Skip to Main Navigation
موضوع رئيسي

الالتزام في بيئة غير مستقرة

06/24/2010


دعم البنك الدولي لنموّ القطاع الخاص وبناء المؤسسات في ظل ظروف غير مستقرة.

القدس، 24 حزيران/يونيو 2010. يفرض برنامج الضفة الغربية وقطاع غزة تحدّياً فريداً من نوعه على البنك الدولي. ويتطلب العمل في بيئة متأثرة من النزاع أن نكون مرنينً فيما نتّبعه من الأساليب في أداء عملنا، بينما نتأكد، في الوقت ذاته، من أن نتائج أعمالنا سوف تعود بفوائد حقيقية على الشعب الفلسطيني.

 وغالباً ما تؤدّي الضغوط  في الأوضاع التي تعيش حالةً من النزاع إلى استخدام المعونات الاقتصادية في أداء وظيفة إنسانية، مما يُسهم في خلق نوع من الاتّكالية بدلاً عن حفز النمو الاقتصادي المُستدام فيها. وفي ظلّ هذه الظروف، فإننا في البنك الدولي مُلزمون بالقيام، بصفة مستمرة، بإعادة تقويم عملياتنا وتكييفها، وذلك بهدف ضمان قيامنا بإيجاد التوازن الصحيح بين الاستجابة إلى الحاجات قصيرة المدى، والاهتمام بالأهداف بعيدة المدى.

 ولكي يتسنّى تحقيق هذا التّوازن، فقد قمنا بتحديد مبدأين أساسيين يُرشدانا في التخطيط لعملياتنا. المبدأ الأول، يقول بأنّ عمل البنك الدولي يكون فعّالاً أكثرَ ما يكون عندما يقوم البنك بدعم عمل الإصلاحيين والمانحين الآخرين وباستكمال ما يقومون به، وذلك عند الأخذ بعين الاعتبار التمويل المحدود الذي يتوافر له للقيام بعملياته. وبناءً على ذلك، فإنّ التشخيصَ الدّقيقَ في الوقت المناسب للمفاصل الملائمة لتدخّلات البنك أمرٌ حتميٌّ لا مفرّ منه.

أمّا المبدأ الثاني، فيقولُ بأنّه إذا ما أُريد للبنك الدولي أن يُحقِّقق هدفه التنموي الرئيس، وهو: دعمُ إنشاء وتطوير أنظمةٍ وأجهزةٍ تستطيع تقديم خدمات عالية الجودة ومستدامة للشعب الفلسطيني، فيجب عليه أن يُركّز على الأعمال التي تُيسِّر عملية تأسيس دولة فلسطينية مستقرة مالياً، ترتكز على وجود مؤسسات لدى الدولة، متينةٌ ومحكومة حُكماً رشيداً جيداً، كما ترتكز على مؤسسات المجتمع المدني.
 لقد تم التنبّؤ باستقرار المالية العامة بشأن النّموّ الاقتصادي. بَيْدَ أنّ النمو لا يكون مستداماً إلا إذا كان القطاع الخاص هو الجهة الرئيسة التي تُمسك بزمام القيادة فيه. فقد عطّلت الإغلاقات التي تفرضها إسرائيل، والتي تم تشديدها، بشكل كبير، منذ اندلاع الانتفاضة الثانية في عام 2000، تنميةَ وتطور القطاع الخاص. ومع أنّ بعض القيود قد جرى تخفيفها، إلى حدٍّ كبير في الماضي القريب، إلا أنّنا ما نزال بانتظار انتعاش المؤسسات الخاصة الفلسطينية، وهو انتعاش تحتاجه السلطة الفلسطينية لكي تُقلّص اعتمادها على المعونات. ورغم وجود العديد من مؤسسات الأعمال المُلتزمة والناشطة في السوق، إلا أنّ الوضع يحتاج إلى المزيد من العمل لدعم نمو تلك المؤسسات، ولإدخال المزيد من الأعمال وتحقيق المزيد من الازدهار فيها.

 وتَستمرّ القيود المفروضة على إمكانية الوصول إلى الأسواق، وبخاصة في قطاع غزة والقدس الشرقية، وإلى الموارد الطبيعية، وهي بصورة رئيسية في المنطقة (ج)، وإلى الاستثمارات ... تستمرّ في إعاقة تنمية الأعمال وتطويرها. وسوف يُكرّس البنك الدولي قَدْراً كبيراً من قدراته في مجالي التحليل وتقديم المشورة، على مدى الأشهر القليلة التالية، لما يلي: (أ) تقييم الإمكانات والطاقات اللازمة لنمو القطاع الخاص، وتقديم التوصيات الخاصة بالتشجيع على تحقيق هذا النمو. (ب) قياس الأثر الاقتصادي الحالي للقيود وتقديم التوصيات الخاصة بتخفيفها. وسيتم نشر النتائج الأولى لهذه الجهود المتجددة في فصل الخريف.

 لقد تمّ تصميم محفظة مشاريع الضفة الغربية وقطاع غزة لكي تدعم بطريقة فعّالة بناء المؤسسات الفلسطينية. وعندما نأخذ الموارد المالية المحدودة نسبياً للبرنامج، ومدى مرونة الوضع على الأرض بعين الاعتبار، فإننا نولي اهتماماً خاصاً بالمحافظة على رأس المال البشري وتطويره، في كلٍّ من القطاع العام والمجتمع المدني. تجدر الإشارة إلى أنّ هذا الإصدار من النشرة التحديثية الخاصة بالأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة، يتحدث عن عدد من المشروعات التي تحتويها هذه المحفظة.

 والحكمُ الرّشيدُ هو مجال آخر نسعى نحن جاهدين فيه إلى إدماج خبرتنا العالمية مع ما يتوافر من المعرفة المحلية، بما يدعم المؤسسات الفلسطينية. وتُجرى حالياً دراسة كبرى لهذه المسألة تقترب من نهايتها. واستناداً إلى النتائج التي ستتمخّض عنها تلك الدراسة، فإنّنا سوف ننخرط في جُهد تواصلي واسع النطاق مع الجهات المعنية خلال النصف الثاني من هذا العام. وإننا نعتقد بأن النتائج سوف تُحسّن مستوى ثقة الجمهور في الكثير من المجالات التي تشهد مستوى مُرْضٍ من الأداء، كما أنّنا نُشجّع، بالتوازي مع ذلك، على إجراء الإصلاح في المجالات التي لا تشهد ذلك المستوى من الرضا.

 إنّني أعود إلى المنطقة بعد ثلاثة عشرة عاماً كمديرة وممثلة مقيمة للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإنّ عودتي هذه نوعٌ  من الامتياز أحظى به. فالتحديات التي تواجهنا هائلة ومرعبة. لكنني، خلال الفترة القصيرة منذ عودتي، أُعجِبتُ كثيراً بالقدرات الاستثنائية والالتزام الاستثنائي الذي يبديه الشعب الفلسطيني لإحداث التغيير في أوضاعه، حتى في ظلّ أحلك الظروف غير المؤاتية التي يعيشها. وإنّني لأتطلّع قُدُماً إلى مواصلة العمل الذي أنجزه أسلافي دعماً للمصلحين والمبادرين الفلسطينيين من خلال الجمع التآلفي بين خبترنا العالمية التي نتمتّع بها والمعرفة المحلية.

مريم شيرمن
المديرة والممثلة المقيمة

Api
Api