قد يكون العثور على وظيفة بعد التخرج من الجامعة أمرا شاقا للعديد من الشباب في تونس. غير أن مشروع التعليم العالي من أجل التشغيل، في تونس، يساعد في هذا الصدد من خلال توفير تدريب أكثر استهدافا ومطابقة للمهارات مع احتياجات أصحاب العمل.
ويدعم المشروع أكثر من 600 برنامجا أو صفحة مبتكرة لدعم الجودة في جميع أنحاء تونس، تركز على مطابقة التدريب مع احتياجات السوق، وتحسين الحياة الجامعية، وتعزيز البحوث، وتحديث إدارة التعليم.
أحد مشروعات دعم الجودة التي تعمل على توفير الفرص لآلاف الطلاب والأساتذة هو مركز المهن وإشهاد الكفاءات.
"حصلت على وظيفة بشكل مباشر بعد العرض التقديمي النهائي لمشروعي. كان الرئيس التنفيذي هناك وهنأني، وسألني إذا كان بإمكاني بدء العمل في اليوم التالي!" هكذا قالت سارة، وهي خريجة تونسية حديثة التخرج، تبلغ من العمر 23 عاما، متحدثة عن رحلتها المهنية الأخيرة، بفضل برنامج الاعتماد وتسهيل التشغيل، وهو من البرامج التي يدعمها البنك الدولي، حيث تمكنت من ترجمة درجة البكالوريوس في تصنيع الآلات والتصنيع بمساعدة الكمبيوتر، إلى وظيفة في شركة مرموقة.
أما بالنسبة لسمر، خريجة الهندسة، البالغة من العمر 26 عاما، والمستفيدة من مشروع التعليم العالي من أجل التشغيل، ومقرها في صفاقس، فقد كان مركز المهن وإشهاد الكفاءات أكثر من مجرد مركز أو مؤسسة، بل كان بوابة للنمو الشخصي والمهني. فمن خلال المركز، حصلت على شهادات أساسية، مما عزز سيرتها الذاتية بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، تمت مكافأة نجاحها في مسابقة المركز بفرصة تدريب في مختبر لايبزيغ، في ألمانيا.
وقالت: "لقد شكلني تدريب مركز المهن وإشهاد الكفاءات الذي تلقيته، والفرص التي أتاحها حقا في المهنة التي أنا عليها اليوم"، مضيفة أن منسقتها في المركز لعبت دورا محوريا.
وتابعت قائلة "لقد شجعتني على الانضمام إلى المسابقة التي قادتني إلى ألمانيا، وساعدتني في العثور على وظيفة في شركة تلنات التونسية التي تعمل في قطاعات الفضاء والسيارات والاتصالات السلكية واللاسلكية."
ومن ضمن مشروعات دعم الجودة، المعهد العالي للدراسات التكنولوجية الذي يعد شريكا مع عمالقة الصناعات في القطاعات الرئيسية؛ مثل الميكانيكا، والكترونيات الطيران، والسيارات، لتطوير البرامج التي تلبي متطلبات الصناعة بشكل مباشر، ومطابقة الخريجين مع هذه الاحتياجات. تفتخر مشروعات دعم الجودة بمعدلات تشغيل تقارب 100٪ بين الخريجين. وبالإضافة إلى التشغيل، تقدم هذه البرامج المساعدة للخريجين على الحصول على رواتب أعلى عند بداية العمل، بالإضافة إلى فرص للعمل مع الشركات متعددة الجنسيات.
كما أظهر برنامج مماثل في مدينة سوسة نجاحا ملحوظا من خلال برامج الماجستير الثلاثة؛ في معالجة البلاستيك والمواد المركبة، والهندسة الرقمية والتحكم في الأنظمة المتصلة، والقياس الصناعي ومراقبة الجودة. واستفاد هذا المعهد، وهو المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بسوسة، بشكل فعال من التدريب العملي والدراسي لتقوية روابط الطلاب بالشركات الصناعية، مما أدى إلى خلق فرص عمل للجميع تقريبا عند الانتهاء من برنامجهم.
أما إيمان التي تخرجت من برنامج درجة الماجستير الذي شارك في إنشائه معهد سوسة، فلها تجربة مماثلة لتجربة سارة. حيث قالت إيمان: "من خلال البرنامج، أكملت فترة تدريب وقدمت الشركة عرضا بوظيفة لي بعد أسابيع قليلة من التخرج".
بتمويل من البنك الدولي، أحرز مشروع التعليم العالي من أجل التشغيل، المقرر إقفاله في 31 ديسمبر/كانون الأول 2024، تقدما كبيرا نحو تحقيق أهدافه المتمثلة في تحسين قابلية توظيف طلاب التعليم العالي، وتعزيز إدارة التعليم العالي. وقد عاد المشروع بالنفع على أكثر من 22 ألف طالب من خلال الشهادات، والدورات الدراسية الجديدة للحصول على درجات علمية، ومراكز مهنية ومراكز لإصدار الشهادات العلمية. وتشمل الإنجازات الرئيسية إنشاء أكثر من 40 برنامجا للحصول على درجات علمية مرتبطة بالصناعة، وتنفيذ أكثر من 60 دراسة لمتابعة الخريجين، وإطلاق تمويل يستند إلى الأداء لخمس جامعات حكومية.
في حين واجه الخريجون في تونس، تحديات عديدة خلال السنوات الماضية، في العثور على وظائف بعد التخرج من الجامعة، فإن مشروعات دعم الجودة، من خلال مشروع التعليم العالي من أجل التشغيل، الذي ربط بين التعليم وبين المهارات والخبرات الصناعية، قد مكن الطلاب، مثل سمر وسارة وإيمان، من الحصول على قصص نجاح مختلفة، وتوفير مستقبل أكثر إشراقا. وقد أحدثت هذه المبادرات التعاونية تحولات جوهرية، ليس فقط بالنسبة لحياة الطلاب، ولكن أيضا بالنسبة لصناعات القطاع الخاص، التي تحتاج إلى مهارات محددة وأكثر حداثة، وأصبحت تجدها الآن.