التحدي
استمرت أوضاع الهشاشة وزيادة قابلية التعرض للصدمات المتغيرة في تعطيل سبل كسب الرزق وتفاقم معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي في الصومال. ومنذ عام 2016، تصدى البلد لسلسلة متناوبة من موجات الجفاف الشديدة والفيضانات واسعة النطاق، التي اقترنت بتفشي أسوأ موجة غزو للجراد الصحراوي في عام 2020 خلال 25 عاماً. وتتسبب ندرة الموارد، التي تقف وراءها الصدمات المناخية، في إذكاء عمليات النزوح، فضلاً عن الصراعات المحلية والعنف. وتفاقم هذه التحديات صعوبة انتقال الصومال من حالة الحرب التي طال أمدها عن طريق محاربة انعدام الأمن وعدم الاستقرار. وبلغ إجمالي عدد النازحين داخلياً حوالي 2.97 مليون شخص في عام 2021، بزيادة قدرها نحو 1.85 مليون شخص منذ عام 2016 نتيجة للكوارث الطبيعية والصراعات. وقد أدت الخسائر في الدخل وسبل كسب الرزق في خضم هذه الصدمات وتفشي جائحة كورونا إلى مضاعفة معدلات الفقر والحرمان على نطاق واسع بالفعل، حيث يعاني نحو 71% من السكان من أجل البقاء وهم تحت خط الفقر. ويمثل ذلك زيادة بنحو 300 ألف شخص منذ عام 2017. ويسود الفقر المتفشي والمتغلغل في مستوطنات المشردين داخلياً، والمناطق القروية، وفيما بين الأطفال. ويشكل الأطفال دون سن 14 سنة نحو 50% من السكان، لكنهم يشكلون نصف الصوماليين الذين يعانون العيش في فقر. وواجه نحو 6 ملايين شخص (38% من السكان) انعدام الأمن الغذائي الحاد (التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، المرحلة الثالثة وما فوقها) في الفترة بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران 2022 نتيجة لموجة جفاف شديدة على غير المعتاد. وقد أدت الآثار المضاعفة لتغير المناخ بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية بسبب الحرب في أوكرانيا إلى زيادة شبح المجاعة، حيث من المتوقع أن يواجه 7.1 ملايين شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2022.
النهج
يتبع برنامج "باكسنانو" نهجاً ذا شقين وهما: التركيز على تلبية الاحتياجات العاجلة على المدى القصير، والاستثمار في الأنظمة والقدرات الوطنية من خلال البرامج طويلة الأجل. وكان من المقرر في الأصل أن يقوم برنامج "باكسنانو" (أي "ارتقاء" باللغة الصومالية) الذي أطلق من خلال مشروع شبكة الأمان سريعة الاستجابة لصدمات رأس المال البشري بالاستجابة لموجات الجفاف في عام 2019، باستخدام الاستجابة السريعة للجفاف كفرصة للتطوير التدريجي لمساندة الفقر المزمن وانعدام الأمن الغذائي على المدى الأطول. فالصدمات المتفاقمة التي كانت تواجه البلاد وقت إعداد المشروع، مع ضعف قدرات حكومة الصومال الاتحادية وعدم وجود نظام وطني لشبكات الأمان الاجتماعي للاستجابة لها، دفعت برنامج "باكسنانو" للتعجيل بعمله كمنصة رئيسية لتقديم الخدمات لمساندة الأهداف الأوسع والأطول أجلاً المتمثلة في تراكم رأس المال البشري وتعافيه، مع الإسهام في بناء الدولة من خلال تعزيز الملكية الحكومية وتجديد العقد الاجتماعي.
ولبلوغ هذه الأهداف، قام برنامج "باكسنانو" بما يلي: (1) التحويلات النقدية غير المشروطة المرتبطة بالتغذية البالغة 20 دولاراً شهرياً لكل أسرة مستفيدة لدورة مدتها ثلاث سنوات، ويتم تحويلها عن طريق الهاتف المحمول؛ و(2) تقديم الدعم لاستحداث أنظمة أساسية لتقديم خدمات شبكات الأمان الاجتماعي؛ و(3) بناء القدرات المؤسسية.
ونظراً للنتائج المشجعة المبكرة التي حققها برنامج "باكسنانو"، قام البنك الدولي بتمويل سرعة التوسع في نطاقه وتجسد ذلك في البرنامج الفرعي (باكسنانو-الصدمات) من خلال الموافقة على مشروع شبكة الأمان سريعة الاستجابة لصدمات الجراد. ووفر البرنامج الفرعي "باكسنانو-الصدمات" الحماية للأمن الغذائي وسبل كسب الرزق للأسر المتضررة من الجراد من خلال توفير التحويلات النقدية الطارئة، ومنها مبلغ مؤقت قدره 40 دولاراً شهرياً للأسر المستفيدة من برنامج "باكسنانو-الأصلي"، وقيمة شهرية ثابتة بمبلغ 60 دولاراً للأسر غير المستفيدة من برنامج "باكسنانو" لمدة تصل إلى 6 أشهر.
النتائج
أتاح برنامج "باكسنانو-الأصلي" وبرنامج "باكسنانو-الصدمات" منصة واحدة لتقديم تحويلات نقدية منتظمة ويمكن التنبؤ بها وقابلة للتوسع في الصومال. وقد لعب البرنامج دوراً بالغ الأهمية في حماية الأمن الغذائي وسبل كسب الرزق، وتعزيز رأس المال البشري، وتدعيم قدرة الأسر الفقيرة على الصمود في وجه الصدمات المناخية وغيرها من الصدمات. وخلال أول عامين من التنفيذ:
- استفادت 200 ألف أسرة (أكثر من مليون فرد) من التحويلات النقدية غير المشروطة المرتبطة بالتغذية التي يمكن التنبؤ بها من برنامج "باكسنانو-الأصلي". وشكلت النساء 100% من المستفيدين المباشرين من التحويلات النقدية غير المشروطة التي يقدمها برنامج "باكسنانو-الأصلي"، حيث حصلت نحو 40% منهن على خطوط هاتف محمول لأول مرة، مما يمثل خطوة رئيسية في تعزيز الشمول المالي للنساء الفقيرات في الصومال.
- تلقت نحو 100 ألف أسرة (حوالي 600 ألف فرد) حماية لسبل كسب رزقها من خلال التحويلات النقدية الطارئة الشهرية استجابة لأزمة الجراد. وشكلت النساء 72% من المستفيدين المباشرين من برنامج "باكسنانو-الصدمات".
بالإضافة إلى ما سبق، فقد تحقق تقدم جيد في وضع أنظمة رئيسية لتقديم الخدمات تحت مظلة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وفي تدعيم الترتيبات المؤسسية. وتم التركيز بصفة خاصة على إنشاء: (1) منهجية استهداف المستفيدين التي تقوم على التقييم المستند إلى الشواهد والدروس المستفادة من التنفيذ حتى الوقت الحالي، وذلك لتحديد الأسر الأشد فقراً بدقة وتعزيز فعالية البرنامج؛ و(2) السجل الاجتماعي الموحد، بما في ذلك وضع نموذج موحد للتسجيل لضمان مواءمة المعلومات الأسرية لجميع البرامج، وتسهيل تنسيق البرامج وكفاءتها، ومساندة جهود حكومة الصومال الاتحادية من أجل خدمة مواطنيها بفاعلية؛ و(3) مجموعة عمل للحماية الاجتماعية تقودها الحكومة، برئاسة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لضمان المواءمة والتنسيق بين أجندة الحماية الاجتماعية لحكومة الصومال الاتحادية والتدخلات الإنمائية والإنسانية التي يساندها المانحون.
مساهمة مجموعة البنك الدولي
تم تدشين البرنامج في سبتمبر/أيلول 2019 باعتباره إحدى عمليات البنك الدولي بقيمة بلغت 65 مليون دولار تم تمويلها من خلال منحة مساعدة إنمائية دولية قبل تسوية المتأخرات. وفي عام 2020، تمت الموافقة على مشروع شبكة الأمان سريعة الاستجابة لصدمات الجراد بمنحة قدرها 40 مليون دولار من المؤسسة الدولية للتنمية لتوسيع نطاق برنامج "باكسنانو" استجابة لأزمة الجراد. وفي سبتمبر/أيلول 2021، شرع البنك الدولي في تنفيذ عمليتين تمويليتين إضافيتين بمبلغ 185 مليون دولار لمساندة استمرار شبكة الأمان سريعة الاستجابة لصدمات رأس المال البشري لعامين إضافيين (بقيمة 110 ملايين دولار) وتوسيع مشروع شبكة الأمان سريعة الاستجابة لصدمات الجراد (بقيمة 75 مليون دولار). وكان تمويل مشروع شبكة الأمان سريعة الاستجابة لصدمات الجراد جزءاً من البرنامج الإقليمي الطارئ لمكافحة الجراد باستخدام النهج البرامجي متعدد المراحل الذي تم اعتماده في عام 2020.
الشركاء
استفاد برنامج "باكسنانو" من منصة شراكة واسعة النطاق، كما أتاح التعاون الفعال مع الشركاء إطاراً للتنفيذ الناجح وزيادة مواءمة البرنامج. ويقدم برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) مساندة مباشرة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية لأغراض تنفيذ البرنامج بشكل عام.
لقد قام المانحون وشركاء التنمية، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والعمليات الأوروبية للحماية المدنية والمساعدات الإنسانية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ووكالات الأمم المتحدة مثل برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، والمنظمات غير الحكومية ببذل جهودٍ مشتركة لضمان التعاون الوثيق في تبادل البيانات والتنسيق بشأن الاستهداف السليم للمستحقين.
وقد شجع الحوار المستمر على المواءمة والتنسيق مع المانحين من الوكالات الإنسانية بشأن تصميم البرنامج وتحديد أهدافه. وكانت المساندة المقدمة من الصندوق الاستئماني متعدد الشركاء للصومال، الذي يموله العديد من شركاء التنمية، عاملا أساسياً في تقديم المساعدة الفنية وتوليد المعارف المستندة إلى الأدلة والشواهد للاسترشاد بها في تصميم آليات تقديم الخدمات في برنامج "باكسنانو" (على سبيل المثال، استهداف المستحقين، والسجل الاجتماعي الموحد).
التطلع إلى المستقبل
يسير برنامج "باكسنانو" بثباتٍ نحو تحقيق هدفه المتمثل في تعزيز رأس المال البشري وبناء قدرة 200 ألف أسرة فقيرة ومعرضة للمعاناة (حوالي 1.2 مليون فرد) على الصمود عبر 880 قرية في 21 مقاطعة. ومع ذلك، وحتى تاريخ كتابة هذا الموجز، فقد امتدت مظلة برنامج "باكسنانو" لتغطية 9% فقط من السكان. وفي المرحلة المقبلة، هناك فرصة أمام حكومة الصومال الاتحادية لتوسيع قدرة البرنامج على إفادة عدد أكبر من الأسر الصومالية وإنشاء روابط أفضل فيما بين البرامج الاجتماعية من خلال تدعيم السجل الاجتماعي الموحد، وذلك مع نضوج جانب العرض. ونظراً لنجاح برنامج "باكسنانو" كأول برنامج وطني لشبكات الأمان الاجتماعي في الصومال، فإن البرنامج بصدد توسيع نطاقه وتغطيته للاستجابة للجفاف الحالي واسع النطاق، فضلاً عن انتقاله من تركيزه المبدئي على المناطق الريفية لتمتد مظلته إلى المراكز الحضرية.