Skip to Main Navigation
10/31/2017

15 عاماً من الإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال في أنحاء العالم

15 عاماً من الإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال في أنحاء العالم

لم يكن بدء النشاط التجاري في تايلند في الأعوام المنصرمة سهلاً حتى عام 2017، عندما ألغت الحكومة شرط الحصول على ختم أية شركة جديدة، وشرط موافقتها على اللائحة التنظيمية لعمل الشركات، كما قامت بتبسيط إجراءات الحصول على الكهرباء، وتحسين مصداقية إدارة الأراضي.

ونتيجةَّ لذلك، انخفض الوقت اللازم لبدء النشاط التجاري إلى 4.5 يوم فحسب، بالمقارنة مع 27.5 يوم في السنوات السابقة.

ومع تنفيذ ثمانية إصلاحات في العام الماضي، حلت تايلند ضمن أكثر عشرة اقتصادات تحسنا في العالم في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الذي تصدره مجموعة البنك الدولي استنادا إلى عدد الإصلاحات المنفذة.

ما المقصود "بتقرير ممارسة أنشطة الأعمال"؟

ينظر تقرير ممارسة أنشطة الأعمال، وهو مشروع يُقدِّم مقاييس موضوعية للوائح المُنظِّمة لأنشطة الأعمال وإنفاذها في 190 اقتصادا، إلى الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة الحجم، ويقيس اللوائح التنظيمية المطبقة عليها على مدى دورة حياتها.

ومن خلال تجميع البيانات الكمية الشاملة وتحليلها لمقارنتها ببيئات اللوائح المنظمة لأنشطة الأعمال في مختلف الاقتصادات وعبر الزمن، يُشجِّع تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الاقتصادات على التنافس من أجل زيادة كفاءة اللوائح التنظيمية، ويُقدِّم معايير قابلة للقياس للإصلاح، ويُعّد مصدرا ينهل منه واضعو السياسات والأكاديميون والصحفيون والباحثون من القطاع الخاص وغيرهم من الجهات المهتمة بمناخ الأعمال في كل اقتصاد.

وفضلا عن ذلك، يُقدِّم مشروع تقرير ممارسة أنشطة الأعمال تقارير مُفصَّلة على المستوى دون الوطني ترصد على نحو شامل اللوائح المنظمة لأنشطة الأعمال وجهود إصلاحها في مختلف المدن والمناطق في البلد الواحد. وتوفر تلك التقارير بيانات عن مدى سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، وتقوم بترتيب البلدان (والمدن) حسب مستوى أدائها، وتوصي بإصلاحات لتحسين مستوى الأداء في كل من المجالات التي تغطيها المؤشرات. ويمكن لمدن مختارة مقارنة اللوائح المنظمة لأنشطة الأعمال الخاصة بها مع تلك المتعلقة بمدن أخرى في الاقتصاد نفسه أو المنطقة نفسها، ومع 190 اقتصادا قام التقرير العالمي بترتيبها حسب مستوى أدائها.

Image

 

"إيجاد الوظائف هو أحد المكاسب التحويلية التي يمكن للبلدان والمجتمعات المحلية تحقيقها إذا أُتيح للقطاع الخاص أن ينمو ويزدهر. وإنَّ وجود القواعد العادلة التي تتسم بالكفاءة والشفافية ويُشجِّع عليها تقرير ممارسة أنشطة الأعمال يسهم في تحسين الحوكمة ومكافحة الفساد."
كريستالينا جورجيفا
المديرة الإدارية العامة للبنك الدولي

كيف بدأت سلسلة تقارير ممارسة أنشطة الأعمال

قال سيميون دجانكوف نائب رئيس الوزراء ووزير المالية في بلغاريا سابقا والذي أنشأ سلسلة تقارير ممارسة أنشطة الأعمال إن هذه السلسلة بدأت من تطوُّرين في النمو الاقتصادي حدثا في آن واحد في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات.

جسّد أحد هذين التطورين هرناندو دي سوتو، وهو خبير اقتصادي من بيرو معروف بأعماله في مجال الاقتصاد غير الرسمي وعن أهمية أنشطة الأعمال وحقوق الملكية. ففي كتابه المنشور بالأسبانية عام 1989 تحت عنوان "الطريق الآخر"، أوضح دي سوتو أن التكلفة الباهظة لتأسيس الشركات في بلده بيرو أدت إلى حرمان الفقراء من الفرص الاقتصادية، وانتهى بهم الحال نتيجة لذلك إلى العمل خارج الاقتصاد الرسمي.

وأضاف دجانكوف "كان ذلك هو الدافع وراء هذه الملاحظة. فإذا تم تيسير بيئة ممارسة الأعمال عن طريق تبسيط القوانين واللوائح التنظيمية فسيتحوَّل المزيد والمزيد من الشركات ورواد الأعمال إلى القطاع الرسمي."

وقال إن العمال سيتمتعون في القطاع الرسمي بمزايا مثل الضمان الاجتماعي، ومعاشات التقاعد، والتغطية التأمينية. وفي الوقت ذاته، تستفيد الحكومات لأنها ستحصل على الضرائب التي يمكن من خلالها تجديد موارد ميزانيات الصحة والتعليم.

ثانيا، ثارت أسئلة جديدة مع انهيار الشيوعية بعد سقوط سور برلين عام 1989. فاقتصادات الكثير من بلدان شرق أوروبا ووسطها والاتحاد السوفيتي سابقا كانت مملوكة للدولة. ولذلك، راحت هذه البلدان تدرس كيف يمكنها إرساء قوانين ولوائح تنظيمية تكفل تنمية منشآت الأعمال المحلية الخاصة الصغيرة.

وقال دجانكوف "هذان الأمران حدثا معاً. ثمَّ سألنا في الحالة الأولى السؤال التالي كيف يمكن تبسيط اللوائح التنظيمية، وفي الحالة الأخرى كيف يمكن وضع لوائح جديدة تكفل إضفاء الطابع الرسمي على منشآت الأعمال، وإقامة منشآت أعمال جديدة في الاقتصاد الرسمي وأن تقوم بدور كبير في إيجاد الوظائف."

عندئذ حينما كان يجري النظر في مشروع تقارير ممارسة أنشطة الأعمال في أواخر التسعينيات في البنك الدولي، دارت مناقشات موسعة بشأن ما إذا كان بمقدور القطاع الخاص إيجاد الوظائف على الإطلاق، أم أن القطاع الخاص يتعلَّق بالشركات بالغة الصغر فحسب، وأن القطاع العام الحكومي هو الذي يمكنه خلق الوظائف.

وأضاف قوله "في ذلك الوقت قبل 20 عاما، كان لابد من إثبات أنه نعم، فإذا قام القطاع الخاص بتبسيط اللوائح التنظيمية فإنه يمكنه حقا القيام بدور كبير في خلق الوظائف وتعزيز روح الابتكار. ومن ثمَّ، ساعدنا في إرساء تلك المفاهيم."

ثم أُنشئت سلسلة تقارير ممارسة أنشطة الأعمال على أساس خمس مجموعات من المؤشرات تُغطِّي 133 اقتصادا.

أكثر الاقتصادات تحسنا في العالم في 2017

تقول مجموعة البنك الدولي في أحدث عدد من تقريرممارسة أنشطة الأعمال 2018: "الإصلاح من أجل إيجاد الوظائف" إن الحكومات في 119 اقتصادا طبقت 264 إصلاحا لتحسين بيئة الأعمال في العام الماضي بهدف إيجاد فرص العمل والوظائف، وجذب الاستثمارات، وزيادة قدرتها على المنافسة.

وشهد هذا العام إصدار التقرير الخامس عشر من سلسلة تقارير ممارسة أنشطة الأعمال. ومنذ إطلاق المشروع في عام 2003، تغيَّرت البيئة التنظيمية لأنشطة الأعمال في العالم تغيُّراً جذرياً، وتبنَّت الحكومات في أنحاء العالم أوجه التقدُّم في تكنولوجيا المعلومات وعززتها بغرض تقليص العقبات البيروقراطية وزيادة الشفافية.

ويستطيع رواد الأعمال اليوم في 65 اقتصادا من بين 190 اقتصادا يُغطِّيها تقرير ممارسة أنشطة الأعمال إتمام إجراء واحد على الأقل من إجراءات تأسيس الشركات عبْر شبكة الإنترنت، بالمقارنة مع تسعة اقتصادات من بين 145 اقتصادا شملها التقرير لعام 2004. وفضلا عن ذلك، فإنه في 32 بلداً، من الممكن الآن الشروع في إجراءات تسوية نزاع تجاري عبْر الإنترنت. ويمكن ملاحظة هذا النوع من التقدُّم أيضا في المجالات الأخرى التي يقيسها التقرير .

وفي الذكرى السنوية الخامسة عشرة لانطلاقه، أشار التقرير إلى أنه تم تنفيذ 3188 إصلاحا في بيئة الأعمال منذ أن بدأ مراقبة سهولة ممارسة أنشطة الأعمال لمنشآت الأعمال المحلية الصغيرة والمتوسطة في أنحاء العالم.

وقد نفَّذت البلدان النامية هذا العام 206 إصلاحات أو ما يعادل 78% من مجموع الإصلاحات، ونفَّذت أفريقيا جنوب الصحراء 83 إصلاحا، وهو رقم قياسي للسنة الثانية على التوالي لهذه المنطقة، ونفَّذت جنوب آسيا 20 إصلاحا وهو أيضا رقم قياسي. وتركَّز عدد كبير من الإصلاحات على تحسين إمكانية الحصول على الائتمان وتسجيل الشركات الجديدة، إذ سجل كل منهما 38 إصلاحا، وكذلك على تسهيل التجارة عبر الحدود الذي سجَّل 33 إصلاحاً.

وفي ترتيبه السنوي للاقتصادات على أساس سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، احتفظت نيوزيلندا وسنغافورة والدانمرك بمراكزها الأول والثاني والثالث على الترتيب، تلتها جمهورية كوريا ومنطقة هونغ كونغ الصينية الإدارية الخاصة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج وجورجيا والسويد.

وعلى أساس الإصلاحات التي تم تنفيذها، كانت أكثر عشرة اقتصادات تحسنا في العالم هذا العام هي بروناي دار السلام (للسنة الثانية على التوالي)، وتايلند وملاوي وكوسوفو والهند وأوزبكستان وزامبيا ونيجيريا وجيبوتي والسلفادور. وللمرة الأولى تشتمل قائمة أكثر 10 اقتصادات تطبيقا للإصلاحات على مستوى العالم على اقتصادات من كل مستويات الدخل والأحجام، نصفها ينضم إلى هذه القائمة للمرة الأولى - السلفادور والهند وملاوي ونيجيريا وتايلند.

Image

وقالت ريتا راماللو القائمة بأعمال مدير وحدة المؤشرات العالمية في البنك الدولي والتي تُصدِر التقرير "إنه لمن دواعي سرورنا بوجه خاص ونحن نحتفل بذكرى مرور 15 عاماً على إطلاق تقرير ممارسة أنشطة الأعمال أن نرى أن كثيرا من الإصلاحات يجري تنفيذها في الاقتصادات والقطاعات حيثما تشتد الحاجة إليها. وإننا نتطلع إلى مواصلة إلقاء الضوء على العقبات الحقيقية التي يواجهها رواد الأعمال من النساء والرجال على السواء، والاحتفال بالنجاحات في تغيير السياسات."

أين توجد أفضل لوائح منظمة لبيئة الأعمال؟

على الرغم من أنَّ التنوع النسبي للاقتصادات الأكثر تطبيقا للإجراءات التنظيمية الملائمة لأنشطة الأعمال كما يتضح في ترتيب هذا العام على أساس سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، فإن الاقتصادات التي تندرج ضمن أكثر 20 اقتصادا تحسنا في العالم على هذا المقياس تتميَّز ببعض الخصائص المشتركة. إذ إن 13 اقتصادا منها هي اقتصادات مرتفعة الدخل في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، وأربعة اقتصادات من أوروبا وآسيا الوسطى، وثلاثة من شرق آسيا والمحيط الهادئ. وثمانية عشر من أفضل 20 اقتصادا مُصنَّفة باعتبارها اقتصادات مرتفعة الدخل.

Image

 

تأثير اللوائح التنظيمية المُنظِّمة لأنشطة الأعمال على خلق الوظائف والفقر

ثمة عوامل كثيرة تُفسِّر أسباب الفقر، منها التعرُّض للكوارث الطبيعية، والعيش في منطقة نائية، ونوعية نظم الحوكمة، إلخ. وقد يكون الإصلاح في المجالات التي يقيسها تقرير ممارسة أنشطة الأعمال مفيدا للغاية لجهود خلق الوظائف حينما تحدث تلك الإصلاحات في مجالات بدء النشاط التجاري واللوائح المُنظِّمة لسوق العمل.

وفي مختلف الاقتصادات، يوجد ارتباط إيجابي قوي بين نمو الوظائف ومدى الابتعاد عن الحد الأعلى للأداء. ومع أن هذه النتيجة تُظهِر وجود ارتباط، ولا ينبغي تفسيرها على أنها علاقة سببية، فإنه مما يبعث على الطمأنينة رؤية أن الاقتصادات التي تتسم بتحسُّن مستويات تنظيم الأعمال كما يقيسها التقرير هي في العادة الاقتصادات التي تخلق المزيد من فرص العمل.

وعندما يتعلَّق الأمر بالبطالة تتضح النتيجة العكسية المتوقعة. فالاقتصادات التي تصعب فيها اللوائح المنظمة لأنشطة الأعمال هي الاقتصادات التي تتسم في المتوسط بمستويات أعلى من البطالة.

Image

مثل "بطولة كأس العالم"

قال دجانكوف إنه خلال الخمسة عشر عاما التي مضت من عمر سلسلة تقارير ممارسة أنشطة الأعمال كان أكبر تأثير لها هو أن البلدان تتنافس على أساسها. "وذلك عنصر لم نكن خلال معظم أعمالنا التحليلية والنظرية نتصوره."

وأضاف قوله إنه بالإضافة إلى السياسات الجيدة، عندما تبدأ ترتيب البلدان والمقارنة بينها، ينشأ تنافس طبيعي مثل "بطولة كأس العالم" أو "الأولمبياد".