واشنطن، 7 يوليو/تموز 2025 - أفاد تقرير جديد للبنك الدولي صدر اليوم أنه من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي في سوريا نمواً متواضعاً بنسبة 1% في عام 2025، بعد انكماشه بنسبة 1.5% في عام 2024، وذلك في ظل استمرار التحديات الأمنية، ونقص السيولة، وتعليق المساعدات الخارجية. وفيما يتيح تخفيف العقوبات بعض الإمكانيات الإيجابية للنمو، إلا أن التحسن يبقى محدوداً، حيث أن تجميد الأصول الخارجية وتقييد الوصول إلى الخدمات المصرفية الدولية لا يزالان يعيقان إمدادات الطاقة، والمساعدات الخارجية، والدعم الإنساني، فضلاً عن أنشطة التجارة والاستثمار.
ويستعرض تقرير "تقييم الاقتصاد الكلي والمالية العامة في سوريا - 2025" المسارَ الاقتصادي الأخير لسوريا في ظل التحولات السياسية التي تمر بها البلاد حالياً، بالإضافة إلى حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة. ويسلط التقرير الضوء على التآكل الحاد للقاعدة الاقتصادية لسوريا، والضغوط المزمنة على المالية العامة، والآثار العميقة للعقوبات، والاضطرابات الناجمة عن الصراع، وزيادة النشاط الاقتصادي غير الرسمي والأنشطة الاقتصادية غير المشروعة منذ بداية الصراع في سوريا في عام 2011.
لقد ألحق الصراع الذي امتد 14 عاماً أضراراً بالغة بالاقتصاد السوري، حيث انكمش إجمالي الناتج المحلي بشكل تراكمي بأكثر من 50% منذ عام 2010، وانخفض نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي إلى 830 دولاراً أميركياً فقط في عام 2024، أي أقل بكثير من الحد الدولي للبلدان منخفضة الدخل. ويطال الفقر المدقع حالياً واحد من كل أربعة سوريين، في حين يعيش ثلثا السوريين تحت خط الفقر في الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل. ومنذ بدء مرحلة الانتقال السياسي، تواجه سوريا أزمة سيولة حادة بسبب نقص الأوراق النقدية الورقية واضطرابات واسعة النطاق في تداول العملة المحلية.
وتعليقاً على ذلك، قال جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي: "إن البيانات الاقتصادية الخاصة بسوريا نادرةً للغاية، ويصعب الحصول عليها. يُسهم هذا التقييم لأوضاع الاقتصاد الكلي والمالية العامة في سوريا في سد النقص الحاد في المعلومات، كما يوفر أساساً مهماً للحوار بشأن السياسات من أجل إنعاش النمو الاقتصادي وتحقيق الرخاء في البلاد."
وأشار التقرير إلى ما اتخذته الحكومة الجديدة مؤخراً من إجراءات لتوحيد سياسات الاقتصاد الكلي، والمالية العامة، والسياسات النقدية، مع التركيز على الحوكمة الرشيدة للمال العام وسلامة الإدارة المالية العامة والإدارة النقدية. كما أشار إلى الجهود التي تُبذل من أجل جذب الاستثمارات الدولية وتأمين التزامات الدعم الدولي الرامية إلى إعادة بناء الاقتصاد السوري.
ومن جانبه، قال معالي وزير المالية السوري محمد يسر برنية: "تُعتبر سوريا اليومَ أرضاً زاخرةً بالفرص، حيث تتمتع بإمكانيات هائلة في جميع القطاعات. وتقود الحكومة بثبات عجلة الإصلاحات لتحقيق نتائج حقيقية وإحراز تقدم ملموس على أرض الواقع." وأضاف: "يسلط هذا التقرير الضوء على التحديات الاقتصادية الهائلة التي تواجهها سوريا، بما في ذلك تلك الناجمة عن العقوبات، كما يقدم بيانات وتحليلات مهمة تساعد في وضع السياسات المبنية على الأدلة. نحن متفائلون للغاية وواثقون من أن اقتصادنا سيحقق قريباً نمواً أعلى وسيستأنف مسار التنمية المستدامة".
ولا تزال الآفاق المستقبلية لسوريا عرضة لمخاطر كبيرة، فالتحديات الأمنية لا تزال قائمة، كما أن تأمين واردات النفط سيمثل تحدياً كبيراً أمام الحكومة الجديدة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود وزيادة معدلات التضخم. وعلى الصعيد الإيجابي، يمكن أن يؤدي التوصل إلى اتفاق بشأن تقاسم الموارد أو الحوكمة بين الحكومة الانتقالية والسلطات في شمال شرق سوريا إلى زيادة إنتاج البلاد من النفط والغاز. إضافةً إلى ذلك، يمكن لزيادة مستوى المشاركة الإقليمية، لا سيما من تركيا وبعض دول الخليج، إلى جانب تخفيف العقوبات، أن يسهم في تيسير جهود تحقيق التعافي وجذب الاستثمارات. كما أن الأعداد المتزايدة للعائدين من اللاجئين والنازحين داخلياً قد يساعد أيضاً في تحقيق الانتعاش الاقتصادي على المدى المتوسط، لكن ذلك مرهون بتخفيف العقوبات من أجل تحفيز أنشطة الاستثمار والتجارة.