Skip to Main Navigation
خطب ونصوص 02/10/2020

التنمية والديون في الاقتصادات الأقل دخلا - نقاش بين كريستالينا جورجيفا وديفيد مالباس

شاهِد إعادة بث الفعالية على موقع البنك الدولي مباشر 

السيد مالباس: أريد أن أبدأ الكلام بالترحيب بكم جميعا، وأرجو من الحضور الترحيب بعودة كريستالينا جورجيفا إلى البنك ليوم واحد، ولذا تغمرنا السعادة لوجودها معنا، إنه أمر مثير للاهتمام.

السيدة جيلبيرن: بداية إنه لُيشرفني شخصيا أن أكون هنا معكم، وأن أوجه بضع كلمات للترحيب بالحضور، وبكل من يشاهدوننا عبر الإنترنت. وهذا نقاش بالغ الأهمية بشأن التنمية والديون في البلدان الأقل دخلا.

اسمي آنا جيلبيرن، ويسعدني أن أكون هنا مع ديفيد مالباس رئيس البنك الدولي، وكريستالينا جورجيفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي. يبدو أمرا في غاية الغرابة أن أُقدِّم هؤلاء الناس في عقر دارهم، ولكن نظرا لأن جمهور المشاهدين من شتَّى أنحاء العالم، فإنني أُوجِّه بضع كلمات عن الخلفية ذات صلة وثيقة بالنقاش الدائر اليوم.

ديفيد بلا شك خبير مُحنَّك في عالم الديون، وأعتقد أننا سنستفيد حقا من خبرته الطويلة عن هذه القضايا. لقد تولَّيتَ مهام في وزارة الخزانة الأمريكية، وعملْتَ في عالم المؤسسات متعددة الأطراف وفي القطاع الخاص، وتُدرِك حقا السبب في أننا ما نفتأ نعاود إثارة هذا الموضوع على نحو يشعر المرء أحيانا بخيبة الأمل، وإلى أي مدى وصلنا. فهل قطعنا شوطا كافيا؟

والآن كريستالينا، عملتِ قبل ذلك في البنك الدولي، ثم في المفوضية الأوروبية، ولك خبرة عميقة جدا في القضايا الإنسانية، وقضايا التنسيق بوجه خاص، والتي تُشكِّل اليوم تحديا جسيما بالنظر إلى كل ما نتعامل معه في هذا الوقت من الأطراف الفاعلة والأدوات الجديدة. فما أسعدني أن أكون هنا اليوم معكم.

أما أنا فأعمل محامية، ولست خبيرة اقتصادية. ولذلك، فإن لدي منظورا مختلفا بعض الشئ في الموضوع الذي سوف نناقشه. لقد أصدر الصندوق والبنك تقريرا مشتركا مخيفا، وأعتقد أنه من الضروري رؤيته في السياق الصحيح. إنهما يصدران كما هائلا من البيانات ودراسات السياسات في هذا المجال، وأعتقد أن هذا مؤشر على القيمة التي يوليها المجتمع الدولي للشفافية في هذا المضمار، مع أن أمامنا شوطا هائلا يجب أن نقطعه لبلوغ هذه الغاية.

وأعتقد أن التقرير الذي سيصدر اليوم ينطوي على شئ من هذا المعنى، أليس كذلك؟ فمن ناحية، توجد طرق كثيرة يمكن أن تصبح من خلالها البلدان الأقل دخلا أحسن حالا، إذ يتاح لها الحصول على التمويل من مصادر جديدة. كما أن مستويات الديون في بعضها آخذةٌ في الانحسار.

وعلى الجانب الآخر، فإن التمويل من مصادر جديدة ينطوي على مخاطر جديدة وتحديات جديدة. والآن، ما الذي ينبغي أن نفعله بشأن حقيقة أن بلدانا كانت تحصل على إعفاء من الديون، بدا بالأمس أن نصفها أصبحت مرة أخرى معرضة للخطر؟ ما الذي يجب علينا فعله بشأن حقيقة أنها من ناحية يتاح لها بدرجة أكبر اللجوء إلى السوق للاستدانة، ولكن بعد ذلك تكاليف مدفوعات الفائدة تفوق معدل النمو؟

ومن ثمَّ، أمامنا 45 دقيقة، وربما أقل من ذلك، سنحاول فيها التطرق إلى ثلاثة موضوعات - وأرجو -على الأقل- أن يمكننا ذلك.

الأول، كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟ ما الذي يُنبئنا به بشأن كل المبادرات التي طُرحت من قبل؟ ماذا تعلمنا؟ 

ما هو وجه الاختلاف هذه المرة؟ كل مرة مختلفة، لكن ما هو الاختلاف الآن؟ ما هي التحديات التي نسعى جاهدين للتغلب عليها الآن؟ والأهم من ذلك ما عسانا أن نفعل بشأنها؟ المؤسسات، والجهات الثنائية المانحة، والمقرضون، والمجتمع المدني، ونحن جميعا.

والآن ثمة ملاحظة إدارية ربما سمعتم بها من قبل. على مقعد كل منكم بطاقة. أرجو منكم تعبئتها. وإذا كانت لديكم أي أسئلة فأرجو منكم أن تمطرونا بالأسئلة، وسيكون هناك على طول ممرات هذه القاعة فيما أظن شخص ما ليقوم بتجميعها من كافة المقاعد. فلنبادر بتعبئتها حتى لا نتزاحم لتوجيه الأسئلة في الدقائق الأخيرة. وإن كنتم تشاهدون عبر الإنترنت فتوجد فيما أظن طرق يمكنكم بها توجيه الأسئلة في موقع البنك الدولي مباشر، أو التغريد مع وسم #DevtandDebt وهو موجود هناك على موقع البنك، ويمكنكم رؤيته.

وبعد ما ذكرت، أنت يا ديفيد مهتم بهذه القضايا منذ وقت طويل، ومازلت محافظا على تفاؤلك، رغم التطورات الأخيرة. فكيف وصلنا إلى هذا الحال؟ من الإنصاف أن نقول إنه حدثت مشكلة ما بين مبادرة تخفيض ديون البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC)، والمبادرة متعددة الأطراف لتخفيف أعباء الديون (MDRI).

السيد مالباس: مرحبا، شكرا. أعتقد إنه أمر جيد جدا أن يشارك محام في هذا النقاش. وإذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء 30 أو 40 عاما، فسنجد أنه كانت هناك قروض مصرفية مشتركة، وشهدت أنواع الديون الكثير من التطوُّر، من منظور كل من الاقتصاد والتمويل والقانون. وهي جميعا تعمل معا على نحو ما بحيث تجعلنا -فيما أعتقد- نشعر بأنه يجب أن نكون متفائلين.

وتتمثل الفكرة في تعبئة مدخرات الآخرين حتى يمكن التركيز على أفضل مشروع أو على أفضل استخدام للمال في أنحاء العالم. ولذلك أعتقد حقا أنه يجب علينا أن ننظر إلى ذلك كله نظرة استحسان. لقد أصدر البنك الدولي في الآونة الأخيرة تقريرا كبيرا عن موجات الديون الأربع. والآن نحن في الموجة الرابعة.

وفيما يتعلق بتصور كيف عدنا إلى هذا الوضع، فإن طبيعة الأشياء - وهو ما تحدثت عنه في وقت ما العام الماضي- هي أنه يوجد تضارب في الحوافز مع الحكومة. فالسياسيون وقادة الحكومة يريدون التحرك السريع، وهذا يعني أنهم لا يفعلون ما فيه الكفاية من حيث معايير الاقتراض الذي يقومون به، واختيار المشروعات، فهل لديهم حقا إستراتيجية توضح كيف سيمضي بلدهم قدما.

وعلى الجانب الآخر، فإن لسان حال الممولين يقول "مرحبا، لدي المال لأقرضه، فهيا نمضي قدما." ولكن من وجهة نظر الناس في البلد المعني، فإن ما يريدونه هو نمو مستدام طويل الأمد يؤدي حقا إلى ارتفاع الدخل الوسيط. 

وهذان الهدفان منفصلان إلى حد ما. ولذلك، فإن أحد الأشياء التي يحاول البنك الدولي عملها هو تشجيع هذه الشفافية --ما أُسمِّيه شفافية الديون والاستثمار-- ولذا نريد من الكيانات السيادية، وأعني بها الحكومات، أن تقول حقا ما هي شروط الديون، وما هو هدف الاستثمار، ثم تفصل بين الاثنين حتى يستطيع الناس تقييم أفعالها، لأنه من الصعب للغاية علينا ونحن جالسون هنا أن نذكر ما هي الحدود التي ينبغي أن تكون عليها الديون. أعرف أنه أمر ممكن حقا. ويمكننا التحدث بشأن كيف ينبغي أن نمضي قدما للنهوض بالشفافية حتى يستطيع الناس تقييمها.

السيدة جيلبيرن: هذا أمر مفيد للغاية.

يا كريستالينا إن أمكنني فقط أن أُسهب في الحديث في هذا الأمر، فإنه من المفترض أن الهدف النهائي هو الوصول إلى السوق، والإدارة الحصيفة للديون، وتعبئة تريليونات الدولارات التي تحتاج إليها هذه البلدان من أجل توفير أمور أساسية مثل المياه النظيفة والتكيف مع المناخ والإغاثة من المجاعة. ما هو مزيج السياسات المناسب؟

السيدة جورجيفا: حسنا، دعوني أولا أقُل لموظفي البنك هنا ما أروع العودة إليكم. وسأكشف لكم عن سر صغير. حينما كنت أتاهب للمجئ، قمتُ باستجماع أفكاري الكبيرة، وآرائي، ولكنني ارتديت أيضا معطفا أحمر خصيصا لكم.

ونقطتي الأولى هي أنه من دواعي سروري البالغ رؤية أنَّنا نبدأ من التنمية ثم نتحدث عن الديون، وهذا على وجه الدقة ما فعله الرئيس مالباس الآن.

تهانينا على العملية التاسعة عشرة لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية التي تتيح 82 مليار دولار للبلدان التي تشتد حاجتها إلى التمويل.

إننا نواجه حقيقة أن التمويل لا يتدفق بسهولة حيثما تبلغ الحاجة إليه أشدها، وقد أجرى صندوق النقد الدولي دراسة خلصت إلى أنه لكي تبلغ البلدان منخفضة الدخل أهداف التنمية المستدامة، فإنه يجب عليها زيادة الاستثمارات بمقدار 15% إضافية إلى 15% من إجمالي الناتج المحلي. وهي زيادة هائلة. 

ومن الواضح أنه يجب علينا أن ندرك أنه إذا كنا نُعوِّل على أن تأتي كل هذه الأموال من خلال الاقتراض وحده، فإننا نرتكب بذلك خطأ فادحا في مشورتنا للبلدان. ولذا، فإن جانبا مهما من النقاش اليوم يتعلق بتعبئة الموارد المحلية، والتأكد من أن البلدان تبني قدراتها الذاتية لتعبئة الأموال من أجل الاستثمار، وأيضا لخدمة أعباء الديون في المستقبل. وإننا نعلم جميعا أن ثمة مجالا كبيرا لتحقيق تحسُّن. ويقول صندوق النقد إنه يمكن زيادة إجمالي الناتج المحلي ما بين 3% و5% مع تعبئة موارد محلية إضافية.

والآن وصلنا إلى مسألة الديون. بعبارة أخرى، فإن النقطة المهمة الأولى في كلامي هي أنه قبل الخوض في الحديث عمن ينبغي أن نقترض منه، يجب أن ننظر إلى الخيارات الأخرى المتاحة لنا غير ذلك. وهذه الخيارات تتمثل في تعبئة الموارد المحلية، ثم تحسين كفاءة استخدام الأموال.

وحينما ننظر إلى الاستثمارات العامة في البلدان منخفضة الدخل، نجد أن العائد 60 سنتا فحسب عن كل دولار من حيث ما الذي يشتريه المال على وجه الدقة. وهو لا يعني أن 60 سنتا فحسب عن كل دولار تشتري شيئا. إنما يعني أنه يمكن تحقيق مزيد من التحسن لجودة الاستثمار.

والآن ننتقل إلى مسألة كيف نقترض وممن نقترض وما هو هيكل الدين. من الواضح أننا حريصون على رؤية بناء مزيد من القدرات على تعبئة الأموال من مصادر خاصة. وقد كان ديفيد صريحا للغاية في تشديده على أهمية ذلك المورد.

ولكن لا يمكن أن يحدث هذا إلا إذا كانت لدينا مشروعات جيدة يمكن تمويلها، ولذلك فإن دور القطاع العام ذو أهمية بالغة من حيث نوعية ما يمكن تمويله وأيضا ما يقترضه القطاع العام، والجهة التي يقترض منها.

وإننا جميعا نعرف الاتجاهات السائدة. ونعرف أنه حدثت زيادة كبيرة جدا في الإقراض من جانب جهات الإقراض غير التقليدي وغير المُيسَّر. ومن الواضح أن هذا مدعاة للقلق. وفي العام الماضي بلغت السندات الدولية في المتوسط 16 مليار يورو في البلدان منخفضة الدخل، وهو ما يزيد على ثلاثة أضعاف، أو أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل ستة أعوام، أو سبعة أعوام. ولا شك أنها تأتي بتكلفة أعلى.

والآن لدينا المقرضون غير التقليديين الذين يأتون خارج آليات التنسيق مثل نادي باريس. ولذا فإن المهمة الكبيرة حقا للبلدان ولمؤسساتنا هي كيف نحقق التوازن في هذا الأمر.

إن الغرض الأساسي من هذا التقرير هو أن نقول إنه يمكن إدارة الديون بشكل أفضل. فلدينا الإطار المستدام لإدارة الديون، الذي يمكن تطبيقه. ويمكننا -كما قال ديفيد- تحقيق الكثير والكثير من الشفافية: من يقرض من، ومن يقترض وبأي سعر، ولماذا؟

واسمحوا لي أخيرا أن أبدي ملاحظتين.

الأولى هي أننا ندرك أننا في عالم ستظل فيه تكاليف الاقتراض منخفضة لفترة طويلة. فأسعار الفائدة منخفضة. والمال رخيص. 

ولكن ليس لهؤلاء القوم. فإذا نظرت إلى سعر السندات الدولية للبلدان منخفضة الدخل، فإنه ليس رخيصا إلى هذه الدرجة. فثمانية أو تسعة في المائة ليست سعرا رخيصا،

ولكن إذا كنت تسعى لتحقيق عائد، إذا كان لديك المال، وتريد عائدا فأين تذهب؟ إنك تذهب حيث يمكنك تحقيق عائد بذلك الحجم. ولذلك، نشهد عواقب وتداعيات غير مقصودة لتدني أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة وأن السعي لتحقيق عائد في البلدان النامية، لاسيما البلدان منخفضة الدخل ينطوي بدوره على المزيد من المخاطر.

وثانيا، فإن الملاحظة الثانية التي أود أن أبديها هي أن لدينا الآن في الكثير من البلدان مكاتب أكثر تطورا في إدارة الديون، ولكن إذا أمعنت النظر في هذا التقرير، فإن إحدى أكثر الملاحظات واقعية وإثارة للقلق هي أنه لا يزال يلزم فعل الكثير. ومن ثمَّ تقع على عاتقنا مسؤولية ضخمة.

السيدة جيلبيرن: إذا كان بوسعي أن أنحِّيك قليلا ثم لعلي أسأل ديفيد أن يتدخل لأنك أخذتنا بلطف إلى الموضوع الثاني، وهو ما وجه الاختلاف هذه المرة، أليس كذلك؟ يوجد الكثير من اللاعبين المختلفين،

ولكن أحد الثوابت -إنه يثير دهشتي وهو ما أثرته أنت- هو أن الحوكمة مهمة للاستثمار ولإدارة الديون كليهما، أليس كذلك؟ ومن ثم إذا كانت البلدان تقترض من الأسواق فإن ذلك خارج إطار مجموعة العشرين، ولابد أن يكون أيضا على مستوى ما. ولعله ينبغي أن تكون لدينا مجموعة أكثر شمولية من القواعد والمعايير، ولكن كيف تضمن أنه بحلول الوقت الذي يتاح فيه لهذه البلدان الوصول إلى الأسواق، تكون لديها بعض القدرات ومهارات الحوكمة الداخلية اللازمة -إن كنت ستفعل- لمباشرة كلٍ من استخدام حصيلة الاستدانة والاقتراض؟

لعل ديفيد ثم كريستالينا، يمكنكما إضافة تعليق.

السيد مالباس: سأضيف إلى كلمات كريستالينا أن تأثير هذا الوضع الذي وصفته في أوضاع تدني أسعار الفائدة لفترة طويلة هو ظهور التفاوت وعدم المساواة. وسأذكر جانبين.

الأول أن البلدان النامية بطبيعتها ستحقق عائدا أعلى وهو ما يعني زيادة التكلفة، وهكذا ينشأ تفاوت من قبيل - إن أردت أن تسميه- بين الشمال والجنوب أو بين البلدان المتقدمة والنامية،

ولكن داخل البلدان، يوجد أيضا تفاوت ينبع من حصول مؤسسات الأعمال الأكبر والأكثر رسوخا على المزيد من الأموال. وهكذا، نحن في بيئة تؤدي بوضوح إلى اتساع مشكلة التفاوت التي نسعى لمعالجتها. 

ومن ثمَّ، أعتقد أن جانبا مهما من الشفافية حتى تترسَّخ بعض الشئ -- فإنه يجب أن تتاح للبلدان أوضاع تمويل يمكن فيها حقا تمويل أنشطة التعليم والرعاية الصحية، ولكنها في بيئة مناوئة بحكم طبيعتها لذلك النوع من التمويل. ولهذا السبب أعتقد أن الحاجة ملحة إلى أن تمضي هذه المبادرة قدما في ضوء هذا الفهم.

والآن فيما يتعلق بمنظومة الحوكمة، فإنها تدخل في صميم كيف تتخذ البلدان قراراتها. وفي هذا الشأن، فإن البنك الدولي كما تعلمون يمتلك خبرات ممارسة عملاقة في مجال الحوكمة كانت فعالة على وجه الخصوص في البلدان التي تسعى لبناء القدرات، وهو تعبير رائع لكنه قد يعني أي الوزراء لديه سلطة توقيع عقد. إذا كنت ستوقع عقدا فهل سيتم الإفصاح عنه؟

إن إحدى المشكلات العملية التي نتعامل معها الآن هي بعض المقرضين الجدد، المقرضين من غير أعضاء نادي باريس -- وأعتقد حينما نتحدث عن ذلك، أن الناس سيعتبرون في بعض الأحيان أن الصين تندرج في تلك الفئة. إنهم ليسوا أعضاء في نادي باريس. وقد عززوا عملياتهم الإقراضية، وهو أمر جيد إلى حد ما. ونحن نريد مزيدا من الإقراض للبلدان النامية. ولكنه يعني أيضا أن من الضروري إمعان النظر في شروط التعاقد بطريقة تعاونية على الصعيد الدولي. ولذلك، في بعض الأحيان تتضمن عقودهم بندا "لعدم الإفصاح" يمنع البنك الدولي أو القطاع الخاص من الاطلاع على مضمون شروط العقد.

ومن ثمَّ، من الناحية العملية، ونحن نتحدث عن الحوكمة، فإن جانبا منها هو الوضوح التام في التعاقدات مع الحكومات السيادية، فرجاء ألا تضمنوها بند "عدم الإفصاح". ليْتَ الحكومات تفصح عن شروط كل من الديون والاستثمار. 

وقد أرسلنا في الآونة الأخيرة فريقا إلى الصين ليبحث معهم تلك المسألة. وتريد الصين أن تعمل - وهي تبحث عن طرق للعمل- مع العالم بشروط تعاقد تكون أكثر اتساقا مع ما اعتاد العالم عليه.

السيدة جورجيفا: حسنا، دعوني --

السيدة جيلبيرن: كريستالينا، إذا كان لي أن أزيد على هذا وأن أُعزِّز إجابتك، وهو -لأكون صريحة- أنني كنتُ أجد صعوبة في تحقيقه بالنسبة للصين. فبند عدم الإفصاح موجود في إطار مجموعة العشرين. وإذا كنتُ مقرضا جديدا، وليس لي خبرة بفترة الثمانينيات والتسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، وأجد متاحا أدوات دين مختلفة وبنود "عدم الإفصاح" فلماذا ألجأ إلى نادي باريس؟

السيدة جورجيفا: حسنا سأجيب على هذا أولا، ثم أعود إلى سؤالك الأوسع ما الذي يمكن عمله حتى تكون البلدان أفضل استعدادا.

إننا نعيش جميعا في عالم يتسم بدرجة كبيرة من الاعتماد المتبادل، وهو عالم أكثر عرضةً للصدمات. ولا داعي إلى أن أقول المزيد اليوم بالنظر إلى مقدار ما تسببه بالفعل صدمة مُعيَّنة - فيروس كورونا- من أوجاع ومتاعب للناس والاقتصاد.

وفي هذا العالم الأكثر تعرضا للصدمات الذي يتسم بقدر أكبر من الاعتماد المتبادل وإمكانية التعرض للصدمات، من مصلحة الجميع تحسين مستويات الشفافية، وتحسين آليات الإبلاغ، لأنه في نهاية المطاف سيوجد مقرضون متضررين. ونحن نعرف ذلك،

ولكن الأهم من ذلك، أن البلدان التي تفتقر إلى الشفافية الكاملة، وليس لديها معرفة كاملة بما تحويه السجلات والدفاتر، فإنهم على الأرجح لن يفعلوا هذا من حيث تحقيق النمو وبناء اقتصاداتهم. وقد أجرت مجموعة من الخبراء الاقتصاديين فعلا تحليلا أظهر أن الديون التي لا يمكن الاستمرار في تحمل أعبائها تقوض النمو.

وعليه، إن كنت أحد الناس، الصين أو غيرها، وأردت تحقيق عائد جيد على استثماراتك، فإنه من مصلحتك العمل إطار مزيد في من الشفافية. هذا أمر بديهي، فما هي المشكلة؟ الأجل القصير في مقابل الأجل الأطول. في الأمد القصير، إذا استطعت استخلاص عائد أكبر، وكنت تتمتع بحماية أكبر، فستجنح إلى أن تفعل ذلك، ولكن في الأجل المتوسط/الطويل، ستتلقى ضربة على اليد للتحذير. 

وما نراه الآن هو أن الصين وفيما يتعلق بذلك الأمر مقرضين جددا آخرين أصبحوا أكثر وعيا بذلك الأمر، لأنهم يواجهون بالفعل أوضاع ديون يصعب الاستمرار في تحمل أعبائها وتجعل استثماراتهم في خطر.

وفي الواقع، كما يدرك ديفيد وأنا تماما، ثمة رغبة شديدة في إيجاد برامج إقراض أكثر تنسيقا في الصين، والمعرفة في الصين بشأن من يقرض من وماذا يقرضه، لأنه توجد مشروعات مملوكة للدولة، ويوجد الإقراض الرسمي... واليد اليسري واليد اليمني ليستا بالضرورة متسقتين تماما.

وأعتقد أن المصالح الذاتية ستلعب دورا مهما. وكون البلدان أكثر حزما بكثير في حماية أنفسها من خطر التخلف عن سداد القروض يلعب دورا مهما. ولا شك أن للمؤسسات مثل مؤسساتنا --البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرهما- دورا بالغ الأهمية ينبغي أن تضطلع به.

وأريد - أنت سألتنا ما الذي يجري عمله، وما الذي يمكن عمله، وأريد أن أضيف عنصر الواقعية، لأننا في العام الماضي-في يونيو/حزيران أو يوليو/تموز اعتمدنا إطار القدرة على الاستمرار في تحمل الديون.. الإطار الجديد للقدرة على تحمل الديون في المؤسستين كلتيهما في الوقت نفسه. أظن أنه في يونيو/حزيران. بل يوليو/تموز. حسنا. يوليو/تموز من العام الماضي. عفواً، في يوليو/تموز 2018، اعتمدنا هذا الإطار، وهذه فترة زمنية قصيرة، ولكن منذ ذلك الحين، من بين البلدان التسعة والستين التي يغطيها هذا الإطار، أُجرِي بالفعل تحليل القدرة على الاستمرار في تحمل أعباء الديون في 53 بلدا، واتخذت تدابير لتحسين مستويات إبلاغها. وفي 11 بلدا، تحسنت مستويات شفافية الديون تحسنا ملموسا.

وأود أن أذكر السنغال كمثال حيث أصبحنا نعرف اليوم المزيد عن ديون السنغال، ولأكون أكثر دقة، فإنها تعادل 10% من إجمالي الناتج المحلي. وحينما التقيتُ بوزير مالية السنغال، لم يكن سعيدا، لأن الأمر بدا وكأن الديون زادت. لكنها لم تزد. وأصبح الأمر الآن واضحا، واضحا لمتخذي القرار، ومن ثم يعرفون حجم الحيز المتاح لهم للاقتراض من أجل الاستثمار في المستقبل. 

وأسمع ذلك من الجميع في هذا المجال، يقولون على الرغم من أنه كان هناك بعض تراكم الديون، فقد شهدنا خلال العامين الماضيين حقا استقرار مستوياتها. وأجرؤ على القول بأن تحرِّي مزيد من الشفافية، وتحسين مستويات الإبلاغ هما جزء من الصورة في السعي لتحسين المسار الخاص بالديون.

السيدة جيلبيرن: وذلك يقينا خبر سار من التقرير. إنه أحد التطورات المثيرة جدا للإعجاب التي يسلط التقرير الضوء عليها، لكنني أريد أن ألعب دور المدافع لدقيقة واحدة، فأنتم ترون زيادة قدرها 10%، لكن هناك مع ذلك الكثير المخفي -- ربما ليس في السنغال، لكن هل يواكب الإفصاح والقدرة على الإفصاح -لأنني لا أجد تعبيرا أفضل- القدرة على المراجحة لأولئك الذين لا يفصحون.

وليست الصين فحسب. أقصد أن هذا أحد الأشياء. فالنظام يغلب عليه التجزؤ والتفتت الشديد، أليس كذلك؟

السيدة جورجيفا: ولكن في الواقع إذا قرأت التقرير فستجد أنه واقعي جدا في هذا الصدد. إنه يقول إن قدرات الإدارة في كثير من الحسابات لاتزال ضعيفة نسبيا في البلدان منخفضة الدخل. وهكذا نواجه ازدواجية. فتعقيد أدوات الإقراض يزداد. وتعدُّد مصادر الإقراض يزداد. والقدرة على المعالجة تنحسر. وأعتقد أنه من المفيد للغاية أن نجري هذه المناقشات، وأن نتحدث في هذا الأمر، والأهم من ذلك أن نأتي بأمثلة عملية كيف يمكن تحقيق تحسينات.

وهنا في هذه القاعة أرى أناسا كرسوا جل جهدهم لبناء القدرات في البلدان منخفضة الدخل من أجل الاستثمار على نحو أفضل وتحسين معايش الناس وأرزاقهم. وأعتقد أننا كلما استطعنا نشر تلك الفكرة في القطاع الخاص، بين أولئك الذين لم يقتنعوا بها وحاولنا زيادة عددهم قدر الإمكان، كان ذلك أفضل.

ويجب ألا ننسى أبدا: في نهاية المطاف، أن البلدان هي التي يمكننا مساعدتها. والناس يشعرون أنه عند هذه النقطة سأدلي بوجهة نظر مألوفة الآن للكثيرين. فنحن نستطيع أخذ الحصان إلى الماء، ولكن لا نستطيع حمل الحصان على أن يشرب. وهكذا، يتعين علينا بذل المزيد حتى يقبل الحصان على الشرب على أساس الشواهد الجيدة والرغبة الذاتية.

السيدة جيلبيرن: والآن، أود قضاء الوقت الباقي قبل الأسئلة والأجوبة في مناقشة بعض أنواع الوصفات المتصلة بالممارسات وتدخلات السياسات التي تكون ممكنة أو حتى يجري بالفعل تطبيقها بالنسبة للمؤسستين والمانحين ولنا جميعا.

وسأكون مخطئة إذا لم أذكر إعادة هيكلة الديون، أليس كذلك؟ وهذا أمر لا شك أنكما على دراية تامة به. وعلى مدى عقود كانت المؤسستان حقا تقدمان ابتكارات في هذا المجال، وهو أمر مدهش وفي الوقت نفسه يبعث على الإحباط الشديد.

ومع الأطراف الفاعلة الجديدة، والأدوات الجديدة، حتى إذا كان الجميع يعملون بحسن نية، ويحاولون بذل قصارى جهدهم، فإنه يوجد قدر هائل من أعمال الترجمة التي يجب إنجازها حتى يصبح الجميع على وفاق، ويستثمرون في نظام يمكنه تحقيق نتائج مستدامة. 

ديفيد، هل لك أن تستهل الحديث في هذا الموضوع. وأما كريستالينا فأود أن أستمع إليها بشأن أين نحن في مراجعات صندوق النقد للسياسات في هذا المجال.

السيد مالباس: هناك عدة جوانب في هذا الشأن. ولذا أريد أن أطرح مجموعة من العبارات الدارجة الطنانة حتى يعرف الناس حجم التحدي.

بينما ننعم النظر في شفافية الديون تُشكِّل المشروعات المملوكة للدولة تحديا. فأي المشروعات تريدون احتسابه، وما هي شروط الالتزامات الطارئة التي تحملتها البلدان؟

إنك أوضحت ما الذي يجعل الصين تتوخى مزيدا من الشفافية، لكنني أعتقد أن كريستالينا كانت تقول إذا أخذت الحصان إلى الماء، فإن ذلك يصدق أيضا على البلدان المقترضة، كيف نجعلها تقبل على أن تفعل ذلك؟ لأن إغراء إعطاء ضمانات، وتقديم رهون على أصولها حينما لا تحصل على القيمة الكاملة للقيام بذلك، وتهيئة بيئة تسعير تقوم فيها بتسعير سلعة أولية مُعيَّنة بأقل من قيمتها على فترة زمنية طويلة من أجل الحصول على المال مقدما.

وهذه كلها مشكلات فردية حقيقية تحدث. ولذلك، حينما نمعن النظر في إعادة هيكلة الديون، أعتقد أنه لابد أن نصل إلى نتيجة مؤدها تقريبا - أنه ينبغي أن يحدث تقسيم ما لمختلف أنواع الديون وما هي الأدوات التي ستستخدم للقيام به. أي البلدان يحتاج إليه، وأيها يحتاج إليه على نحو يكفل لها تحقيق تنمية أفضل على المدى البعيد؟ وإذا بادرت على الفور وقلت إني سأتحمل هذا الدين لكني أنوي إعادة هيكلته، فلن يكون ذلك السبيل الصحيح إلى التنمية.

ولذلك، أعتقد أننا قد نكون بحاجة إلى آلية مُعيَّنة من أجل البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية، وأقصد بذلك البلدان الأشد فقرا. في إطار العملية التاسعة عشرة لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية لدينا آلية جديدة هي سياسة تمويل التنمية المستدامة، وهي عبارة عن إطار مستدام للتنمية سيكون فعَّالا للغاية في تلك البلدان. إننا سنحتاج إلى شئ خاص أو سيتعين إيجاد شئ خاص من أجل الأرجنتين لأنها كبيرة جدا، وفي أسفل القائمة. لم أقصد التحذير.

السيدة جورجيفا: لا، أنا سأستطرد من حيث توقف ديفيد. في عالمٍ كان المنتدى التقليدي لإعادة هيكلة الديون فيه هو نادي باريس ولكنه لم يعد السبيل إلى هذه الغاية، يجب علينا العمل على شقين. 

الأول هو توسيع نطاق التعاون الدولي بشأن تحقيق القدرة على الاستمرار في تحمُّل أعباء الديون. ومرة أخرى في هذا الصدد، للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي دور كبير يجب أن يضطلعا به. ولمجموعة العشرين أيضا دور كبير ينبغي أن تؤديه. ويجب أن يتركَّز الاهتمام على هذا،

ولكن الشق الثاني هو مسار يصل بنا إلى حيث توجد القدرة على الجمع معا بين مقرضي القطاع الخاص ومُصدري السندات الدولية والجهات المانحة غير التقليدية -- عفوا، أقصد المقرضين، المقرضين التقليديين،

ولكن المسار الثاني يهدف إلى مجرد تحسين عملية تراكم الديون. ونشهد الآن اهتماما أكبر بكثير على بنود العمل الجماعي في الإصدارات الجديدة للسندات. وقد بلغني أن 87% من البلدان منخفضة الدخل في هذا التقرير تسير في ذلك الاتجاه.

ويقول لنا هذا التقرير أيضا إن هذا صحيح لكن من الناحية النسبية فإن العمليات الإيجابية والشاملة في الوقت ذاته لإعادة هيكلة الديون التي جرت في الآونة الأخيرة كانت مؤلمة وغير ناجعة إلى حد كبير. فإما أنها أخطأت في تحديد حجم ما ينبغي إعادة هيكلته من الديون، ولذا تعيَّن إجراء إعادة هيكلة ثانية، أو كانت طويلة الأمد، أو لم تشارك فيها جميع الأطراف. ولذا ينبغي أن ندرك أن هذه حقيقة مؤلمة جدا للبلدان التي تواجه تلك العملية.

وأخيرا، وبالتأكيد ليس آخرا، يجب أن نضع في اعتبارنا أنه في هذا العالم الذي يشهد ضغوطا من أجل إعادة هيكلة الديون، فإن أفضل ما يمكننا عمله هو التشديد بقوة أكبر كثيرا على الوقاية، لأن الوقاية خير من العلاج. وينبغي ألا تصل إلى هذا الوضع في الأساس. 

وبالنسبة لكثير من البلدان، أرى حقا أنها حينما تواجه متاعب بشأن الديون، فإنه يجب عليها أن تتوخَّى الجدية فيما يتعلق بإطار العمل المصغر الذي ربما ساهم في الوصول إلى هذا الوضع في الأساس. وأعتقد أنه مهما كان الطريق الذي تسلكه، لا بديل عن انتهاج سياسات رشيدة.

السيد مالباس: هل يمكنني --؟

السيدة جيلبيرن: رجاءً أجل. 

السيد مالباس: نقطة صغيرة، وهي الأولى التي أدليتُ بها، إنها عن تضارب الحوافز. فحينما نتحدث عن إعادة هيكلة الديون، يجب علينا أن ندرك أن قادة البلد المعني قد يرضون بشئ أقل مما يحتاج إليه حقا شعب ذلك البلد، لأنهم ينظرون إليه ويقولون حسنا إذا كنتم ستؤجلون دفع أقساط ديوني لاربع سنوات، فإن ذلك يخدم فترة ولاية منصبي أو الآفاق في الأجل القريب. وهكذا، من الضروري إيجاد حل ما من خلال ما يمكن -في اعتقادي- أن تسميه التعاون الدولي لتقول يجب علينا أن نسعى إلى تحقيق مصالح الناس على خير وجه، وحين تجرى إعادة هيكلة الديون، ينبغي تقييمها تقييما نزيها، والحرص على أن تكون عميقة بما فيه الكفاية لإحداث تحسن حقيقي في معايش الناس وأرزاقهم.

السيدة جيلبيرن: وهذا أمر بالغ الأهمية، وأود حقا أن أستحثكما على أساس هذا التوجه، ونحن نخوض بيسر في الأسئلة، بل قد نجيب على الأسئلة عند ورودها دون علم بأن ذلك هو ما سنُسأل عنه. وهذا أمر رائع.

وهكذا يشير هذا التقرير إلى أن المزيد والمزيد من عمليات إعادة الهيكلة تجري خارج نطاق برنامج صندوق النقد الدولي، وبدون برنامج للصندوق، أليس كذلك؟ وهكذا، في الأيام الخوالي كانت هذه الأوضاع تؤدي -وهو أمر مألوف كما أنا متأكدة أنك تعلم- إلى ضائقة ديون. ومن ثم يكون اللجوء إلى صندوق النقد الدولي. ثم الذهاب إلى نادي باريس. وتحصل آنذاك على معاملة مماثلة من أي شخص آخر، وعلى تمويل جديد للخروج من ضائقتك. ولم يكن الأمر قط بهذه السلاسة، لكنها سلسلة خطوات متتالية.

في عالمٍ -كما قلتَ- لم يعد فيه نادي باريس مركز الجاذبية، وتوجد مصادر بديلة للتمويل، كيف تتأكد من أن إطار السياسات يفضي إلى نواتج مستدامة، ولكن قبل فوات الأوان--

السيد مالباس: هل لي أن أضيف نقطتين ثم أتحول إلى كريستالينا؟ توجد بنوك تنمية أخرى متعددة الأطراف عدا البنك الدولي. وأود أن أزيد سؤالك تعقيدا. إذا وُجدت كيانات أخرى يمكنها الحصول على التمويل بتكلفة منخفضة جدا في الأسواق الدولية وتصر على إقراض بلدان بشروط مُيسَّرة للغاية فإن ذلك يؤدي إلى تفاقم الصعوبات.

وهل يمكنني أن أضيف إلى ذلك القطاع الخاص؟ وهكذا، في هذه البيئة ذات العائد المنخفض التي تشتري فيها البنوك المركزية كميات هائلة من الديون الحكومية، سندات حكومية طويلة الأجل، وهو ما يظهر على امتداد منحنى العائد، ما الذي يفعله ذلك هو أنه يُخلِّف وضعا لا تستشرف فيه عمليات إعادة هيكلة المستقبل كما كانت من قبل.

السيدة جورجيفا: إن المشكلة التي نحن بصددها تتطلب عملا مكثفا أكثر بكثير مما كان في الأيام التي تصفها. أعني أنه ينبغي أن نواجه الأمر. فلقد تغيَّر العالم. وسيستمر في التغير. حينما كنت يافعة، عشت في وسط عاصمة، وكنت أغادر شقتي ولا أوصد الباب لأنه لم يكن أحد ليجرؤ على أن يسرق شيئا منَّي. لقد ولَّت تلك الأيام. 

وعلينا أن ندرك أننا في عالم أكثر تعقيدا. إنه عالم متعدد الأقطاب، متعدد الوظائف. وما يتطلَّبه ذلك من أناس أمثالنا، ومن المؤسستين اللتين نُمثِّلهما، ومن الجميع هو مزيد من الأعمال التحضيرية، ومزيد من التواصل، ومزيد من السعي بلا كلل، لأننا إذا لم نضطلع بمهمتنا كما يتطلبها العالم اليوم، فسوف نخذل البلدان الفقيرة ونتخلَّى عنها.

ليس الوضع كما لو أن البلدان منخفضة الدخل تريد أن تكون في خضم أزمة ديون كبيرة. وهي لا تريد ذلك في أغلب الأوقات. فلديها البعد السياسي للانتخابات وما إلى ذلك، ولكن مع إدراك أنه يوجد اختلاف كبير في المعارف والقدرات والمهارات بشأن ما يتم تقديمه من أدوات الدين، ومصادر هذه الأدوات، وكيف تُدار هذه الديون في عدد كبير من البلدان منخفضة الدخل، وأن هذا الميزان يجب تصحيحه بنشاط مع كل ما يتطلبه من مضاعفات-- لذلك، ربما أختم تعقيبي بهاتين الكلمتين: الأعمال التحضيرية.

السيد مالباس: ربما أجعل وجهة نظري أكثر تحديدا وأدعو صندوق النقد الدولي إلى المساعدة في هذا الأمر. إننا نشهد وضعا تميل فيه المؤسسات المالية الدولية الأخرى، وإلى حد ما مؤسسات تمويل التنمية ككل، ويقينا وكالات اعتمادات التصدير الرسمية في العادة إلى التسرُّع في الإقراض، وإلى زيادة مشكلة مديونية البلدان.

ففي باكستان، يضخ البنك الآسيوي للتنمية مليارات الدولارات في وضع ينطوي على مشكلات تتعلق بالمالية العامة. وفي حالة أفريقيا، يضخ البنك الأفريقي للتنمية مبالغ كبيرة في نيجيريا وجنوب أفريقيا وبلدان أخرى دون أن يصاحب ذلك برنامج قوي للحفاظ على هذه الأموال والمضي بها قدما. وفي كازاخستان، يُقدِّم البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير قروضا في أماكن تُنفِّذ فيها مؤسسات أخرى الكثير من الأعمال، وبعد ذلك يأتي الاستثمار المستند إلى أسعار الفائدة المنخفضة.

وهكذا، أصبحت لدينا مشكلة حقيقية تتمثل في أن المؤسسات المالية الدولية نفسها تساهم في تفاقم أعباء الديون. وبعد ذلك، تُبذل ضغوط على صندوق النقد الدولي لدراسة هذه الأوضاع وبحث ما فيه المصلحة الفضلى للبلد المعني.

السيدة جورجيفا: هل يمكنني القول لأنني توقفتُ في منتصف ما كان ينبغي أن أقوله. والنصف الآخر هو أنه في هذا العالم الأكثر تعقيدا تقع على عاتقنا مسؤولية هائلة بأن نسائل أنفسنا: من نُقرِض، ولماذا نُقرض، وكيف نتأكد من أنه لا يكمن وراء البرامج التي نساندها جبل من الديون المخفية عن أعين العامة؟ تلك المساءلة لأنفسنا ذات أهمية بالغة. 

وأريد أيضا أن أقول إن لدينا 26 برنامجا في أفريقيا. فليس الأمر وكأن الصندوق غير موجود هناك. فنحن منخرطون في الكثير من هذه البلدان. وأنا أدرك تماما مثلما يدرك الموظفون التابعون لي أن المسؤولية الملقاة على عاتقنا في التشجيع على شفافية الديون، والقدرة على الاستمرار في تحمل أعباء الديون في هذا العالم المعقد الجديد أكبر من هذا بكثير.

السيدة جيلبيرن: المثير للاهتمام في هذا الحوار الأخير هو أن المؤسسات التي ذكرتها ليست هي المؤسسات متعددة الأطراف الجديدة، أليس كذلك؟ فهذه المؤسسات يرجع تاريخها إلى منتصف القرن العشرين. وحقيقة أننا نجد صعوبة في التنسيق فيما بين مؤسسات راسخة يجلس أصحاب المصلحة فيها حول نفس المائدة منذ عقود تبعث على القلق بعض الشئ بشأن ما تُنبئنا به بشأن قدرتنا على إدخال مؤسسات جديدة.

السيد مالباس: ناهيك عن بنك الاستثمار الأوروبي الذي يضخ أموالا أكثر حتى بشروط أيسر من تلك التي ذكرتُها من قبل. ولذلك، كان هناك الكثير من التركيز على البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، لكنه كان إلى حد ما أفضل في جانب التنسيق. إن مقره في بكين، لكنه سعى إلى اعتماد معايير مساوية لمعايير البنك الدولي، وهم يفصحون بصراحة في هذا الشأن. ولذلك، فإنه من الناحية العملية تسبَّب في مشكلات في هذا المجال أقل مما تسبَّب فيه بعض الآخرين.

والآن لا يُنبئ ذلك بما سيحمله المستقبل. لكن وجهة نظرك صحيحة تماما. فقد كان التنسيق التقليدي هو أكثر الأمور إشكالا وتعقيدا حتى الآن.

السيدة جيلبيرن: والآن، لماذا لا ننتقل إلى الأسئلة، لأن بعض هذه الأسئلة اقتربنا من فحواها لكن لم نكمل الإجابة عنها.

ولذلك، لن تندهشوا من أن السؤال الأول هو هل ستؤدي آلية عالمية لإعادة هيكلة الديون السيادية إلى مزيد من التنسيق بين الدائنين؟ اسمحوا لي أن أرجع خطوة للوراء مع سياق أكبر بعض الشئ. أنت ذكرت بنود العمل الجماعي، يا كريستالينا. هذا صحيح تماما. ولدينا نموذج قوي على مائدة البحث، وإلى الحد الذي تكون فيه أسرع فئات الديون نموا في الكثير من هذه البلدان هي السندات الدولية، والسندات بالعملات الأجنبية، 87% وليست 100، لكنها بحالة جيدة إلى حد ما. بيد أن جزءا من تعقيد المسألة هو أنه بالنسبة لمعظم هذه البلدان لا يُشكِّل هذا الجزء الأعظم من الديون. قد تكون الفئة الأسرع نموا، لكنه رصيد من الديون غير متجانس إلى حد بعيد.

وبعض الشروط -- حينما ذكرتِ في وقت سابق ضمانات الديون، ومختلف المقترضين، ومختلف المقرضين، ومختلف الضمانات، إنه عالم مُعقَّد تعقيدا رهيبا. مع ديون القطاع الخاص، وحتى ديون البلديات، وهو ما تتعلق به حالات الإفلاس، أليس كذلك؟ لماذا لا يعاد النظر في تلك الفكرة؟ ألا يتمتع القطاع الخاص الآن باستعداد للقيام بذلك الآن، بما أنه بشكل أو بآخر ضمن الأقلية على الطاولة؟

السيدة جورجيفا: يعني التعقيد أننا نواجه صعوبةً في التنسيق بين الدائنين أكثر مما كنا نلقاه من قبل، ولكن ذلك لا يعني أنه ليس علينا أن نحاول توسيع إطار العمل الذي يتيح لنا تحقيق فعالية أكبر في إعادة هيكلة الديون. ولذا أقبل وجهة نظرك. والإجابة على سؤالك هي نعم، بالتأكيد، يجب علينا البحث عن سبل يمكن بها تدعيم التنسيق والتعاون بشأن الديون.

ويجب أيضا أن ندرك أن علينا التحلي بالصدق الشديد، والتصرف على هذا الأساس حينما يتصل الأمر بالأوضاع التي تتسم بغياب القدرة على الاستمرار في تحمل أعباء الديون. إنني أنظر إلى توجيهاتنا من أفريقيا. ويتبادر إلى الذهن الوضع في موزامبيق حيث كانت تفتقر إلى القدرة على الاستمرار في تحمل أعباء الدين، ولذلك كان يجب اتخاذ إجراءات للعلاج. وأعتقد بالنسبة لنا في عالم المنظمات الدولية، كيف يمكننا التحلي بالشمولية وعدم الإقصاء، والقيام بالأعمال التحضيرية، وفي الوقت نفسه توخي الصدق والحزم في العمل؟ هذا أمر يجب علينا تبنيه، وإلا فلا أظن أن ديفيد وأنا سنؤدي أعمالنا.

ولنتذكر السبب في قلقي الشديد بشأن الديون في البلدان منخفضة الدخل، لأن ما يعنيه ذلك هو أنه إذا لم تدار الديون إدارة صحيحة، فإن أسعار الفائدة التي تكون في الغالب مرتفعة تنتزع موارد ثمينة من استثمارات الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية، تنتزعها من الناس الذين هم في أشد الحاجة إلى استثمارات ذات جودة. وتلك هي المسؤولية الهائلة التي نتحملها من أجلهم.

السيد مالباس: صحيح تماما. نقطة واحدة، هل يمكنني توجيه نداء للحث على شفافية الديون والاستثمار؟ فأنا أعتقد أنه من الصعب للغاية اليوم حل مسائل إعادة الهيكلة، وما ينبغي عمله في مسائل القطاع الخاص، ولكن نقطة البداية التي يصعب على الجميع اتخاذها، على كلٍ من المدينين والدائنين والمؤسسات الدولية، هي تحديد الديون ومحاولة الإفصاح عن شروطها. 

ولذا أود حقا أن تستمروا في التركيز على ذلك وتدركوا أنها حاجة ملحة. ولا أقصد أنها تبدو مستعصية. ألا يمكننا معرفة ما هي - كما ذكرت- ديون السنغال؟ لكننا وجدنا في البنك الدولي ذلك صعبا للغاية حتى أننا سلكنا مسارا مختلفا محاولين --أو مازلنا نحاول- إعداد رسم بياني لكل الديون، والاكتفاء ببلدان فرادى على سبيل التجربة. وهكذا، خذ مثلا أنغولا أو السنغال أو نحوها ولنحاول رصد كل ما نستطيع رصده بشأن كل الأنواع المختلفة للديون التي يجري أخذها والشروط المتصلة بها. الدلائل تشير إلى أنه سيكون صعبا للغاية.

وأنت يا آنَّا سمَّيتها أنه في كل مرة تم فيها تحديد نوعٍ من أنواع الديون أو طريقة لإضافة دين، استطاع المقرضون والمقترضون إيجاد طريقة جديدة للقيام به وطريقة مختلفة لم تلق قبولا من النظام القائم. ولذا نحاول التحرك بأقصى سرعة ممكنة لتحديد أكبر قدر ممكن من الديون، مع تصور أن ذلك سيفضي إلى التعامل السليم في مرحلة لاحقة.

السيدة جيلبيرن: لدينا الكثير من الأسئلة المثيرة جدا للاهتمام، وما أحاول عمله هنا هو تجميعها في فئات. ومنها-على وجه الخصوص- سؤال أريد أن نبدأ به. سنعود أدراجنا إلى حلم حياتي، إعادة هيكلة الديون، ولكن يجب ألا ننسى تمويل التنمية، وهو ما بدأتِ به يا كريستالينا.

وفي هذا الصدد لدينا سؤالان.

من يقوم بتمويل البلدان النامية لو عطَّلنا المؤسسات المالية الدولية، وكالات ائتمانات التصدير في الصين؟ لا أظن أن أحدا يقترح تعطيلها، لكني أعتقد أن المسألة الأوسع هي من أين ستأتي كل هذه الأموال؟ وإذا تحلَّى الجميع بالصدق وكانوا فوق الشبهات وأفصحوا عن جميع التكاليف، ألن يؤدي إلى إثارة احتكاكات--لعل هذا هو الأمر المستحب؟

والآن، هل لي أن أضيف سؤالا آخر دار بخلدي وهو من الفئة نفسها، كيف يمكن لبرنامج مثل الصندوق العالمي للتمويل المُيسَّر أن يساهم في--سأعيد الصياغة-- البلدان متوسطة الدخل المثقلة بالفعل بديون كبيرة، ولكن بصفة أعم كيف يتواءم هذا مع المعتقد الخاص بالقدرة على الاستمرار في تحمل أعباء الديون؟ وما السبيل إلى معالجة الديون دون التسبب في إنهاء برامج كهذا أو تقليصها؟

السيد مالباس: هل لي أن أتناول السؤال الأول، من الذي يُموِّل؟ فالشواهد التجريبية تظهر أنه إذا توخت البلدان الشفافية، فإنها تستطيع حقا الحصول على التمويل بسعر فائد أقل. ولذا، أعتقد أنه ينبغي أن نتخذ شكلا من نموذجنا، لأنه يوجد الكثير من المدخرات في العالم التي ستبحث عن مقترضين يريدون التحلِّي بالشفافية ولديهم مشروع استثماري شفاف يمكنهم الدخول فيه. وأنا أقل قليلا-- وأتفق على أن تلك مسألة ينبغي إثارتها، لكنها ليست إلى حد كبير-- فهذا ليس مشروعا لقطع التمويل. إنما لتيسير وتعبئة تمويل أكبر بكثير.

السيدة جورجيفا: اسمحوا لي--أنا اتفق مع ديفيد على أن شفافية الديون وسيلة لجلب مزيد من التمويل للبلدان منخفضة الدخل. ولكني أريد أن أجيب على سؤالك الثاني بشأن الصندوق العالمي للتمويل المُيسَّر وماذا عن التسهيلات التي من هذا القبيل. 

بالنسبة لمن هم ليسوا على دراية بالمصطلح، فإنه صندوق لتخفيض أسعار الفائدة على القروض إلى البلدان متوسطة الدخل المتأثرة بعوامل خارجية، وبتحديد أكبر بنزوح اللاجئين السوريين في الأردن أو لبنان، أو لهذا الأمر الفنزويليين في كولومبيا. وما يفعله الصندوق هو أنه يحصل على أموال من المانحين لا ليضخها في البلد المعني كتمويل من المانحين، وإنما ليُخفِّض تكلفة الاقتراض حتى يمكن القيام باستثمار واسع النطاق، بما في ذلك في مجالات قد تنطوي على تحقيق عائد أكبر. وأعتقد أنه نموذج جيد يتيح للتمويل أن يقطع شوطا أكبر، ويؤدي إلى توفير قدرات مؤسسية، وإعداد المشروعات، والإشراف عليها. وفي الواقع، إننا في صندوق النقد الدولي أقل كثيرا من البنك الدولي من حيث تقديم التمويل المُيسَّر. فلدينا نحو مليار دولار فقط مُخصَّصة لبرامجنا التي تكون أسعار الفائدة عليها صفرا. ونحن نُفكِّر في دراسة هذه الأدوات. هل من سبيلٍ أفضل لخدمة البلدان التي تشتد حاجتها إلى مزيد من التمويل؟ في الواقع، إننا ندرس نموذج الصندوق العالمي للتمويل المُيسَّر على اعتبار أنه قد يكون مفيدا. وإطالة أمد قروضكم حتى يمكنكم تحقيق نتائج أكثر بكثير من حيث توليد النمو والوظائف في البلدان التي تمر بضائقة. 

السيدة جيلبيرن: لدينا-- هذا واسع الثراء والمعرفة. ولدينا وقت خمس دقائق وثمانية أسئلة. ولا أظن أننا سنتمكن من الإجابة عنها جميعا، لكن اسمحوا لي أن أحاول ثانيةً تجميعها. وتوجد مجموعة من الأسئلة تتعلق بالمساعدات الفنية، أعمالكم المشتركة في مجال المساعدات الفنية وعلى وجه الخصوص القدرة على الاستدانة. وهل حان الوقت للانتقال من المساعدات الفنية المدفوعة بالطلب إلى المساعدات الفنية الإلزامية؟ لا أدري الآن كيف يمكنكم عمل هذا-- امتدادا للتشبيه الذي استخدمتموه عن شرب الماء-- لكنني أعتقد أنه يوجد سؤال آخر يستخدم لفظة إلزامي، فهل يمكننا قول ذلك. كيف نجعل الإفصاح عن العقود إلزاميا؟ كيف يعمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على تحسين خضوع البلدان الأقل دخلا للمساءلة عن كل سنت يتم استثماره؟

 هل لي أن أشير إلى نقطة لم نبرزها حقا، لكنها تظهر في كل شيء تقولونه، المواطنون هم شعب البلد المعني، أليس كذلك؟ ولذلك، هذا التصور بأن الإفصاح عن الديون، وشفافية الديون، وشفافية الاستثمار هو شيء مستتر وفني بالنسبة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي هو تصور يجافيه الصواب تماما. فالدين العام أمر يخص الجميع. ويجب أن تتاح للناس القدرة على مساءلة حكومات بلادهم. ولكن ماذا عن الإفصاح الإلزامي، المساعدات الفنية الإلزامية، وإلزامهم بالقيام بها؟

السيدة جورجيفا: هل لي؟ لا بأس. وإنني أعتقد أنني حقا أحد مُشجِّعي إرساء معايير الإفصاح، والتأكُّد من حُسْن تصميمها، ثم الانتقال من الإفصاح الطوعي إلى الإفصاح الإلزامي. وأعتقد أنه السبيل الصحيح. ولكن لا يعني ذلك أنه سهل المنال. فهو يوقعني في متاعب. وأنا أحاول حمل الحصان على أن يشرب. ولكن في الواقع، إذا أمعنت النظر في الأمر، إنه لا يتعلق بما هي الخيارات التي تعتمدها البلدان. فهي مازال بإمكانها الاقتراض بقدر أقل من العقلانية والرشد؟ والأمر يتعلق بالواجب المفروض عليها تجاه شعوبها وتجاه المجتمع العالمي الذي نعمل في إطاره، وهو في نظري منطقي تماما. ما الشيء الذي يمكننا فعله بطريقتنا المتواضعة؟ هو أن نتوخى في العمليات التي نقوم بها أن نكون أكثر انتقادا لأنفسنا، ومن ثمَّ ماذا نفعل وما لا نفعل حينما لا تكون المعلومات متاحة. وهو بشكل كامل--إنه في الواقع تكليف لنا، أن نستخدم لفظة "تكليف".

لكنني أقول بكثير من التفاؤل أننا نشهد قدرا كبيرا من الاهتمام ببناء القدرات الفنية على إدارة الديون، قدرا كبيرا من الاهتمام ببناء القدرات على إدارة المالية العامة، أو بعبارة أخرى النهوض بتعبئة الموارد المحلية. وهكذا، أقول بصراحة أن الحصان يريد أن يشرب.

السيدة جيلبيرن: إنه يريد حقا أن يشرب.

رجاءً..

السيد مالباس: سأضيف بالنسبة للمحامين، وكذلك البنك الدولي، حينما يُقرِض أن يعتمد شرط التعهد بعدم الرهن، الذي يعني أن المقرضين الآخرين لا يعارضون الدخول برهون أو متطلبات ضمانية. و من ثم مع استخدام ذلك الشرط الذي لم يتم الترويج له بما فيه الكفاية، توجد سياسة الاقتراض غير الميسر. ولدى صندوق النقد الدولي -من حيث بند عدم الإفصاح- لدى الصندوق بموجب المادة 4 وأجزاء أخرى من قواعد الصندوق القدرة على أن يضغط حقا ويطلب الاطلاع على المعلومات. ولذلك، اعتقد أننا كمجتمع يجب على الجميع أن يتفقوا على هذا باعتباره توجيها ثم يسعون جاهدين لترويجه.

السيدة جيلبيرن: ماذا بعد؟ أنت أجبت على سؤالين لم أسألهما. فماذا تفعل بشأن الديون المشمولة بضمانات، وشرط التعهد بعدم الرهن جزء كبير منها. وسؤال آخر يعود بنا إلى مبادرة تخفيض ديون البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، والمبادرة متعددة الأطراف لتخفيف أعباء الديون، وماذا نفعل --ماذا غير ذلك في جعبة أدواتنا--

السيد مالباس: في ذلك الأمر، مازال يجري تنفيذ مبادرة تخفيض ديون البلدان الفقيرة المثقلة بالديون. ولقد بدأت في أواخر التسعينيات.

السيدة جورجيفا: نعم، الصومال سوف--

السيد مالباس: لقد أنشأتها كريستالينا، وربما آخرون في هذه القاعة. وبالنسبة للصومال نعكف على وضع اللمسات النهائية، وسيأتي المزيد.

وتوجد بعض هذه المبادرات التي أعتقد أنها كانت جيدة في مضمونها. إنها أصبحت الآن قديمة لكنها فعالة. ومن ثم يمكننا البناء على ذلك كآلية بالمثل، وفي المبادرة متعددة الأطراف لتخفيف أعباء الديون أيضا.

السيدة جيلبيرن: والآن، الشئ الوحيد الذي تبقَّى من كومة الأسئلة الوفيرة حقا هنا-- تبقى الكثير، لكنني أعتقد أنه يجب أن نغلق الباب أمام بقية الأسئلة فالبلدان الفقيرة ليست البلدان الوحيدة التي لديها ركام كبير من الديون. والمشكلة هي-- وأنت ذكرت مشكلة التفاوت، أليس كذلك؟ فبعض البلدان بلغ مجموع ديونها أضعافا-- أضعاف حجم اقتصادها، ومع ذلك فإنها لا تزال تعمل بشكل جيد. فبيئة أسعار الفائدة تساعدها، وهيكل استحقاقات ديونها لا يجعلنا نشعر بالقلق كما قد نبدو. ولكن في هذه المجموعة المحدَّدة من البلدان، فإنها لا تستطيع تحمُّل أعباء هذا الوضع. ولذلك، هذه مجموعة من مواطن الضعف التي تعني -للأسف- أنه ليس لنا أن نجلس ونسترخي للعشرة أعوام القادمة وألا نقلق بشأنها.

السيد مالباس: إنني اشعر بالقلق بشأنها. فالتفاوت ينطوي على مشكلة إضافية هي أن القادمين الجدد لا يحصلون على الأموال اللازمة لبدء مشروع أعمال، وأن المرأة لا تحصل على القدرة على الاقتراض من البنوك.

ونحن نتدارس السياسة الكلية التي يجري تطبيقها، لدينا ثلاثة بنوك مركزية كبيرة--اليابان والولايات المتحدة، وأوروبا، وبنك إنجلترا في ذلك الموضوع- تشتري ديونا ذات آجال طويلة باستخدام الاقتراض قصير الأجل. إنها تقترض لأجل ليلة واحدة، وتضعه في أصول طويلة الأجل. وهذه وصفة مُحدَّدة للتفاوت، مما يشكل تحديا جسيما. ويعني ذلك حرفيا أن منشآت الأعمال الراسخة والكبيرة تحصل على رؤوس أموال أكثر بكثير، على رؤوس أموال أرخص تكلفة، وليس هذا حقا نموذج يكفل تحقيق النمو. 

ونرى ذلك يتجسَّد في أوروبا، فأرقام النمو متدنية للغاية عقدا بعد عقد، بل عاما بعد عام، لكن الوضع مازال قائما منذ أكثر من عقد، وهذا لا يكفي ببساطة للنهوض بالبلدان النامية.

السيدة جيلبيرن: بالحديث عما لا يكفي، فإننا ببساطة ليس لدينا وقت كاف. لعله قد يمكننا تخصيص وقت يوم كامل في وقت من الأوقات، لكن لدينا مجموعات من الأسئلة بغير إجابة على الرغم من أنك تناولتها في الكثير من النقاط التي لم تُسأل عنها بعد.

شكرا جزيلا لكم. دعونا نشكر الرئيس والمديرة العامة والجميع هنا الذين شاركونا.

Api
Api