موضوع رئيسي

نويل نتسيسي: مزارعة غير عادية

03/01/2017


Image

في أسرتنا، البستنة مسألة أسرية جدا تنتقل من الأب إلى الابن ومن الأم إلى الابنة.

فرانك بيتيمو/البنك الدولي

احتفالا باليوم العالمي للمرأة، ننشر خلال الأسبوع سلسلة من المقالات التي تصور قصصا رائعة للنساء. وجدت نويل التي تيتمت في العاشرة من عمرها طموحها في البستنة، بعد أن طرقت مسارا ملتويا إلى ذلك. تود نويل استعادة سمعة هذا القطاع الذي تم خفض قيمته ظلما.

برازافيل، 2 مارس/آذار 2017- الأمر الذي صدمني عندما التقيت نويل نتسيسي لأول مرة هو نوعية لغتها وثقافتها العامة إلى حد أني لم أستطع أن أتجنب سؤالها عما كانت تفعله خلال زراعة الخضروات في هذا الركن النائي من سونجي. تقول نويل "في أسرتنا، البستنة مسألة أسرية جدا تنتقل من الأب إلى الابن ومن الأم إلى الابنة."

وحين بلغت أوائل الأربعينات، أصبحت نويل ضمن ألفي بستاني طُردوا من العديد من المزارع حول برازافيل بسبب شق طرق جديدة. وإلى جانب 79 شخصا آخر، استطاعت أن تنتقل على مبعدة نحو 10 كيلومترات في الضواحي الجنوبية لبرازافيل، وخاصة في سونجي حيث زرعوا عشرة هكتارات على طول نهر دجويه بمساعدة مشروع التنمية الزراعية وتأهيل الطرق الريفية. تتذكر نويل ذلك قائلة "بكل صراحة، كنت يائسة حين طُردنا من موقعنا، ولكن حين وصلت إلى سونجي وشاهدت التسهيلات المقدمة لنا ضمن المشروع، عُدت متفائلة فورا مرة أخرى."

 

Image
كل صباح، تعبر نويل الجسر الذي شيده المشروع في طريقها إلى سونجي. تصوير: فرانك بيتيمو/البنك الدولي

 

لم تكن حياة نويل سهلة. فهي لا تعرف أباها وفقدت أمها ولم تتعد العاشرة. قام بتنشئتها جداها المزارعان اللذان نقلا إليها حب البستنة. ولكن عندما فشلت في إتمام المرحلة الثانوية تحولت إلى التدريب المهني وعثرت على وظيفة سكرتيرة في شركة خاصة في برازافيل. ومع نشوب الصراعات المسلحة بشكل متقطع في برازافيل في التسعينات، اضطرت إلى الانتقال إلى بوانت-نوار، العاصمة الاقتصادية للكونغو. ودفعها بحثها عن الحرية إلى دوائر فنية حيث عملت راقصة ثم مديرة لشركة لتعليم الرقص. وفي عام 2000، غادرت الكونغو مع شركتها للجوء أولا إلى كوت ديفوار ثم بوركينا فاسو. ولدى عودتها إلى برازافيل بعد ثماني سنوات في المنفى، كانت مفلسة ولم يكن أمامها أي أمل. وشجعتها حماتها على العودة إلى عشقها الوحيد في أيام الطفولة. تقول نويل "قالت حماتي لي في أحد الأيام: ’الأرض تحتوي على المال’ وشجعتني على العودة إلى البستنة".

ومنذ شهر يونيو/حزيران 2015، أصبحت نويل عضوا مؤسسا في فريق البستنة في سوق ماكديكا حيث تعمل كأمينة خزانة. ويعني اسمها "الأمانة." وشأنها شأن الأعضاء الآخرين، أصبح لديها قطعة أرض مساحتها 500 متر مربع تزرع عليها البصل والسبانخ والباذنجان. وحقق لها الحصاد الأول حوالي 250 ألف فرنك أفريقي (نحو 405 دولارات) من الأرباح، ويبدو المستقبل مبشرا. تقول نويل "هناك قدر كبير من التحيز ضد الزراعة في المجتمع الكونغولي. فليس هناك قدر كاف من التركيز على الزراعة باعتبارها مهنة نبيلة تولّد الثروة. " وكما لو كانت تريد أن تتأكد من إقناعنا أضافت أنه بفضل الدخل من الزراعة استطاعت هي وزوجها، وهو أيضا بستاني، شراء منزلهما الذي أقامت فيه صوبة زراعية. وعلاوة على ذلك، استطاعت بفضل الزراعة تمويل الأنشطة الفنية التي لا تزال تشارك فيها كمديرة لمهرجان المسرح الدولي. 


Image

البستنة تمنحني بهجة. ومادام لدي الأرض وهي أرض معطاءة، فلن أكون فقيرة ولن أموت جوعا.

 

فرانك بيتيمو/البنك الدولي

" البستنة تمنحني بهجة. ومادام لدي الأرض وهي أرض معطاءة، فلن أكون أبدا فقيرة ولن أموت جوعا. "

نويل نتسيسي

متلقية لمساعدة من مشروع التنمية الزراعية وتأهيل الطرق الريفية

وتضيف "لا أنتقد أحدا ممن يعملون في المكاتب. فنحن بحاجة إليهم لدراسة ما نفعله ومساعدتنا على تطوير أنشطتنا. ولكن بالنسبة لي فإن البستنة تمنحني بهجة. ومادام لدي الأرض وهي أرض معطاءة، فلن أكون أبدا فقيرة ولن أموت جوعا."

ومن مبلغ الاستثمار الكلي الذي تجاوز 235 مليون فرنك أفريقي (حوالي 380,602 دولار)، تلقى مشروع سونجي نحو 149 مليون فرنك أفريقي (حوالي 241 ألف دولار). كما ساهم المستفيدون من المشروع أنفسهم بمبلغ 7.8 مليون فرنك أفريقي (12,692 دولارا). وأتاح ذلك، ضمن أمور أخرى، تمويل تشييد جسر لتيسير الوصول إلى الموقع، وتركيب أربعة أبراج للمياه بسعة 25 مترا مربعا لكل منها، وشراء أربع مضخات وبذور وأربعة دراجة بخارية و80 محراثا وشبكة للري. وفي الوقت الراهن يضم الموقع أربع مجموعات من 20 مزرعة عائلية صغيرة لكل منها ويُتوقع توسيعها لتستوعب 100 مزرعة. ولكل مجموعة 500 متر مربع من الحقول التجريببة تديرها معا، بالإضافة إلى قطع أرض لكل فرد مساحتها 500 متر مربع أيضا.

 

Image
تشييد سد ومكاتب للبستانيين في سوق سونجي. تصوير: فرانك بيتيمو/البنك الدولي

 

يعمل المشروع منذ عام 2008 وينتهي في أبريل/ نيسان 2017. وقد أصلح 1,300 كيلومتر من الطرق الريفية في جميع أنحاء البلد، وأقام 41 سوقا ريفيا، وساند 12 ألف مزارع. يقول أمادو عمر با، مدير المشروع بالبنك الدولي "يجري إعداد مشروع جديد بقيمة 100 مليون دولار لتدعيم تنمية الزراعة التجارية وينبغي أن يسهم في تطوير وتحديث المزارع الأسرية والزراعة التجارية، والصناعات الغذائية".


Api
Api

أهلا بك