مشاركة المواطنين

يلعب المواطنون دوراً بالغ الأهمية في الدعوة والمساعدة على جعل المؤسسات العامة أكثر شفافية وفاعلية وخضوعاً للمساءلة، والإسهام في إيجاد حلول مبتكرة لتحديات التنمية المُعقَّدة.

تؤكد الشواهد المتزايدة أن مشاركة المواطنين - في ظل الظروف المناسبة - يمكنها مساعدة الحكومات على تحقيق نتائج إنمائية محسنة في خلق روابط بين مشاركة المواطنين وتحسين تقديم الخدمات العامة والإدارة المالية العامة والحوكمة والاحتواء الاجتماعي والتمكين.

غير أن الشواهد تُظهر أن نتائج مشاركة المواطنين يُحدّدها بدرجة كبيرة السياق الذي تتم فيه وتتأثّر بقدرات الحكومة والمواطنين واستعدادهم للمشاركة. وتتأثَّر المشاركة الفعَّالة أيضاً بالعوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية والثقافية والجغرافية والعوامل الأخرى مثل ديناميات العلاقة بين الجنسين.

ويكتسب إشراك المواطنين أهمية خاصة في أوقات الأزمات مثل جائحة كورونا (كوفيد-19) حيث يمكن أن تتوقف فعالية جهود الاستجابة في أحوال كثيرة على تغيير السلوك على مستوى الأفراد. ومن شأن تلقي المعلومات والملاحظات التقييمية من المواطنين في الوقت الفعلي والاسترشاد بها إعطاء نظرة متعمقة عن كيفية تأثير الأزمة على المجتمعات المحلية، وإتاحة إمكانية التصحيح في الوقت الحقيقي للمسار في الأوضاع سريعة التطور وكذلك فيما بعد انحسار الأزمة. 

آخر تحديث: 03/19/2021

تلتزم مجموعة البنك الدولي بأن تصغى بشكل أفضل وأن تعمل على تسريع وتيرة التقدم في جهود القضاء على الفقر وتعزيز الرخاء المشترك بطريقة مستدامة وشاملة. وبإمكان مشاركة المواطنين وحشد المجتمعات المحلية في غضون ذلك المساعدة على تحقيق قدر أكبر من الشفافية والمساءلة والاحتواء الاجتماعي، مما يحسّن بالتالي نتائج التنمية.

أُعد الإطار الاستراتيجي لإدراج مشاركة المواطنين في صلب عمليات مجموعة البنك الدولي في عام 2014 بغرض إدراج مشاركة المواطنين بشكل أكثر منهجية في صلب العمليات التي تساندها مجموعة البنك الدولي. ويُعرِّف الإطار الإستراتيجي مشاركة المواطنين بأنها تفاعل متبادل بين المواطنين والحكومات أو القطاع الخاص في إطار نطاق الإجراءات التدخلية لمجموعة البنك الدولي. ويمنح هذا النهج المواطنين دورا في عملية اتخاذ القرار من أجل تحسين النواتج الإنمائية الوسيطة والنهائية.

ويسترشد نهج إدراج مشاركة المواطنين في العمليات التي تساندها مجموعة البنك الدولي بخمسة مبادئ:

• يتركَّز على تحقيق النتائج
• يتضمَّن المشاركة في كل مراحل دورة التشغيل
• يهدف إلى تقوية الأنظمة القُطرية
• يتحدد وفقاً للاعتبارات الخاصة بكل سياق
• يتسم بطابعه التدريجي

ويستند الإطار الإستراتيجي إلى خبرة مجموعة البنك الدولي في المشاركة التي تضم العديد من أصحاب المصلحة المباشرة، ومشاركة المواطنين، والإدارة الرشيدة المنفتحة التي تتسم بالاحتواء وعدم الإقصاء، وكذلك إلى الخبرات المكتسبة من جهود مشاركة المواطنين في شتَّى أنحاء العالم. ويُقيِّم الإطار الدروس المستفادة، ويُحدِّد الأساليب والمنطلقات إلى تقديم نهج أكثر انتظاماً وتركيزاً على تحقيق النتائج لمجموعة البنك الدولي.

ومن المنظور العملي، يعني التزام البنك الدولي بتعميم مشاركة المواطنين أن كل عمليات تمويل المشروعات الاستثمارية التي يتم تمويلها بقروض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير أو اعتمادات من المؤسسة الدولية للتنمية يجب أن تفي بثلاثة متطلَّبات:

• ضرورة أن يكون تصميم المشروع مُوجَّها لمنفعة المواطنين، بمعنى أن تشتمل على آلية واحدة على الأقل للحوار مع المستفيدين في السياق الخاص بالمشروع؛
• ضرورة أن تشتمل أُطُر نتائج المشروعات على مؤشر واحد على الأقل لآراء المستفيدين لرصد مشاركة المواطنين طوال مراحل تنفيذ المشروع؛
• ضرورة أن تقوم المشروعات بالإبلاغ عن نتائج مؤشر آراء المستفيدين بحلول العام الثالث للتنفيذ.

تقيس مؤشرات آراء المستفيدين على سبيل المثال ما يلي:

• مدى استفادة المواطنين من المنصات الإلكترونية لتقديم ملاحظاتهم وآرائهم التقييمية في الوقت المناسب وحفز الاستجابات لتحسين جودة الخدمات العامة مثل صيانة الطرق، وإدارة النفايات الصلبة، والخدمات الصحية مثل توزيع اللقاحات.

• ما إذا كانت نواتج التشاور وآراء المستفيدين تؤخذ في الاعتبار أثناء تنفيذ المشروعات، وذلك من خلال النسبة المئوية للمستفيدين الذين يشعرون بأن استثمارات المشروعات تعبر عن احتياجاتهم، أو رضا المستفيدين عن أبعاد معينة للمشروع.
• تعاون المستفيدين في اتخاذ القرارات الخاصة بالمشروع أو تنفيذه أو رصده ومتابعته من خلال عدد المواطنين و/أو المجتمعات المحلية المشاركين في عمليات التخطيط، والتنفيذ، و/أو التقييم لأنشطة المشروع، أو مساهمات المجتمع المحلي في التكلفة الكلية للمشروع، أو رضا المستفيدين عن إجراءات التعاون، أو إنشاء ترتيبات لمشاركة المجتمع المحلي في تحقيق الاستدامة و/أو العمليات بعد إنجاز المشروع، أو نشر نتائج عمليات الرصد التي يقودها المواطنون.

تشرف مجموعة الحلول العالمية لمشاركة المواطنين والمساءلة الاجتماعية بالبنك الدولي، التابعة لقطاع الممارسات العالمية للاستدامة الاجتماعية والاحتواء، على تنفيذ الإطار الاستراتيجي، بدعم من شبكة من منسقي شؤون مشاركة المواطنين في إحدى المناطق وقطاعات الممارسات العالمية.

وفي 2018، أجرت مجموعة التقييم المستقلة التابعة للبنك تقييماً لنتائج الإطار الاستراتيجي. وخلص التقييم إلى أن مجموعة البنك الدولي نجحت في بناء الوعي بأجندة مشاركة المواطنين وقبولها بين أعضاء جهاز الإدارة العليا والموظفين، الذين أقروا بأن مشاركة المواطنين مسؤولية تقع على عاتق المؤسسة، واستراتيجية مفيدة لتدعيم المساءلة في تقديم الخدمات والحد من المخاطر واستباق المشكلات. ويُعد هذا التغير في نمط التفكير، بحيث يجري الآن إعلاء قيمة مشاركة المواطنين في عموم أنشطة مجموعة البنك الدولي، واحداً من الإنجازات الرئيسية.

آخر تحديث: 03/19/2021

يرصد البنك الدولي جهوده الرامية إلى تحقيق أهدافه على صعيد مشاركة المواطنين ويرفع التقارير عنها على أساس ربع سنوي فيما يخص المشروعات التي تمت الموافقة عليها منذ يوليو/تموز 2015.

وقد أُحرز التقدم التالي حتى الآن:

• تصميم يتركز على المواطنين. 99% من تمويل مشروعاتنا الاستثمارية الذي تمت الموافقة عليه في السنة المالية 2020 كان يشتمل على تصميم مُوجِّه لمنفعة المواطنين. ويمثل هذا تقدماً كبيراً عن المستوى المرجعي البالغ 60% في السنة المالية 2014. وتشير آليات مشاركة المواطنين المدرجة في تصميم المشروعات، على سبيل المثال، إلى المتابعة من قِبَل الغير لجودة الخدمات المقدمة، والمشاورات ومسوح رضا المستفيدين طوال مراحل تنفيذ المشروع، والتشارك في عمليات التخطيط والمتابعة (بما في ذلك المراجعات الاجتماعية وبطاقات قياس الأداء المجتمعية) والنُهُج المجتمعية.
•  مؤشر آراء المستفيدين في إطار النتائج. اشتمل 99% من تمويلنا للمشروعات الاستثمارية التي تمت الموافقة عليها في السنة المالية 2020 على مؤشر لآراء المستفيدين في إطار النتائج، مقارنة بخط الأساس البالغ 27% في السنة المالية 2014 و 94% في السنة المالية 2019. غير أن تقارير سنة 2020 لا تشمل 77 مشروعاً للخدمات الصحية في حالات الطوارئ جُهّزت على أساس معجّل وبالتالي أُعفيت من إدراجها في التقارير المؤسسية بشأن المؤشر.
• رفع التقارير عن مؤشرات آراء المستفيدين بحلول السنة الثالثة من التنفيذ. رفع 62% من تمويل المشروعات الاستثمارية الذي تمت الموافقة عليه في السنة المالية 2017 تقارير عن مؤشرات آراء المستفيدين بحلول السنة الثالثة من التنفيذ، مقارنة بخط الأساس البالغ 20% من المشروعات التي تمت الموافقة عليها في السنة المالية 2014 التي رُفعت عنها تقارير بحلول السنة الثالثة من تنفيذها. وهناك نحو 80% من المشروعات التي تمت الموافقة عليها في 2016 و 46% من المشروعات في 2015 رفعت تقاريرها.

ومن خلال استخدام تقييمات دقيقة للأثر، بما في ذلك منهجية التجارب العشوائية المحكمة، يعمل البنك على استخلاص الشواهد على تأثير الأنشطة المتعلقة بمشاركة المواطنين والمساءلة الاجتماعية، وكذلك الدروس المستفادة من أجل تعزيز الأثر في تصميم البرامج في المستقبل. على سبيل المثال:

• في إندونيسيا، يساند البنك الدولي الحكومة لرفع مستوى الخدمات التعليمية المقدمة في القرى النائية من خلال مشروع تحسين أداء المعلمين ومساءلتهم. ويُمكّن هذا المشروع المواطنين في المناطق النائية من مساءلة المعلمين، ويقدم تقييماً يتيح وسائل محدودة ومتكررة لقياس قدرات الطلاب بنشر نواتج التعلّم للجمهور العام. وبعد عام من بدء التنفيذ، تحسنت نواتج تعلّم الطلاب من مستوى مرجعي يبلغ 37% إلى 49% في الرياضيات، ومن 37% إلى 50% في اللغة.
• وفي كمبوديا، تم تصميم برنامج تنفيذ إطار المساءلة الاجتماعية ليكون بمثابة شراكة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني تهدف إلى تدعيم المساءلة وتحسين جودة الخدمات المقدمة في 757 مجلساً مجتمعياً و1404 مدارس ابتدائية و605 مراكز صحية تغطي 75% من أقاليم كمبوديا و62% من المقاطعات و56% من البلدات. ووجد تقييم للأثر أن البرنامج أدى إلى زيادة كبيرة في شفافية مقدمي الخدمات مع تعزيز توافر المعلومات عن الخدمات المقدمة وكذلك بيانات الميزانية والأداء. كما طرأت تحسينات على زيادة استخدام المراكز الصحية، وانخفاض فترات الانتظار للحصول على الخدمة، فضلاً عن تحسن تعامل الموظفين مع الجمهور.
• وخلص تقييم لتأثير برنامج المساءلة الاجتماعية في إثيوبيا إلى أن البرنامج أدى إلى زيادة القدرة على الحصول على المعلومات، ومشاركة المواطنين، ورضاهم عن تقديم الخدمات العامة. فعلى سبيل المثال، زاد احتمال أن يشير المجيبون على المسوح الاستقصائية من المجتمعات المحلية التي تستهدفها خطة العمل البيئي والاجتماعي بنسبة 10% إلى أن مجتمعاتهم المحلية قد تسهم في تحسين تقديم الخدمات.

تقوية الأنظمة القُطرية

بالإضافة إلى التركيز على عمليات الاستثمار، يهدف البنك أيضاً إلى تدعيم الأنظمة القطرية للعمل مع المواطنين. ويجب الاتفاق على نطاق هذه المساندة مع حكومات البلدان المتعاملة معنا، وتختلف هذه المساندة حسب نوع العملية.

فعلى سبيل المثال، قد يسهل تمويل سياسات التنمية تبنِّي تشريع وطني بشأن التشارك في إعداد الموازنات أو مراقبة المشتريات الحكومية، وقد يسهم تمويل مشروعات الاستثمار في بناء آليات فعَّالة للآراء والتعليقات التقييمية والانتصاف لتحسين مستويات تقديم الخدمات في قطاعات معينة أو تمكين المواطنين على المستوى المحلي من المشاركة في تخطيط الأنشطة الإنمائية وتنفيذها ومتابعتها.

وتقوم مجموعة البنك الدولي أيضاً بدمج مشاركة المواطنين في أُطُر الشراكة القُطرية. واعتمدت عدة بلدان خرائط طريق لمشاركة المواطنين تحدد - على سبيل المثال - أهدافاً على المستوى القطري وإجراءات ذات أولوية بشأن مشاركة المواطنين. وتتسم هذه الأدوات بأنها تتحدد وفقاً للسياق الذي تجري فيه، وأنها تتيح وضْع أهداف مشاركة المواطنين بما يتلاءم مع المعوقات التي تواجهها البلدان والفرص المتاحة لها.

آخر تحديث: 03/19/2021

في سياق إعداد الإطار الاستراتيجي، تم تشكيل مجلس خبراء استشاريين لتوجيه إعداده وتنفيذه. ويواصل المجلس اجتماعاته لتقديم المشورة بشأن سبل تدعيم تنفيذ أنشطة مشاركة المواطنين. واُختير أعضاء المجلس – وهم خبراء من المجتمع المدني، والمؤسسات الأكاديمية، والحكومة، والقطاع الخاص، ومؤسسات العمل الخيري، وشركاء التنمية – على أساس معارفهم وخبراتهم وقدرتهم على تمثيل طائفة متنوعة من المنظورات والآراء العالمية والوطنية.

تُعد منظمات المجتمع المدني جهات فاعلة رئيسية، وقد دأب البنك على مر تاريخه على الاستفادة من مختلف أنواع الشراكات معها، مشركاً إياها في عملياته لتحسين نواتج التنمية وملتمساً مرئياتها في سياسات البنك وبرامجه. من بين القنوات الأخرى المهمة للعمل مع منظمات المجتمع المدني الشراكة العالمية للمساءلة الاجتماعية التي أنشأها مجلس المديرين التنفيذيين لمجموعة البنك الدولي عام 2012. وتهدف هذه الشراكة إلى زيادة الفرص المتاحة لمنظمات المجتمع المدني للعمل مع حكومات بلادهم لحل مشكلات الحوكمة، ولا سيما في تقديم الخدمات، وتحسين النواتج الإنمائية باستخدام آليات المساءلة الاجتماعية ومنها آراء المواطنين. وقد اختار نحو 54 بلدا الانضمام إلى الشراكة العالمية للمساءلة الاجتماعية التي دعمت أكثر من 32 عملية في 40 بلدا. ويقدم البنك منحاً إلى منظمات المجتمع المدني ويساندها في دعم بناء القدرات، إلى جانب أنشطة المتابعة والتقييم، وتبادل المعارف والتعلم. وتمثل منصة المعرفة العالمية التابعة للشراكة العالمية للمساءلة الاجتماعية مستودعا لموارد المعارف المتنوعة لممارسات المساءلة الاجتماعية، ومصدراً لتبادل المعارف والتعلم المشترك، فضلاً عن إقامة شبكات للعلاقات بين الممارسين. وبالبناء على خبرتها في السنوات الثماني الماضية، تستفيد الشراكة العالمية من الدروس المكتسبة لدعم تحالفات منظمات المجتمع المدني لتوفير استجابات مصممة خصيصاً خلال جائحة كورونا.