Skip to Main Navigation
موضوع رئيسي03/12/2025

تحطيم الحواجز: تعزيز دور المرأة المصرية في سوق العمل

سيدتان أعمال في مكتب. (Shutterstock.com/Ahmed Photox)

سيدتان أعمال في مكتب. (Shutterstock.com/Ahmed Photox)

نقاط رئيسية

  • سد الفجوة في التشغيل بين الجنسين يمكنه أن يؤدي لتعزيز الاقتصاد المصري بنحو 56٪.
  • رغم هذه الفرصة الكبيرة إلا أن المعدل الحالي لمشاركة المرأة في القوى العاملة يبلغ نحو 18٪.
  • يتطلب ضمان حصول المرأة على فرص عمل على قدم المساواة تغييرا جوهريا في العقلية، سواء اجتماعيا أو داخل القطاع الخاص.

النساء يشكلن نصف سكان مصر وإمكاناتهن غير المستغلة في سوق العمل هائلة. كشف تحليل أجراه البنك الدولي في عام 2024 أن سد الفجوة في التشغيل بين الجنسين يمكن أن يعزز الاقتصاد بنحو 56%. وعلى الرغم من هذه الفرصة الكبيرة، فإن معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة حاليًا يبلغ نحو 18%، مقارنة بنسبة 73% للرجال.

العديد من الحواجز الهيكلية والقانونية والتقليدية تعرقل مشاركة المرأة في سوق العمل المصري. تشير البحوث إلى أن 45% من الرجال و33% من النساء يعارضون استخدام خدمات رعاية الأطفال خارج الأسرة، وهي ضرورية لتمكين النساء من العمل، وقد جرت العادة أن تقوم النساء بهذه الخدمات. وتكشف البحوث أيضا أن 24% من الرجال لا يؤيدون مشاركة المرأة في القوى العاملة.

كان للتراجع في الوظائف الزراعية أثر كبير على فرص تشغيل النساء، في الوقت الذي شهد فيه القطاع العام، المعروف بتوفير ساعات عمل وظروف مناسبة للنساء، انخفاضًا ملحوظًا في فرص العمل المتاحة. وبسبب محدودية الاستثمارات والفرص المتاحة في القطاع الخاص تتراجع إمكانية حصول المرأة على الوظائف، خاصة في المجالات التي يهيمن عليها الذكور. وبشكل عام، فإن عدم كفاية سبل الحماية القانونية في القطاع الخاص، ووسائل النقل والمواصلات غير الآمنة، والأعراف والتقاليد الاجتماعية والثقافية السائدة، تشكل عوائق تثني النساء عن الانضمام إلى سوق العمل.

وسيكون التصدي لهذه التحديات أمرا بالغ الأهمية لتعزيز المساواة بين الجنسين وإطلاق العنان لإمكانات المرأة في مصر.

وفقًا لما ذكرته نهاد أبو القمصان، المحامية الكبيرة والمدافعة المعروفة عن قضايا المرأة، تسعى مصر بقوة لزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، لكنها تواجه تحديات بسبب ضرورة التصدي للعديد من الجوانب والقضايا بالتوازي مع ذلك، وأوضحت أبو القمصان أن النساء يخسرن ثمار الاستثمار في التعليم بسبب اضطرارهن لتحمل مسؤولية الرعاية الأسرية الأساسية، في ظل غياب خيارات ميسورة التكلفة لرعاية الأطفال، وقالت: "حتى خريجات الجامعات الأجنبية، قد يضطررن لترك وظائفهن لأن تكاليف رعاية الأطفال تفوق دخلهن." وأضافت: "إن عدم التوافق بين ساعات الدراسة والعمل يجبر النساء على الاختيار بين أطفالهن ووظائفهن، وبرغم الإصلاحات القانونية، فإن بطء الإجراءات القضائية يجعل النساء يشعرن بعدم الحماية في مكان العمل، ويستلزم هذا الوضع تنسيقًا قويًا بين مختلف الوزارات، بالإضافة إلى حملات إعلامية لزيادة الوعي بالفرص المتاحة وسبل حماية المرأة في سوق العمل".

وفي الوقت الذي تبرز فيه التحديات كحواجز كبيرة تحول دون تمكين المرأة في مصر، تُبذل العديد من الجهود وتُنفذ الكثير من المبادرات لزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة. وتسترشد هذه الجهود بالإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، التي تركز على زيادة مشاركة المرأة في المناصب القيادية، وتعزيز المساواة والمشاركة في القوى العاملة، وضمان حقوق المرأة، وتعزيز المساواة بين الجنسين من خلال الأطر القانونية.

ويُعتبر ضمان فهم العقبات الكامنة أمام مشاركة المرأة في القوى العاملة ومعالجتها بشكل ملائم جزءًا لا يتجزأ من تحقيق المساهمة الكاملة للمرأة في القوى العاملة والاقتصاد. ونشر المجلس القومي للمرأة، بالتعاون مع البنك الدولي، تقريراً عن إنشاء إطار قياس منهجي مصمم لتعزيز السياسات والإجراءات والأنشطة التي تشجع مشاركة المرأة في القوى العاملة. ويخلص التقرير إلى أنه إذا تم توفير بيئة آمنة وداعمة، فمن المرجح أن تكون النساء أكثر رغبة في الانضمام إلى قوة العمل، فضلاً عن زيادة التشجيع من جانب الأسرة.

ويمثل تمكين النساء من إقامة مشروعاتهن الخاصة مكسبًا مزدوجًا لمصر، خاصة في ضوء الدور المحوري الذي يلعبه القطاع الخاص في خلق فرص عمل شاملة للجميع، مما يسهم في تحقيق الرخاء الاقتصادي للبلاد. وتتمثل إحدى المبادرات الوطنية الرئيسية في هذا الجهد في توسيع نطاق برنامج "تكافل وكرامة" للتحويلات النقدية، الذي يحظى بدعم البنك الدولي، ومع تطبيق المدفوعات الرقمية في إطار هذا البرنامج من خلال بطاقات "ميزة"، استفادت النساء بشكل كبير، حيث يشكلن 75% من المستفيدين من البرنامج، مما وفر لهن فرصًا للتمكين الاجتماعي والاقتصادي. وبالإضافة إلى الدعم المالي، يربط برنامج تكافل وكرامة المستفيدين ببرنامج فرصة الذي يركز على خلق فرص العمل وكسب العيش. ويوفر برنامج فرصة للمستفيدات المقومات والأصول اللازمة، فضلاً عن برامج التدريب على الجوانب المالية والفنية للمساعدة في إقامة مشاريع متناهية الصغر لتحقيق دخل مستدام. وتلقى ما يقرب من 26 ألف مستفيد ومستفيدة دعماً من برنامج فرصة، وحصل نحو 70% منهم على أصول ومقومات أو برامج تدريب على أنشطة الأعمال متناهية الصغر. وكان 76.5% من المستفيدين من النساء، و44% من الشباب، و4.87% من أصحاب الهمم.

تعتبر ريادة الأعمال والعمل الحر، وخاصة التجارة الإلكترونية، من المجالات المرغوبة بشدة بين النساء، نظرًا لما توفره من مرونة في ساعات العمل وإمكانية العمل من المنزل. ويولي جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر اهتمامًا كبيرًا بتشجيع رائدات الأعمال ودعمهن. وفي عام 2024، صرف الجهاز نحو 80 ألف قرض، ذهب 50% منها إلى نساء. وتتضافر جهود برنامج البنك الدولي لتحفيز ريادة الأعمال لخلق فرص العمل حاليا مع جهود الجهاز لدعم رواد الأعمال المصريين، وخاصة النساء والشباب لإقامة مشروعاتهم والتوسع فيها. ومنذ انطلاق المشروع في يناير/ كانون الثاني 2020، نجح في خلق أو الحفاظ على أكثر من 408,829 فرصة عمل، كما قدم الدعم لنحو 200 ألف مستفيد، حيث تشكل النساء 43% من هؤلاء المستفيدين.

وفي إطار الجهود المبذولة لتعزيز وتحفيز وتقنين المساواة بين الجنسين في القطاع الخاص، قام البنك الدولي، بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة وسفارة المملكة المتحدة في مصر، بإعداد شهادة "الختم المصري للمساواة بين الجنسين". ويعزز هذا النموذج المساواة بين الجنسين في القطاع الخاص من خلال بناء سلسلة من الممارسات الجيدة للشركات لتطبيقها عند التوظيف، والتطوير المهني، وتطبيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، فضلاً عن تفعيل سياسات مكافحة التحرش والمضايقات التي تتعرض لها المرأة.

لتعزيز مشاركة المرأة في القطاع الخاص في مصر، أطلقت مؤسسة التمويل الدولية، الذراع المعنية بالتعامل مع القطاع الخاص لمجموعة البنك الدولي، مشروع "تشغيل المرأة المصرية" والمرحلة الثانية من مشروع "الشمول في مصر". ومن خلال هذين المشروعين، وفي إطار تعزيز المساواة بين الجنسين في سوق العمل، قدمت المؤسسة دعماً حيوياً لأربع شركات بارزة: مترو ماركت، والتشخيص المتكاملة القابضة، وأبو عوف، ومصر القابضة للتأمين. وشملت الجهود سد الفجوات بين الجنسين في التعيين، وتشجيع تشغيل النساء، واستبقائهن وترقيتهن إلى مناصب قيادية. ونتيجة لهذه الجهود، حصلت شركة التشخيص المتكاملة القابضة وشركة الوادي للصناعات الغذائية (وادي فود) وشركة أبو عوف على شهادة الإنصاف والتنوع والمساواة بين الجنسين (EDGE). وقدمت المؤسسة دعماً كبيراً لشركة مصر القابضة للتأمين في صياغة سياسات شاملة تعزز المساواة بين الجنسين. كما قامت بتقديم برامج تدريبية متخصصة لكوادر الموارد البشرية في شركة مترو ماركت، بهدف تعزيز التنوع بين الجنسين في بيئة العمل.

وفي إطار تعزيز التنوع والشمول في سوق العمل، قادت المؤسسة بالتعاون مع غرفة التجارة الأمريكية منصة تعليمية مبتكرة على مستوى النظراء والأقران شاركت فيها 65 شركة من خلال حلقات دراسية عبر الإنترنت تناولت موضوعات متنوعة حول التنوع في القوى العاملة وشمول الجميع. كما تعاونت مع غرفة التجارة الأمريكية في إطلاق حملة التعهد بالتنوع والمساواة بين الجنسين تحت هاشتاج #pledge4genderdiversity التي التزمت فيها 11 شركة بتأصيل مبدأ المساواة، وكان من بين هذه الشركات جُهينة وحسن علام ومجموعة مستشفيات كليوباترا.

إن التصدي للعنف ضد المرأة وتعزيز وسائل النقل والمواصلات الآمنة غاية في الأهمية لمشاركة المرأة في سوق العمل. وفي عام 2014، أصدرت مصر قانونا يجرم التحرش الجنسي في أماكن العمل وفي وسائل النقل العام والأماكن العامة، بعقوبات تتراوح من الغرامات إلى السجن.

وفي إطار جهود البنك الدولي الأوسع نطاقا دعماً لمكافحة العنف ضد المرأة، أقام البنك شراكة مع وزارة النقل والمجلس القومي للمرأة لتحسين سلامة النقل، وتم تطوير آليات عمل رئيسية تهدف إلى حل الشكاوى والإبلاغ عن حوادث العنف ضد المرأة في وسائل النقل العام. كما تم وضع إجراءات تشغيل موحدة وتعليمات مستدامة تحدد المبادئ التوجيهية لمكافحة العنف ضد المرأة، لضمان بيئة آمنة وشاملة للجميع. وتم وضع إستراتيجية للتوعية المجتمعية لضمان استيعاب هذه الآليات على نحو فعال. ولضمان نجاح التنفيذ، تم إجراء مشاورات مكثفة مع الأطراف المعنية وأصحاب الشأن. كما تم تنظيم جلسات توعية وورش عمل لتدريب المدربين بهدف تطبيق أفضل الممارسات العالمية وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة والفاعلية.

إن ضمان حصول المرأة على فرص عمل متساوية يتطلب تغييراً جذرياً في العقلية ونمط التفكير، سواء على الصعيد الاجتماعي أو داخل القطاع الخاص. ومن الضروري تطبيق وإنفاذ القوانين التي تعزز المساواة بين الجنسين، إلى جانب الاستثمار في تعليم النساء وتدريبهن وتقديم المشورة لهن، وتزويدهن بالمهارات اللازمة للمشاركة الفعالة في سوق العمل. وبذلك، تستطيع مصر تمكين المرأة من الاستفادة من الفرص الاقتصادية المتنوعة وإطلاق العنان لإمكاناتها الكاملة، مما يسهم في نهاية المطاف في تحقيق النمو والازدهار للبلاد.

مدونات

    loader image

الأخبار

    loader image