واشنطن، 30 يونيو/حزيران 2025 – أظهر الاقتصاد الليبي علامات واعدة على التعافي في عام 2024، وظل صامدا في وجه الصدمات على الرغم من التحديات الناتجة عن اعتماده على المحروقات، واستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني. ووفقا لأحدث إصدار من تقرير المرصد الاقتصادي لليبيا الذي يصدره البنك الدولي، فقد انكمش الاقتصاد بنسبة 0.6٪، مدفوعا في المقام الأول بانخفاض إجمالي الناتج المحلي النفطي بنسبة 6٪، متأثرا بالاضطرابات السياسية والمؤسسية الناجمة عن أزمة مصرف ليبيا المركزي في أغسطس/آب. ومع ذلك، فقد نما إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 7.5٪، مدفوعا بقوة الاستهلاك الخاص والعام، مما عوض جزئيا هذا الانخفاض.
ويشير التقرير إلى أن هذا الأداء يؤكد الاعتماد على قطاع النفط، كما يؤكد الحاجة إلى إصلاحات هيكلية من أجل تعزيز القطاعات غير النفطية، والحد من تقلبات المحروقات، مع معالجة عدم الاستقرار السياسي وتحسين الحوكمة.
وبالنظر إلى عام 2025، فمن المتوقع أن يشهد الاقتصاد الليبي انتعاشة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى التوسع في أنشطة قطاع النفط. فمن المتوقع أن يبلغ متوسط إنتاج النفط 1.3 مليون برميل يوميا، متجاوزا متوسطه التاريخي على مدى عشر سنوات، ويزيد بنسبة 17.4٪ عن عام 2024. وبالتالي، فمن المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 12.3٪، وأن يظل نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي عند حوالي 5.7٪، مدعوما بالاستهلاك والصادرات، لكن من المتوقع أن يتباطأ إلى 4٪ في المدى المتوسط.
غير أن هناك حالة من عدم اليقين تخيم على توقعات المستقبل، في حين أن زيادة الاستقرار السياسي ستكون لها منافع كبيرة على الاقتصاد والشعب الليبي. وفي الوقت نفسه، تعتمد أسعار الطاقة على آفاق النمو العالمي ومستويات إنتاج أوبك+ في المستقبل.
وتعليقا على ذلك، قال أحمدو مصطفى ندياي، المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي: "تسير ليبيا على طريق التحسن الاقتصادي، ومن شأن تحقيق توافق سياسي حول إدارة الثروة النفطية للبلاد بشكل يتسم بالشفافية والكفاءة، أن يسهم إسهاما كبيرا في تحقيق الاستقرار في البلاد وتعزيز رفاهية مواطنيها". وأضاف: "وعلى الأمد المتوسط، يظل التحدي الاقتصادي الرئيسي هو تنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على المحروقات من خلال تعزيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص وخلق فرص العمل."
ويتضمن تقرير مرصد الاقتصاد الليبي فصلا خاصا بعنوان "إعادة تعريف دور المؤسسات المملوكة للدولة في ليبيا" يستكشف شبكة واسعة تضم حوالي 190 مؤسسة مملوكة للدولة في مختلف القطاعات الإستراتيجية، بما في ذلك النفط والمالية والمرافق، ويسلط الضوء على تأثيرها الكبير على استدامة المالية العامة ونمو القطاع الخاص. وفي ظل محدودية البيانات المتاحة، يلفت التحليل الانتباه إلى التحديات الكبيرة التي تواجه المالية العامة، وأوجه القصور، واختلالات السوق المرتبطة بانتشار المؤسسات المملوكة للدولة في جميع أنحاء ليبيا. وتتجلى هذه التحديات بشكل خاص في قطاعات مثل البنية التحتية والقطاع المصرفي، التي تتسم باستمرار الخسائر وتضخم عدد الموظفين. وتؤدي هيمنة الدولة هذه إلى تهميش القطاع الخاص، وإعاقة الابتكار، والحدّ من المنافسة، مما يجعل الاقتصاد في البلاد يعتمد اعتمادا كبيرا على المحروقات. وتظهر التجارب الدولية أن الإصلاحات؛ مثل تعزيز رقابة الدولة، وتحرير القطاعات التنافسية، وتشجيع الاستثمار الخاص من خلال أطر العمل التي تجمع بين القطاعين العام والخاص، يمكن أن تعيد وضع الدولة كجهة تنظيمية وتشجع النمو وتنويع النشاط الاقتصادي بقيادة القطاع الخاص.