موضوع رئيسي

المغرب: إستراتيجية طويلة الأمد نحو النمو الأخضر

01/24/2014


Image

نقاط رئيسية
  • بات المغرب يشكل مثالاً لدول المنطقة والعالم في تبني قوانين مراعية للبيئة.
  • المغرب يتبنى استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تقليص اعتماده على الوقود الأحفوري من خلال ترشيد استخدام الطاقة المتوفرة والاستثمار في الطاقة المتجددة.
  • يدعم البنك الدولي تحوّل المغرب نحو النمو الأخضر من خلال مساندة مشاريع عدة في مختلف القطاعات.

الريادة ليست استثناء فحسب

يبرز المغرب كحالة استثنائية في منطقة ارتبطت أوضاعها في الآونة الأخيرة بالاضطرابات الاجتماعية وبضعف النمو. فعلى مدى العقد المنصرم، حقق هذا البلد تقدماً ملحوظاً في الحد من معدلات الفقر وفي الحفاظ على استدامة النمو الاقتصادي. وتركَّزت السياسات التي تبناها على وضع سلسلة إجراءات لضبط الموازنة العامة، كما أتاح مستوى العجز المالي القابل للإدارة والتحكم حيزاً في المالية العامة سمح بتنفيذ استثمارات وتقديم نفقات اجتماعية مستدامة. وفي أعقاب التظاهرات التي شهدتها البلاد عام 2011، تم تبني دستور جديد سرعان ما تلته إصلاحات ترمي إلى تلبية المطالب الشعبية بتعزيز حرية التعبير والمساءلة.

غير أن ما قد يخفى على البعض هو أن المغرب تحول أيضاً، وبسرعة كبيرة، إلى دولة رائدة في مجال الحفاظ على البيئة لا سيما من خلال تبني سياسات مراعية لها والاعتماد على حلول محلية لمكافحة التغيّر المناخي.

 
النمو الأخضر

لقد شرع المغرب في تقليص اعتماده على وارداته من الوقود الأحفوري. وقد حددت السلطات هدفاً طموحاً يتمثل  في جعل الطاقة المتجددة مصدراً لتوفير 42 في المائة من الطاقة المنتجة في البلاد بحلول عام 2020، إلى جانب خفض الطلب على الطاقة بنسبة 15 في المائة من خلال تبني إجراءات ترشيد استخدام الطاقة. ولتعزيز جهود التوفير في استهلاك الطاقة ومكافحة التلوُّث، بدأت الحكومة في الآونة الأخيرة خفض دعمها لمنتجات الديزل والبنزين وزيت الوقود الثقيل.

ويهدف مخطط المغرب الأخضر، وهو الإستراتيجية الزراعية الوطنية، إلى تحقيق منافع ثلاث: النمو، والتكيف مع تغيُّر المناخ، والتخفيف من آثاره. ويستلزم هذا المشروع استثمارات لتعزيز الإنتاجية الزراعية، وإجراءات لتحسين إدارة الموارد المائية، وتقليص استهلاك الوقود الأحفوري. كذلك تم ادخال تقنيات جديدة في إدارة كربون التربة مثل النثر المباشر للبذور.

وقد جعل المغرب استدامة ثروته السمكية محوراً رئيسياً من خلال إستراتيجية  أليوتيس الخاصة بمصائد الأسماك، وذلك لضمان استدامة هذا القطاع الذي يوفر نحو 500 ألف فرصة عمل. علاوة على ذلك، يجري حالياً بذل جهود للحفاظ على المناطق الساحلية والجبلية  باعتبار أنها محور مهم لتطوير قطاع السياحة الذي يشكل 11 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.

وعرض المغرب الركائز الرئيسية لإستراتيجيته من أجل النمو الأخضر على الأطراف الفاعلة في القطاع الخاص على المستوى العالمي خلال إنعقاد أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا الشهر. وانضم المغرب إلى الهند وجنوب أفريقيا والفلبين ونيجيريا والمكسيك في مبادرة يرعاها الأمين العام للأمم المتحدة تهدف إلى تحفيز التحرُّك على الأرض وحشد الإرادة السياسية من أجل التوقيع على اتفاقية عالمية طموحة بحلول عام 2015. 


" ما قد يخفى على البعض هو تحول المغرب السريع إلى دولة رائدة في مجال الحفاظ على البيئة لا سيما من خلال تبني سياسات مراعية لها والاعتماد على حلول محلية لمكافحة التغيّر المناخي.  "

وتساند مجموعة البنك الدولي تحوُّل المغرب نحو تحقيق نمو أخضر من خلال سلسلة مشاريع في قطاعات عدة كالمياه والطاقة والنقل والزراعة. وقد تم الموافقة في الآونة الأخيرة على قرض بقيمة 300 مليون دولار لدعم خطة النمو الأخضر عبر إدخال حزمة من الإصلاحات المحلية لتحسين إدارة الموارد الطبيعية، لا سيما المياه ومصائد الأسماك والمناطق الساحلية. كما يهدف القرض إلى تشجيع النمو منخفض الانبعاثات الكربونية من خلال تطبيق إجراءات في مجالات الطاقة المتجددة وترشيد استخدام الطاقة وخفض الدعم. وثمة مُكوِّن رئيسي آخر للقرض وهو تعزيز جهود تنويع الإيرادات في المناطق الريفية من خلال تنمية قطاعات ناشئة مثل تربية المائيات والسياحة البيئية.

نظرةٌ بعيدة المدى

تُحتم الاستدامة البيئية إجراء مفاضلات، إلا أن المغرب ينطلق في الغالب من نظرة بعيدة المدى. فتغيُّر المناخ يساهم بالفعل في تشكيل القرارات المهمة الخاصة بالسياسات والاستثمارات. ويُدرِك المغرب جيداً أن مساره على طريق التنمية يمر بمفترق حرج. وتذهب تقديرات البنك الدولي إلى أن ما يصل إلى 7 في المائة من ثروات البلاد ترجع بشكل مباشر إلى الموارد الطبيعية التي تتآكل بمُعدَّل سريع. وفي عام 2004، قدّر البنك الدولي تكلفة التدهور البيئي بأنها بلغت 3.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.

وتواجه قطاعات كالزراعة ومصائد الأسماك، اللذين يشكلان معاً قرابة 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، قيوداً تتصل بالموارد الطبيعية. وإذا لم تتم إدارة الأرض والمياه بشكل جيد، فسوف يُعرِّض ذلك للخطر أداء هذين القطاعين الحيويين ونموهما في المستقبل. وقد شجع نموذج "تحقيق النمو الآن، وتنظيف آثاره فيما بعد" الذي اتُبِع في السابق على القيام باستثمارات كثيفة الاستخدام للطاقة والتي تُسبِّب قدراً كبيراً من التلوُّث بالإضافة إلى أنها تؤدي إلى نمو سريع في استهلاك الطاقة.

وجعل واضعو السياسات في المغرب أجندة النمو الأخضر في صدارة أولويات التنمية، لا حرصاً منهم على البيئة فحسب، ولكن أيضاً لضمان اقتصاد قوي وصلب يتيح فرصاً في المستقبل لجميع المغاربة ومن ضمنهم الفئات الأكثر ضعفاً وحرماناً.


Api
Api
أهلا بك