النزوح الجماعي. الاستنزاف الجسدي والنفسي والاجتماعي. الدماء المراقة. الحنين إلى الماضي. جميعها مواضيع تتجسد في لوحات فنانين سوريين تُعرض مجموعة منها في المبنى الرئيسي لمقر البنك الدولي من 9 أبريل/نيسان حتى 9 مايو/آيار.
يشكل الفنانون جزءاً من ملايين السوريين الذين تأثروا بالحرب المروعة التي تدور رحاها في سوريا منذ ثلاث سنوات. لوحاتهم، التي يعرضها البنك الدولي في واشنطن، تنقل إحساساً بالاضطراب الذي تركه العنف الدائر في سوريا في نفوسهم. يقول عصام حمدي، وهو أحد الفنانين الخمسة عشر الذين تعرض أعمالهم "أرى في اللوحات شاهداً على هذا الجحيم والدمار الرهيب."
وحول الحدث، يقول رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم إن "اليوم لدينا الفرصة لنرى لمحة عن حياة السوريين". وأضاف أن "فنهم يقدم لنا نظرة جديدة عما يحدث داخل سوريا اليوم - نظرة تؤكد أن الصراع ليس مجرد احصائيات بل هو يتعلق بشعب يعاني يومياً".
رسالة الرئيس تعكس ما تجسده لوحة كولاج بعنوان "لسنا أرقاماً"، وهي إحدى اللوحات الخمس وثلاثين التي سيتم عرضها. ففي هذا العمل الفني تعترض هبا العقاد على تحوّل البشر إلى إحصاءات لا هوية لهم الحرب، وتقول "إن الشهداء، والمعتقلين، والمفقودين، واللاجئين – أطفالاً كانوا أم بالغين – ليسوا مجرد أرقام في ملف."
لكن في الحالة السورية، الإحصاءات أصبحت مرعبة، إذ تفيد الأمم المتحدة بأن أكثر من 9.3 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وحوالي 6.5 مليون منهم نزحوا داخل البلاد. كما لجأ أكثر من 2.6 مليون سوري إلى دول أخرى، معظمهم إلى لبنان والأردن وتركيا.
ولقد تحدث رئيس البنك الدولي علناً وصراحة عن الأزمة في سوريا وشدد على ضرورة دعم الدول المجاورة لها. وفي هذا الإطار، شارك الرئيس في إطلاق مجموعة الدعم الدولية للبنان العام الماضي. وخلال الاجتماع الأخير للمجموعة، أكدت نائبة رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنغر أندرسن أن تعزيز الدعم لمساعدة لبنان على تحمل تبعات الأزمة السورية هي "مسؤولية الجميع". هذا ويقدم البنك الدولي أيضاً المساعدة للأردن لتحمل أعباء تدفق اللاجئين السوريين.
ويتضمن المعرض أيضا صوراً فوتوغرافية تجسد النطاق الإقليمي للأزمة السورية، قدم نصفها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين، من بينها نسخة للصورة الشهيرة التي التقطت في يناير/كانون الثاني لنحو 18 ألف لاجئ فلسطيني محاصرين داخل مخيم اليرموك بضواحي دمشق. والصور الأخرى التقطها موظفون بالبنك الدولي للاجئين سوريين في لبنان والأردن، حيث يسعى البنك إلى مساعدة البلديات المتأثرة بشدة على مواصلة تقديم الخدمات العامة لمواطنيها واللاجئين على السواء.
وكان بعض الفنانين السوريين، ومن بينهم ممن تُعرض له أعمال هنا، قد غادر سوريا حين تدهورت الأوضاع في أواخر عام 2011، وانتقلوا إلى بيروت حيث عمل بعضهم مؤقتاً في البناء أو المقاهي، وبقي آخرون في دمشق.