على مدار العام الماضي، عمل المديرون التنفيذيون لمجموعة البنك الدولي مع قيادات المجموعة بشأن الأزمات العالمية المستمرة والحاجة الملحة لاستئناف التقدم المُحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ومن المتوقع أن يعيش أكثر من 574 مليون شخص في فقر مدقع بحلول عام 2030، معظمهم في أفريقيا. وبوجه عام، يعيش نحو نصف سكان العالم – أي أكثر من 3 مليارات نسمة – على أقل من 6.85 دولارات للفرد في اليوم. وتُعد التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا، والغزو الروسي لأوكرانيا، والظواهر المناخية بالغة الشدة من بين المسائل الرئيسية التي قاد المديرون التنفيذيون تدخلات مجموعة البنك بشأنها دعماً للبلدان، بما في ذلك التركيز على إتاحة الفرص للنساء والشباب. وفي الفترة من يوليو/تموز 2022 إلى يونيو/حزيران 2023، بلغ إجمالي المساندة التي قدمتها مجموعة البنك للبلدان النامية 122.9 مليار دولار، منها 38.6 مليار دولار من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، و34.2 مليار دولار من المؤسسة الدولية للتنمية، و43.7 مليار دولار (منها موارد تمت تعبئتها من الغير) من مؤسسة التمويل الدولية، وضمانات بقيمة 6.4 مليارات دولار من الوكالة الدولية لضمان الاستثمار.
في الاجتماعات السنوية التي عُقدت في أكتوبر/تشرين الأول 2022، طلب أعضاء لجنة التنمية من مجموعة البنك مراجعة رؤيتها ورسالتها ونموذج عملها ونموذجها المالي لتعزيز قدرتها على التصدي للتحديات العالمية. واستجابةً لذلك، أعدت مجموعة البنك الدولي وثيقة "خارطة طريق التطوُّر" بهدف التصدي بصورة أفضل للتحديات الجسيمة التي تواجه العالم اليوم. وتتيح خارطة الطريق أساساً لجهاز إدارة مجموعة البنك ومجلس المديرين التنفيذيين لمناقشة أولويات تطوّر المجموعة والبدء في تنفيذ عملية الإصلاح الجماعي.
اكتسبت خارطة طريق التطوُّر، التي يقودها مجلسا المديرين التنفيذيين بالاشتراك مع جهاز الإدارة، زخماً هذا العام. وفي اجتماعات الربيع لعام 2023، أثنى المحافظون في لجنة التنمية على مجموعة البنك لتحديدها تدابير لزيادة القدرات المالية بنحو 50 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة، وناقشوا الأولويات لمواصلة تقوية المجموعة في المرحلة التالية من عملية خارطة طريق التطوُّر قبل انعقاد الاجتماعات السنوية في مراكش في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
يأتي العمل المهم المتعلق بعملية التطوّر في وقت تواصل فيه مجموعة البنك الدولي استجابتها غير المسبوقة من حيث السرعة والنطاق والتأثير من أجل مساعدة البلدان على معالجة الأزمات الآخذة في التفاقم والتحديات الإنمائية التي تزداد صعوبة وتعقيداً. وفي أبريل/نيسان 2022، عرضت مجموعة البنك بإيجاز إطار الاستجابة للأزمات العالمية الذي يركز على التصدي لانعدام الأمن الغذائي، وحماية الناس والحفاظ على الوظائف، وتعزيز القدرة على الصمود، وتدعيم السياسات والمؤسسات والاستثمارات لإعادة البناء على نحو أفضل. وفي الفترة بين أبريل/نيسان 2022 ويونيو/حزيران 2023، قدمت مجموعة البنك مستوى غير مسبوق من التمويل لمواجهة الأزمات بلغت قيمته 171.6 مليار دولار، بما في ذلك 53.1 مليار دولار من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، و51.8 مليار دولار من المؤسسة الدولية للتنمية، و57.6 مليار دولار من مؤسسة التمويل الدولية، وضمانات بقيمة 9.1 مليارات دولار من الوكالة الدولية لضمان الاستثمار.
وبالإضافة إلى تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على الأمن الغذائي العالمي، فقد أدى إلى تفاقم الاتجاهات الحالية في إمكانية الحصول على الطاقة، وحركة التجارة الدولية، والقطاعات الرئيسية الأخرى. وإدراكاً للعواقب المحتملة لهذا الغزو على المدى الطويل، وافق المجلس على عدة عمليات للمساعدة في استئناف تقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية والارتقاء بمستواها، وتوفير سبل الحماية المالية للشعب الأوكراني، وإصلاح مرافق البنية التحتية للطاقة في البلاد. وحتى الآن، عبأت مجموعة البنك الدولي أكثر من 37.5 مليار دولار من موارد التمويل الطارئ لصالح أوكرانيا، بما في ذلك قروض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير واعتمادات من المؤسسة الدولية للتنمية، وقروض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير بضمان من الشركاء، ومنح وهبات من البلدان والجهات المانحة، وتمويل قصير وطويل الأجل من مؤسسة التمويل الدولية،وضمانات من الوكالة الدولية لضمان الاستثمار.
لا يزال العمل المناخي يمثل إحدى أهم الأولويات العالمية. ويرحب المديرون التنفيذيون بالجهود التي تبذلها مجموعة البنك باعتبارها أكبر جهة متعددة الأطراف في العالم لتقديم تمويل العمل المناخي للبلدان النامية من خلال تعبئة المزيد من التمويل من القطاعين العام والخاص. ويشعر المديرون التنفيذيون بالارتياح لمضي البنك الدولي على المسار الصحيح لمواءمة جميع عملياته الجديدة مع أهداف اتفاق باريس اعتباراً من 1 يوليو/تموز 2023، بالإضافة إلى عمله الذي يجمع بين الدراسات التشخيصية المنهجية، وتقديم المشورة بشأن السياسات، والتمويل، والآليات القابلة للتوسع لتعبئة التمويل. وبالنسبة لمؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار، ستتم مواءمة 85% من العمليات الجديدة بدءاً من 1 يوليو/تموز 2023 على أن تصل هذه النسبة إلى 100% بدءاً من 1 يوليو/تموز 2025.
شهد العالم هذا العام وقوع كوارث طبيعية مدمرة تسببت في خسائر مأساوية في الأرواح ودمار واسع النطاق. ويُعد الزلزالان اللذان ضربا تركيا من بين ما وقع مؤخراً من أحداث استجابت لها مجموعة البنك. ويواصل المديرون التنفيذيون الإقرار بالمصاعب التي تواجهها البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك ما يتعلق بالهجرة من تحديات وتعقيدات، على النحو المُبيّن في مطبوعة تقرير عن التنمية في العالم لهذا العام. ويشيد المديرون التنفيذيون بالجهود المتواصلة والمنسقة التي يبذلها البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار للتصدي بسرعة لأوضاع الهشاشة والكوارث، بسبل من بينها الاستفادة من نافذة القطاع الخاص التابعة للمؤسسة الدولية للتنمية ومكونات الاستجابة في حالات الطوارئ المحتملة في العمليات. كما وافق المجلس مؤخراً على إنشاء صندوق لمواجهة الأزمات تابع للمؤسسة الدولية للتنمية، والذي سيعزز مساندة البنك الدولي لبلدان العالم الأشدّ فقراً في التصدي للتحديات الإنمائية الملحة، وخاصة الأمن الغذائي وتغيّر المناخ.
وبالإضافة إلى العديد من العمليات والأنشطة القُطرية التي ناقشها المجلس ووافق عليها هذا العام، زار المديرون التنفيذيون أيضاً عمليات البنك في العديد من البلدان المتعاملة معه. ففي فبراير/شباط ومايو/أيار 2023، زار أعضاء المجلس كلاً من بليز وغواتيمالا وبنما وجمهورية الكونغو وساو تومي وبرينسيبي. وخلال هذه البعثات، تواصل المديرون التنفيذيون مع الهيئات الحكومية الرئيسية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني والأطراف المعنية من المانحين، واجتمعوا مع موظفي مجموعة البنك والسكان المستفيدين من هذه العمليات.
بينما تستعد قيادات مجموعة البنك الدولي ومجالس مديريها التنفيذيين للاجتماعات السنوية في مراكش في أكتوبر/تشرين الأول 2023، يمضي المديرون التنفيذيون وجهاز الإدارة قُدماً في تنفيذ خارطة طريق التطوّر. ويعرب المديرون التنفيذيون عن خالص امتنانهم لديفيد مالباس على قيادته القوية والثابتة لمجموعة البنك الدولي خلال فترة حافلة بالتحديات في تاريخها، حيث أدى التزامه برسالة مجموعة البنك الدولي وتحقيق التنوع والشمول، وقضايا شفافية الديون واستمرارية القدرة على تحمل أعبائها، ونواتج التنمية على المستوى القُطري إلى تقديم مجموعة البنك ارتباطات قياسية لعملية التنمية. ويرحب المجلس ترحيباً حاراً بخليفته، أجاي بانغا، بوصفه الرئيس الرابع عشر لمجموعة البنك الدولي. وأخيراً، يتقدم المديرون التنفيذيون بخالص الشكر إلى جميع الموظفين على تفانيهم المستمر وعملهم الدؤوب في هذه الأوقات العصيبة. فبفضل ما يبذلونه من جهود، تواصل مجموعة البنك الدولي إحداث تغيير إيجابي في حياة الكثيرين ممن يستحقون أن يحيوا حياة كريمة.