الزراعة: موجز نتائج القطاع

2014/04/02


Image
ستيفان باكينهايمر/البنك الدولي

يلجأ العالم بشكل متزايد إلى الزراعة لمعالجة طائفة واسعة من الاحتياجات ذات الأهمية البالغة: توفير الطعام المغذي لتسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050؛ وتحقيق دخل أعلى وأكثر مرونة؛ وتوفير الخدمات البيئية. وتأتي الحاجة الأساسية لزيادة مستوى الإنتاجية، وخاصة إنتاجية أصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة، وزيادة القدرة على الوصول إلى الأسواق، والحد من المخاطر، وتعزيز تشغيل الأيدي العاملة الريفية، وتوفير الخدمات البيئية في سياق تواجه فيه الزراعة مصاعب وتحديات جمة بفعل تسارع وتيرة تغير المناخ، وتزايد مخاطر الأسواق، والنقص الشديد في الموارد، وتزايد الحاجة إلى مشاركة القطاع الخاص في توفير سلع النفع العامة الزراعية، والبطء الزائد في رفع مستوى الدخل في بعض المناطق، والبطء الزائد أيضاً في التقدم نحو تحسين التغذية، ولاسيما تغذية النساء والرضع. وقد زادت مجموعة البنك الدولي استجابتها إلى أكثر من 7 مليارات دولار سنويا من المساعدات الجديدة، وتعتمد حاليا نهجا شاملا متعدد القطاعات يجمع بين الزراعة والمياه والحراجة والتنوع البيولوجي.

التحدي

يحتاج المستقبل إلى إيجاد نظام زراعي ينتج غذاء أكثر بنحو 50 في المائة من أجل إطعام سكان العالم المتوقع أن يبلغ تعدادهم 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050؛ نظام ينتج طعاما يوفر تغذية كافية؛ نظام يرفع من مستوى الدخل ومرونته وتشغيل معظم فقراء العالم (الذين يعيش 75 في المائة منهم في مناطق ريفية ويعتمد أكثرهم على الزراعة في كسب لقمة العيش)؛ نظام يوفر الخدمات البيئية، مثل امتصاص الكربون، وإدارة مستجمعات المياه، والحفاظ على التنوع البيولوجي؛ وأخيرا، نظام يستفيد من موارد الأرض والمياه المحدودة بطبيعتها بشكل أكثر كفاءة. ومثل هذا النظام يمكن تحقيقه بضخ المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع، مع المزيد من الاهتمام بمعالجة الصلات بمختلف القطاعات المتعددة بين التحركات الزراعية ونواتجها بالنسبة للنمو الاقتصادي، وتأمين سبل العيش، والبيئة، والتغذية، والصحة العامة. وقد عولجت هذه الصلات بتعمق في تقرير عن التنمية في العالم 2008، الزراعة من أجل التنمية، الذي تم إعداده بالتشاور مع طائفة واسعة من الأكاديميين المتخصصين وصناع السياسات والمجتمع المدني والمنظمات الدولية والمحلية من مختلف أنحاء العالم. 

وفي الآونة الأخيرة، ازدادت الحاجة الملحة بالفعل إلى القيام بتحرك في مجال الزراعة من جراء القفزات المتكررة في أسعار الغذاء العالمية، والتغير المتزايد في المناخ، وتقلص المخزونات العالمية من الحبوب الرئيسية بالبلدان المصدرة، وضعف الأداء فيما يتعلق ببلوغ الأهداف الإنمائية للألفية ذات الصلة بالتغذية وما يرتبط بها من مخاطر حدوث توترات اجتماعية وسياسية. ومع ذلك فإن عائدات الاستثمار في هذا القطاع يمكن أن تكون كبيرة. فتكلفة تحقيق مكاسب في الدخل الزراعي ليست أكثر منها في القطاعات الأخرى، وما يرتبط بذلك من نمو نابع من الزراعة كان أكثر فعالية في تخفيض أعداد الفقراء بنسبة تتراوح بين مرتين وأربع مرات مما يحققه النمو في قطاعات أخرى.

الحل

التزمت مجموعة البنك الدولي، بالتشاور مع البلدان المتعاملة معها، بأن تتوسع كثيراً في مساندة الزراعة. واعتباراً من ديسمبر/كانون الأول 2013، بلغ حجم ارتباطات البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية من قروض، واعتمادا ت، ومنح لقطاع الزراعة 16.8 مليار دولار، من خلال 298 مشروعا في 92 بلداً. ومن هذه، تبلغ ارتباطات المؤسسة الدولية للتنمية 10.2 مليار دولار من خلال 208 مشاريع في 65 بلدا. 

وسعت خطة العمل الزراعي التي وضعتها مجموعة البنك الدولي للسنوات المالية 2010-2012 إلى تنفيذ الإطار الاستراتيجي للزراعة الوارد في تقرير عن التنمية في العالم 2008. ويواصل البنك تنفيذ ما ورد بالتقرير من خلال خطة عمل زراعي للسنوات المالية 2013-2015. وتحافظ هذه الخطة على نفس التركيز الاستراتيجي لخطة العمل السابقة على خمسة مجالات تركيز رئيسية لمساعدة البلدان المتعاملة مع البنك في تحسين النمو الزراعي المستدام، والدخل، والتغذية، وقدرتها على التكيف مع تغير المناخ من خلال: (1) زيادة الإنتاجية الزراعية ومرونتها من خلال مساندة جهود تحسين إدارة الأرض والمياه وتحسين التقنيات المستَخدمة، بما في ذلك من خلال المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية وتعظيم مساندة مؤسسة التمويل الدولية للمستلزمات الهامة مثل الأسمدة والمعدات الزراعية؛ (2) الربط بين المزارعين والأسواق وتدعيم سلاسل القيمة من خلال تقديم المساندة الرامية إلى تحسين البنية التحتية، والتعامل مع المحاصيل في مرحلة ما بعد الحصاد، والتجارة، والقدرة على الحصول على التمويل؛ (3) تسهيل القدرة على إدرار الدخل الريفي غير الزراعي من خلال تحسين مناخ الاستثمار بالريف وتنمية المهارات؛ (4) الحد من المخاطر ونقاط الضعف من خلال مساندة آليات إدارة المخاطر وتعظيم الشفافية في أسواق المواد الغذائية؛ و (5) تعزيز الخدمات البيئية واستدامتها، بما في ذلك مساندة إدارة الثروة الحيوانية، والغابات، والمحيطات، وتحسين امتصاص التربة للكربون.

ويتطلب النجاح في التنفيذ ضرورة الاستمرار في معالجة قضايا الحوكمة المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية في مجال الزراعة. ومع حفاظ خطة العمل الجديدة على محاور التركيز الرئيسية المحددة في تقرير عن التنمية في العالم 2008، فإنها تستجيب لتطورات السياق العالمي بالمزيد من التشديد على الزراعة التي تراعي الاعتبارات المناخية، وتجاوب القطاع الخاص، وإدارة المخاطر البيئية، والنواتج المتعلقة بالتغذية، وأساليب الإنتاج الزراعي الذي يراعي الحفاظ على المناظر الطبيعية، وقضايا الحوكمة. ويتضمن قسم "المضي قدماً" الوارد أدناه شرحاً لمحاور التركيز هذه بمزيد من التفصيل.

النتائج

منذ عام 2008، وصل برنامج التصدي لأزمة الغذاء العالمية وحده إلى 66 مليون شخص في 49 بلداً. وفي إطار برنامجه الزراعي المنتظم الأوسع نطاقاً، ساند البنك استثمارات طويلة الأمد، كالبحوث الزراعية والإرشاد الزراعي، وقام بتحسين الإدارة المائية محرزاً تقدماً ملموساً في مناطق تتمتع بالري (مسانداً بذلك نحو 4.1 مليون هكتار بتحسين خدمات الري أو الصرف الزراعي من خلال مشروعات تم اعتمادها بين عامي 2004 - 2013)، واتباع تقنيات جديدة (حيث تحول 2.6 مليون مزارع إلى استخدام تقنيات جديدة خلال الفترة نفسها). وتسهم كل هذه الاستثمارات في تعزيز مرونة موارد الرزق للأسر الزراعية ذات الحيازات الصغيرة.




وفيما يلي بعض الأمثلة لمشاريع حظيت بمساندة البنك الدولي للإنشاء والتعمير:

المغرب: مشروع تطوير الري الحقلي في المجتمعات المحلية، الذي أسهم في تحسين حياة 58800 شخص من سكان المجتمعات الريفية الفقيرة في مناطق ريفية نائية غير مخطَطة، وذلك من خلال إعادة تأهيل مشاريع الري متوسطة الحجم والبنية التحتية ذات الصلة بالمجتمعات المحلية. وخلال مواسم الحصاد 2004-2005 إلى 2007-2008 حدثت نقلة نوعية من محاصيل الحبوب الأدنى قيمة إلى المحاصيل البستانية والشجرية الأعلى قيمة. وخلال الفترة نفسها، تضاعف متوسط الدخل الصافي بالقيمة الثابتة، من 1051 دولاراً إلى 2095 دولاراً للهكتار. وإجمالاً، تم تحسين الري بمساحة 11022 هكتاراً؛ ومد 209 كيلومترات من الطرق الريفية وانخفض متوسط زمن الرحلة بنسبة الثلثين؛ وأدى إنشاء 48 مرفقاً لمياه الشرب إلى تخفيض ما كان يُنفق من وقت على جلب المياه إلى النصف كما أسهم في تخفيض معدلات الإصابة بالأمراض التي تنتقل عبر المياه إلى النصف. وفضلاً عن ذلك، تم بناء 117 مدرسة و 20 مركزاً صحياً. وفي إطار التدعيم المؤسسي، تم تشكيل 69 جمعية لمستخدمي المياه أسهمت كلها مساهمة نقدية أو عينية في تمويل استثمارات المشروع.

المكسيك: مشروع الحراجة المجتمعية، الذي ساعد مجتمعات السكان الأصليين والمجتمعات المحلية التي تمتلك غابات بمناطق دورانغو، وغيرييرو، وخاليسكو، وميشواكان، وواشاكا، وكوينتانا روو، في تحسين إدارة موارد غاباتهم والحفاظ عليها وإيجاد مصادر دخل بديلة بأسلوب مستدام. وكان نحو 50 في المائة من المستفيدين من جماعات السكان الأصليين. ونتيجةً لذلك، تم تخصيص أكثر من 760 ألف هكتار من مناطق المحميات الجديدة من خلال خطط تقسيمها إما إلى محميات مجتمعية أو محميات للحياة البرية. وتم تدريب المستفيدين كي يصبحوا مرشدين أفضل للمحميات وكذلك للإدارة المستدامة للموائل الطبيعية. وأسهم المشروع في تيسير والتحفيز على حماية نحو 50 ألف هكتار من المناطق الطبيعية من خلال مدفوعات لمرافق الخدمات البيئية. وكان من بين النتائج البارزة اعتماد 90920 هكتاراً من الغابات كمناطق تديرها أطراف مستقلة بطريقة مستدامة، ودعم 41 جمعية و 179 مشروعاً حراً للحراجة المجتمعية وإخضاع 913 ألف هكتار من مناطق الغابات لأشكال إدارة متطورة. وأسهمت أدوات التخطيط المجتمعي التي تم تعميمها على المشروع برمته في مساعدة المستفيدين على أن يرسموا بأنفسهم رؤية أوسع أفقاً لمستقبلهم. وكذلك ساعدت عمليات بناء توافق الآراء ومشاركة أفراد المجتمعات المحلية في صنع القرار بغية تعزيز رأس المال الاجتماعي في ضمان استدامة نتائج المشروع.

كازاخستان: أسهم مشروع تحسين القدرة التنافسية في قطاع الزراعة بكازاخستان (السنة المالية 2005) في التوسع في أسلوب الزراعة المحافظة / وإدارة المحاصيل بلا حراثة بالنسبة لإنتاج القمح نتيجة للتدريب والدعم الفني الذي قدمته المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية  (e) وشركاء آخرون. وقد أسهم هذا الحل للزراعة المراعية للظروف المناخية في زيادة إنتاج القمح بحوالي مليوني طن، وشكل ذلك زيادة إضافية في الدخل قدرها 580 مليون دولار منذ 2010 - 2012، وأدى إلى حجز نحو 1.3 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.

وتتضمن بعض الأمثلة على المشاريع التي تساندها المؤسسة الدولية للتنمية:

النيجر: مشروع التشجيع على الري الخاص بالنيجر (السنة المالية 2002)، الذي زاد إنتاج وربحية المحاصيل المروية عالية القيمة التي ينتجها المزارعون من أصحاب الحيازات الصغيرة من خلال تقنيات بسيطة وقليلة التكلفة. وتبنى 30826 مزارعاً تقنية جديدة واحدة على الأقل بتشجيع من المشروع، وشاركت 13087 امرأة في أنشطة المشروع. ونتيجة لذلك، تراوحت الزيادة في المحاصيل الأربعة الرئيسية، مقارنةً بعام 2001 كخط أساس، ما بين 57 في المائة و 85 في المائة خلال فترة لا تتجاوز سبع سنوات. وتراوحت الزيادة في معدلات الربحية ما بين حوالي 200 و 2000 في المائة على أساس ثبات الأسعار.

أفغانستان: المشروع الطارئ لإعادة تأهيل الري في أفغانستان (السنة المالية 2003)، الذي ساعد، رغم التحديات العديدة ولاسيما فيما يتعلق بالأمن ومحدودية القدرات الحكومية، في إعادة تأهيل العديد من شبكات الري، وهو الأمر الذي عاد بالفائدة على أكثر من 600 ألف أسرة في كافة الأقاليم الأفغانية وعددها 34 إقليماً. واستحدث المشروع أساليب مبتكرة للإشراف على المشروعات بالمناطق غير الآمنة، باستخدام صور ومشاهد فيديو محددة الموقع جغرافياً، على سبيل المثال، لمتابعة ما يتم إحرازه من تقدم ورفع التقارير عنه.

سري لانكا: مشروع تعزيز سبل كسب الرزق بالمناطق المتأثرة بالصراعات في سري لانكا (السنة المالية 2004)، الذي تم تصميمه بحيث يتيح فرصاً لكسب الدخل أمام المستضعفين من الناس، بمن فيهم ضحايا الصراع خلال الحرب الدائرة منذ 30 عاماً بين الحكومة وجبهة نمور تحرير تاميل إيلام، وهي الحرب التي أفسدت معيشة حوالي ثلثي سكان الأقاليم الشمالية والشرقية. وفي نهاية المشروع، شهدت حوالي 200 ألف أسرة مستفيدة دخلها يزيد بنسب تصل إلى 50 في المائة، واستثمرت المجتمعات المحلية في الأنشطة التي تدر دخلاً في إطار الاقتصاد القروي (بإجمالي 5.5 مليون دولار)، وخصصت المجتمعات المحلية صناديق أموال دوارة (بإجمالي 7 ملايين دولار)، وتلقى 1568 شاباً تدريبات على تنمية المهارات وصاروا الآن يشغلون وظائف.

غرب أفريقيا: يعمل برنامج تحسين الإنتاجية الزراعية في غرب أفريقيا (السنة المالية 2007) على تسريع وتيرة نشر واعتماد التكنولوجيا المتطورة التي طورتها مراكز المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية وإدارات الإرشاد الزراعي والجامعات، مع التركيز على الأولويات الزراعية القصوى للبلدان. وبحلول سبتمبر/أيلول 2012، كان البرنامج قد عاد بالنفع مباشرة على 253881 شخصا، واستفادت 166938 هكتارا من اعتماد التكنولوجيا المحسنة. 



مساهمة البنك الدولي

على مر السنوات العشر الماضية، ازدادت ارتباطات البنك الدولي للإنشاء والتعمير/مؤسسة التمويل الدولية كثيراً (مع بعض التذبذبات) من 1.5 مليار دولار في السنة المالية 2004 إلى 4.2 مليار دولار في السنة المالية 2012، ثم إلى 2.5 مليار دولار في السنة المالية 2013 (بلغت ارتباطات المؤسسة الدولية للتنمية 2.9 مليار دولار و 1.5 مليار دولار على التوالي في السنتين الماليتين 2012 و 2013).  ولكن في الوقت الذي ارتفعت فيه أرقام المساعدات بشكل مطرد، ظل نصيب الزراعة من إجمالي مساعدات البنك/المؤسسة على ما هو عليه، حيث لم يزد عن 8 في المائة في الفترة من السنوات المالية 2004 - 2008 وحتى السنوات المالية 2009-2013. وذهب الجزء الأكبر من الموارد الزراعية إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء (34 في المائة في الفترة من 2009 إلى 2013، ارتفاعاً من 24 في المائة في الفترة من 2004 إلى 2008)، في حين كانت منطقة جنوب آسيا ثاني أكبر المستفيدين. ومنذ السنة المالية 2004، صار الري والصرف الزراعي، والزراعة العامة معاً، يمثلون نحو 51 في المائة من تمويل البنك/المؤسسة لأغراض الزراعة (الشكل 1).

وسارعت المؤسسة والبنك إلى التصدي لأزمة أسعار الغذاء في عام 2008/2009 من خلال برنامج التصدي لأزمة الغذاء العالمية. وقد أفاد البرنامج ما مجموعه 66 مليون شخص في 49 بلداً من خلال تقديمه 1.6 مليار دولار من المساندة الطارئة، من بينها 339.3 مليون دولار من الصناديق الاستئمانية التي تساندها الجهات المانحة.

وتكمن قوة البنك في قدرته على تعضيد مساندته المالية بآليات أخرى مصممة لتعزيز التركيز الإستراتيجي، بما في ذلك بناء القدرات، والتنمية المشتملة لجميع الفئات، وتنسيق الاستثمار، وأنشطة إصلاح السياسات في البلدان المتعاملة مع البنك. وقد تضاعفت قروض سياسات التنمية لأغراض الزراعة إلى ثلاثة أمثالها تقريباً من 491 مليون دولار في المتوسط خلال الفترة من 2004 إلى 2008 لتصل إلى 1.106 مليار دولار في المتوسط في الفترة من 2009 إلى 2013. وتتيح عمليات سياسات التنمية بشكل عام القدرة على الحصول بسرعة على مساعدات مالية لمساندة طائفة من الأهداف الإنمائية التي تتطلب وضع سياسات متوسطة الأمد والقيام بأنشطة مؤسسية. ويُعد هذا النهج ذا أهمية بالغة لأصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة حيث يتعين القيام بعدد كبير من التدابير المتتابعة لتمكين المزارعين من زيادة الإنتاج وبيع المنتجات في الأسواق الزراعية الآخذة في التوسع ولكنها كثيرة المطالب.

ويزداد الاهتمام بالأرض الزراعية نتيجة لارتفاع أسعار الغذاء والوقود، ومتطلبات تصنيع الوقود الحيوي، ومخاوف الأمن الغذائي، والقلق بشأن تغير المناخ وآثاره المحتملة على الموارد النادرة. ونتيجة لذلك فقد نشأت حاجة خاصة إلى تأمين ما يمتلكه الفقراء من أصول. وتمثل السياسات غير الملائمة لتوزيع الأراضي قيدا خطيرا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومن شأن الإجراءات الرامية إلى تحسين الحيازة الآمنة للأراضي، وإمكانية الحصول عليها، وإمكانية نقل ملكيتها، أن تزيد من قيمة الأصول التي تمتلكها الأسر، وأن تحقق مستويات أعلى من الاستثمار والإنتاجية الزراعية، وتسهل إمكانية الحصول على الائتمان. وبحلول يناير/كانون الثاني 2014، كان يخضع للإشراف 19 مشروعاً تعالج هذه القضايا، بصافي ارتباطات تمويلية يبلغ 771 مليون دولار.

ومن أجل تغذية العدد المتزايد لسكان الأرض بحلول عام 2050، تقدِر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة حجم الزيادة اللازمة في الاستثمارات الزراعية التي ينبغي للقطاع الخاص وحده النهوض بها بنحو 50 في المائة. ويُعد العمل مع أنظمة الزراعة الأوسع نطاقا واحداً من العديد من الأدوات الممكن استخدامها لتشجيع التنمية الزراعية والريفية المستدامة، لكن ذلك لابد له من أن يتم بالأسلوب الصائب. فالاستحواذ على مساحات كبيرة من الأرض ينبغي ألا يلحق ضرراً بأصحاب الحيازات الصغيرة من المزارعين الذين يعتمدون على الزراعة من أجل كسب لقمة عيشهم، وألا يفتئت على حقوق المجتمعات المحلية.

ومجموعة البنك الدولي لا تساند عمليات الاستثمار أو الاستحواذ على الأرض بغرض المضاربة، سواء كان ذلك استغلالا لضعف المؤسسات بالبلدان النامية، أو التفافاً على مبادئ الاستثمار الزراعي المسؤول. وقد أسهمت مجموعة البنك الدولي بنشاط في إعداد وإقرار اللجنة المعنية بالأمن الغذائي العالمي (في مايو/أيار 2012) للإرشادات الطوعية بشان الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصائد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني. (e) كما أن البنك يعمل أيضاً على القيام بدور رائد في وضع مبادئ الاستثمار الزراعي المسؤول موضع التجربة، بما سيسهم في عملية التشاور التي تقوم بها اللجنة المعنية بالأمن الغذائي العالمي على مدى سنتين. ويمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات عن هذه القضية واستجابة البنك الدولي في التقرير المنفصل الذي صدر تحت عنوان "سياسات الأرض: ضمان حقوق حيازة الأراضي من أجل تخفيض أعداد الفقراء وتشجيع النمو."

الشركاء

يستلزم السياق العالمي المتغير، مع ازدياد تقلب أسعار الغذاء وتغير المناخ اتخاذ إجراء جماعي أقوى للتخفيف من حدة آثار ذلك كله على فقراء العالم. وتتجاوز بعض القضايا الناشئة ذات الأهمية السياسية والمالية الكبيرة بالنسبة للبلدان المتعاملة الأبعاد الوطنية والإقليمية، وهو ما يتوافق مع الدور الخاص لمجموعة البنك الدولي كمؤسسة متعددة الأطراف والمناطق والقطاعات والأبعاد تقدم كلا من التمويل ومنتجات المعرفة. وهذه الميزة النسبية تتصل بحالات شديدة التنوع مثل التعامل مع جذور وآثار أزمة أسعار الغذاء عام 2008، والتعامل مع أسراب الأسماك المهاجرة أو تبادل المعرفة فيما بين المناطق، كتلك المتعلقة بسلامة الغذاء.

وتركز بعض الشراكات العالمية على بناء توافق فني في الآراء بشأن كيفية المضي قدماً في تقديم كم كبير من المشاورات والمساعدات الفنية، في حين يركز غيرها على زيادة المدخلات الفنية في أنواع معينة من الحلول من خلال المشروعات التي تقوم بتنفيذها الجهات المتلقية للقروض. وتقوم مجموعة البنك الدولي بشكل متزايد بتشكيل شراكات من كلا النوعين من أجل معالجة القضايا العالمية في مجال الزراعة بحيث تشكل عنصراً مكمِلاً لما نقدمه من مساندة على المستوى القطري من خلال: توفير المعرفة بغية المساعدة في تشكيل الجدل الدائر حول المنافع العالمية العامة (ولاسيما تلك التي تؤثر في البرامج على المستوى القطري)؛ وتحسين درجة تنسيق الأنشطة والمعرفة مع الشركاء العالميين؛ مواصلة المشاورات فيما بين مختلف أصحاب المصلحة الرئيسيين؛ وتعبئة موارد إضافية. وتتضمن بعض الأمثلة:

الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي: بالإضافة إلى مسار الاستجابة السريعة ببرنامج التصدي لأزمة الغذاء، تم تدشين البرنامج العالمي للأمن الزراعي والغذائي (e) من أجل معالجة فجوات التمويل في خطط الاستثمار الاستراتيجية الأطول أمدا في مجالي الزراعة والأمن الغذائي والتي يجري بالفعل إعدادها بواسطة البلدان المعنية بالتشاور مع الجهات المانحة وغيرها من أصحاب المصلحة. ويتضمن البرنامج العالمي للأمن الزراعي والغذائي نوافذ لتمويل كلٍ من القطاعين العام والخاص. وبحلول يناير/كانون الثاني 2014، كانت نافذة القطاع العام قد حددت مخصصات من أجل 25 بلداً بمجموع 912 مليون دولار في شكل منح تتولى الجهات المتلقية تنفيذها بالإضافة إلى رسوم الإشراف. وقد قدمت نافذة القطاع الخاص 45 مليون دولار إلى 11 مشروعا استثماريا و 4 ملايين دولارات إلى 17 مشروعا للخدمات الاستشارية. وفضلاً عن ذلك،  (e) تقوم مجموعة البنك الدولي بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة من خلال فريق العمل رفيع المستوى لمواجهة أزمة الأمن الغذائي العالمية، ومع المنظمات غير الحكومية، وتساند الشراكة من أجل نظام معلومات الأسواق الزراعية (e) من أجل لتحسين شفافية أسواق الغذاء ومساعدة الحكومات على إعداد استجابات مستنيرة عن بينة في مواجهة قفزات أسعار الغذاء العالمية.

التغذية: وضع إطار توسيع نطاق التغذية (e) بغية التحرك لمعالجة نقص التغذية بموافقة أكثر من 100 شريك، من بينهم البنك الدولي. وبموجب هذا الإطار، يجري تقييم كافة مقترحات المشاريع الزراعية الجديدة من البداية لتحديد إمكانية اشتمالها على نواتج تغذية صريحة.

البحوث الزراعية: يساند البنك الدولي سلع النفع العام العالمية الحيوية من خلال التمويل، وبالتعاون مع المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية، وهي عبارة عن شراكة عالمية تجمع بين المنظمات المنخرطة في البحوث الزراعية من جهة والجهات الممولة لهذا العمل من جهة أخرى، وذلك بغرض الحد من الفقر في المناطق الريفية، وزيادة الأمن الغذائي، ورفع مستوى التغذية والصحة بين البشر، وإدارة الموارد الطبيعية على نحو قابل للاستمرار. وتلعب المجموعة الاستشارية (e) دورا رائدا في مجال الزراعة المراعية للمناخ، وتصدر أحدث المعارف العلمية لتطوير الحلول والأدوات والتكنولوجيات المبتكرة اللازمة لتلبية احتياجات المزارعين الفقراء من أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية.  وقد ضاعفت المجموعة الاستشارية التمويل الذي تقدمه من 500 مليون دولار في عام 2008 إلى مليار دولار في 2013 (وهو ما يضاعف مساهمة البنك 20 مرة).

تمويل الأنشطة الريفية: أنشأ البنك الدولي ومؤسسة بيل وميليندا غيتس صندوقاً لمساندة التمويل الزراعي (e) بغرض دعم تكرار أو توسيع نطاق نماذج أنشطة التمويل الريفي المربحة وتوليد المعرفة والتعلم بشأن هذه النماذج.

مصائد الأسماك البحرية: من أجل تحسين الحوكمة وسبل كسب العيش المستدام في قطاع مصائد الأسماك، قام البنك الدولي بالتعاون مع المانحين الرئيسيين وأصحاب المصلحة المباشرة بإنشاء الشراكة العالمية من أجل المحيطات (e) برنامج العالمي المعني بمصائد الأسماك والتحالف من أجل الصيد الرشيد.

أمراض الحيوان: من أجل معالجة ما تتركه الأمراض الناشئة أو تلك التي عادت للظهور من الأمراض ذات الأصل الحيواني من آثار عالمية على الصحة العامة، وسلامة الغذاء، والتجارة، وسبل كسب الرزق، دخل البنك الدولي في شراكة مع منظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان (e) وغيرهما من الشركاء من أجل تعزيز أنظمة الصحة العامة والصحة البيطرية بأنحاء العالم من أجل الحد بدرجة أفضل والسيطرة على الأمراض التي تنشأ عن أصل حيواني. وتُعد معالجة الأمراض الحيوانية وتحسين حيازة الأراضي الزراعية من الجوانب ذات الأهمية البالغة لتأمين الأصول المملوكة لفقراء الريف.

سلامة الغذاء: أدت عولمة إمدادات الغذاء إلى ازدياد إمكانية امتداد مخاطر سلامة الغذاء إلى ما وراء الحدود المحلية، واحتمالات أن تكون لها تداعيات خطيرة على الصحة العامة وعلى التجارة. وبناء على ما بدأه منتدى التعاون من أجل سلامة الغذاء الذي عقدته رابطة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ من عمل في هذا الاتجاه، تقوم مجموعة البنك الدولي بتسهيل إنشاء شراكة جديدة متعددة الأطراف لسلامة الغذاء العالمي، (e) وذلك بغية مساندة جهود بناء قدرات سلامة الغذاء بمختلف أنحاء العالم. ومن أبرز الشركاء منظمات دولية (منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية)، ومنظمة التجارة العالمية، وشركات وجمعيات من القطاع الخاص، ومقدمو الخدمات الفنية، ووكالات وهيئات حكومية.

الحراجة: يعمل البنك الدولي على تنسيق أنشطة الشراكة بهدف زيادة التمويل المتاح وتحسين أسلوب إدارة الحكم وإحداث تأثير إيجابي لأنشطة قطاع الغابات. ويعمل البنك بالتعاون عن كثب مع منظمة الأغذية والزراعة على إنشاء شراكة الصندوق الجديد للغابات والمزارع، (e) الذي يسير على خطى شراكات الغابات المتنامية (e) التي يساندها البنك. يهدف صندوق الغابات والمزارع إلى تشجيع الشراكات بين الحكومات الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، ووكالات التنمية والتمويل، والقطاع الخاص، بغية مساندة الإدارة المستدامة للغابات على مستوى مناطق البرية الطبيعية وإنشاء منتدى للمجتمع المدني كي يشارك في صياغة السياسات الوطنية المتعلقة بالغابات. وعلاوة على ذلك، فإن البنك الدولي يشارك في برنامج الشراكة متعددة المانحين المعنية بالغابات التي تقوم بإجراء تحليلات شاملة ودقيقة فضلاً عن أنشطة الشراكة. كما يشارك البنك أيضاً، بوصفه أحد بنوك التنمية متعددة الأطراف، في تنفيذ صندوقي الاستثمار في الأنشطة المناخية، (e) مثل برنامج استثمارات الحراجة، (e) ويستضيف صندوق الشراكة الخاص بكربون الغابات.

المُضيّ قُدُماً

إدراكاً من جانبها لتطور الأوضاع العالمية، فإن خطة العمل الزراعية الجديدة التي اعتمدتها مجموعة البنك الدولي تولي اهتماما أكبر بما يلي:

· تطوير الزراعة المراعية للظروف المناخية ضمن إطار نمو الإنتاجية الزراعية، بما في ذلك زيادة حصة الزراعة من قروض واستثمارات البنك الدولي للإنشاء والتعمير/ المؤسسة الدولية للتنمية/ مؤسسة التمويل الدولية التي تساند أنشطة التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، مثل تطوير واعتماد أصناف من النباتات أكثر قدرة على تحمل الجفاف والفيضانات؛ ومساندة أنظمة إدارة الثروة الحيوانية والغابات بغرض الحد من انبعاثات غازات الدفيئة؛

· تسهيل استجابة القطاع الخاص، بما ذلك على سبيل المثال لا الحصر زيادة استثمارات مؤسسة التمويل الدولية في الصناعات الزراعية؛

· مراعاة إدارة المخاطر الزراعية بشكل أكثر صراحةً، بما في ذلك زيادة عدد ما يتم إجراؤه على المستوى القطري من تقييمات مخاطر القطاع الزراعي، والاستمرار في تطوير أدوات تحوط جديدة تقوم على أساس اعتبارات السوق من أجل المزارعين؛

· إيلاء مزيد من الاهتمام بنواتج التغذية الناجمة عن التدخلات الزراعية، بما في ذلك زيادة نسبة المشروعات الزراعية مع التركيز الصريح على التغذية؛

· زيادة الاستفادة من نهج الأراضي، بما في ذلك زيادة عدد المشروعات التي تجمع بين العناصر المكملة للزراعة والمياه والحراجة والتنوع البيولوجي؛

· العمل على تحسين نظم الحوكمة، بما في ذلك تدعيم أنشطة العمل التحليلي من أجل فهم طبيعة المعوقات السياسية والمؤسسية التي تحول دون تحسن الأداء الزراعي، وتقديم المساندة من أجل تحسين نظم إدارة حيازة الأراضي.

المنتفعون

ينهض البنك الدولي بدور بالغ الأهمية في الوصول إلى الفقراء والجوعى من سكان الريف من خلال استخدام الزراعة من أجل التنمية. وهناك مثال واضح يظهر مبعث هذه الأهمية:

مالاتي ديفي أم في الأربعين من عمرها لخمسة أطفال، ثلاثة من البنين واثنتان من البنات، من قرية آيما في ولاية بيهار الهندية. ومثلها في ذلك مثل أكثر نساء مجتمع موساهار المحلي، وهو جماعة ممن لا يمتلكون أرضاً وكانوا فيما مضى يعتمدون على الغابات لكنهم يعملون الآن كعمالة مؤقتة، وقد تزوجت مالاتي وهي في حوالي العاشرة من عمرها. واعتادت مالاتي أن تزرع قطعة أرضها الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 0.05 فدان، واشتغلت عاملة بأجر لدى العائلات التي تمتلك حيازات شاسعة من الأرض – وكان أجرها ثلاثة كيلوغرامات من الحبوب عن كل يوم عمل. لكن موسم الزراعة لا يدوم إلا حوالي ثلاثة أشهر فقط من كل عام. وخلال تلك الفترة، كانت مسؤوليات مالاتي تتوزع بين غرس الشتلات وإزالة الحشائش والأعشاب الضارة والحصاد وضرب الحبوب. أما خلال ما تبقى من شهور السنة بعد انتهاء موسم الزراعة، فكانت تبحث لنفسها عن وظائف مؤقتة في مواقع البناء أو صناعة الطوب اللبن مثلما يفعل أكثر أهالي موساهار. وعندما أخبر أحد متعهدي العمالة بالقرى من العاملين بالمشروع الريفي لكسب العيش في بيهار الذي تسانده المؤسسة الدولية للتنمية مالاتي عن نظام تكثيف الأرز – وهو تقنية علمية لزيادة إنتاجية محصول الأرز بالأراضي المروية من خلال تغيير أسلوب إدارة النباتات والتربة والمياه والمغذيات – قررت مالاتي أن تجرب حظها.. ومع انتعاش آمالها، استحوذت أيضاً على قطعة أرض إضافية مساحتها 0.17 فدان على سبيل الإيجار لكي تجني ثمار نظام تكثيف الأرز. وبفضل ما تلقته من مساندة فنية من إحدى المنظمات غير الحكومية العاملة ضمن الشراكة مع المشروع الريفي لكسب العيش في بيهار، انتقت مالاتي بذور أرز أفضل وأسمدة. وكان المحصول باستخدام نظام تكثيف الأرز أكثر بنسبة 60 في المائة مما كانت تجنيه باستخدام الأسلوب التقليدي الذي كانت تتبعه من قبل. والآن صارت مالاتي تتمتع بالأمن الغذائي على مدار السنة ويتبقى في يدها بعض المال الإضافي.


Image
600,000
ألف أسرة في الأقاليم الأفغانية الـ 34 إستفادوا من المشروع الطارئ لتأهيل الري في أفغانستان.



أهلا بك