Skip to Main Navigation
موضوع رئيسي12/20/2022

تمكين المدن المغربية من التكيف والازدهار في مواجهة الكوارث

The World Bank

منظر عام لمدنية فاس، المغرب

Copyright (c) 2018 Fly_and_Dive/Shutterstock.

تتعرض المدن المغربية، التي تساهم بأكثر من 75% من إجمالي الناتج المحلي الوطني، بشكل متزايد للمخاطر الطبيعية والمناخية. وتشتمل هذه المخاطر على ظواهر مناخية حادة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف، وظواهر بطيئة الحدوث، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، والتي من المتوقع أن تزداد سوءاً في العقود القادمة جراء التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ. كما تشتمل أيضاً على مخاطر جيولوجية، مثل الزلازل. وتشير التقديرات إلى أن آثار المخاطر الطبيعية والمناخية معاً تكلف المغرب أكثر من 575 مليون دولار سنوياً. كما أنها تشكل تهديداً كبيراً على أبناء هذا البلد وعلى سبل كسب عيشهم، لا سيما الأشخاص الأكثر احتياجاً في المناطق الحضرية المعرضين لمثل هذه المخاطر بشكل أكثر من غيرهم، بمن فيهم النساء والشباب الذين يعيشون تحت خط الفقر والمهاجرين، بالإضافة إلى مجموعات الأقليات الأخرى ممن يعانون صعوبات في الحصول على الخدمات والدعم.

في ظل هذه الظروف، اتخذت الحكومة المغربية إجراءات حاسمة لتدعيم إدارة مخاطر الكوارث والتكيف مع تغير المناخ على المستويين الوطني والمحلي. وفي حين لا يسعنا أن نؤكد بما فيه الكفاية على الدور المهم للحكومة الوطنية في توفير إطار توجيهي وموارد مالية لمجابهة الكوارث وبناء القدرة على تحمل الظواهر المناخية، فإن الحكومة تدرك أن التأثيرات المرتبطة بالمخاطر الطبيعية وتغير المناخ تلقي بأعبائها الشديدة على المستوى المحلي. لذلك من الضروري تعزيز الروابط الأفقية والرأسية فيما بين القطاعات من ناحية وفيما بين السلطات الوطنية والمحلية من ناحية أخرى، وتزويد المدن بما يلزمها من أدوات لتدعيم مرونتها وقدرتها على الصمود.

واستناداً إلى شراكة قائمة منذ أمد طويل لإدارة مخاطر الكوارث بين البنك الدولي وحكومة المغرب، طلبت وزارة الداخلية في عام 2018 المساعدة التقنية من البنك لدعم مدينتين على أساس تجريبي في إعداد الإستراتيجيات ومخططات العمل الخاصة بالمرونة في المناطق الحضرية. واستهدف هذا المشروع التجريبي استخلاص الدروس ومن ثم استخدامها في إعداد نهج إستراتيجي لتعميم إدارة مخاطر الكوارث على المستوى المحلي. وقد وقع الاختيار على مدينتي فاس والمُحمَّدية نظراً لأنهما تمثلان سياقين مختلفين للتعرض للكوارث ومخاطر تغير المناخ على النحو التالي: تقع مدينة فاس في الداخل إلى الشمال من المغرب، وتُعد مركزاً ثقافياً ومقصداً سياحياً مهماً. والمدينة معرضة بشكل خاص لمخاطر الفيضانات النهرية وفيضانات الأمطار الغزيرة، فضلاً عن الزلازل بسبب موقعها في منطقة نشطة زلزالياً تعرف بمنطقة الريف. أما مدينة المُحمَّدية، فتُعد مركزاً صناعياً مهماً، وتقع إلى الشمال الشرقي من الدار البيضاء على ساحل المغرب على المحيط الأطلسي، وتتعرض بشكل خاص للفيضانات الساحلية وارتفاع مستوى سطح البحر.

وقد وُضعت الإستراتيجيات لتعزيز المرونة الحضرية لمدينتي فاس والمُحمَّدية بين عامي 2019 و2021، اعتماداً على نهج تشاركي يقوم على حشد مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة؛ من المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية إلى الوزارات التنفيذية والجهات التقنية من خلال تشكيل لجان توجيهية على المستوى المحلي. وتهدف هذه الإستراتيجيات إلى وضع خريطة طريق للمدينتين لتصبحا أكثر أماناً واخضراراً وأكثر شمولاً ومرونة، من خلال تحديد الإجراءات الرئيسية لتحقيق المرونة للحد من تعرض سكان المدينتين وما بهما من أصول حيوية للأخطار الطبيعية في سياق تغير المناخ. وقد استرشدت تلك الإستراتيجيات بدراسات تشخيصية سريعة تضمنت جولات متعددة من جمع البيانات وتحليلها على المستوى المحلي. بالإضافة إلى ذلك، فقد جرى تنظيم العديد من حلقات العمل لإشراك أصحاب المصلحة من كل مدينة، مع النظر أيضاً في أهم الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا (كوفيد-19). ومن خلال هذه العملية التعاونية، توصل أصحاب المصلحة إلى رؤية مشتركة للمدينتين ترتكز على توافق الآراء بشأن اتخاذ إجراءات منفصلة لكل مدينة على حدة، وأن تكون هذه الإجراءات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.  

بعض الأمثلة على الإجراءات الخاصة بتحقيق المرونة الحضرية التي وُضعت في إطار عملية إعداد مخططات العمل تتضمن ما يلي:

  • يشجع الإجراء 2 من مخطط العمل لمدينة فاس 2022-2027 على تحديد وتنفيذ حلول قائمة على الطبيعة وقابلة للتطبيق للحد من المخاطر الناجمة عن الأخطار الطبيعية وحماية سكان المدينة والصناعات المحلية والبنى التحتية. بالإضافة إلى تحقيق المنافع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الأساسية، مثل تحسين مستويات المعيشة عن طريق المساهمة في زيادة مستوى الأمن الغذائي وتقليل أوجه عدم المساواة في الحصول على خدمات الرعاية الصحية، فقد تكون الحلول القائمة على الطبيعة أقل تكلفة وأكثر فعالية على المدى الطويل من الاستثمارات التقليدية التي تقوم على بناء حلول البنية التحتية التقليدية "الرمادية" أو "المادية" وصيانتها.
  • يقترح الإجراء 1 في مخطط العمل لمدينة المُحمَّدية وعين حرودة 2022-2027  وضع إطار عمل إستراتيجي محلي لإدارة مخاطر الفيضانات وتآكل السواحل وتنفيذه في سياق ارتفاع مستوى سطح البحر وشدة العواصف. ومن شأن هذا الإطار أن يتيح فهم أوجه القصور الحالية باستخدام السيناريوهات المحتملة. على سبيل المثال، وفيما يتعلق بسيناريو عام 2050، يمكن الجمع بين ما يتضمنه تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2021 من توقعات بارتفاع مستوى سطح البحر على مستوى العالم وبين سيناريوهات تخطيط استخدام الأراضي لتحديد التدابير الفعالة لإدارة المخاطر الناجمة عن الفيضانات وتآكل المناطق الساحلية. ومن شأن الإطار المقترح ضمن هذا الإجراء أن يجمع بين مختلف أصحاب المصلحة لاتخاذ نهج شامل للإدارة الحضرية والساحلية.

 أداة جديدة لتعزيز المرونة الحضرية في المدن المغربية   

The World Bank

 دليل المرونة الحضرية للمدن المغربية 

وبغرض توسيع نطاق هذا المشروع التجريبي ودعم تعميم إدارة مخاطر الكوارث وتدابير التكيف مع تغير المناخ على المستوى المحلي، قامت وزارة الداخلية، وبدعم من البنك الدولي، بإعداد دليل المرونة الحضرية للمدن المغربية. وهذا الدليل موجه لدوائر اتخاذ القرار والموظفين التقنيين على مستوى المدن، حيث يحتوي على إرشادات تفصيلية وتدريجية بشأن العمليات والأدوات والموارد اللازمة لوضع إستراتيجيات وخطط عمل دقيقة لتحقيق المرونة الحضرية. وفي الخامس من شهر أكتوبر 2022، استضافت مديرية تدبير المخاطر الطبيعية بوزارة الداخلية حلقة عمل وطنية لعرض هذا الدليل، واستعراض ما تم تحقيقه في المشروع التجريبي، وتشجيع الحوار بين أصحاب المصلحة رفيعي المستوى فيما بين المدن. وضمت حلقة العمل أكثر من أربعين مشاركاً، من بينهم ولاة الجهات والمحافظون ورؤساء البلديات من جميع أنحاء البلاد للتعرف على الدروس المستفادة التي يمكن تطبيقها لتلبية احتياجات كل مدينة لبناء المرونة وحماية مكاسب التنمية للأجيال القادمة. وترى الحكومة المغربية أن العديد من المدن ستحذو حذو فاس والمحمدية، خلال السنوات القليلة المقبلة، في إعداد إستراتيجيات المرونة الحضرية لتعزيز إدارة مخاطر الكوارث على المستوى المحلي. علاوة على ذلك، يمكن أن تستفيد الإجراءات ذات الأولوية التي اقترحتها كلتا المدينتين في مخططي عملهما من التمويل الذي يقدمه صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية، وهو صندوق وطني للمرونة يدعمه البنك الدولي، ويقوم بتمويل استثمارات الحد من مخاطر الكوارث والتأهب لمواجهتها على المستوى المحلي.

مدونات

    loader image

الأخبار

    loader image