Skip to Main Navigation

أفريقيا

تُعد أفريقيا جنوب الصحراء موطناً لأكثر من مليار شخص ستقل أعمار نصفهم عن 25 عاماً بحلول عام 2050، وهي منطقة متنوعة توفر موارد بشرية وطبيعية لديها القدرة على تحقيق النمو الشامل للجميع والقضاء على الفقر في المنطقة. وتمتلك القارة الأفريقية أكبر منطقة تجارة حرة في العالم وسوقاً تضم 1.2 مليار شخص، وهي بذلك توجِد مساراً جديداً تماماً للتنمية، وتسخر إمكانيات مواردها وشعوبها.

تتألف المنطقة من مجموعة من البلدان منخفضة ومرتفعة الدخل وبلدان في الشريحتين العليا والدنيا من البلدان متوسطة الدخل، ويعاني 22 منها من أوضاع الهشاشة أو الصراع. وتضم أفريقيا أيضا 13 دولة صغيرة تتسم بقلة عدد السكان ومحدودية رأس المال البشري وعدم إطلالتها على بحار.

لقد تباطأ النمو الاقتصادي في أفريقيا جنوب الصحراء من 4.1% في عام 2021 إلى 3.6% في عام 2022، ومن المتوقع أن يسجل النشاط الاقتصادي في المنطقة مزيداً من الانخفاض إلى 3.1% في عام 2023. ويرجع السبب في هذا الانخفاض إلى استمرار حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد العالمي، وتراجع معدلات التضخم وإن كانت لا تزال مرتفعة، وصعوبة الأوضاع المالية العالمية والمحلية وسط ارتفاع مستويات الديون. وتشير التقديرات إلى أن النمو سيرتفع إلى 3.7% في عام 2024 و 3.9% في عام 2025 - وهو ما يوضح أن التباطؤ في النمو ينبغي أن يصل إلى أدنى مستوياته في هذا العام. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال أوضاع النمو غير كافية للحد من الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك على المدى المتوسط إلى الطويل. لا يزال التعافي البطيء لنمو نصيب الفرد من الدخل، عند 1.2% في العام المقبل و 1.4% في عام 2025، أقل من المستوى المطلوب لتسريع الحد من الفقر في المنطقة إلى مسار ما قبل جائحة كورونا.

ويتباين النمو الاقتصادي في أفريقيا جنوب الصحراء فيما بين المناطق الفرعية والبلدان. فمن المتوقع أن ينخفض نمو إجمالي الناتج المحلي في غرب ووسط أفريقيا من 3.7% في عام 2022 إلى 3.4% في عام 2023، في حين ينخفض في شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي من 3.5% في عام 2022 إلى 3% في عام 2023. ولا يزال أداء المنطقة يتراجع بسبب انخفاض النمو على المدى الطويل في أكبر بلدان القارة. فمن المتوقع أن يشهد النشاط الاقتصادي في جنوب أفريقيا مزيداً من التراجع في عام 2023 (0.5%) في ظل تفاقم أزمة الطاقة، في حين لا يزال تعافي النمو في نيجيريا في عام 2023 (2.8%) هشاً بسبب استمرار ضعف إنتاج النفط. ومن بين أكبر عشرة اقتصادات في أفريقيا جنوب الصحراء - التي تمثل أكثر من ثلاثة أرباع إجمالي الناتج المحلي للمنطقة - تنمو ثمانية اقتصادات، منها السودان ونيجيريا وأنغولا وإثيوبيا، بمعدلات أقل من متوسط نموها على المدى الطويل.

وقد زاد الدين العام في المنطقة بأكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 2010، إذ أدت الحرب في أوكرانيا إلى توقف عمليات ضبط أوضاع المالية العامة في الكثير من بلدان المنطقة التي بدأت في أعقاب جائحة كورونا. ومع تزايد لجوء بلدان المنطقة إلى اتخاذ تدابير مثل الدعم، والإعفاءات المؤقتة من التعريفات والرسوم، ودعم الدخل للفئات الأكثر احتياجاً - في محاولة منها للحد من ارتفاع أسعار الغذاء والوقود، اتسع العجز المالي في المنطقة إلى 5.2% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022، ارتفاعاً من نحو 4.8% وفق تقديرات عام 2021. ودفع ضعف النمو الذي اقترن بتراكم سريع للدين العام وسيط نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي من 32% في عام 2010 إلى 57% في عام 2022 (56% في غرب ووسط أفريقيا، و 64% في شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي). ويوجد حالياً 20 بلداً في المنطقة تعاني من حالة مديونية حرجة بالفعل أو معرضة لمخاطر عالية تهدد ببلوغها (ارتفاعاً من 20 بلداً في عام 2020).

لا يزال الارتفاع الشديد في معدل التضخم، الذي يؤججه ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، وأيضاً ضعف قيمة العملات وتراجع نمو الاستثمار يقيدان الاقتصادات الأفريقية، ويحدثان حالة من عدم اليقين للمستهلكين والمستثمرين على حد سواء. وزاد عدد البلدان التي سجلت متوسط معدلات تضخم سنوية من رقمين من 9 بلدان في عام 2021 إلى 21 بلداً في عام 2022. وعلى الرغم من أنه يبدو أن التضخم العام قد بلغ ذروته في العام الماضي وأنه من المتوقع أن ينخفض عدد البلدان التي سجلت معدلات تضخم من رقمين إلى 12 بلداً في عام 2023، سيظل التضخم في المنطقة مرتفعاً عند 7.5% على مدار عام 2023، وفوق النطاقات التي تستهدفها البنوك المركزية في معظم البلدان. وقد انخفض نمو الاستثمار في المنطقة من 6.8% في الفترة 2010-2013 إلى 1.6% في عام 2021، مع تباطؤ أكثر حدة في شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي مقارنة بغرب ووسط أفريقيا.

وعلى الرغم من هذه التحديات، يظهر عدد من بلدان المنطقة قدرة على الصمود في خضم أزمات متعددة. ومن بين هذه البلدان كينيا التي حققت نمواً بنسبة 5.2%، وكوت ديفوار بنسبة 6.7%، وجمهورية الكونغو الديمقراطية بنسبة 8.6% في عام 2022. وتذهب التقديرات إلى أن معدل النمو الاقتصادي في المنطقة باستثناء البلدان الكبيرة، مثل أنغولا (النمو المتوقع: 2.6% في عام 2023)، ونيجيريا (النمو المتوقع: 2.8% في عام 2023)، وجنوب أفريقيا (النمو المتوقع: 0.5% في 2023)، سيبلغ نحو 4.3% في عام 2023، ومن المتوقع أن يزيد إلى 5.1% في عام 2024 و 5.2% في عام 2025. ومن المتوقع أن تحقق البلدان غير الغنية بالموارد الطبيعية نمواً بنسبة 4.2% في عام 2023، وأن تصل إلى 5.1% في عام 2024 و 5.3% في عام 2025. ويمكن أن يُعزى الأداء الأقوى لهذه البلدان إلى التحسّن الذي حققته بسبب انخفاض فواتير الواردات والتوسع في الخدمات. وسيظل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في البلدان الغنية بالموارد الطبيعية منخفضاً، عند 2.4% في عام 2023، لكنه سينتعش قليلاً إلى 2.9% في عام 2024 و 3% في عام 2025 – وإن ظل أقل من معدل النمو الذي بلغ 3.7% في عام 2021. ويتراجع النمو في هذه المجموعة من البلدان بسبب انخفاض أسعار السلع الأولية، وهو ما يشير إلى الاعتماد القوي على قطاع الصناعات الاستخراجية. ومن المتوقع حدوث ضعف في الأداء الاقتصادي بين بلدان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا في عام 2023 (2.7%)، في حين يُتوقع أن يبلغ النمو في بلدان الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب أفريقيا 5.5% في عام 2023، وستحقق هذه البلدان نمواً بوتيرة أسرع في عام 2024 (7.0%).

إن تسخير إمكانيات الموارد الطبيعية يتيح للبلدان الأفريقية فرصة لتحسين استدامة المالية العامة وإبقاء الدين في حدود يمكن الاستمرار في تحملها. وتتيح الموارد الطبيعية (النفط والغاز والمعادن) فرصة اقتصادية هائلة لاقتصادات منطقة أفريقيا جنوب الصحراء في أثناء عملية التحوّل إلى اقتصاد منخفض الكربون. ويمكن أن تؤدي الاستفادة من موارد الطاقة إلى تحسين سبل الحصول على الطاقة. وتواجه أفريقيا تحدياً كبيراً في تحقيق أهدافها بتعميم سبل الحصول على إمدادات الطاقة بجودة عالية. ففي عام 2022، كان 600 مليون شخص في أفريقيا، أو 43% من سكان القارة، لا يحصلون على الكهرباء. وعلى الرغم من ذلك، فإن قاعدة موارد أفريقيا الطبيعية والاستثمارات المرتبطة بها يمكن أن تساعد في زيادة وتيرة التقدم عن طريق تطوير مصادر طاقة متنوعة. ولأن الكثير من مشروعات الموارد الطبيعية تقع في مجتمعات محلية نائية وريفية، فإنه يمكن الاستفادة من توسيع نطاق الاستثمارات في الطاقة الخضراء، والبنية التحتية الإقليمية للتخفيف من حدة الفقر في المناطق الريفية وازدياد معدلات الإنتاجية.

ويمكن للبلدان الأفريقية الاستفادة من مواردها الطبيعية للجمع بين الغاز والطاقة المتجددة لتلبية الاحتياجات المحلية. ويمكن أن يؤدي إعطاء الأولوية للاستثمارات الوافدة في احتياطيات الغاز الطبيعي المكتشفة حديثاً وغير المطورة على نحو كافٍ إلى زيادة عائدات التصدير وحفز إنتاج الطاقة المحلية وتعزيز فرص الحصول عليها. بالإضافة إلى ذلك، ينطوي التكامل الإقليمي وتنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية على إمكانيات هائلة لحفز التحوّل الاقتصادي في جميع أنحاء المنطقة. وسيتوقف أي تحوّل عادل في أفريقيا على النجاح في تسخير الفوائد الاقتصادية التي تتحقق من النفط والغاز والموارد المعدنية، بما في ذلك الحوكمة الرشيدة وإدارة المالية العامة الكلية لإيرادات الموارد بطريقة سليمة، مع الاستعداد أيضاً لبناء مستقبل منخفض الكربون. ويمكن لإدارة ثروة الموارد الطبيعية بفعالية أن تطلق العنان لفرص كبيرة لتوفير وظائف وإضافة القيمة والاستثمار في التنمية البشرية. وبالنظر إلى مدى وفرة الموارد الطبيعية، يمكن لهذه الثروة أن تلعب دوراً رئيسياً في عملية التحوّل من أجل مستقبل أفريقيا الاقتصادي.

 

تاريخ آخر تحديث: 5 أبريل/نيسان 2023