موضوع رئيسي

تمكين النساء من خلال توفير الوظائف في الاقتصاد الرقمي

10/20/2015


Image

يمكن للاقتصاد الرقمي أن يتيح للنساء وسيلة لكسب العيش، حتى إذا كنَّ مستبعدات من أسواق العمل التقليدية. ويصدق هذا بوجه خاص على النساء في بلدان العالم النامية حيث يقف التحيُّز الثقافي، والقيود المفروضة على الحركة، والأوضاع الأمنية، والقيود المتصلة بمواعيد العمل، حائلا يمنع النساء في أحوال كثيرة من أن يشغلن المكانة التي تليق بهن في الأيدي العاملة. والميزة الرئيسية للاقتصاد الرقمي هي أنه يُسهِّل ويُشجِّع على العمل عن بُعد، الذي لا يكون فيه نوع الجنس عائقا بالقدر نفسه الذي يكون به في الاقتصاد المادي. وهو يتيح عالما من الفرص أمام النساء في البلدان الفقيرة.

ومع ذلك، فإن التغلُّب على معوقات المشاركة في الاقتصاد الرقمي غالبا ما يكون على القدر نفسه من الصعوبة كتلك المعوقات التي تحول دون مشاركة النساء في الاقتصاد التقليدي. وقد تمنع هذه القيود والمعوقات النساء من الاستفادة مما يسمى "العائد الرقمي".

ويشكل التفاوت في إمكانية الاتصال بالإنترنت أحد التحديات الرئيسية في هذا الصدد. ووفقا لمافيس أمباه كبير أخصائيي سياسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجموعة الممارسات العالمية للنقل وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البنك الدولي، فقد انصب معظم التركيز في السنوات العشر الماضية على زيادة ربط البلدان النامية بالعالم الرقمي. وقد شهد هذا تحسُّنا سريعا، لاسيما في مجال انتشار الهواتف المحمولة. ولكن فيما يتعلق بإمكانية الاتصال بالإنترنت ما زالت هناك فجوة صارخة. ويذكر الإصدار القادم من مطبوعة تقرير عن التنمية في العالم عن الاقتصاد الرقمي أن نسبة لا تتعدى 18 في المائة من الرجال الأفارقة يمكنهم الاتصال بالإنترنت. وأمَّا النساء، فإن الفجوة تتسع أكبر: إذ أن 12 في المائة فحسب من النساء الأفريقيات يتصلن بالإنترنت.

وثمة عقبة أخرى تتمثَّل في توعية النساء بالعالم الرقمي. وأنديلا شركة واحدة صمَّمت بشكل منهجي نموذج أعمال لمساعدة النساء على التغلب على هذه العقبات التي تحول دون مشاركتهن. ويتركز هذا النموذج على تدريب مطوِّري برمجيات العمل عن بُعد لدى الشركات الواردة على قائمة مجلة فورتشن 500 والشركات المبتدئة. وهو يهدف أيضا إلى تدريب مطوِّري البرمجيات من النساء في أفريقيا.

أما كريستينا ساس، المؤسِّسة المشاركة ومديرة العمليات، فتقول "إن التدريب المتاح غير كاف على الإطلاق بالمقارنة بالفرص المتاحة هناك"، مشيرة إلى أن بعض البرامج الجامعية الخاصة بعلوم الحاسوب في أفريقيا، لا يُخصَّص فيها وقت للترميز وهي مهارة مهمة في هذا القطاع. ولمعالجة هذا النقص، أعدت شركة أنديلا برنامج تدريب نشطا لهؤلاء النساء، ومن ذلك تدريب متخصص على تطوير البرمجيات والتدريب على المهارات الحياتية.

ويشكل نقص التدريب على المهارات حاجزا شائعا أمام دخول النساء قطاع تكنولوجيا المعلومات في كل أنحاء بلدان العالم النامية. وتقول ستيلا موكان كبيرة موظفي تكنولوجيا المعلومات في شبكة معلومات حلول الأعمال وحلول التكنولوجيا بالبنك الدولي "يمتلك الكثير من البلدان نظم تعليم عفا عليها الزمن لا تمنح أي مهارات عملية. ولذا، يجب علينا إيجاد مبادرات تكون عبر الإنترنت ومرنة." وقد ساعدت موكان في السابق حكومة مولدوفا في إعداد برنامج لاجتذاب مزيد من النساء في قطاع تكنولوجيا المعلومات.

ويجمع برنامج GirlsGoIT الذي تمخضت عنه هذه الجهود بين التدريب على الترميز الأساسي والتفكير النقدي وحل المشكلات. وبعد النجاح الأولي في مولدوفا ولاسيما استهداف النساء في المناطق الريفية، يجري الآن توسيعه على مستوى إقليمي ليشمل أوكرانيا وتركيا ورومانيا.


" السبيل الرئيسي لاجتذاب مزيد من النساء إلى هذه المواقع هو منحهن مزيدا من التعليم، والسبيل الوحيد للوصول إلى النساء في المناطق الريفية هو من خلال دورات تدريبية على شبكة الإنترنت. "

فرديناند كيورولف

المؤٌسِّس والرئيس التنفيذي، كودرز تراست

ومع أن تحسين التدريب يُمكِّن النساء من الحصول على وظائف في قطاع تكنولوجيا المعلومات، فإنه قد يكون باهظ التكاليف. وهناك شركة من القطاع الخاص توصلَّت إلى حل مبتكر لهذا هي شركة كودرز تراست. وتُقدِّم هذه الشركة قروضا صغرى والتدريب للنساء العاملات في مجال تكنولوجيا المعلومات في بنغلاديش. ثم تساعدهن في البحث والحصول على وظيفة في مواقع العمل الحر عبر الإنترنت التي تنمو بسرعة مثل إيلانس Elance وأب وورك Upwork. ويقول فرديناند كيورولف المؤٌسِّس والرئيس التنفيذي لمؤسسة كودرز تراست "السبيل الرئيسي لاجتذاب مزيد من النساء إلى هذه المواقع هو منحهن مزيدا من التعليم، والسبيل الوحيد للوصول إلى النساء في المناطق الريفية هو من خلال دورات تدريبية على شبكة الإنترنت." وكيورلوف ضابط سابق بالجيش الدنماركي، وقاد مشروعا للتعافي في العراق يُقدِّم خدمات الإنترنت والتعلُّم الإلكتروني للمواطنين في المنطقة التي كان مقره فيها. وأدَّى هذا المشروع إلى إنشاء مؤسسة كودرز تراست.

ولكن لعل أكبر عائق يأتي من ندرة القدوة. فإذا لم تر النساء الشابات وعائلاتهن نساء أخريات في هذه الأدوار، فإنه يصعب عليهن مجرد التفكير في طلب الانضمام إلى دورات تدريبية. وتطلب شركة أنديلا في إطار هذه العملية من النساء اللاتي تقوم بتدريبهن وتلحقهن بأرباب أعمال رد الجميل بالقيام بدور مرشد للطالبين الجدد المحتملين.

وتشتد هذه المشكلة في أفغانستان وباكستان، حيث تسبب الصراع في تفاقم الحواجز الثقافية التقليدية أمام النساء في أماكن العمل. ولكن حتى هناك، تجد النساء سبلا لدخول مجال العمل الرقمي. وجنا الحر خبيرة بالتنمية الاجتماعية في البنك الدولي وتعمل في مشروعين تجريبيين لتمكين النساء بإشراكهن في الاقتصاد الرقمي في البلدين.

وتقول جنا إن مفتاح برنامجها هو إشراك المجتمع كله وتوعية الأسر بالفرص المتاحة. وتقول إنه بهذه الطريقة يمكن تغيير وجهة النظر القائلة بأن الوظائف التي تصلح للنساء هي مثل المدرسات والممرضات. ومن المفارقات أن العمل في المجال الرقمي في البلدان المتأثرة بالصراعات قد يكون أكثر أمانا بكثير من العمل في الوظائف التقليدية. وقد التحق بالبرنامج حتى الآن 75 امرأة في أحد المشروعين التجريبيين وحقق معدل بقاء في الدراسة قدره 90 في المائة ومعدل توظيف 60 في المائة لمن شاركن فيه. ويجري الآن توسيعه ليشمل ألف امرأة.

إن ما تصبو هذه البرامج إلى تحقيقه في نهاية المطاف من خلال المشاركة في الاقتصاد الرقمي هو تمكين النساء من أسباب القوة. وتجلب طبيعة الاقتصاد الرقمي فرصا هائلة للمشاركة، وفي بعض الحالات أكثر من الاقتصاد التقليدي. وتختلف العوائق أمام إشراك النساء عن تلك التي تحول دون مشاركتهن مشاركة كاملة في الاقتصاد التقليدي. ولكن كما أظهرت هذه البرامج، فإن هذه العوائق يمكن تذليلها والتغلب عليها.


Api
Api

أهلا بك