ومازالت الآفاق الاقتصادية للعراق تعتمد بقدر كبير على قطاع الطاقة الذي يشكل 98 في المائة من إجمالي الصادرات ويدر 96 في المائة من إيرادات الموازنة. ويأمل العراق في تنويع الموارد وخلق نحو 10 ملايين فرصة عمل بحلول عام 2030، وذلك من خلال تنمية قطاعي الغاز والطاقة والصناعات ذات القيمة المضافة المرتبطة بهما.
ومنذ عقد مضى، وبعد الحرب في العراق، كان قطاع الطاقة العراقي يواجه أزمة. وحتى بحلول عام 2009، ظل إنتاج النفط في العراق دون مستوياته قبل الحرب، وقدرت الخسائر الناجمة عن تكرار انقطاع التيار الكهربائي واحتراق كميات هائلة من الغاز في الهواء يومياً بنحو 40 مليار دولار سنوياً.
وكان علاج الدمار وتدني الاستثمار دائماً يستغرق وقتاً طويلاً إلا أن الجهود التي بذلتها الحكومة العراقية وشركاء التنمية بدأت تؤتي ثمارها. فلأول مرة منذ الحرب، وتحديداً في خريف 2013، حصلت العاصمة العراقية بغداد على الكهرباء على مدى 24 ساعة يومياً.
والاستراتيجية الوطنية للطاقة، التي تم وضعها بمساندة من صندوق العراق الذي يديره البنك الدولي، هي ثمرة لتضافر الجهود بين الوزارات الرئيسية في العراق وهي وزارات: النفط، والكهرباء، والمالية، والتخطيط، والمياه، والبيئة، والصناعة والمعادن. هذا التوجه الشامل يعني أنه حتى على الرغم من أن الاستراتيجية نفسها لم تكتمل إلا العام الماضي، فإن التنفيذ مازال جارياً.
وعن ذلك، يقول شارل كورمييه، مدير قطاع الطاقة بإدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي "أصبح برنامجنا أكثر شمولاً واستراتيجية منذ أن وضعت الاستراتيجية الوطنية للطاقة. وباتت موضوعات إصلاح قطاع الغاز، والحد من تقلص الكهرباء، وإصلاح قطاع التوزيع، والطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة مطروحة للنقاش".
وقدم البنك الدولي التمويل لشركة استشارات دولية كي تقدم المساندة للحكومة العراقية في إعداد الاستراتيجية الوطنية للطاقة. وتابع فريق من خبراء البنك الدولي وضع هذه الاستراتيجية، وقدم المشورة والملاحظات المهمة أثناء عملية الإعداد، كما عمل عن كثب مع اللجنة الاستشارية لرئيس الوزراء العراقي للتأكد من قوة عملية تقديم المشورة مع مشاركة الرأي مع أصحاب المصلحة من الوزارات والبرلمان العراقي والمجتمع المدني والأكاديميين.
وفي هذا الإطار، يقول جنيد كمال أحمد، مدير التنمية المستدامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي"إحدى النتائج المشجعة لهذا العمل هي التحول الملموس في مجال تركيز الحكومة العراقية. فأولويات قطاع الطاقة الآن تتجاوز حتمية زيادة إيرادات النفط في المدى القصير. "
ويتم تعزيز وتوسيع البنية الأساسية الداعمة لإنتاج النفط، مع تجنيب بعض الأموال للحد من احتراق الغاز الذي يعد أحد منتجات النفط. والهدف من ذلك هو استخدام هذا الغاز ليحل محل زيوت الوقود الثقيل والديزل في توليد الطاقة، وأيضاً إتاحته للصناعات التحويلية، كتطوير صناعة البتروكيماويات. ويجري إبرام اتفاقيات مع شركات القطاع الخاص للاستثمار في الصناعات المتصلة بالطاقة والتي يمكن أن تكون مفتاحاً للوظائف والنمو في الاقتصاد العراقي.
وفي النهاية، سيتعين على العراق أن يحد من اعتماده الشديد على قطاع الطاقة. وقال أحمد إن الاستراتيجية تستهدف أن يتجاوز النشاط الاقتصادي في القطاعات غير النفطية والغازية النمو في قطاع النفط والغاز مع حلول عام 2020.