Skip to Main Navigation
موضوع رئيسي08/30/2022

تونس: إعادة تدوير مياه الصرف تساعد على تنقية مياه البحر وتوفير المياه لأغراض الفلاحة

نقاط رئيسية

  • إنشاء نظام مأمون بيئياً للتخلص من مياه الصرف الصحي شمالي العاصمة تونس وتنظيف الشواطئ من خلال نقل مياه الصرف عبر أنابيب تحت سطح الأرض ومياه البحر.
  • عينات من مياه البحر تُظهر استيفاء 96% منها مستويات البكتيريا التي تعتبرها السلطات الصحية مأمونة، وامتثال 97% للمستويات المأمونة من تركيزات المنظفات.
  • التوسع في إتاحة كميات مياه الصرف المُعالجة لاستخدامها في أغراض الفلاحة وكذلك في المناطق الحضرية يساعد البلدان التي تعاني من نقص الموارد المائية مثل تونس على التكيف مع تزايد شح المياه بسبب تغير المناخ.

الصورتان أعلاه تحكيان كل شيء. في الأولى، نرى نهراً من رواسب الحمأة السوداء يشق طريقه إلى البحر المتوسط، أما في الصورة الثانية بعد ذلك بخمس سنوات فيظهر لنا بحر رائق مياهه زرقاء ضاربة إلى الخضرة وشاطئ رملي نظيف. للمرة الأولى منذ عدة سنوات، في عام 2020، افتتحت السلطات الصحية في تونس شاطئ "رواد" الذي يقع إلى الشمال من مدينة تونس لممارسة السباحة، في خطوة تدعم الاقتصاد المحلي. وعبَّر صائدو الأسماك عن استحسانهم للتغيرات التي شهدوها في البيئة البحرية.

وما يبدو وكأنه معجزة هو في الواقع ثمرة العمل الدؤوب للمهندسين والعلماء لتنقية المياه. وأظهرت مجموعة من العينات من مياه البحر أُخِذت في منطقة شاطئ "رواد" في عام 2020 أن 96% منها امتثل لمستويات البكتيريا التي تُعتبر مأمونة للصحة العامة، وأن 97% منها مأمونة بالنسبة لمستوى المُنظِّفات. وقد نتجت هذه التحسينات عن نقل مياه الصرف المُعالَجة عبر أنابيب تحت الأرض إلى مصب تحت سطح البحر، وهو المصطلح الفني المستخدم للتعبير عن خط أنابيب تحت مياه البحر يمتد لمسافة 6 كيلومترات قبالة الساحل قبل أن يتخلص مما يحمله من مخلفات سائلة على عمق 20 متراً. وفي هذا العُمْق، على مسافة أبعد في خليج تونس، تتبدَّد مياه الصرف الصحي البشري المعالجة وغيرها من المخلفات السائلة، فتخفِّف من التلوث الذي يصاحب الأنشطة اليومية للحياة المعاصرة وأساليب الفلاحة.

ومعالجة مياه الصرف الصحي من أجل إعادة استخدامها على اليابسة تساعد في تعزيز قدرات تونس على التكيف مع تزايد شح المياه الذي تشهده البلاد نتيجة لتغير المناخ. ويسهم الاستثمار في نظام جديد مأمون بيئياً للتخلص من مياه الصرف المُعالجة في الحفاظ على الشريط الساحلي الجميل لتونس المُطل على البحر المتوسط، ويعود بالنفع على المجتمعات المحلية التي تعيش وتعمل وتقضي أوقات فراغها على امتداده.

تُعد تونس من أكثر البلدان معاناة من شح الموارد المائية في العالم. ففي عام 2017، كان متوسط نصيب الفرد من المياه للسكان البالغ عددهم نحو 12 مليوناً 367 متراً مكعباً من المياه المتاحة، وذلك بالمقارنة مع متوسط إقليمي قدره 526 متراً مكعباً ومتوسط عالمي قدره 5700 متر مكعب. ويؤدي النمو العمراني، وتزايد الطلب، والحاجة إلى دعم جهود خلق فرص الشغل والري في المناطق الريفية إلى زيادة الضغوط على هذه الموارد المائية.

The World Bank

 التخلص من مياه الصرف الصحي التي لم تُعالج معالجة سليمة في البحر قبل المشروع.

The World Bank

نقل مياه الصرف المُعالجة في أنابيب تحت الأرض يحمي البيئة ويمنع تلوثها.

كانت الأنظمة البيئية الساحلية والبحرية لتونس مُهدَّدة بالتلوث من مياه الصرف الفلاحي والمخلفات البلدية. ووضعت الحكومة التونسية تنظيف خليج تونس على رأس أولوياتها عندما أشارت الدراسات والبحوث إلى أنه صار أشد المواقع تلوثاً في البلاد. ووضع الديوان الوطني التونسي للتطهير (أوناس) والوزارات المَعنية برنامجاً للتصدي لهذا التحدي.

إن نظام الصرف الصحي الذي يبلغ عمره 30 عاماً ويعاني سوء الصيانة لم يعد قادراً على استيعاب الكميات الكبيرة من المخلفات المولدة. فالمجاري المكشوفة فوق سطح الأرض كانت تنقل مياه الصرف من محطة "شطرانة" لمعالجة مياه الصرف إلى الجنوب مباشرة من "رواد" إلى النهر الذي يصب في شواطئ مياه الخليج. وكان السكان يشكون من الروائح الكريهة والمخاطر على الصحة. وتفسد مشاهد القاذورات إمكانيات المنطقة لتنشيط السياحة وغيرها من الأنشطة الإنمائية. وعلى الرغم من أن مياه الصرف كانت تخضع للمعالجة، فإن نوعيتها كانت رديئة إلى درجة لا تصلح معها للفلاحة.

مياه الصرف أصبحت آمنة لإعادة استخدامها

هذه التحسينات هي نتاج مشروعٍ بلغت تكلفته 60.6 مليون دولار اكتمل في عام 2021، حيث ساند مشروع مياه الصرف في شمال مدينة تونس الذي موَّله البنك الدولي، وشارك صندوق البيئة العالمية بمنحة في تمويله، إنشاء قنوات تحت سطح البحر ومصبٍ لتفريغ مياه الصرف المعالجة في البحر وحوضٍ لتخزين مياه الصرف.  

وموَّل المشروع خطين متوازيين من الأنابيب المانعة لنفاذ الماء لنقل مياه الصرف من محطة "شطرانة" للمعالجة إلى حوض كبير مُقسَّم إلى حجيرات لتخزين الحمأة بالقرب من وادي "الحسيان" حيث يجري فصل مياه الصرف إلى سوائل ومواد صلبة. ويمنع مد الأنابيب تحت سطح ماء البحر مياه الصرف من تلويث المناطق المحيطة قبل معالجتها ويحول دون إعادة تلوثها فيما بعد.

ومن حوض التخزين، يمكن تنظيم تدفق المياه لأغراض الري مما يتيح ملايين الأمتار المكعبة من المياه ذات النوعية الجيدة التي أُعيد تدويرها لنحو 500 مزارع في "برج الطويل". ومع النمو العمراني السريع، والتغير في استخدامات الأراضي في المنطقة، توصل الديوان الوطني للتطهير إلى اتفاق مع مطوري المناطق الحضرية لاستخدام بعض مياه الصرف في ري المساحات الخضراء في مدينة خليج تونس الجديدة.

The World Bank
ينظم حوض الحسيان تدفق مياه الصرف المعالجة إلى مصب التصريف تحت البحر.

ومن أجل إقناع الجمهور العام بأن مياه الصرف التي أعيد تدويرها مأمونة لزراعة النباتات، تُرْوى قطع أراض مملوكة لثلاثة من المزارعين في "برج الطويل" بمياه صرف مُعالجة، وتم إنشاء مزيد من قطع الأرض التجريبية بالقرب من محطة معالجة المياه في سيدي عمور على الساحل إلى الشمالي الغربي من "برج الطويل". وتوجد في منطقة "سيدى عمور" أنظمة لترشيح المياه، وخزانات للمياه، ومحطة للرفع، وشبكة للري، ومختبر، ومركز للاختبار والبيان العملي. ويساعد مشروع "سيدي عمور" التجريبي على تحسين التنسيق بين مختلف الجهات صاحبة المصلحة، كما أن مختبره المختص بضبط الجودة مفتوح لطلاب الدراسات الفلاحية.

The World Bank
إنشاء بيت مكيّفة لصالح مجمع التنمية الفلاحيّة بسيدي عمر.

The World Bank
مياه معالَجة تزود قطع الأراضي الزراعية للفلّاحين.

The World Bank
جودة المياه المعالجة عند مدخل حوض النضج.

وعلى صعيد منفصل، تُطبِّق الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والديوان الوطني للتطهير (أوناس) نظاماً مُحدَّثاً للفوترة، وتبسيط إجراءات تحصيل الإيرادات. وتم تحديث نظام تكنولوجيا المعلومات في (أوناس) ليشتمل على تحليل البيانات الآنية بواسطة الحاسوب، مما يجعل إدارة تدفق مياه الصرف عن بعد وبكفاءة أكبر أمراً في المتناول.

مدونات

    loader image

الأخبار

    loader image