Skip to Main Navigation
المطبوعات2022/06/13

مرصد الاقتصاد اليمني: هل تصفو الأجواء في سماء اليمن؟

The World Bank

تحميل التقرير باللغة: العربية

بعد سبع سنوات مدمرة من الحرب الأهلية، يواجه اليمن أزمة اقتصادية عميقة، في حين تهدد التحديات المالية والنقدية المتزايدة قدرة الحكومة على تقديم الخدمات العامة الحيوية. وفي أعقاب نمو وجيز ومتواضع للغاية في 2018 و2019، عاد الناتج الاقتصادي اليمني في 2020 إلى الانخفاض الذي كان يعاني منه منذ سنوات. ومن المتوقع أن يكون إجمالي الناتج المحلي السنوي قد انخفض بنسبة 2% أخرى في عام 2021 متراجعا إلى ما يقرب من نصف مستواه قبل نشوب الصراع. وبالإضافة إلى العنف المستشري وانعدام الأمن، تغذي الصدمات المحلية والخارجية المتعددة الانكماش، بما في ذلك السيول واسعة النطاق، والظواهر المناخية، والتداعيات الاقتصادية المستمرة لجائحة فيروس كورونا، والحرب في أوكرانيا، التي دفعت أسعار الغذاء العالمية إلى مستويات قياسية.

 ولا تزال أسعار المواد الغذائية التي قفزت بشدة تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد اليمني، وخاصة على أزمة الغذاء المتفاقمة. فاليمن مستورد صاف للمواد الغذائية، كما أن ارتفاع الأسعار أثر سلبا على الميزان الخارجية، والتضخم، والاحتياطيات الدولية التي تقدر حاليا بما لا يزيد عن شهر من الواردات. ومما يزيد الأمر سوءا أن هذه الديناميكيات تسببت في تفاقم أزمة الغذاء الحادة. علاوة على ذلك، تسببت الحرب في أوكرانيا في زيادة أخرى في أسعار الواردات الحيوية. ويمثل القمح ثاني أكبر الواردات اليمنية بعد الوقود، ويأتي ما يقرب من نصف واردات اليمن من القمح من روسيا وأوكرانيا. وخلال العام الماضي فقط، ساهم انخفاض قيمة العملة في زيادة تتراوح بين 20 و30% في أسعار الغذاء المحلية، ويمكن للصدمات التي تتعرض لها سوق الحبوب العالمية أن ترهق ميزانيات مستوردي السلع الغذائية، مما يضعف الأمن الغذائي.

 وفي حين تهدد زيادة تكاليف واردات الوقود بالمزيد من تباطؤ النشاط الاقتصادي، فإن ارتفاع أسعار سلع الطاقة العالمية من شأنه أن يعزز المركز المالي للحكومة المعترف بها دوليا. فمن الممكن أن يجذب قطاع الأنشطة الاستخراجية في اليمن أيضا اهتماما من جديد من الشركات العالمية إذا دفعتها العقوبات المفروضة على صادرات النفط الروسية إلى تنويع مصادرها، ولكن من الناحية العملية سيستمر العنف وانعدام الأمن في الحد من مشاركة اليمن في أسواق الطاقة العالمية.

مع بداية أبريل/نيسان 2022، من المرجح أن تكون عدة تطورات مهمة قد غيرت آفاق الصراع الدائر في اليمن. أولا، تلقى المركز المالي للحكومة المعترف بها دوليا دفعة قوية بعد الإعلان (من السعودية والإمارات) عن حزمة بقيمة ثلاثة مليارات دولار. ثانيا، أدى نقل السلطة من الرئيس السابق هادي إلى مجلس رئاسي مؤلف من ثمانية أعضاء إلى تعزيز مختلف الجماعات والقوى التي تعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا. وجاءت هذه التطورات بالغة الأهمية بعد بضعة أيام فقط من المحادثات اليمنية-اليمنية التي جرت في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي، والتوصل إلى اتفاق هدنة لمدة شهرين أعلنت عنه الأمم المتحدة في الثاني من أبريل/نيسان. كما تم تشكيل هيئة مصالحة لمساعدة المجلس الرئاسي في التفاوض على مسار المصالحة مع سلطات الأمر الواقع. وفي حين لم يتم الكشف بالكامل عن تفاصيل شروط الحزمة المالية وجدولها الزمني، فإن آثارها الاقتصادية ضخمة للغاية. فقد ارتفع الريال اليمني في كل من عدن وصنعاء بعد وقت قصير من الإعلان عن تشكيل المجلس الرئاسي وعن الحزمة المالية في بداية أبريل/نيسان 2022. وعلى الرغم من استمرار التقلبات، من المتوقع أن يساعد هذ الاتجاه على خفض أسعار المستهلكين في الأسواق المحلية، ما قد ينشأ عنه تبعات إيجابية على أزمة الأمن الغذائي المستمرة والمروعة.

ورغم الارتفاع المتواضع المتوقع في معدل نمو إجمالي الناتج المحلي عام 2022، فإن الآفاق الاقتصادية لليمن تعتمد اعتمادا كبيرا على تطورات الصراع والظروف الأمنية ميدانيا. فعلى الجانب السلبي، يمكن أن يؤدي تفجر الأعمال القتالية من وقت لآخر إلى جانب استمرار الارتفاع في أسعار الواردات إلى زيادة تقويض الأوضاع للقطاع الخاص. وعلى الجانب الإيجابي، فإن الآمال المتجددة في السلام، والحزمة المالية الضخمة التي قدمتها السعودية والإمارات، وارتفاع التحويلات المالية، واحتمال زيادة صادرات النفط والغاز، من شأنها أن تسرع وتيرة النمو في الأمد المتوسط.