موضوع رئيسي

ما بعد العاصفة: محاربة الفقر في الدول المتأثرة بالصراعات

06/25/2008

نقاط رئيسية
  • نصف البلدان المتأثرة بالصراعات تنزلق مرة أخرى إلى أعمال العنف خلال 10 سنوات.
  • وضع سياسة للخروج نهائيا من الصراع هو ركيزة الاستراتيجية الجديدة.
  • فهم جذور الصراع شرط مسبق.

25 يونيو/حزيران 2008 – يمثل الفقر والصراع أمرين متشابكين ومترابطين، ويدفعان معا عشرات البلدان وملايين البشر إلى مختلف أنماط العوز وانعدام الأمن.

بيد أن البلد المتأثر بالصراع ليس مجرد بلد فقير بات أكثر فقرا، إذ تخلق الحروب مسارات جديدة للوقوع في براثن الفقر، ومصائد جديدة لأناس هم فقراء بالفعل. وغالباً ما يضم البلد الموبوء بصراع يشوبه العنف أعدادا ضخمة من المشردين، والجرحى والمصابين بصدمة، والأسر المعيشية المعرضة حديثا للمعاناة والتي تعولها المرأة.
وبخلاف تهدّم الطرق وأنظمة المياه، وهو حال أي بلد فقير آخر، ففي البلد الذي مزقته الحروب تكون الأصول المادية والبنية التحتية في العادة مدمرة ونسيج المجتمع ممزق من جراء انهيار الثقة فيما بين أفراده ومؤسساته. وعلاوة على ذلك، فإن كثيرا من العوامل التي أذكت الصراع، ومن ثمّ ديناميات الفقر الجديدة، تستمر طويلا بعد وقف إطلاق النار. ونتيجة لذلك، تواجه البلدان المتأثرة بالصراعات خطرا خاصا بها، وهو احتمال انزلاقها مجددا إلى العنف خلال عشر سنوات.
 
وقام البنك الدولي، مدفوعا بتأكيد الرئيس زوليك الاستراتيجي على الدول الهشة الخارجة من الصراع، بتحسين وزيادة وضوح الفهم لكيفية التقاطع والتفاعل بين الفقر والصراع. وفي هذا الصدد، فإن البنك يدرس تجارب بلدان مثل أفغانستان وسري لانكا وسيراليون لتحديد كيف يمكن لوكالات التنمية صياغة برامج لتخفيف حدة الفقر تتيح في الوقت ذاته الحد من خطر تجدد الصراع.

برنامج المملكة المتحدة والبنك الدولي يركز على 13 بلدا هشا ومتأثرا بالصراع
بهدف زيادة فهم التحديات التي تواجه جهود محاربة الفقر في البلدان المتأثرة بالصراعات، تعاونت وزارة التنمية الدولية البريطانية مع إدارة التنمية الاجتماعية في البنك الدولي في برنامج للمساعدة الفنية والتحليلية استمر أربع سنوات. وكان الهدف الرئيسي من البرنامج هو تحديد أكثر الوسائل فعالية لتصميم أدوات قياسية لخفض عدد الفقراء بغية التصدي للتحديات الخاصة بالدول الهشة التي مزقتها الحروب.  ويركز البرنامج تركيزا خاصا على 13 بلدا هشا متأثرا بالصراعات، من بينها أفغانستان وبوروندي وجمهورية أفريقيا الوسطى وهايتي وسيراليون.  ونوقشت نتائج الدراسة في حلقة عمل عُقدت في البنك الدولي يوم 17 يونيو/حزيران.

تقول كارولين كندي-روب، القائمة بعمل مدير إدارة التنمية الاجتماعية "إن مساعدة البلدان على وضع سياسة للخروج نهائياً من الصراع هو أمر له أولوية بالغة الأهمية ومن الركائز الاستراتيجية لرئيسنا الجديد...  وكي يتسم عملنا بالفعالية، علينا أن نفهم المحركات التي تقف وراء الصراع وكيفية تفاعله وتقاطعه مع الفقر."

إن الترابط بين الفقر والصراع يمسّ مجموعة من البلدان التي يعمل فيها البنك، فمن بين البلدان المنخفضة الدخل الخمسة والستين المشاركة في صياغة استراتيجيات لخفض عدد الفقراء، شهد نحو الثلث صراعات عنيفة. وتعتبر بلدان أخرى عديدة على شفا الانزلاق إلى صراع عنيف.  وركزت حلقة العمل على اثنين من التحديات الخاصة، وهما إجراء تقييم أوضاع الفقر – وهو أمر مطلوب بشدة لكن يصعب القيام به في الدول التي مزقتها الحروب – ووضع استراتيجيات فعالة وعملية لخفض عدد الفقراء.

أول أهداف برامج الحد من الفقر هو تعيين أسباب اندلاع القتال
يتزايد عدد خبراء التنمية الذين يتفقون على خطورة تصميم برامج جديدة لتخفيف حدة الفقر في البلدان التي شهدت صراعات عنيفة بدون التوصل في البداية إلى فهم واضح لأسباب اندلاع القتال من انشقاقات اجتماعية ومظالم ومختلف أنماط الاستبعاد.

ويتذكر مارك سيجال، المتخصص في شؤون الصراعات في وزارة التنمية الدولية البريطانية، أن وكالات التنمية أخطأت قبل بضع سنوات في تشخيص المشكلة الرئيسية في نيبال عن طريق افتراض أن تحقيق النمو وخفض أعداد الفقراء سيؤديان بصورة تلقائية إلى القضاء على مخاطر الصراع، بما في ذلك ما نجم عن الظلم والاستبعاد. ويقول "الناس يقولون ’إننا نتصدى للفقر ولذلك فإننا نتصدى للصراع’. وهذا محض هراء." 
وعادة ما يتفق موظفو العمليات في البنك، بشكل عام، على ضرورة مراعاة العوامل المؤدية إلى الصراع. يقول بيتر هارولد، مدير الخدمات القطرية في البنك الدولي "كل من يعتقد أنه بوسعه التصدي للفقر بدون التصدي (لعوامل الصراع) هو مخطئ بالطبع."

ويقول بير إيجل فام، وهو عالم اجتماع كبير في البنك الدولي أدار هذا البرنامج "إذا لم يتم الالتفات بشكل كافٍ للصراع، فقد ينتهي الأمر بإجراءات ضارة. فقد تعزز الاختلالات الإقليمية أو قد تكون غير ذات صلة بأرض الواقع ولا تفعل شيئا يُذكر لاستهداف الفئات المستبعدة." فعلى سبيل المثال، قد لا يولي تحليل لأوضاع الفقر اهتماما خاصا بالمقاتلين السابقين، الذين لن يظهروا على الأرجح ضمن الفئات الأشد فقرا.  غير أن التجربة تثبت أن برامج إعادة دمج الجنود السابقين تمثل عنصرا حاسما في الحد من مخاطر تجدد العنف.

استطلاعات الرأي تساعد في الكشف عن نظرة مختلف فئات السكان للصراع
تشكل استطلاعات الرأي أدوات مفيدة في زيادة فهم الأسلوب الذي تنظر به فئات السكان المختلفة إلى الصراع. وقدمت استقصاءات سريعة نسبيا في جمهورية أفريقيا الوسطى وسيراليون معلومات مفيدة عن كيفية تأثير الصراع الأهلي على المجتمع، وأتاحت وضع برامج سليمة للخروج من الصراع بدون أن يتأجل لمدة طويلة جني أرباح السلام المطلوبة بشدة.  كما يمكن لأساليب البحث التشاركية أن تساعد المخططين على فهم طبيعة ونطاق المظالم العامة وكيفية تقديم الخدمات.

ويجب أن تتصدى الاستراتيجيات الرامية إلى تخفيض عدد الفقراء لأوضاع الفقر الناشئ عن الصراع، وينبغي أن تخفف من عوامل مثل الاستبعاد الإقليمي أو العرقي ربما تؤدي إلى اشتعال الحرب مجددا. ويؤكد وليام بيرد، الذي يعمل في شبكة تخفيض أعداد الفقراء وإدارة الاقتصاد في منطقة جنوب آسيا، أن التركيز على الصراعات "سيساعد في الواقع على توجيه أذهان الناس إلى وضع استراتيجية أكثر تركيزا على خفض عدد الفقراء" واعتماد أكثر البرامج أهمية لتدعيم السلام.

إن العمليات التشاركية في التخطيط لاستراتيجيات خفض عدد الفقراء يمكن أن تسهم في حد ذاتها في إحلال السلام وإنشاء حكومة جديدة شرعية ومتجاوبة. بيد أن مخاطر الإفراط في التفاؤل قائمة. يقول فام "في سيراليون... كان هناك صخب بأن ’برنامج استراتيجية تخفيض عدد الفقراء قادم وكل مشاكلنا ستختفي’."

Api
Api

أهلا بك