Skip to Main Navigation
المطبوعات

مرصد الاقتصاد اللبناني، خريف 2021: الإنكار الكبير

Image

يؤدي حجم ونطاق الكساد المتعمّد في لبنان إلى تفكّك الركائز الأساسية للاقتصاد السياسي لفترة ما بعد الحرب الأهلية. أشار مرصد الاقتصاد اللبناني الصادر في خريف 2020 بعنوان " الكساد المتعمّد" إلى أن الركود كان مفروضًا بشكل ذاتي، لا بل فرضته على الشعب النخبة التي حكمت البلد لوقتٍ طويل وقبضت على الدولة ووضعت يدها على ريعها الاقتصادي. ولا تزال هذه القبضة قائمة بالرغم من (1) أزمة قدّرناها أن تكون من بين الانهيارات الاقتصاديّة الثلاثة الأكثر حدةً عالميًا منذ الخمسينات من القرن التاسع عشر (لبنان يغرق (نحو أسوأ ثلاث أزمات عالمية)، نشرة مرصد الاقتصاد اللبناني، ربيع 2021)؛ و(2) تحرّكات شعبيّة غير طائفية وأحياناً واسعة وكثيفة. 

يُتوقَّع أن يتراجع إجمالي الناتج المحلي الفعلي بنسبة 10.5 في المئة في العام 2021، إثر تقلّص بلغ 21.4 في المئة في العام 2020. وفي الواقع، تدهور إجمالي الناتج المحلي في لبنان من 52 مليار د.أ. في العام 2019 إلى ما يُتوقّع أن يبلغ 21.8 مليار د.أ. في العام 2021، مما يشكّل تقلّصًا نسبته 58.1 في المئة، ليشكلّ أكبر تقلّص على لائحة تضمّ 193 بلدًا. ويولّد الركود المتعمّد ندباتٍ طويلة الأثر على المجتمع والاقتصاد في لبنان: فالخدمات العامة الأساسيّة تنهار؛ وعدد اللبنانيّين الذين يلجؤون للهجرة يزداد؛ لا سيّما ذوي المهارات العالية. وفي موازاة ذلك، تتحمل الفئات الفقيرة والمتوسطة العبء الأكبر للأزمة، وهي الفئات التي لم يكن النموذج القائم يلبي حاجاتها أصلاً. ولا تزال الفوضى الماليّة والنقديّة إلى جانب تضخّم متنامٍ تتحكم بظروف الأزمة. وأدّت تقلّبات سعر الصرف إلى زيادة التضخّم الذي يُقدَّر بحوالي 145 في المئة في العام 2021 – وهو ثالث أعلى معدّل تضخّم في العالم بعد فنزويلا والسودان.

 كما سبق وحذّرنا مراراً وتكراراً، يحتاج لبنان بشكل عاجل إلى اعتماد وتنفيذ خطة إصلاحيّة موثوقة، وشاملة، وعادلة من أجل تفادي الانهيار الكامل للشبكة الاجتماعيّة والاقتصاديّة ووضع حدّ فوري لخسارة الرأسمال البشري الذي يسير في اتجاه لا رجعة فيه.