Skip to Main Navigation
المطبوعات 2021/06/28

المرصد الاقتصادي للمغرب - بناء الزخم من أجل الإصلاح

Image

يبرز المغرب بوصفه بلداً تمكن من اغتنام أزمة فيروس كورونا كفرصة لإطلاق برنامج طموح للإصلاحات ذات الأثر التحوّلي. بعد الجهود الأولية التي بذلتها السلطات المغربية للتخفيف من حدة الآثار المباشرة الناجمة عن جائحة كورونا على القطاع العائلي والشركات، قامت بإطلاق سياسات مختلفة لتصحيح أوجه التفاوت القائمة منذ فترة طويلة، والتغلب على بعض الاختلالات الهيكلية التي عرقلت أداء الاقتصاد المغربي في الماضي القريب.

يستند برنامج الإصلاح إلى الركائز التالية: (1) إنشاء صندوق الاستثمار الإستراتيجي (صندوق محمد السادس) لدعم القطاع الخاص؛ (2) إصلاح إطار الحماية الاجتماعية لتعزيز رأس المال البشري؛ (3) إعادة هيكلة ما لدى المغرب من شبكة ضخمة من المؤسسات المملوكة للدولة. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الحكومة مؤخراً عن شروط نموذج جديد للتنمية ينصب تركيزه على التنمية البشرية، والمساواة بين الجنسين، وضرورة تنشيط الجهود التي بُذلت مؤخراً بغية تحفيز ريادة الأعمال الخاصة، وتعزيز القدرة التنافسية.

إذا تكلل تنفيذ هذه الإصلاحات بالنجاح، فإنها ستؤدي إلى مسار نموِ أكثر قوة وإنصافاً. وهناك عدة قنوات يمكن من خلالها أن يؤدي بناء الزخم من أجل الإصلاح المشار إليه إلى زيادة إمكانية الاقتصاد المغربي للنمو: (1) من خلال زيادة التنافسية في الأسواق، وتحقيق تكافؤ الفرص، وتبسيط دور قطاع المؤسسات المملوكة للدولة في الاقتصاد، سيتمكن المزيد من الشركات من دخول الأسواق، وتحقيق النمو، وخلق فرص عمل؛ (2) يمكن لقطاع خاص أكثر ديناميكية تحسين استخدامه للرصيد الضخم من رأس المال المادي الذي تراكم على مدار العقود الماضية، ومن ثمّ زيادة عوائد النمو من البنية التحتية القائمة، الأمر الذي لم يتحقق حتى اليوم؛ (3) يمكن أن تؤدي زيادة وتيرة تكوين رأس المال البشري إلى تمكين المزيد من المواطنين من تحقيق إمكانياتهم الإنتاجية، مما يساهم في تحسين مستويات المعيشة وتسريع نمو الناتج الكلي.

لكن على المدى القصير، قد يكون التعافي من الأزمة تدريجياً ومتفاوتاً. على الرغم مما شهده النصف الثاني من عام 2020 من زيادة في حجم النشاط، إلا إنه انتهى بأكبر ركود اقتصادي على الإطلاق. ونتوقع أن ينتعش نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى 4.6% في عام 2021، مدفوعاً بالأداء القوي في القطاع الزراعي، والتعافي الجزئي في قطاعي التصنيع والخدمات. في هذا السيناريو الأساسي، لن يعود إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى مستوى ما قبل الجائحة حتى عام 2022، وستكون الخسائر التراكمية في الناتج الناجمة عن الأزمة ضخمة. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال ميزان المخاطر يميل إلى الاتجاه النزولي نظراً للانتشار  العالمي لمتحورات جديدة من فيروس كورونا تتميز بقدرة أشرس على العدوى، والقيود على الإمدادات التي تؤثر على حملة التلقيح في المغرب، علاوة على مواطن الضعف المالي على مستوى الاقتصاد الكلي التي أحدثتها أزمة جائحة كورونا.

خففت برامج التحويلات النقدية المكثفة التي تم إطلاقها في فترة الإغلاق الأثر الاجتماعي والاقتصادي الكبير وغير المتكافئ للأزمة إلى حد ما. في المغرب، كما في أي مكان آخر، كانت الشرائح الأكثر فقراً من السكان أكثر عرضة للتداعيات الصحية والاقتصادية المترتبة على الجائحة. ونتيجة لذلك، ازداد معدل انتشار الفقر بعد عدة سنوات من التقدم الاجتماعي المتواصل، ومن غير المتوقع أن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2023. على الرغم من كل ذلك، تتمثل خصوصية الحالة المغربية في أن تدابير الحد من الآثار التي اعتمدتها السلطات نجحت في التخفيف من تأثير انخفاض الدخل الذي كانت ستتعرض له نسبة كبيرة من الأسر الأكثر فقراً (على المستويين الرسمي وغير الرسمي)، ومن ثم، تجنب حدوث زيادة أكبر بكثير في معدل الفقر.

ومع ذلك، كانت تلك التدابير مؤقتة بطبيعتها، وستكون هناك حاجة إلى نهج أكثر هيكلية لضمان توزيع فوائد التعافي بعد انحسار الجائحة بالتساوي. أعلنت المملكة المغربية بالفعل عن تنفيذ إصلاحِ شاملِ لنظام الحماية الاجتماعية، بما في ذلك تعميم خدمات التأمين الصحي والإعانات الأسرية. ويجب أيضاً التصدي للتحديات على المدى الطويل التي تميز أسواق الشغل في المغرب، وهي عدم كفاية قدرتها على توفير وظائف جديدة حتى في ظل نمو الاقتصاد، وزيادة البطالة خاصة بين الشباب والإناث، وبطء التراجع في مستويات سوق الشغل غير الرسمي.

المرصد الاقتصادي للمغرب - بناء الزخم من أجل الإصلاح (التقرير كاملا باللغة الإنجليزية في نسق PDF)