا هذا الإطار بفهم أن جميع حالات الهجرة يجب ألا ينظر إليها على أنها الظاهرة نفسها. فأهداف المهاجرين مختلفة، مما يعني أن المفاضلات بين السياسات مختلفة، وبالتالي يجب أن تكون السياسات الناتجة مختلفة".

الشكل 1: مصفوفة التوافق والدوافع

الشكل 1: مصفوفة التوافق والدوافع

إيضاحات وملاحظات: تظهر مصفوفة التوافق والدوافع أن المجموعات المتمايزة من المهاجرين تتطلب استجابات متمايزة على صعيد السياسات. وفي هذا الإطار، يمثل كل ربع مجموعة مختلفة من الظروف. التوافق يشير إلى الدرجة التي تلبي بها مهارات المهاجر وسماته متطلبات بلد المقصد. الدافع يشير إلى سبب انتقال المهاجر. المصدر: تقرير عن التنمية في العالم 2023 (الصفحة 21)

وتجمع هذه المصفوفة بين منظورين اثنين بشأن الهجرة. ويأخذ التوافق بعين الاعتبار ما إذا كانت مساهمة المهاجر في بلد المقصد تفوق التكاليف التي تنشأ عنه. ويحدث التوافق القوي، على سبيل المثال، عندما تتجاوز منافع سوق العمل للمهاجرين تكاليف الاندماج، في حين ينشأ التوافق الضعيف عندما تفوق التكاليف المنافع. في الوقت نفسه، يراعي بعد الدوافع بالمصفوفة ما إذا كان بلد المقصد ملزما باستضافة المهاجر بموجب التزامات القانون الدولي. والأفراد الذين ينتقلون بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للأذى أو الاضطهاد في وطنهم يندرجون تحت تعريف اللاجئين ويحق لهم الحصول على الحماية الدولية.

وبالنسبة للمهاجرين الذين لديهم توافق قوي في البداية، يوصي التقرير بأن تركز بلدان المقصد على تعظيم المكاسب من خلال سياسات مثل تمكين المهاجرين من الوصول إلى أسواق العمل، والاعتراف بمهاراتهم ومؤهلاتهم، وحماية حقوقهم. وعندما يكون التوافق أضعف، يتحول التركيز عندئذ نحو الحد من الحاجة إلى الهجرة في حالة المهاجرين بسبب العوز، ونحو ضمان الاستدامة وتقاسم التكاليف بين مختلف جهات المجتمع الدولي في حالة اللاجئين. ومن خلال تسليط الضوء على تنوع دوافع الهجرة وكذلك مجموعة النهج الملائمة للسياسات، تعد هذه المصفوفة دليلا قيما لواضعي السياسات الذين يتوجهون إلى مجموعة معقدة من القرارات. والهدف الشامل هو التأكيد على أن الهجرة ينبغي أن تكون من الناحية المثالية مدفوعة بالاختيار وليس اليأس أو الضرورة، على أن تفوق المنافع التي تعود على بلدان المقصد التكاليف المرتبطة بها.

الضغوط العالمية المتنامية تتطلب أجندة بحثية جديدة للهجرة

في حين يجمع تقرير عن التنمية في العالم 2023 بحوثا جديدة ويقدم إطارا مبتكرا، فإنه يلفت الانتباه أيضا إلى الفجوات القائمة في معارفنا. وتوثق مجموعة كبيرة من الأبحاث العوامل التقليدية الدافعة للهجرة مثل التفاوتات الشاسعة في الأجور بين البلدان، لكن لا تزال هناك أوجه ضخمة لعدم اليقين. وهناك ثلاث قوى عالمية على وجه الخصوص ستشكل الهجرة في القرن الحادي والعشرين بطرق لا تزال مفهومة جزئيا فقط.

تنبع حالة عدم اليقين الأولى من التحولات الديموغرافية السريعة التي تحدث في جميع أنحاء العالم. وقال أوزدن "نحن في مفترق طرق بسبب الديموغرافيا. إنها المرة الأولى في تاريخ البشرية التي نشهد فيها انخفاضا سلميا داخل عدد كبير من البلدان." وتشهد البلدان مرتفعة الدخل زيادة أعداد المسنين مع إطالة أعمار الناس وانخفاض معدلات الخصوبة. في الوقت نفسه، تشهد البلدان متوسطة الدخل، مثل المكسيك والهند، تحولا سريعا إلى معدلات خصوبة أقل، وتصبح غنية قبل أن تشيخ. وتتصدر البلدان المنخفضة الدخل القائمة الآن من حيث الخصوبة؛ وسيزداد الطلب على سكانها الشباب إذا كانوا يتمتعون برأس المال البشري المطلوب في أسواق العمل العالمية، لكنهم سيواجهون مصاعب بخلاف ذلك. وقد تتحول البلدان المتوسطة الدخل، التي تنخفض معدلات خصوبتها سريعا، من بلدان منشأ إلى بلدان مقصد (الشكل 2). ونتيجة لانخفاض عدد السكان في سن العمل بالبلدان المرتفعة والمتوسطة الدخل، قد تكون الهجرة في العقود القليلة القادمة مدفوعة بشكل متزايد باحتياجات بلدان المقصد، التي سيتعين عليها التنافس على مجموعة متناقصة من العمال المؤهلين.

الشكل 2: عدد الأطفال المولودين لكل امرأة في البلدان المتوسطة الدخل

الشكل 2: عدد الأطفال المولودين لكل امرأة في البلدان المتوسطة الدخل

Notes: إيضاحات وملاحظات: انخفض عدد الأطفال الذين تنجبهم كل امرأة في البلدان متوسطة الدخل انخفاضا كبيرا على مدى السنوات الستين الماضية. المصدر: تقرير عن التنمية في العالم 2023 (صفحة 74)

ثانيا، أصبحت التحديات الناجمة عن تغير المناخ مؤثرة بشكل متزايد في إعادة تشكيل أنماط حركة البشر. وحتى الآن، ثمة شواهد على أن الهجرة عبر الحدود المرتبطة بالمناخ قد حدثت على نطاق ضيق. ومع ذلك، يبقى سؤال أكبر بكثير: ماذا سيحدث عندما يبدأ تغير المناخ في دفع مجموعات كاملة من الناس عبر الحدود الوطنية؟ ونظرا لأن نحو 40% من سكان العالم يعيشون في أماكن شديدة التعرض لتغير المناخ، فإن هذه القضية تظل ملحة وتتطلب استكشافا أعمق. وتتوقف مسألة ما إذا كان تغير المناخ سيؤدي إلى زيادة حركة الانتقال الدولية في العقود القادمة، وحجم هذه الزيادة، على التعاون العالمي لتبني وتنفيذ سياسات للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها الآن.

ثالثا، لا شك أن الصراع والعنف سيواصلان التسبب في تحركات جماعية للاجئين، كما يشهد على ذلك مؤخرا الصراع في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط.

ومما يضاعف من حالة عدم اليقين هذه حقيقة أن دوافع الانتقال هذه غالبا ما تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا. فغالبا ما تواجه البلدان نفسها تحديات مجتمعة تتمثل في التحول السكاني، والتعرض لتغير المناخ، والفقر، وارتفاع مستوى الهشاشة (الشكل 3). في الوقت نفسه، يؤكد أوزدن أن "هذه العوامل المركبة للانتقال تشكل تحديات إنمائية ضخمة، ولا يمكنك التصدي لها في وقت واحد. وما نراه من أنواع صعبة من الانتقال هي أعراض لتحديات إنمائية كامنة."

وتؤكد الشبكة المترابطة لتحديات التنمية مدى تعقيد معالجة قضايا الهجرة، مع التأكيد على الحاجة إلى نُهج شاملة تعالج الأسباب الجذرية. علاوة على ذلك، يتطلب التخفيف من العوامل المتفاقمة للهجرة جهدا عالميا موحدا، مع الإشارة إلى الدور الحاسم للتعاون الدولي في تشكيل مستقبل انتقال البشر.

الشكل 3: أربع خرائط تبرز الارتباط بين نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، والصراع والهشاشة، والتعرض لمخاطر تغير المناخ، والخصوبة

الشكل 3: أربع خرائط تبرز الارتباط بين نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، والصراع والهشاشة، والتعرض لمخاطر تغير المناخ، والخص

المصدر: تقرير عن التنمية في العالم 2023 (الصفحة 80)

تقرير عن التنمية في العالم 2023 ليس سوى الخطوة الأولى لفهم الهجرة في القرن الحادي والعشرين

بالنظر إلى الأهمية المتزايدة لسياسة الهجرة والآثار غير المعروفة حتى الآن للتحول الديموغرافي وتغير المناخ، من الواضح أنه ثمة أجندة بحثية كبيرة تنتظرنا. وعلى الرغم من أن  تقرير عن التنمية في العالم 2023 قد استهل هذا الاستكشاف، فلا يزال هناك مشهد شاسع يتعين تغطيته كما يتعين استكمال بحوث ضخمة. وعلى مدى العشرين عاما الماضية، شارك باحثون من مجموعة بحوث التنمية التابعة للبنك الدولي مشاركة نشطة في دراسة الهجرة البشرية. على سبيل المثال، تبرز كولومبيا في دراسة النماذج الناجحة لبرامج تسوية أوضاع اللاجئين. وتشير بحوث أخرى إلى أن قرار الهجرة ليس قرارا اقتصاديا بحتا؛ فإن "المخاوف والدموع" التي يواجهها الفرد تشكل أيضا حواجز أمام الانتقال، مما يبرز أهمية معالجة المنظور الفردي أثناء تنفيذ السياسات على مستوى الدولة.

وقال دو "الهجرة ضرورية، ليس فقط للبلدان النامية، ولكن لجميع البلدان على جميع مستويات الدخل." وسيساعد الاستثمار في تجديد أجندة البحوث فرادى المهاجرين، وبلدان المنشأ والمقصد، والمجتمع الدولي على جني أكبر المنافع منها.

 

وسائط إعلامية

مدونات

    loader image

الأخبار

    loader image