موضوع رئيسي

البلدان النامية تعزز جهودها لمواجهة تغير المناخ

05/24/2010


في بنغلاديش، أصبح بوسع أكثر من مليون أسرة محرومة من الكهرباء الآن الحصول عليها من خارج الشبكة الكهربائية من خلال أنظمة الطاقة الشمسية، وذلك بفضل مشروع موله البنك الدولي بتكلفة 130 مليون دولار. وفي المناطق الريفية بالبلدان النامية، سيتمكن برنامج التأمين العالمي المستند إلى المؤشرات والذي أطلقته مؤسسة التمويل الدولية في الفترة الأخيرة، من مساعدة المزارعين على الحصول على التأمين الذي يحتاجون إليه لتوفير الحماية ضد الكوارث المناخية التي يمكن أن تدمر حقولهم وموارد رزقهم.

ويركز برنامج مؤسسة التمويل الدولية على الأسواق الصاعدة مثل منطقة أفريقيا جنوب الصحراء حيث يشكل المزارعون والمشتغلون في الزراعة 60 في المائة من الأيدي العاملة، لكن أغلبهم يعدمون السبل للتأمين على محاصيلهم. وهاتان القصتان من بنغلاديش وأفريقيا ليستا سوى مثالين فحسب على ما يحدث في مختلف أنحاء العالم، حيث لا تفتأ البلدان النامية تبحث عن حلول للمساعدة في التعامل مع تغير المناخ في إطار جهودها الإنمائية.

ومازال الجدل دائراً حول تغير المناخ، ومن الواضح أن بلدان العالم الأكثر فقراً وضعفاً ستكون أشدّ المتضررين من آثاره التي تتجلى في شكل تفاقم الجفاف والفيضانات، وارتفاع مستوى سطح البحر، وفي الأنماط المناخية المضطربة والتي يصعب التنبؤ بها. وقد وجدت هذه التحذيرات آذاناً صاغية، إذ نشطت البلدان النامية بشكل مطرد خلال العام الماضي على جبهات عديدة لمواجهة تغير المناخ.

يشير تقرير جديد للبنك الدولي إلى أنه بالرغم من الأزمة المالية العالمية وما نجم عنها من تباطؤ اقتصادي، فقد شهد العام الماضي زيادة غير مسبوقة في الطلب من قبل البلدان النامية على المساندة من مجموعة البنك الدولي لتعزيز جهودها في التعامل مع التنمية وتغير المناخ باعتبارهما تحديات متشابكة. ويوثّق "تقرير التقدم المحرز بشأن الإطار الإستراتيجي المعني بالتنمية وتغيّر المناخ" الصادر أمس تزايد استجابة مجموعة البنك الدولي لهذا الطلب. وهذا التقرير هو تقرير مرحلي عن إستراتيجية عام 2008 التي تتيح خارطة طريق للإجراءات التي تتخذها مجموعة البنك الدولي بشأن المناخ خلال السنوات المالية 2009-2011.

وتطالب البلدان النامية بمجموعة كبيرة ومتنوعة من أشكال المساعدات التي تتضمن تقديم العون لتحقيق التنمية المتسمة بالمرونة إزاء المناخ، وآليات التكيف، والتكنولوجيا النظيفة، وتمويل مشروعات كفاءة استخدام الطاقة والطاقة المتجددة. وتضم حافظة المشروعات التي يمولها البنك الدولي للإنشاء والتعمير في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وحدها أكثر من 180 نشاطا تقودها البلدان المعنية، ويزيد إجمالي منافعها المشتركة في مجال التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره على 7.3 مليار دولار.

وفي هذا الصدد، يقول واري إيفانز، مدير إدارة شؤون البيئة لدى البنك الدولي، "بالعمل مع الشركاء، قمنا أيضا بعمل تحليلي ساعد على تحسين فهمنا للمخاطر المحتملة لتغير المناخ على أشد البلدان فقرا وضعفا وكيف يمكن للبنك وغيره من هيئات المساعدات الإنمائية مساعدة هذه البلدان على تحقيق المرونة تجاه المناخ وجعلها جزءاً لا يتجزأ من عملية التنمية التي تقوم بها".

وقد برز تحقيق مرونة عملية التنمية تجاه المناخ كأحد محاور التركيز الرئيسية في دعم جهود الحد من الفقر والنمو الاقتصادي في أفريقيا جنوب الصحراء. وتعمل منطقة أفريقيا بسرعة على زيادة جهودها للتصدي لتحديات التنمية في مناخ متغير. وتتراوح هذه الجهود من معالجة مخاطر الجفاف في إثيوبيا (المرحلة الثانية: 175 مليون دولار) إلى إدارة مستجمعات المياه في كينيا وملاوي (بتكلفة 75.5 مليون دولار).


" بالعمل مع الشركاء، قمنا أيضا بعمل تحليلي ساعد على تحسين فهمنا للمخاطر المحتملة لتغير المناخ على أشد البلدان فقرا وضعفا  "

جيقول واري إيفانز

مدير إدارة شؤون البيئة لدى البنك الدولي

يقول توغا غايويا ماكنتوش، المدير التنفيذي الممثل لعدد من البلدان الأفريقية لدى البنك الدولي منها بوتسوانا، وجنوب أفريقيا، وكينيا، "تشكل حالة عدم اليقين المستمرة إزاء مستقبل السياسة العالمية لمواجهة تغير المناخ وآليات التمويل أكبر تحد أمامنا... ففي حالة أفريقيا، يشكل ضعف القدرات ومحدودية الموارد أكثر التحديات صعوبة أمامها ، ومن ثم فإن القدر المطلوب من المساعدات يتجاوز كثيرا المستويات الحالية. وهنا يأتي دور العملية السادسة عشرة لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية".

كما ترى كاترين سييرا، نائبة الرئيس لشؤون التنمية المستدامة في البنك الدولي أن "تغير المناخ يزيد من حدة التحديات التي تواجه عملية التنمية، وخاصة في البلدان الأشد فقرا. ومن برامج الحد من مخاطر المناخ التي تدمج التكيف مع المناخ، إلى تعبئة نحو مليار دولار للبرنامج التجريبي لتحقيق المرونة إزاء تغير المناخ، زدنا بدرجة كبيرة من قدرة مجموعة البنك الدولي على العمل مع بنوك التنمية المتعددة الأطراف الأخرى، والأمم المتحدة، والهيئات الثنائية، والمجتمع المدني، والشركاء من القطاع الخاص على الاستجابة للأولويات المتعلقة بتغير المناخ لدى الكثير من أكثر البلدان النامية ضعفا".

وحتى يتسنى تلبية هذا الطلب المتنامي، وسعت مجموعة البنك من دعمها للاستثمارات ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة والتي تتسم بالمرونة إزاء تغير المناخ. وبالعمل مع بنوك التنمية متعددة الأطراف، ووكالات الأمم المتحدة، تقوم مجموعة البنك الدولي حالياً بمساعدة بنغلاديش وبوليفيا وكمبوديا وموزامبيق ونيبال والنيجر وطاجيكستان واليمن وزامبيا على زيادة إجراءات التكيف لديها من خلال البرنامج التجريبي لتحقيق المرونة إزاء تغير المناخ، الذي يتبع صندوقي الاستثمار في الأنشطة المناخية.

علاوة على ذلك، هناك برنامجان إقليميان يجري تنفيذهما حالياً في منطقتي البحر الكاريبي وجنوب المحيط الهادئ، وهما موجهان إلى البلدان الجزرية الصغيرة. وقد أقر صندوق التكنولوجيا النظيفة التابع لصندوقي الاستثمار في الأنشطة المناخية والذي تديره مجموعة البنك تمويلا ميسرا بقيمة 4.4 مليار دولار من أجل 13 خطة استثمارية يتوقع أن تعبئ بدورها نحو 36 مليار دولار من موارد القطاعين العام والخاص لصالح أنشطة يجري القيام بها في 12 بلدا. ويمضي هذا بالتوازي مع برنامج إقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيسرع من وتيرة تطوير الطاقة الشمسية المركزة.

جعل العمل على مواجهة تغير المناخ جزءا لا يتجزأ من إستراتيجيات التنمية: باتت جهود البلدان النامية للتعامل مع الاعتبارات المرتبطة بالمناخ في إطار الأجندة الأوسع نطاقا للنمو الاقتصادي والحد من الفقر أكثر وضوحاً ـ إذ يتعامل أكثر من 80 في المائة من جميع إستراتيجيات المساعدة القطرية أو أطر الشراكة الإستراتيجية مع البلدان النامية خلال الشهور الأولى من هذه السنة المالية بشكل أساسي مع قضايا تغير المناخ.

ومن بين الدلائل الأخرى على تحرك البلدان النامية وجود جيل جديد ومتزايد من العمليات التي تتعامل مع السياسات والتطورات المؤسسية المطلوبة لمعالجة تغير المناخ. الجدير بالذكر أن البنك الدولي قد قدم ست مليارات دولار إلى هذه العمليات التي تتعامل مع اعتبارات تغير المناخ خلال السنة المالية 2009 والنصف الأول من السنة المالية 2010. ويشمل ذلك قروضا للمكسيك والبرازيل وتركيا والمغرب وإندونيسيا. وحتى الآن، طلبت البلدان الأكثر فقراً المساندة من المؤسسة الدولية للتنمية لأربع عمليات.

تسريع وتيرة استيعاب تكنولوجيات الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة: شهدت السنة المالية 2009 أعلى رقم قياسي على الإطلاق في التمويل الذي قدمته مجموعة البنك الدولي إلى مشروعات الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة بلغ 3.3 مليار دولار. وكانت هناك زيادة بنسبة 88 في المائة في الارتباطات الجديدة في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة بالمقارنة بنسبة زيادة سنوية متوقعة متوسطها 30 في المائة. ففي أوغندا، تعاونت مجموعة البنك مع صندوق البيئة العالمية لتمويل مشروع للطاقة المتجددة بمبلغ 76 مليون دولار. وتمضي البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية في الوقت الحالي في إجراءات تقديم طلبات التعبير عن الاهتمام إلى برنامج زيادة الطاقة المتجددة في البلدان المنخفضة الدخل (292 مليون دولار). كما ارتفعت الارتباطات الجديدة لمؤسسة التمويل الدولية في قطاع الطاقة بواقع خمسة أمثال خلال السنة المالية 2009 من 115 مليون دولار إلى 587 مليون دولار.

وقالت راشيل كيتي، نائبة رئيس مؤسسة التمويل الدولية لشؤون الخدمات الاستشارية، "يشكل تغير المناخ أولوية إستراتيجية بالنسبة لمؤسسة التمويل الدولية، ونحن نعمل بنشاط على زيادة الاستثمار الإيجابي في المناخ في كافة قطاعات الاقتصاد، وننشد أشكالا جديدة من الشراكة لتعبئة كافة أشكال تمويل الأنشطة المناخية". وأضافت، "كانت السنة المالية 2009 أول عام تمثل فيه مشروعات الطاقة المتجددة أكثر من 50 في المائة (من حيث عدد المشروعات وقيمتها بالدولار) من ارتباطات التمويل التي قدمتها المؤسسة لمشروعات الطاقة الكهربائية، وهو رقم مرشح للنمو باطراد".

ويمثل إشراك القطاع الخاص عنصرا رئيسيا من التنمية التي تُعنى بالمناخ في الأمد الطويل. وتعول المؤسسة الدولية للتنمية على مجموعة متنوعة من الأدوات لتحقيق ذلك. على سبيل المثال، يساعد ضمان جزئي للمخاطر مقدم من المؤسسة الدولية للتنمية بقيمة 400 مليون دولار، بالإضافة إلى اعتماد بقيمة 200 مليون دولار مقدم لمشروع تحسين إمدادات الكهرباء والغاز في نيجيريا على تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة من خلال ربط المستخدمين بالتوليد الأنظف للكهرباء المربوط بالشبكة.

الغابات تتصدر أجندة تغير المناخ لدى البلدان النامية: تتيح إدارة الغابات فرصة للبلدان المدارية وشبه المدارية للمساهمة في خفض الانبعاثات الغازية العالمية مع تحسين موارد الرزق. وسيعمل برنامج الاستثمار في الغابات الذي تقدر تكلفته 558 مليون دولار والتابع لصندوقي الاستثمار في الأنشطة المناخية على دعم جهود البلدان النامية للحد من إزالة الغابات وتدهور أحوالها، والنهوض بالإدارة المستدامة للغابات، وهو ما سيؤدي بدوره إلى الحد من الانبعاثات، وإلى حماية مستودعات الكربون. ويكمل هذا البرنامج برنامج الشراكة للحد من انبعاثات كربون الغابات الذي يديره البنك الدولي، والذي يضم 37 بلدا مداريا وشبه مداري. وقد استطاع هذا البرنامج تعبئة 160 مليون دولار من أجل بناء القدرات وتقديم المدفوعات المربوطة بمستوى الأداء للمشروعات التجريبية.

واستجابة لأولويات البلدان المتعاملة معها، عززت مجموعة البنك الدولي الروابط العملية بين مشروعات التكيف مع المناخ وإدارة مخاطر الكوارث: إذ يشكل الصندوق العالمي للحد من الكوارث والانتعاش من آثارها مركزاً للمعارف وعنصر تحفيز للتشجيع على دمج إدارة مخاطر الكوارث في جهود التنمية التي يبذلها البنك الدولي. وبهذه الصفة، يُعتبر التكيف مع تغير المناخ جزءاً لا يتجزأ من رسالة الصندوق العالمي وخطة عمله التي تتضمن إدراج تدابير الحد من الكوارث والتكيف مع تغير المناخ في الإستراتيجيات والعمليات الإنمائية القطرية من خلال مساندة التنفيذ لمبادئ الإدارة السليمة للمخاطر التي تقودها وتديرها البلدان المعنية. ويمثل الحد من مخاطر الكوارث خطا أول للدفاع في التكيف مع تغير المناخ؛ ومن ثم فإن الصندوق العالمي يقوم بتمويل برامج الحد من مخاطر الكوارث التي تبني القدرة على التكيف في البلدان العشرين التي تحظى بأولوية اهتمامه. كما يعمل هذا الصندوق على تيسير تطوير التوجهات المتكاملة والتنفيذ المنسق للإجراءات التدخلية المتعلقة بالحد من مخاطر الكوارث، وبالتكيف مع تغير المناخ.

ففي السنة المالية 2009، ركز 12 مشروعا نفذها الصندوق العالمي بقيمة تزيد على 4 ملايين دولار على قضايا التكيف مع المناخ في مناطق أفريقيا وشرق آسيا والمحيط الهادئ، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجنوب آسيا وعلى المستوى العالمي.

وتقول كسينيا لفوفسكي، مديرة البرنامج التي قادت فريق مجموعة البنك الذي أعد تقرير التقدم المحرز بشأن الإطار الإستراتيجي المعني بالتنمية وتغير المناخ، "ما نراه من خلال تجربتنا هو أن بلدان العالم النامية تكثف جهودها بشأن قضايا تغير المناخ. ومع هذا يظل التمويل محدودا للغاية. وعلى بلدان العالم المتقدمة التأكد من توافر الموارد اللازمة التي تحتاجها البلدان النامية في هذا الصدد".

وخلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ الذي عقد في كوبنهاغن في ديسمبر عام 2009، أرسلت البلدان المتقدمة إشارة سياسية مهمة تؤكد أنها على استعداد لتعبئة 30 مليار دولار بحلول عام 2012 من "الموارد الجديدة والإضافية" لصالح البلدان النامية، مع التطلع إلى زيادة هذه الموارد إلى 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020. وستعمل الخطوات الفورية الرامية إلى جعل هذه الموارد الإضافية حقيقة جنبا إلى جنب مع التقدم نحو التعامل مع أوجه عدم اليقين التي تعتري أسواق الكربون وآليات التمويل الأخرى، على تحديد نطاق وسرعة العمل بشأن المناخ في البلدان النامية.


Api
Api

أهلا بك