إدارة الموارد المائية: موجز نتائج القطاع

2014/04/11


Image
أدوين هوفمان/البنك الدولي

لن يكون بمقدور العالم التصدي للتحديات الإنمائية الجسيمة للقرن الحادي والعشرين – وهي الحصول على مياه شرب آمنة وخدمات صرف صحي للجميع، ومدن صالحة للعيش فيها، وأمن غذائي، وأمن الطاقة، وفرص عمل من خلال النمو الاقتصادي، وأنظمة إيكولوجية سليمة - إلا إذا نجح في تحسين الطريقة التي تدير بها مختلف البلدان مواردها المائية. وسوف تتفاقم الضغوط المائية الحالية بسبب زيادة تعداد السكان والنمو الاقتصادي فضلا عن زيادة تقلبات المناخ. والبنك الدولي، بوصفه أحد جهات التمويل الخارجي الرئيسية في مجال إدارة الموارد المائية، يسعي حثيثا للتصدي لهذه التحديات من خلال نهج مشتركة بين القطاعات تتضمن تطوير البنية التحتية وتقوية المؤسسات، مع التركيز على الفقراء. وتسهم مساندة إدارة الموارد المائية في البلدان المتعاملة معنا في تحقيق هدفي مجموعة البنك الدولي المتمثلين في إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030 وتعزيز الرخاء المشترك لأفقر 40 في المائة من السكان في كل بلد.

التحدي

المياه هي أحد أهم احتياجات الإنسان الأساسية ولا غنى عنها لكل الأنشطة الاقتصادية تقريبا، ومنها الزراعة وإنتاج الطاقة والصناعة والتعدين. ولإدارة الموارد المائية أهمية بالغة للتنمية الاقتصادية المستدامة وتخفيف وطأة الفقر بالنظر إلى ما لها من آثار على الصحة، والمساواة بين الجنسين، والتعليم، وسبل كسب العيش. ومع ذلك، تتعرض موارد المياه لضغوط لم يسبق لها مثيل، إذ أنه مع زيادة عدد السكان وازدياد الطلب على المياه من القطاعات الاقتصادية المتنافسة لا تبقى كميات كافية من المياه لتلبية الاحتياجات الإنسانية والحفاظ على التدفقات البيئية التي تصون سلامة أنظمتنا الإيكولوجية. وتتعرض موارد المياه الجوفية للاستنزاف في كثير من الأماكن، الأمر الذي يجعل الأجيال الحالية والقادمة قريبة من حد الافتقار إلى أي وقاية من تقلبات المناخ المتزايدة.

ويؤدي تدهور نوعية المياه من جراء مجموعة واسعة من الأنشطة الاقتصادية إلى تناقص كميات المياه العذبة المتاحة، وتدهور الأراضي، والإضرار بكثير من الأنظمة الإيكولوجية البرية والبحرية، وزيادة تكاليف معالجة المياه. ولا يزال الحصول على خدمات الصرف الصحي ومياه الشرب المأمونة أمراً بعيد المنال بالنسبة لــما يبلغ 2.5 مليار و768 مليون شخص على التوالي، وهو ما يؤدي إلى إزهاق آلاف الأرواح يوميا وخسائر اقتصادية بمليارات الدولارات سنوياً.

وتوجد الآن شواهد عديدة على أن تغير المناخ سيؤدي إلى زيادة التقلبات المائية، ومن ثمَّ إلى وقوع ظواهر مناخية أكثر تواترا وشدة مثل السيول والفيضانات ونوبات الجفاف والعواصف القوية. . وتشير تقديرات الخبراء إلى أنه بحلول عام 2080، سيعيش 43 إلى 50 في المائة من سكان العالم في بلدان تعاني من ندرة الموارد المائية، مقارنة مع 28 في المائة في الوقت الحالي.  ويشير تقرير للبنك الدولي صدر في الآونة الأخيرة عنوانه اخفضوا الحرارة: لماذا يجب تفادي ارتفاع درجة حرارة الأرض 4 درجات مئوية، (e) إلى أنه إذا ارتفعت درجة حرارة العالم 4 درجات مئوية، فسيزيد الإجهاد المائي في مختلف المناطق في أنحاء العالم. وأكثر الناس عرضة للمعاناة هم مليار شخص تقريبا يعيشون في أحواض موسمية و500 مليون آخرين يعيشون في دلتا الأنهار. وسيكون أشد الناس فقرا هم أكثرهم تضررا وأقلهم استعدادا.

وقد أصبحت قضايا إدارة الموارد المائية أكثر إلحاحا حتى أن المنتدى الاقتصادي العالمي سمَّى الماء واحدا من أكبر تحدياته على مدى عامين متتاليين في 2013 و2014. وفي ظل هذا المشهد المادي والاجتماعي الاقتصادي المتغير، لم تعد الممارسات المائية السابقة ملائمة؛ فالبلدان لا يمكنها تحقيق نمو مستدام، أو تعزيز قدرتها على الصمود في وجه تغير المناخ بدون إدارة ذكية للموارد المائية تأخذ بعين الاعتبار تناقص كميات المياه المتاحة وانخفاض جودتها، والحاجة إلى تخصيص مستنير يقوم على أساس الاحتياجات الاجتماعية والبيئة والاقتصادية.

وتتطلَّب التحديات المائية العالمية حلولا تشترك فيها العديد من القطاعات:

· المياه والزراعة: بحلول عام 2050، سيلزم مضاعفة مدخلات المياه الحالية في الزراعة لإطعام سكان الكوكب الذين سيصل تعدادهم إلى 9 مليارات نسمة. والري هو أكبر مستخدم للمياه على الإطلاق، إذ يستهلك حوالي 70 في المائة من كميات المياه المسحوبة عالمياً، و90 في المائة من المياه المستهلكة عالمياً.

· المياه والطاقة: يفتقر أكثر من 1.2 مليار شخص حاليا إلى الكهرباء. وتشير التقديرات إلى أن كميات المياه المسحوبة من أجل الطاقة حاليا تبلغ نحو 15 في المائة من إجمالي الكميات المسحوبة على مستوى العالم. وفي الوقت نفسه، تظهر التقديرات أنه بحلول عام 2035، سيزداد استهلاك العالم من الطاقة 35 في المائة، ومع أن استخدام المياه سيصبح أكثر كفاءة، فإن الاستهلاك الفعلي للمياه من جانب قطاع الطاقة سيزيد بنسبة 85 في المائة.   

· المياه والمدن المستدامة: على مدى العشرين عاما القادمة، سيتضاعف عدد المدن في البلدان النامية، وكذلك حاجتهم إلى نُهُج متكاملة لإدارة إمدادات المياه، ونوعيتها، والصرف الصحي، والصرف، والاستخدام الترفيهي، وإدارة الفيضانات.

· المياه وإدارة مخاطر الكوارث: يحدث الكثير من  آثار الكوارث الطبيعية على التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال المياه. وتُمثِّل الكوارث المتصلة بالمياه 90 في المائة من كل الكوارث الطبيعية، ويزداد بوجه عام تواترها وشدتها. وقد أودت نحو 373 كارثة طبيعية بحياة أكثر من 296800 شخص عام 2010، وأضرت بما يقرب من 208 ملايين آخرين وتسببت في خسائر قيمتها نحو 110 مليارات دولار (المصدر: تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى الجمعية العامة السادسة والستين بشأن تنفيذ الإستراتيجية الدولية للحد من الكوارث، نيويورك، الأمم المتحدة).

· المياه والصرف الصحي: لا يزال زهاء 2.5 مليار و768 مليون شخص محرومين من خدمات محسنة للصرف الصحي ومياه الشرب المأمونة على التوالي. ويتطلب تقديم هذه الخدمات على نحو مستدام التخطيط والإدارة بصورة متكاملة بما في ذلك توفير إمدادات مياه ذات نوعية جيدة.

وتُؤثِّر معظم الأنشطة الاقتصادية (مثل الزراعة والطاقة والصناعة والتعدين) لا على كمية موارد المياه فحسب، ولكن أيضا على نوعيتها، وتؤدي، من ثمّ،َ إلى الحد من مدى توفُّر المياه. وسيصبح تخصيص موارد المياه المحدودة بين القطاعات الاقتصادية المتنافسة والاحتياجات البيئية للمياه تحديا متزايدا لكثير من البلدان. ومن شأن التقاعس عن وضع آليات سليمة للتخصيص أن يعوق التنمية، ويؤدي إلى زيادة التفاوت في الدخول وتفاقم الضغوط البيئية.

الحل

يتمتع البنك الدولي بوضع فريد يتيح له القيام بدور رئيسي من خلال العمل في مختلف القطاعات والبلدان لمساعدة المجتمعات المحلية على بناء قدراتها على التكيف مع تغير المناخ من خلال إدارة متكاملة للموارد المائية. والبنك الدولي هو إحدى الجهات الرئيسية المقدمة للمعارف والمساعدات الفنية المعنية بالمياه. وهو أيضاً أكبر جهة مانحة متعددة الأطراف لتنمية موارد المياه، إذ تشكّل حافظة المشرعات المائية لديه 18 في المائة من حافظته العامة (أو 32 مليار دولار من الارتباطات الجارية) حتى عام 2014، مع تركيز واضح على بناء المؤسسات من أجل الرخاء المشترك وتقليص الفقر.



النتائج

فيما يلي المجالات الحيوية التي تبرز فيها النتائج المتحققة على أرض الواقع والمتعلقة بالأنشطة التي تمولها المؤسسة الدولية للتنمية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير:

التكيف مع تغير المناخ

تهدف مشروعات الموارد المائية التي يمولها البنك الدولي إلى زيادة استعداد البلدان في مواجهة تغيُّر المناخ. ففي فيتنام، على سبيل المثال، ساند البنك الدولي عام 2012، استكمال منهجية لترتيب أولويات التكيُّف قد تساهم في وضع خطة وطنية للتكيُّف بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغيّر المناخ. ولهذا الأمر أهمية كبيرة في فيتنام، التي توجد فيها أنظمة بيئية هشة مثل دلتا نهر ميكونج، وهو مصدر الغذاء وسبل كسب الرزق لملايين من الناس.

ويعود التخطيط الطويل الأجل للموارد المائية وإدارة مستجمعات المياه بالنفع على إمدادات مياه الشرب، والزراعة، وتربية الأحياء المائية، والأنظمة الإيكولوجية، ويساعد أيضا على خفض حدة نوبات الجفاف وإمكانية التعرض لها. وفي اليمن، ساعد تمويل بقيمة 45.2 مليون دولار من المؤسسة الدولية للتنمية (2002-2008) على إقامة مصدات للسيول في مدينة تعز والمناطق المحيطة بها. ومع إقفال المشروع، كانت أجزاء كبيرة من مدينة تعز قد تحوَّلت إلى أحياء ملائمة للعيش فيها وآمنة من السيول الخاطفة. وساهم المشروع في زيادة قيمة الأراضي أكثر من 100 في المائة، وخفض عدد الأضرار التي تصيب العقارات السكنية ومؤسسات الأعمال من 160 و660 واقعة سنويا إلى صفر، وأدى إلى تمويل إضافي بقيمة 35 مليون دولار من المؤسسة الدولية للتنمية لمساندة توسيع نطاق الأنشطة من أجل تعزيز الآثار الإنمائية للمشروع الأصلي. وساعدت مصدات السيول ووصلات مياه الصرف التكميلية على تحسين أحوال الصحة والصرف الصحي من خلال خفض تدفق مياه الصرف على المناطق التي كانت مرتعا للبعوض الناقل للملاريا.

والاستخدام المستدام للمياه الجوفية ضروري لدعم القدرة على التكيُّف مع نوبات الجفاف وتقلبات المناخ، إذ أنه يتيح احتياطيا مستداما من المياه في فترات نقص المتاح من المياه السطحية. وكان مشروع إدارة مياه حوض صنعاء الذي تموله المؤسسة الدولية للتنمية (2003-2010، 24 مليون دولار) أول مبادرة في اليمن لمعالجة أزمة استنزاف المياه الجوفية بخفض استخدام المياه الجوفية في الزراعة بمقدار نحو 4000 هكتار من المساحة المروية، وزيادة إعادة تغذية الخزانات الجوفية الذي ساعد على تحقيق وفر يزيد على 15 مليون متر مكعب من المياه المستخرجة سنويا من المكامن المحلية.

المياه وأمن الطاقة

تتطلب كل عمليات توليد الطاقة تقريبا، من توليد الطاقة المائية إلى تبريد محطات الطاقة الحرارية، إلى تشغيل التوربينات البخارية في محطات الطاقة الشمسية المركزة إلى كميات كبيرة من المياه. وبسبب النمو السكاني وسرعة نمو اقتصاد مختلف البلدان يزداد الطلب على المياه والطاقة، وتعاني بالفعل عدة مناطق في أنحاء العالم من نقص كبير في المياه والطاقة. وللتصدي لهذه التحديات، يقوم البنك الدولي بتجربة عدد من الحلول المبتكرة من أكبر عملية تأمين عامة من الجفاف وارتفاع أسعار النفط في أوروجواي (450 مليون دولار) لحماية المستهلكين من الأسعار المرتفعة والمتقلبة للكهرباء في حالة الجفاف إلى ابتكار أدوات متكاملة لتخطيط المياه والطاقة في إطار مبادرة الطاقة العطشى في دولة جنوب أفريقيا.

وتُعد الطاقة الكهرومائية حالياً أكبر مصدر للطاقة المتجددة منخفضة الانبعاثات الكربونية والميسورة التكلفة في العالم. ويهدف مشروع ترونغ سون للطاقة الكهرومائية في فيتنام الذي يموله البنك الدولي للإنشاء والتعمير (330 مليون دولار) والذي تمت الموافقة عليه في السنة المالية 2011، إلى توليد طاقة كهربائية بأقل تكلفة وبطريقة آمنة ومستدامة بيئياً. وبدأت المرحلة الأولى لبناء السد في ديسمبر/كانون الأول 2013، وسوف تكتمل في عام 2017 . ويُتوقع عند الانتهاء من المشروع أن يكون متوسط إنتاجه من الكهرباء 1019جيجاواط/ ساعة سنوياً، وأن يساعد في السيطرة على الفيضانات التي تقع سنوياً عند مصب النهر، وعلى زيادة إمدادات المياه لأغراض الزراعة أثناء موسم الجفاف. وفي السنة المالية 2010، ساهمت المؤسسة الدولية للتنمية بتمويل إضافي قيمته 85 مليون دولار لصالح مشروع فيلو للطاقة الكهرومائية في السنغال وموريتانيا وغينيا ومالي، كوسيلة لزيادة سبل حصول مواطني الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا على الكهرباء بصورة مستقرة ومنتظمة وميسورة التكلفة.

المياه والأمن الغذائي

الزراعة هي أكبر مستخدم للمياه على مستوى العالم، وفي العديد من البلدان منخفضة الدخل، تشتغل النسبة الأكبر من السكان بالزراعة، ومعظم الأراضي الصالحة للزراعة يجري بالفعل استخدامها، والنمو الكبير للإنتاج المطلوب لإطعام أعداد السكان المتزايدة في العالم سيحدث في معظمه في الأراضي المروية.

وكان الهدف من مشروع الري في المزارع بجمهورية قيرغيز (2000-2013، 20 مليون دولار) هو تحقيق زيادة في إنتاج المحاصيل من خلال توزيع موثوق به ومستدام للمياه في المزارع الجماعية والمملوكة للدولة سابقاً. وأحد الأنشطة الأساسية لهذا المشروع هو تعزيز الخدمات المقدمة لحوالي 450 جمعية لمستخدمي المياه، ومن ذلك تقديم التدريب والدعم. وقد تحقق نجاح كبير على صعيد إنشاء وتحسين جمعيات مستخدمي المياه. وتم تدريب ما يزيد على 50 ألف شخص، وسُجِّلت حوالي 450 جمعية لمستخدمي المياه، بها 166 ألف عضو،  لتتولى إدارة مناطق الري التي تغطي 710 آلاف هكتار أو حوالي 70 في المائة من الأراضي المروية بالبلاد.

وفي الصين، يشجع مشروع الإدارة المتكاملة للمياه والبيئة في حوض هاي، الذي تم إنجازه عام 2011، على اعتماد نَهْج متكامل في إدارة الموارد المائية ومكافحة التلوث في المنطقة، وساهم المشروع في حماية واستعادة البيئة البحرية والنظم البيئية والتنوع البيولوجي في بحر بوهاي. وتم تنفيذ هذا المشروع في 16 مقاطعة في شمال الصين ويستفيد منه أكثر من 20 مليون شخص. وقد أدى تحسين استخدام المياه ومكافحة التلوث في الحوض إلى تحسن صحة السكان ومستويات المعيشة، والتخلص من الروائح الكريهة، وتحسين الأوضاع الجمالية والترفيهية. واستفاد المزارعون أيضا من زيادة كفاءة إدارة الري وفقا لمستوى الاستهلاك والتي زادت من إنتاجية المياه وغلة المحاصيل ودخول الأسر. وعلى المدى الأطول، ستصيب هذه المنافع أيضاً الصيادين ومن يعيشون على ضفاف نهر بوهاي من خلال تحسين نوعية المياه والأرصدة السمكية والتنوع البيولوجي.

تعزيز الالتزام والشعور بالمسؤولية عن إدارة موارد المياه على المستوى المحلي

يمتد نطاق المؤسسات العاملة في إدارة الموارد المائية ليشمل المستويات المحلية والحوضية والوطنية والدولية. وبمساندة من البنك الدولي للإنشاء والتعمير (بقيمة إجمالية 800 مليون دولار)، طبّقت كولومبيا عدداً من الإصلاحات لتحسين الإدارة البيئية منها ما يتصل بالموارد المائية. واعتمدت الحكومة سياسة وطنية للمياه، وشكّلت مجموعة للموارد المائية بوزارة البيئة والإسكان والتنمية الإقليمية، وهي أول مجموعة مركزية تتولى مسؤولية أنشطة التخطيط والموازنة المتعلقة بإدارة الموارد المائية في كولومبيا. وتبنَّى 25 مجلساً بلدياً على الأقل خططاً لإدارة مستجمعات المياه في المناطق التي تعاني من شح المياه بهدف إدارة الموارد الوطنية المهمة ومراقبتها.

ويتمثل جزء مهم من الاستجابة في تقوية الشراكات من أجل حشد المعارف والتقنيات المبتكرة. وعلى سبيل المثال في الآونة الأخيرة، قدَّم البنك الدولي 5 ملايين دولار منحة (e) لتحسين إدارة الموارد المائية والزراعية داخل الأردن وتونس والمغرب ولبنان وفيما بينها، وفي المجلس العربي للمياه. ودخل البنك الدولي في شراكة مع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لتزويد هذه البلدان بأحدث تقنية للاستشعار عن بعد للمساعدة في زيادة إمكانية الوصول إلى المياه والقدرة على رصد نوبات الجفاف والفيضانات. والمستفيدون في نهاية المطاف هم المزارعون وأسرهم الذين يمكنهم اتخاذ قرارات مستنيرة ورشيدة بشأن محاصيلهم. ويساعد أيضا في تحسين القرارات المتصلة بإدارة الموارد المائية.

إدارة الأنهار العابرة للحدود

مع وجود 263 نهراً دولياً في العالم، يُعد تقديم المساندة للإدارة التعاونية لهذه الأنهار إسهاماً مهماً لتعزيز المكاسب المتحققة من استخدام الموارد المائية، ومن ثم المساهمة في تخفيف حدة الفقر.  ويساند البنك الدولي الإدارة المشتركة للمجاري المائية العابرة للحدود بطرق مختلفة، لاسيما في أفريقيا. ففي حوض نهر السنغال، تسهم المشاريع التي تمولها المؤسسة الدولية للتنمية في تعزيز فعالية إدارة موارد نهر السنغال وإشراك غينيا في الهيئة المسؤولة عن إدارة هذه الموارد، وهو ما يتيح إدارة الموارد المائية بصورة متكاملة في الحوض بأكمله. وعززت مبادرة التعاون في المياه الدولية في أفريقيا (e) التي يساندها المانحون البرامج العابرة للحدود في حوض النيل، وكذلك في جنوب القارة الأفريقية  وغربها. وعلى سبيل المثال، مشروع شلالات روسومو للطاقة الكهرومائية –وهو مشروع مشترك للتعاون بين بوروندي ورواندا وتنزانيا- من المتوقع أن يكتمل في عام 2016 . وهو يمثل معلما بارزا للتعاون عبر الحدود لبلدان حوض النيل. وفي حوض نهر الميكونغ، (e) يقوم البنك حالياً بمساندة الدول المتشاطئة مثل كمبوديا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية في تعزيز إدارتها المتكاملة للموارد المائية وقدراتها على إدارة مخاطر الكوارث، والتعاون بشكل وثيق مع لجنة نهر الميكونغ التي تدير الحوض بشكل تعاوني.



مساهمة مجموعة البنك الدولي

بلغ تمويل البنك الدولي لإدارة الموارد المائية نحو 8.08 مليار دولار في مختلف المشروعات التي تمت الموافقة عليها خلال السنوات المالية 2004-2013. وفي السنتين الماليتين 2011 و2012، بلغ تمويل البنك الدولي لمشروعات إدارة الموارد المائية 1.2 مليار دولار، وفي السنة المالية 2013 بلغ 800 مليون دولار.

الشركاء

يتعاون البنك الدولي مع الشركاء لمساندة الابتكار في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية. وفي ضوء اتساع نطاق احتياجات ومبادرات إدارة الموارد المائية، يأخذ هذا النوع من التعاون أبعاداً كبيرة.

ويعمل البنك على تحسين نوعية مشروعاته الخاصة بالمياه من خلال مساندة إضافية من برامج الشراكة العالمية.

وبرنامج شراكة المياه (e) هو صندوق استئماني متعدد المانحين يساهم في جهود البنك الدولي الرامية إلى الحد من الفقر عن طريق تعزيز عملياته وأعماله التحليلية من خلال دمج النهج البرامجية لإدارة موارد المياه وتقديم خدمات إمدادات مياه الشرب والصرف الصحي في صلب عملياته. وساعد البرنامج في مرحلته الأولى (2009-2012) على تعبئة ما يقرب من 11.7 مليار دولار تمويلا من البنك الدولي وتيسير الحصول على خدمات محسنة لإمدادات مياه الشرب والصرف الصحي لأكثر من 50 مليون شخص. وفي المرحلة الثانية من البرنامج (2013-2016)، سيتم الارتباط بتقديم أكثر من 40 مليون دولار للتصدي للتحديات المتصلة بموارد المياه عن طريق العمل على محور السلسلة المترابطة للغذاء والطاقة والأمن المائي، ومساندة السبل المؤدية إلى نمو يراعي اعتبارات البيئة ويتسم بالمرونة في مواجهة تقلبات المناخ.

تتطلَّب كل علميات توليد الطاقة تقريبا كميات كبيرة من المياه. وفي المقابل،يحتاج قطاع المياه إلى الطاقة لاستخراج المياه ومعالجتها ونقلها، وتُستخدَم الطاقة والمياه كلاهما في إنتاج المحاصيل. ولمساندة جهود البلدان للتصدي للتحديات المتصلة بإدارة الطاقة والموارد المائية على نحو استباقي، شرع البنك الدولي بمساندة من برنامج الشراكة في المياه عام 2013 في تنفيذ مبادرة عالمية: بعنوان الطاقة العطشى. وتهدف المبادرة إلى مساعدة الحكومات على الاستعداد لمستقبل يحفه الغموض وعدم اليقين، وكسر صوامع التفكير المعزولة التي تحول دون التخطيط فيما بين القطاعات. وتظهر مبادرة الطاقة العطشى أهمية اتباع نُهُج مشتركة لإدارة موارد الطاقة والمياه من خلال العمل المستند إلى الطلب في عدة بلدان، ومن ثم تقديم أمثلة كيف يمكن لأدوات التشغيل في إدارة الموارد والقائمة على الشواهد أن تعزز التنمية المستدامة.

وإلى جانب الحلول المبتكرة والمتكاملة في الغالب لخدمات المياه، تتخذ أنشطة برنامج الشراكة في المياه نهجا شاملا في إدارة الموارد المائية، إذ تعمل على مستوى حوض النهر أو الدلتا أو المستوى القطري لتقييم أفضل الإستراتيجيات للتنمية المستدامة وتحديدها. ويقوم فريق خبراء المياه (e) في البرنامج بحشد خبرات عالمية رفيعة المستوى لتلبية الطلب المعقد والملح، وهو يُخصِّص أيضا ثلثي مساندته لبرامج البنك الدولي لإدارة الموارد المائية التي تتركَّز على تحسين وضع القرارات لإدارة مخاطر الكوارث ومواجهة الاحتمالات المجهولة في ظل آثار تقلبات موارد المياه الطبيعية وتغيُّر المناخ.

مبادرة المياه في جنوب آسيا  (e) هي شراكة متعددة المانحين تم تدشينها عام 2009 بين البنك الدولي وحكومات المملكة المتحدة وأستراليا والنرويج. والهدف الرئيسي للشراكة هو زيادة التعاون الإقليمي في إدارة أنظمة أنهار الهيمالايا الرئيسية في جنوب آسيا لتحقيق تنمية مستدامة تتسم بالإنصاف والاحتواء، واكتساب المرونة والقدرة على مواجهة تقلبات المناخ. وتساند المبادرة الأنشطة المتصلة بأنظمة المياه العابرة للحدود في الهيمالايا الكبرى في أفغانستان وبوتان والصين والهند ونيبال وباكستان. والمبررات الرئيسية للشراكة هي إظهار المنافع المتبادلة للتعاون بين أحواض الأنهار المشتركة والمساعدة في تحقيقها.

تهدف مبادرة التعاون في المياه الدولية في أفريقيا (e) إلى مساندة حكومات البلدان المتشاطئة في أفريقيا ومساعدتها على العمل معا للتغلُّب على معوقات النمو والتنمية التي تسببها مشكلات المياه الدولية. وتُركِّز المبادرة على وجه الخصوص على تدعيم التعاون الإقليمي، وإدارة الموارد المائية والتنمية، ومشاركة أصحاب المصلحة الرئيسيين والتنسيق بينهم من خلال زيادة القدرة على التعبير عن الرأي والمساءلة. ولقي البرنامج مساندة من شركاء التنمية، ومنهم المملكة المتحدة والدنمرك والنرويج.

وفي مارس/آذار 2011، وقّع البنك الدولي على مذكرة تفاهم مع حكومة الولايات المتحدة لتوسيع نطاق التعاون وتعزيزه في قطاع المياه. ويعمل البنك بتعاون وثيق مع 16 وكالة أمريكية لمساندة البلدان النامية في إدارة أزمات المياه العالمية، مثل نقص مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، وتناقص مكامن المياه الجوفية، والجفاف، والفيضانات، وآثار تغير المناخ.

المُضيّ قُدُماً

من الأهمية بمكان استمرار البنك في الاضطلاع بدوره الرائد وتعزيز مساندته لتأمين الإنجازات المذكورة أعلاه وزيادة منافع الحد من الفقر والتنمية المستدامة. ويعمل البنك الدولي حالياً على إعداد رؤية جديدة للمياه تعزز الممارسات المائية بغية الوفاء بتطلعات القيادات الجريئة وتلبية احتياجات المتعاملين المتغيرة. وتضع هذه الرؤية المياه في صميم جهود مساعدة الناس والاقتصادات والنظم البيئية على التعافي، وبالتالي المساهمة في بلوغ عالم خالٍ من الفقر. وسيقوم البنك في المرحلة المقبلة بما يلي:

· تدعيم الجهود الرامية إلى التصدي للتقلبات المناخية في المشروعات التي يمولها البنك من خلال تحسين أوضاع التخزين، والسيطرة على الفيضانات، والاستعداد لعمليات التصدي الطارئة.

· تخصيص المزيد من الموارد لاستكشاف وتقوية الصلات بين قطاع المياه والقطاعات الأخرى مثل الطاقة والزراعة والبيئة، ومساندة المبادرات التي تهدف إلى تحسين آليات ومؤسسات تخصيص المياه.

· ضمان إدراج الاعتبارات المتعلقة بالمياه في الخطط القطاعية للبلدان.

· تحسين كفاءة شبكات الإمداد بالمياه.

· التأكد من أن أجندة الأمن الغذائي تأخذ الري في اعتبارها، والعمل مع البلدان المتعاملة مع البنك لزيادة ترشيد استخدام المياه في مشاريع الري القائمة.

· تدعيم استخدام وتقديم البيانات اللازمة لاتخاذ القرارات والحوار بين البلدان، وتسهيل دمج التقنيات للحصول على مزيد من المعلومات التي يمكن التعويل عليها.

· مواصلة تقديم مساندة قوية للإصلاحات المؤسسية وبناء قدرات المنظمات ذات الصلة، وتدعيم الشراكات العالمية في المياه لتحقيق آثار دائمة.

المنتفعون

إنه شيء تتذكره أروى محمد جيداً. عندما كانت تمطر، كانت مياه السيول ترتفع بشدة في شوارع مدينة تعز حتى تحبس السكان في بيوتهم لأيام. وتقول أروى "عند هطول الأمطار، والأطفال في المدارس، كنا نخشى ذلك كثيراً لأن السيول سوف تندفع وتعطل حركة الشوارع ويظل من بالمنزل – الأمهات – منتظراً بجانب النوافذ لمراقبة وصول أطفالنا والصراخ محذراً ’لا تحاولوا عبور الشارع، هذا خطر.’ وقد تسببت السيول ذات مرة في وفاة عجوز وحفيدها." وأخيرا، تضيف أروى أن الحي الذي تسكن به آمن حيث إن مياه الأمطار ما زالت تأتي ولكنها تعبر الآن إلى الجنوب من حيها بدلاً من المرور من خلاله وذلك من خلال مجرى مغطى لصرف مياه الأمطار. وتقول "لدينا الآن تلك الشوارع المرصوفة بصورة جيدة ويمكننا عبورها حتى خلال تدفق السيول، ولكن فيما مضى كنا ننفصل تماماً عن الحياة عندما تهطل الأمطار. هل تتخيل ما أعنيه؟"

ويقول شوقي أحمد هايل سعيد، بالمجلس المحلي لمدينة تعز ورجل أعمال، "لم تكن فقط التطورات والتحسينات المتعلقة بحل مشكلات فيضان المياه والسيول هي الوحيدة التي حدثت في تعز خلال السنوات القليلة الأخيرة، ولكن أيضا العقود الإضافية التي تم تنفيذها من خلال تلك المشروعات لتمهيد ورصف العديد من شوارع المدينة وتوظيف الكثير من سكان مدينة تعز وأيضا مساندة المجلس المحلي في مجال التدريب وتحسين الإيرادات ويرجع الفضل في ذلك إلى مشاركة السكان في تنفيذ هذا المشروع في مدينة تعز."

أما أمين جباري، وهو بقال يبلغ من العمر 28 عاماً، فيقول لقد نجح المشروع أخيراً في تأمين منزله..."إن الوضع اختلف الآن، أصبح كل شيء جيداً الآن بعدما قاموا ببناء المجرى ومصدات الحماية وأصبحت السيول لا تصل إلى هنا. لذلك نشعر بالراحة، لا سيول بعد الآن." ويضيف أمين أنه منذ بناء المجرى المغطى القريب من منزله، أصبح هو وأفراد أسرته المكونة من خمسة أفراد في مأمن!

وسائط إعلامية

Image
15 مليون
متر مكعب من المياه المستخرجة سنويا من المكامن المحلية تم توفيرها نتيجة للتحسينات في مناطق الري باليمن.




أهلا بك