لا تزال الآفاق المستقبلية للاقتصاد التونسي محفوفة بعدم اليقين، حيث بدا التعافي الاقتصادي أضعف مما كان متوقعاً في السابق، نظراً لتصاعد جائحة كورونا في أواسط عام 2021، وتفاقم حالة عدم اليقين المحيطة بالأوضاع السياسية. ومن شأن ذلك أن يزيد من مخاطر التطورات السلبية، وخصوصاً فيما يتعلق باستمرارية القُدرة على تحمُّل الدَّين، والتي تشكل مصدراً لمخاوف متزايدة. وسيتطلب الخروج من دائرة الأزمة وتسريع خطى التعافي إجراء تسوية سياسية راسخة، وسرعة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية.
واصل إجمالي الناتج المحلي الحقيقي انتعاشه البطيء في النصف الأول من عام 2021 وزيادته بنسبة 5.9% على أساس سنوي. ويعكس ذلك انطلاقه من مستويات متدنية -حيث كان إجمالي الناتج المحلي قد انخفض بنسبة 11.9% في النصف الأول من عام 2020- وانتعاشاً جزئيّاً للطلبَيْن المحلي والخارجي. وأدى ارتفاع الطلب إلى زيادة بنسبة 25% في الصادرات (و22% في الواردات)، وهو ما أسهم -إلى جانب زيادة التحويلات بنسبة 24%- في خفض عجز الحساب الجاري إلى 6.6% من إجمالي الناتج المحلي (من 7.6% في النصف الأول من عام 2020).
من المتوقع أن يبلغ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي 3% في 2021، بنسبة أقل من النصف الأول من العام. ويُعزَى هذا الانخفاض في النمو إلى ضَعف تأثير فترة الأساس وتفاقم الجائحة. ولن يكون الانتعاش كبيراً بالقدْر الكافي لعودة الناتج إلى مستويات ما قبل الجائحة في عام 2019. ومن المتوقع أن يستقر معدل النمو في نهاية المطاف عند مستوى متواضع قدْره 3.3% بحلول عام 2023، على نحو يعكس مَواطن الضعف الهيكلي القائمة من قبل، وتعافياً عالمياً تدريجياً من الجائحة. وتأتي هذه التقديرات في وجود مخاطر سلبية كبيرة. لكن وتيرة التعافي ستتوقف على التطورات السياسية، بما في ذلك تسمية رئيس وزراء جديد، واستئناف الأنشطة البرلمانية، وعلى تطور الجائحة وتمويل الدَّين العمومي.