موضوع رئيسي

البنك الدولي يدعم جهود لبنان لتحويل رأس المال الوافد الى عنصر لنمو مستدام طويل الأمد

03/20/2012


مارس/آذار 2012 - تبحث الحكومة اللبنانية عن سبل جديدة للإستفادة من مواردها المالية لتعزيز النمو الشامل الذي من شأنه خلق فرص عمل كافية لمختلف فئات الباحثين عن وظائف، ولا سيما الشباب، إضافة الى تفعيل القدرات الإنتاجية. ودعما لهذا الهدف، قام البنك الدولي مؤخراً ، وبالتعاون مع مصرف لبنان المركزي، ووزارة المالية، ورئاسة مجلس الوزراء، ببحث معمّق حول كيفية إستعمال التحويلات المالية الخارجية وآثارها على الإقتصاد القومي.

وقد اعتبر وزير المالية محمد الصفدي الدراسة "بالغة الأهمية ... حيث تشكل لمتخذي القرار سندا في عملية صياغة الإستراتيجية الوطنية للنمو والتنمية". وقد ثمن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة "لائحة الإصلاحات المقترحة في الدراسة والتي تشكل دعما قيما لجهود الحكومة الهادفة لاعتماد السياسات اللازمة".

وقد وضعت النسخ الأولية من الدراسة بتصرف متخذي القرار إبتداءا من أيار 2011. ويخلص التقرير الذي يحمل عنوان إستعمال تحويلات الرساميل الكبيرة الواردة الى لبنان لتحفيز النمو الشامل والمستدام على المدى الطويل ، إلى ثوابت تظهر أن التدفقات المالية الأجنبية الوافدة الكبيرة، والإستيراد المتواصل للعمالة غير الماهرة، وهجرة اليد العاملة الماهرة إلى الخارج، وطفرة سوق العقارات، شكلت خلال السنوات العشرين المنصرمة الخصائص الرئيسية للاقتصاد اللبناني.

لذا، يعتبر لبنان مثالاً صارخاً للأثر الذي تحدثه التدفقات المالية الأجنبية الوافدة على الاقتصادات المفتوحة الصغيرة. فقد تمكّن لبنان من جذب التدفقات المالية من المنطقة خلال العقود الأخيرة. وترتبط هذه التدفقات بالثروة النفطية الإقليمية، وبجاذبية أصول البلد العقارية، وقطاعه المصرفي الصلب، أمور جميعها تشكّل معاً ملاذاً آمناً لرؤوس اللأموال في أوقات الأزمات، من دون إغفال الدورالفعّال الذي تقوم به تحويلات الاغتراب اللبناني الكبير والمنتشر في كافة أنحاء العالم في تغذية التدفقات المالية إلى لبنان.

وأفاد شادي بو حبيب، الخبير الإقتصادي في البنك الدولي في بيروت والذي صاغ التقرير، "أن الدراسة كشفت عن علاقة سببية ثابتة وطويلة الأجل بين أسعار النفط وتدفق الودائع إلى النظام المصرفي اللبناني خلال الأربعين سنة المنصرمة."

كما أن هذه التدفقات كانت قد شهدت تسارعاً ملحوظاً خلال السنوات 2007-2010 ، نتيجة ارتفاع أسعار النفط، ثم بسبب وقوع أزمة الثقة الكبيرة في الأسواق المالية والرأسمالية الإقليمية والدولية، وهي لا تزال تشهد إرتفاعاً، ولكن بوتيرة أبطأ.

وقد فرضت السلطات، لا سيما البنك المركزي، أنظمة صارمة وإتّبعت سياسة تعقيم نقدي فراكمت إحتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية، قدّرت في نهاية 2011 بمبلغ 30 مليار دولار أميركي. قد ساهمت هذه الإجراءات في تفادي تشكل فقاعات في الأصول المالية والعقارية، وضبط زيادة سعر الصرف الحقيقي التي كان من الممكن أن تؤدي الى تدهور في القدرة التنافسية.

وترتبط التقلبات الاقتصادية القصيرة الأجل إلى حد كبير بالتدفقات المالية الوافدة وبالطلب الخارجي الذي يتأثر بالثروة النفطية الإقليمية وأسعار النفط. وفي الوقت ذاته، لا يبدو أن القطاعات ذات الإنتاجية العالية أو الأنشطة المرتكزة على الإبتكار والتحديث تستفيد من التدفقات الوافدة التي تتحوّل إما إلى ودائع مصرفية قصيرة الأجل أو تُستخدم لتملّك العقارات. وأصبحت الاختناقات في البنى التحتية والاختلالات الهيكلية تشكّل عوائق رئيسية أمام النمو الداخلي الشامل كما وتؤدي إلى خفض مستويات الاستثمار في القدرة الإنتاجية.

يحلل هذا التقرير العناصر المحددة لتدفق الرساميل نحو لبنان و يفحص الخيارات المتاحة أمام الحكومة لكشف مكامن النمو الداخلي على المدى الطويل، مما يسمح بخلق فرص عمل للشباب الكفوء والمتعلم الذي يهاجر بمعظمه.

ويقول بو حبيب: "لقد سلّطت الاضطرابات الأخيرة في الدول المجاورة وفي بعض دول المهجر الضوء على ضعف لبنان أمام الصدمات الخارجية التي قد تؤثر في تدفقات السلع والخدمات والموارد المالية والعمالة بين لبنان وبقية العالم،" مضيفا: "ويمكن أن ترقى مواجهة هذا الضعف وزيادة القدرات الداخلية على النمو الإقتصادي إلى مستوى المصلحة الوطنية للبنان."

وأشار قائلا: "هذا البلد يملك القدرة على تحقيق ذلك بفضل المزايا التي يتمتع بها من حيث الرأسمال البشري والموارد المالية. وانطلاقاً من هنا، تبرز الحاجة إلى الإرادة السياسية للانخراط في عملية الإصلاح التي ينتظر أن تنتج اقتصاداً متنوّعاً يحرّكه الابتكار والإبداع والتحديث ويكون قادراً على خلق العدد اللازم من الوظائف الضرورية لاستيعاب اليد العاملة الماهرة. وقد تمكّنت الكثير من البلدان التي إنطلقت من خصائص وميّزات أقل بكثير من تلك التي يتمتع بها لبنان من إحراز تقدم ملحوظ في مجالات التنمية والتطوّر؛ وتشكّل دولة قبرص المجاورة خير مثال على ذلك في تاريخنا المعاصر."

 


Api
Api

أهلا بك