لا تستطيع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفرقيا أن تضع آمالها في متابعة مسار التنمية التقليدي بالاعتماد على الصادرات الصناعية إذا أرادت تسريع وتيرة النمو وخلق فرص عمل لملايين الشباب العاطل. بدلاً من ذلك، سيتعين عليها تطوير اقتصاد رقمي يستفيد من القوى العاملة الشابة المتعلمة. وسيتطلب ذلك، أولاً وقبل كل شيء، اعتماد تكنولوجيات جديدة بل وتوفير "المنافع العامة الرقمية"، مثل حلول الإنترنت عريض النطاق السريع المنتظم وحلول الدفع الرقمية.
تمتلك بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفرقيا جميع المكونات للانتقال إلى المستقبل الرقمي. وقد تبنى شبابها المتعلم تكنولوجيات رقمية ومحمولة جديدة، لكن لا يزال الأمر في بدايته، ويواجه شباب المنطقة عقبات أمام وضع التكنولوجيا للاستخدام الإنتاجي.
من الضروري اغتنام الفرص التي يتيحها الاقتصاد الرقمي للمنطقة وذلك لن يتسنى إلا عن طريق توفير دعم قوي لهذا المسار. وسيحتاج صانعو السياسات إلى العمل على مختلف الأصعدة، مع الاستفادة من جميع الأدوات المتاحة. وكلما بدأ ذلك مبكرًا، ازدادت فرص الشباب للتغلب على الإقصاء الاقتصادي، مما يمكنهم من تحقيق كامل إمكاناتهم، وإمكانات منطقتهم. يحدد هذا التقرير مبادئ الاقتصاد الرقمي الجديد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الفصل الأول- "الاقتصاد الجديد": أجندة للتمكين الاقتصادي للشباب والنساء
تمتلك بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كل المقومات اللازمة لتخطِّي العقبات وتحقيق قفزة كبيرة نحو المستقبل الرقمي. فهي تمتلك شريحة كبيرة من الشباب الحاصل على تعليم جيد والذي يستخدم التقنيات الرقمية الحديثة والهواتف المحمولة على نطاق واسع، فضلًا عن شريحة الإناث الحاصلات على تعليم عال (انظر الإطار 1). وينبئ هذا المزيج بإمكانيات هائلة من شأنها تحريك النمو وخلق وظائف في المستقبل. والسؤال هو ما إذا كانت المنطقة قادرة على التكيف مع الواقع الاقتصادي الجديد.
ترى البلدان النامية أن الارتقاء إلى مصاف البلدان متوسطة الدخل يشكل نعمةً ونقمةً في آن واحد. ففي حين تمكن بعضها من التغلُّب على الفقر المدقع والحرمان، فإن تراجع النمو الاقتصادي الذي يعقب ذلك في العادة جعل مواصلة التقدم نحو مصاف البلدان مرتفعة الدخل، كما كشفت تجارب الماضي، أمراً نادراً للغاية. لا شك أن هذا هو حال البلدان متوسطة الدخل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ينبئ انتشار فكرة فخ "البلدان متوسطة الدخل" فيما بين بلدان المنطقة عن وجود اختلالات هيكلية شائعة تعوق النمو. وعلى وجه التحديد، تفتقر هذه البلدان جميعا إلى حيوية القطاع الخاص بسبب نقص الإرادة أو القدرة على اعتماد أحدث ابتكارات التكنولوجيا. وقد حال هذا دون تواصل نمو الإنتاجية، وهو ما يستحيل بدونه الحفاظ على تحسُّن مستويات المعيشة بوجه عام.
إرساء الأسس للاقتصاد الجديد: نهج لانطلاقة كبرى
هناك حاجة لواقع اقتصادي جديد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويجب أن يتشكل هذا الواقع الجديد قريبا. ففي منطقة تتهاوى فيها العقود الاجتماعية القديمة، ويخفق الاقتصاد الجامد في توظيف أكثر أفراد القوى العاملة تعليما وإنتاجية، فإن النهج التدريجي للتغيير لا يكون قابلا للتطبيق.
وبدلاً من ذلك، تحتاج المنطقة إلى جهد شامل، شبيه بما قامت به الولايات المتحدة بعد أن قررت في أوائل الستينيات أن تصل إلى سطح القمر. ويمكن لمثل هذه "الانطلاقة الكبرى" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تُوحِّد الناس خلف هدف مشترك، وتساعد على تحقيق تحوُّل في الطريقة التي تمارس بها الحكومات والشركات والمؤسسات المالية الدولية ومنظمات المجتمع المدني أعمالها. وسيحدث ذلك تحولا في اقتصاد بلدان المنطقة مما يساعد على ضمان أن يجد الملايين من الشباب الكثير من الوظائف الجيدة والفرص التي يستحقونها.
الفصل الرابع- الإنترنت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تعد البنية التحتية الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متأخرة كثيرا عن مثيلاتها في مناطق ناشئة أخرى. كما أن سرعة الإنترنت بطيئة. وتظل الأسعار مرتفعة رغم أنها أقل من مناطق أخرى. وهناك عدد قليل جدا من المستخدمين لديهم الإنترنت عالية السرعة. وما زالت أسواق الإنترنت في بلدان المنطقة تعاني من احتكارات أو عقبات أمام دخول السوق مما يحد من الابتكار. فهذة العقبات تقيّد مراكز البيانات، وتقيّد مؤسسات الأعمال التي تعتمد على البيانات بشكل كبير، وتضر بالبيئة العامة للاقتصاد القائم على البيانات.
الفصل الخامس- إعادة التفكير في دور الدولة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا
يجب على البلدان العربية أن تحاول غرس ثقافة "القيمة مقابل المال" وتشجيع ظهور جهات تنظيمية مستقلة، وإن كانت تخضع للمساءلة، تعتمد بدرجة أقل على الدولة لتجديد وإنعاش اقتصادها والحد من عدم المساواة.
من المتوقع أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.0% عام 2018 من 1.4% عام 2017. ويعكس هذا الانتعاش المعتدل في نمو المنطقة التأثير الإيجابي للإصلاحات وسياسات تحقيق الاستقرار الاقتصادي التي تم اتخاذها في العديد من البلدان بالتوازي مع الارتفاع الأخير في أسعار النفط والطلب الخارجي على الخام. ومن المتوقع أن يتحسن النمو الاقتصادي في المنطقة تحسنا متواضعا ليصل إلى 2.6% في الفترة 2019-2020. وسيستفيد مصدرو النفط بشكل كبير من ارتفاع أسعار النفط والطلب الخارجي على الخام والذي من المحتمل أن يظل مرتفعاً، فضلاً عن الإصلاحات المحلية. ومن المتوقع أن يستفيد مستوردو النفط من الإصلاحات وزيادة منسوب التجارة مع أوروبا والصين والتدفقات المالية من مصدري النفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الآفاق الاقتصادية:
الجزائر l جيبوتي l مصر l العراق l الأردن l لبنان l ليبيا l المغرب l فلسطين l تونس l اليمن l البحرين | الكويت | سلطنة عُمان | قطر | المملكة العربية السعودية | الإمارات العربية