Skip to Main Navigation

العراق عرض عام

يُعد العراق واحداً من أكثر البلدان اعتماداً على النفط في العالم، فعلى مدار العِقد الماضي شكلت عائدات النفط أكثر من 99% من صادراته، و85% من موازنته الحكومية، و42% من إجمالي ناتجه المحلي. ومن شأن هذا الاعتماد المفرط على النفط أن يعرّض البلاد لتقلبات الاقتصاد الكلي، في حين تقيد أوجه الجمود في الموازنة حيز الإنفاق المتاح في المالية العامة، كما تحد من أي فرصة لوضع سياسات لمواجهة التقلبات الدورية. وحتى يناير/كانون الثاني 2021، كان معدل البطالة في العراق الذي يبلغ تعداد سكانه 40.2 مليون نسمة أعلى بأكثر من 10 نقاط مئوية عن مستواه المسجل قبل تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) حيث بلغ 12.7%. ولا يزال معدل البطالة مرتفعاً بين النازحين والعائدين والنساء الباحثات عن عمل، وأيضاً بين أصحاب الأعمال الحرة والعاملين في الاقتصاد غير الرسمي فيما قبل الجائحة.

ورغم ذلك، فإن الاقتصاد العراقي يشهد تعافياً تدريجياً من صدمتي عام 2020 المتمثلتين في تراجع أسعار النفط وتفشي فيروس كورونا. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي قد ارتفع بنسبة 1.3% في عام 2021، بعد تسجيل انكماش حاد قدره 11.3% في عام 2020. ويسير نمو القطاعين النفطي وغير النفطي في العراق على المسار الصحيح للعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة، وذلك مع زيادة إنتاج النفط واستئناف النشاط الاقتصادي المحلي إثر تخفيف القيود المفروضة لمكافحة فيروس كورونا. ونما الاقتصاد غير النفطي بأكثر من 6% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2021 (على أساس سنوي)، وذلك بسبب قوة أداء قطاعات الخدمات في ظل تخفيف تدابير احتواء الجائحة. وقد تجاوز هذا التعافي التباطؤ في قطاع النفط، حيث وفق العراق أوضاعه مع حصته في منظمة أوبك والمنتجين من خارجها في أوائل هذا العام.

وسجلت الإيرادات الحكومية زيادة بنسبة 73% (على أساس سنوي) في 2021 بفضل ارتفاع أسعار النفط التي بلغت 68.3 دولاراً للبرميل في المتوسط خلال العام نفسه (بزيادة 78% على أساس سنوي). وتلقت هذه الزيادة في الموازنة دفعة لعدة أسباب منها خفض قيمة العملة وإجراءات تعبئة الإيرادات المحلية غير النفطية وخاصة الجمركية منها. وبينما ظلت المصروفات الجارية، بما في ذلك فاتورة الأجور، مرتفعة عند 29% من إجمالي الناتج المحلي، أسهم الارتفاع في عائدات النفط في تحقيق فائض في رصيد المالية العامة الكلي بنسبة 5.3% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021. وتحول عجز الحساب الجاري أيضاً إلى فائض نسبته 8.3% من إجمالي الناتج المحلي في الشهر التاسع من عام 2021، مما عزز الاحتياطيات الرسمية للبنك المركزي.

على الرغم من أن الأوضاع الاقتصادية في العراق آخذة في التحسن تدريجياً مع تعافي أسواق النفط الدولية، فإن هذا التعافي محفوف بمخاطر كبرى بسبب الاختناقات الهيكلية. وتشتمل المخاطر على المعوقات التي تواجه إدارة الاستثمارات العامة التي أثرت على تقديم الخدمات العامة، وبطء تسوية المتأخرات، (خاصة تلك المتعلقة بأجور العاملين في القطاع العام)، وحدود التسهيلات الائتمانية الكبيرة التي تمنحها البنوك الحكومية والبنك المركزي لمؤسسات القطاع العام. وتتفاقم أوجه الهشاشة هذه بسبب عدم استقرار الوضع السياسي، وضعف نظام الرعاية الصحية، واستشراء الفساد الذي يستمر في إثارة القلاقل في جميع أنحاء البلاد.

أدى التحوّل في أسواق النفط إلى تحسّن ملموس في التوقعات الاقتصادية للعراق في الأمد المتوسط. فمن المتوقع أن يبلغ النمو الكلي 8.9% في عام 2022 مع انتهاء العمل بالحصص الإنتاجية التي قررتها منظمة أوبك والمنتجون من خارجها ومع تجاوز إنتاج العراق مستوياته فيما قبل الجائحة والتي بلغت 4.6 ملايين برميل يومياً. ومن المتوقع أن يظل النمو في السنوات الأخيرة من الفترة متواضعاً عند 3.7% في المتوسط مع تراجع إنتاج النفط. ومن المتوقع أن يتقارب نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي مع اتجاه النمو المحتمل في الأجل الطويل لأسباب منها زيادة الاستثمارات التي سيجري تمويلها من عائدات النفط غير المتوقعة. لكن يُتوقع أن يظل النمو مقيداً بالطاقة الاستيعابية المحدودة للاقتصاد وغير ذلك من أوجه الضعف. ومن المنتظر أن يؤدي الارتفاع المتوقع في أسعار النفط في فترة السنوات 2022-2024 إلى الحفاظ على فوائض أرصدة المالية العامة وموازين المدفوعات الخارجية للعراق. وتظل آفاق المستقبل الاقتصادي للعراق عرضةً لمخاطر جمة. وتسلط التوترات الجيوسياسية الأخيرة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا الضوء على المخاطر التي تحيق بالاقتصاد العراقي. ورغم أن أي زيادة في أسعار النفط ستؤدي إلى تحسن رصيد المالية العامة، فإن أسعار المواد الغذائية الآخذة في الارتفاع والاضطرابات في الواردات الزراعية ستؤدي إلى تفاقم اتجاهات الفقر الحالية وتزيد من مخاطر الأمن الغذائي. ويشكل الصراع أيضاً مخاطر على إنتاج النفط الخام العراقي إذا تأثرت عمليات شركات النفط الروسية في العراق بالعقوبات الدولية المفروضة على روسيا. ومن شأن ارتفاع أسعار النفط أن يضر بالحاجة الماسة إلى الإصلاح القائمة منذ فترة طويلة، وبالتالي يعمق التحديات الاقتصادية الهيكلية في العراق. وسينخفض الإنتاج الزراعي بسبب زيادة حدة الآثار الناجمة عن تغير المناخ ونقص المياه. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال التطعيم ضد فيروس كورونا في العراق منخفضاً للغاية، وهو من بين أدنى المعدلات في المنطقة ويقل كثيراً عن المعدل العالمي مما يفرض مخاطر إضافية، حيث لا يزال منخفضاً حتى بين الفئات الأكثر احتياجاً والمسنين وبين المعرضين بشكل كبير لخطر الإصابة بالفيروس - الأسر الأكثر فقراً والعمال في القطاع غير الرسمي الذين يقل احتمال مزاولة عملهم من المنزل ويزيد احتمال عيشهم في أسر كبيرة في أماكن مكتظة. وتشمل المخاطر الأخرى انخفاض أسعار النفط وتدهور الوضع الأمني.

آخر تحديث: 2022/06/01

الإقراض

العراق: الارتباطات حسب السنة المالية (مليون دولار)*

*المبالغ تشمل ارتباطات البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية
Image
معرض الصور
مزيد من الصور

تحت المجهر