Skip to Main Navigation
موضوع رئيسي08/12/2025

السياحة التراثية وكيف تسهم في توفير الوظائف وازدهار جنوب ألبانيا

النقاط الرئيسية

  • تشهد المجتمعات المحلية في جنوب ألبانيا، مثل بيرات وغيروكاسترا وبيرميت وساراندا، ازدهاراً اقتصادياً بفضل الاستثمارات التي يساندها البنك الدولي.
  • تؤدي الجهود الممولة من القطاع العام للحفاظ على المواقع التراثية والبنية التحتية القريبة منها إلى جذب استثمارات القطاع الخاص، لا سيما استثمارات رواد الأعمال في قطاعَي السياحة والضيافة.
  • ساعدت هذه الاستثمارات على توفير آلاف الوظائف الجديدة، شغل العديدَ منها أشخاصُ كانوا غالباً مستبعدين من سوق العمل، كما شجعت العائدين الذين يرون فرصًا جديدة في أوطانهم.

مدن تاريخية وفرص عصرية

على مدى سنوات، كانت المجتمعات المحلية في جنوب ألبانيا تحقق معدلات نمو ضعيفة، كما كانت تشهد حركات هجرة جماعية للسكان، لاسيما الشباب، بحثًا عن فرص عمل في أماكن أخرى، حتى مع تحول البلاد إلى وجهة سياحية جذابة بصورة سريعة. ويسترجع كريستيان كوندي، مدير مطعم “زونجا جيني” في بيرات ذكرياته قائلاً: "قبل عشر سنوات، وعندما كنت طفلاً، لم يكن هناك سوى متجرين أو ثلاثة في هذا الزقاق. وبعد الساعة 6 مساءً، كان الجو يخيم عليه هدوء تام، حيث تنطفئ الأضواء ولا تجد أحدًا في المكان."

وقد تغير كل هذا مع تحرك البلديات للاستفادة من التاريخ الثري للمنطقة وجمالها الطبيعي، حيث توجد المدن المُدرجة على قوائم التراث العالمي لليونسكو، والحصون الأثرية، والهندسة المعمارية التي تعود إلى العصر العثماني، والسواحل ذات المناظر الخلابة، وغيرها. ومن خلال المشروع المتكامل للتنمية الحضرية والسياحية ، ساعد البنك الدولي، بالشراكة مع حكومة ألبانيا، على ترميم المواقع التاريخية، وتحسين البنية التحتية المجاورة لها، وتوسيع الخدمات السياحية، مما وفر فرصًا اقتصادية ووظائف جديدة للمجتمعات المحلية في مدن بيرات وجيروكاسترا وبيرميت وساراندا وما حولها.

The World Bank

ساعد ترميم قلعة غيروكاسترا على تدعيم هياكلها الرئيسية، مما جعل الموقع التابع لليونسكو أكثر أمانًا وسهولة في الوصول إليه للزوار.

البنك الدولي

انتعاش السياحة يدفع عجلة النمو المحلي ويوفر الوظائف

ركز المشروع المتكامل للتنمية الحضرية والسياحية على ترميم 12 موقعاً سياحياً رئيسياً، مثل سوق قافا، والممشى في  ساراندا، بالإضافة تسهيل طرق الوصول إلى قلاع بيرات وبورشي وغيروكاسترا وكانينا. وتم تطوير نحو 200 ألف متر مربع من الساحات العامة، شملت إصلاح الشوارع المرصوفة بالحصى ورصف الطرق وتطوير الساحات ووضع اللافتات والأرصفة والإنارة والمسارات الجديدة والمقاعد والمنحدرات ونقاط الاستعلامات للزوار.

ويشهد النشاط السياحي حاليًا ازدهارًا ملحوظًا. فوفقًا للمعهد الوطني للإحصاء، سجلت ألبانيا زيادة بواقع 82% في أعداد السياحة الوافدة في عام 2024 مقارنة بعام 2019. أما في جنوب ألبانيا، فتبدو الأرقام أكثر لفتًا للنظر، حيث شهدت مدينة بيرات زيادة في عدد السياح تقارب أربعة أضعافها خلال الفترة نفسها، فيما استقبلت غيروكاسترا ما يقرب من ستة أضعاف عدد السياح.

لقد حفز تدفق السياح، الذي شجعته الجهود التي يقودها القطاع العام، على زيادة استثمارات القطاع الخاص. كما أن ريادة الأعمال المحلية تمر بفترة ازدهار، حيث تقوم العائلات بتحويل منازلها التاريخية إلى نزل فندقية، (مبيت وإفطار)، وإطلاق تجارب طهي وأنشطة ثقافية فريدة، فضلاً عن الاستثمار في بنية تحتية جديدة مثل مسارات المشي وركوب الدراجات، والحافلات الكهربائية، والقوارب، وقريباً خطوط الانزلاق بالحبال، مما يدفع عجلة النمو في مجالات معينة مثل سياحة المغامرات والترفيه في الأماكن المفتوحة. ومنذ بدء تنفيذ المشروع المتكامل للتنمية الحضرية والسياحية في عام 2019، تضاعف عدد المشاريع المرتبطة بالسياحة في المنطقة التي يغطيها المشروع بأكثر من الضعف.

وتؤدي هذه المنظومة المتنامية للمبادرات الخاصة إلى إطالة الموسم السياحي في جنوب ألبانيا، وتنويع مصادر الدخل لسكانها، فضلاً عن تحويل المواقع التراثية التي تم ترميمها إلى مراكز اقتصادية نابضة بالحياة. وعلقت رودينا ليتشاج التي تعمل في مجال تنظيم الرحلات السياحية في المدينة على ذلك بقولها:  "اعتدنا أن نستقبل السياح في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب فقط. والآن تأتي الوفود السياحية إلى ساراندا طوال العام." 

كان هذا النشاط الاقتصادي سبباً في حدوث تحول جذري في سوق العمل بجنوب ألبانيا، لا سيما في قطاعات مثل الضيافة والسياحة والنقل. والأهم من ذلك أن هذا النمو يتسم بشمول الجميع، حيث يشغل أكثر من نصف الوظائف الجديدة التي تم توفيرها أشخاص غالباً ما يتم استبعادهم من سوق العمل، مثل النساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة.

يعمل عشرة أشخاص من ذوي الإعاقة في قلعة غيروكاسترا، حيث يشاركون في أداء مجموعة متنوعة من المهام، ومنها أعمال الصيانة. وقد أسهم توفير فرص العمل لهؤلاء الأشخاص في تعزيز احترامهم لذاتهم، وتسهيل اندماجهم الاجتماعي، وتمكينهم من كسب دخل يعيلهم ويدعم أسرهم.
Ardi Zuka
آردي زوكا
المدير الإقليمي للتراث الثقافي في غيروكاسترا
The World Bank

تساند الاستثمارات في البنية التحتية الحضرية الشركات الصغيرة، مما يوفر فرص عمل للشباب في بعض القطاعات مثل السياحة والضيافة.

البنك الدولي

الفرصة تدعو العائدين

أدت الفرصة التي أتاحتها تنمية السياحة التراثية في جنوب ألبانيا واستثمارات القطاع الخاص غير المباشرة إلى عكس اتجاه الانخفاض السكاني في المنطقة، حيث كانت بمثابة نقطة جذب للعائدين. ويعود السكان السابقون بشكل متزايد إلى مسقط رأسهم للاستثمار والابتكار وبناء حياتهم. ومن هؤلاء كريستي ماجلارا التي عادت إلى ساراندا بعد 15 عامًا قضتها في ألمانيا والنمسا، وتدير حالياً شركة سياحية تمتلكها عائلتها، والتي صرحت قائلة، " لاحظت الزخم المتزايد للسياحة في ألبانيا، وشعرت أن الوقت قد حان للعودة إلى الوطن، والمشاركة في تنمية مشروع عائلتي، وطرح أفكار تجارية جديدة."

وقال هاجدار غيرباشي مدير فندق أكويدكت إن بمدينة غيروكاسترا: "لم أتخيل يومًا أنني سأعود إلى غيروكاسترا، ولكن مع كل الاستثمارات التي تمت في المدينة، سواء في البنية التحتية أو كافة جوانب الحياة الأخرى، قررت العودة واستثمار كل مدخراتي في قطاع الضيافة، في نفس المنزل الذي نشأت فيه."

وتؤدي هذه الهجرة إلى بث روح جديدة في المجتمعات المحلية، وتسهم في إدامة دورة الاستثمار والتنمية التي تُنعش جنوب ألبانيا.

The World Bank

يُسهم الاستثمار في السلالم والمنحدرات والدرابزينات وغيرها من التحسينات في تيسير الوصول إلى المواقع التاريخية ووسط مدينة بيرات

World Bank

نموذج رائد للتنمية المستدامة

في جوهره، يسعى المشروع المتكامل للتنمية الحضرية والسياحية إلى الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي لألبانيا مع تعزيز نموها الاقتصادي. وبدءًا من ترميم قلعة غيروكاسترا إلى الاستثمار في البنية التحتية العامة والسياحة البيئية وخدمات السياح، تُعد الاستدامة جزءًا أساسيًا من أي نشاط من أنشطة المشروع. كما اكتسبت البلديات خبرات ومهارات قيّمة، وأنشأت وحدات سياحية لضمان تنمية هذا القطاع واستدامة أثره على المدى الطويل.

ومن جانبه أكد إرفين جيكا، نائب عمدة مدينة بيرات على هذا المعنى بقوله: "لقد بنينا ما هو  أكثر من الطرق والميادين والواجهات... لقد أنشأنا نموذجًا تنمويًا يقدر الطبيعة والثقافة ويحترم خصائص المجتمع المحلي."

وتُظهر تجربة جنوب ألبانيا كيف يمكن للحفاظ على الثقافة والسياحة التراثية، وتمكين المجتمعات المحلية، والدعم الدولي أن تسهم في توفير الوظائف، وتحفيز الاستثمار، وإطلاق التحول الاقتصادي. ومن خلال الاستثمار في ماضيها، تبني ألبانيا مستقبلاً أكثر ازدهاراً.

The World Bank

تسهم الاستثمارات في البنية التحتية الساحلية في ساراندا، بما في ذلك الممشى ومسارات المشاة والساحات العامة والسلالم الجديدة، في إطالة الموسم السياحي وتحسين تجربة السائحين.

البنك الدولي

مدونات

    loader image

الأخبار

    loader image